عربي21:
2025-12-14@16:42:30 GMT

كيف تصنع واشنطن حكام المزارع؟

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

"حين يسقط نظام عظيم، لا تكون الدبابات ولا الأزمات الاقتصادية وحدها السبب.. بل العقول التي أعيد تشكيلها لتفكر بعيون العدو. من موسكو إلى القاهرة، تصنع واشنطن قادتها المحليين بصبرٍ هادئ، حتى يأتي اليوم الذي تتحول فيه الأوطان إلى مزارع، وحكامها إلى جورباتشوفات عرب يؤدون مسرحية الانهيار كأنها قدر محتوم".

من جورباتشوف إلى السيسي، يتكرر المشهد: قادة يصنعهم الغرب، ليهدموا أوطانهم من الداخل وكأنها مسرحية قدر.



بالصدفة البحتة، تتقاطع الحكايات وتتوالى الخيوط حتى تصبح لوحة كاملة لا يراها إلا من يبتعد قليلا عن الضجيج.

ضابط شاب يتلقى تدريبه في قاعدة أمريكية بعيدة، قائد عسكري يدرس في كلية الحرب في بنسلفانيا، ثم حادث طائرة غامض يبتلع نخبة من ضباط المخابرات المصريين في المحيط الأطلسي، وأسماء تتكرر بين الصداقات والدروس والمحاضرات.. كلها صدف متتابعة.. أو هكذا يُراد لنا أن نصدق.

منذ ثمانينيات القرن الماضي اعتمدت واشنطن على استراتيجية واضحة في صناعة قادتها المحليين في المنطقة العربية. ليست المؤامرة صاخبة، بل هادئة، متدرجة، تشبه قطرة الماء التي تنحت الصخر بلا ضجيج: تدريب، ترويض، ثم تمكين.

صناعة القادة على الطريقة الأمريكية

عام 1981 كان النقيب عبد الفتاح السيسي يتلقى دورة أساسية في سلاح المشاة بقاعدة فورت بنينغ في ولاية جورجيا الأمريكية، هناك تعرّف على الضابط الأمريكي فرانك فيليبس الذي أصبح صديقا مقربا له، إلى درجة أنه اصطحبه لاختيار خاتم زواجه من مدينة كولومبوس القريبة.

في 31 تشرين الأول/ أكتوبر 1999 تتحطم طائرة مصر للطيران 990 أمام ساحل ماساتشوستس بعد 55 دقيقة من إقلاعها، حاملة 35 ضابطا من نخبة المخابرات المصرية و3 علماء ذرة؛ لم ينج أحد.. طبعا سوى السيسي الذي "فاته" السفر على الطائرة نفسها لأنه قرر بالصدفة البحتة البقاء في الفندق.

في 2005 و2006، تخرج العميدان صدقي صبحي وعبد الفتاح السيسي من كلية الحرب الأمريكية في كارلايل، حيث أشرفت على تدريبهما الباحثة الإسرائيلية الأصل شريفة زهور والتي وصفت تجربتها معهما بأنها "غريبة ومثيرة للغاية".

ثم تأتي الصدفة الكبرى: يتحول هؤلاء الضباط الذين تربوا في أحضان واشنطن إلى قادة دولة كبرى بحجم مصر، فيتصرفون فيها كإقطاعية مؤممة لصالح التحالف الأمريكي- صهيوني، فينهار الاقتصاد، وتُسحق المعارضة، وتُطبق في شوارع القاهرة تقنيات القمع والقتل التي جُربت في الضفة وغزة.

من موسكو إلى القاهرة.. نفس الوصفة

لم يكن سقوط الاتحاد السوفييتي نتيجة الدبابات أو الانهيار الاقتصادي فقط، بل نتيجة العقول التي أعيد تشكيلها لتفكر بعيون العدو، حيث اعتمدت واشنطن آنذاك على استراتيجية دقيقة تقوم على:

- زرع قيادات مطواعة أو فاشلة في المناصب الحساسة.

- تشجيع قرارات داخلية تؤدي إلى إضعاف الدولة من الداخل.

- صناعة نخب تتبنى رؤية الغرب على حساب أوطانها.

هكذا جاء ميخائيل جورباتشوف كزعيم ضعيف في لحظة تاريخية. تبنّى إصلاحات ظاهرها الحرية وباطنها التفكيك، فكانت "البريسترويكا" هي البوابة التي دخل منها الانهيار الكبير.

واليوم، تتكرر القصة في المزارع العربية: قادة عسكريون يُعاد تشكيل وعيهم في الأكاديميات الأمريكية، ليعودوا متسلحين بالشرعية العسكرية والعلاقات السرية، حتى إذا جاء يوم الامتحان، ينفذون السيناريو الأمريكي بلا لحظة تردد ودون أن يرف لهم جفن لدماء أبناء وطنهم التي تراق ولا أوطانهم التي تهدم.

وهكذا، كما انهارت موسكو من الداخل تحت رعاية البيت الأبيض، تتفكك العواصم العربية ببطء تحت شعارات "التحديث العسكري" و"التعاون الأمني" و"مصلحة الوطن وأمنه".

درس الصدف التي ليست صدفا

كما صُمم جورباتشوف ليهدم إمبراطوريته من الداخل، يُصنع اليوم عشرات "الجورباتشوفات العرب" في كليات الحرب الأمريكية، وكما تفكك السوفييت عبر بوابات الانفتاح المدروس، تتفكك الدول العربية عبر مسار "التعاون الأمني" ذاته.

ختاما.. الصدف ليست بريئة والعملاء لا يولدون فجأة، إنهم يُزرعون بصبرٍ في قلب الجيوش والمؤسسات، يترقّبون لحظة الانقضاض، ثم يؤدّون مشاهد المسرحية كأنها قدرٌ محتوم.

وفي اليوم الموعود، يطلقون رصاصة الرحمة على أوطانهم باسم الاستقرار، بينما تصفق الشعوب المنهكة من الجوع والخوف.. غير مدركة أن هذا التصفيق، هذه المرة، هو إعلان جنازة الوطن.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات عرب السيسي التحالف السيسي امريكا تحالف عرب قضايا وآراء قضايا وآراء مدونات مدونات مدونات مدونات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات رياضة صحافة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من الداخل

إقرأ أيضاً:

مزارعو اليمن يواجهون الانهيار وسط تصاعد جبايات الحوثي وتكدّس المحاصيل

يواصل القطاع الزراعي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الانحدار نحو واحدة من أسوأ مراحله منذ عقود، مع اتساع رقعة الانتهاكات التي تستهدف المزارعين وحرمانهم من أبسط مقومات الإنتاج، وسط غياب أي دعم أو حماية رسمية. 

ومع اشتداد حملات الجباية والنهب، تبدو الزراعة—أحد أهم أعمدة الاقتصاد اليمني—على وشك الانهيار الكامل.

تقول مصادر ميدانية إن جماعة الحوثي كثّفت خلال الأسابيع الماضية من حملات الجباية في محافظة إب، مستهدفة مزارعي البطاطا ومربي النحل وقطاعات إنتاجية أخرى، في خطوة تُعد امتدادًا لسياسات ممنهجة تهدف إلى تحويل النشاط الزراعي إلى مصدر تمويل مباشر للجماعة. 

ووفقًا للمصادر، فقد فُرضت إتاوات مالية تعسفية على المزارعين دون أي مسوغ قانوني، فيما استخدمت الفرق الميدانية أساليب الترهيب والتهديد بالسجن والغرامات لإجبار الناس على الدفع، ما دفع كثيرين إلى الرضوخ خوفًا من بطش المشرفين.

ويؤكد مزارعون في إب أن الجبايات الحوثية باتت تمثّل "الضربة القاتلة" لما تبقى من النشاط الزراعي، بعد سنوات من الخسائر المتراكمة الناتجة عن ارتفاع تكاليف السماد والمياه والديزل وتراجع أسعار المحاصيل، فضلًا عن القيود المفروضة على حركة النقل والتسويق. وباتت المنتجات الزراعية تتكدس عامًا بعد عام، دون قدرة على التصريف أو الوصول إلى أسواق عادلة.

وفي محافظة الجوف تتجلى الأزمة بصورة أكثر وضوحًا، حيث يشهد محصول البرتقال تكدسًا كبيرًا يُنذر بانهيار كامل للموسم. فقد غصّت الأسواق بكميات ضخمة مع بداية الحصاد، لتنهار الأسعار بشكل غير مسبوق. وتشير المعلومات إلى أن أحد أبرز أسباب الأزمة هو منع الحوثيين للمزارعين من التصدير إلى أسواق الخليج، بعد أن استولى ما يسمى بـ"سوق الارتقاء" التابع للجماعة على عملية شراء المحصول واحتكار التصدير، وهو ما عطّل تدفق الإنتاج إلى الخارج.

ولم يقف الأمر عند ذلك، إذ زاد دخول البرتقال المستورد من سوريا ومصر إلى أسواق الخليج من حدة المنافسة وأدى إلى كساد المحصول اليمني الذي يفتقر للدعم والقدرة على الوصول إلى المستهلك الخارجي. ويتراوح سعر سلة البرتقال (20 كيلوغرامًا) في صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين بين 6500 و8000 ريال بالطبعة القديمة، بينما يتضاعف السعر بنحو مرتين في المناطق المحررة، في مؤشر على اختلالات عميقة في آليات التسويق وتفاوت العرض والطلب.

ويقول خبراء اقتصاديون إن استمرار هذه السياسات سيؤدي إلى انهيار شبه كامل للقطاع الزراعي، الذي يُعد مصدر رزق لنحو 70% من الأسر الريفية، ومحركًا أساسيًا للأمن الغذائي في بلد يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

وبينما يواجه اليمنيون خطرًا متناميًا على أمنهم الغذائي، تواصل ميليشيا الحوثي—بحسب المصادر—فرض المزيد من القيود والإتاوات، دون أي اعتبار للانعكاسات الاقتصادية والاجتماعية، ليجد المزارع اليمني نفسه اليوم في مواجهة مباشرة مع الجوع والخسارة والنهب، في وقتٍ بات فيه البقاء على قيد الإنتاج تحديًا يفوق القدرة على الاحتمال.

مقالات مشابهة

  • مزارعو اليمن يواجهون الانهيار وسط تصاعد جبايات الحوثي وتكدّس المحاصيل
  • سفر 6 حكام مصريين إلى المغرب استعدادًا لإدارة مباريات كأس الأمم الأفريقية
  • أمريكا تستعد لمصادرة مزيد من السفن التي تنقل النفط الفنزويلي
  • بعد مقتل زميلته وإصابته بطلقة في الرأس.. ماذا حلّ بعنصر الحرس الوطني الأمريكي بإطلاق النار بواشنطن؟
  • أسعار طبق البيض اليوم السبت 13-12-2025  في قنا
  • ما أسباب الانهيار غير المسبوق للعملة الإيرانية؟
  • يدفعون ثمن الانهيار.. إحموا شباب لبنان
  • مقتل شاب بجريمة إطلاق نار في الداخل
  • الضفة الغربية المحتلة على وشك الانهيار – صفارة إنذار
  • استراتيجية الأمن القومي 2025 الأمريكية تعيد تشكيل نظرة واشنطن للعالم