“ممر ترامب”.. أميركا دولة جوار لإيران
تاريخ النشر: 13th, August 2025 GMT
13 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة:
“ممر ترامب”.. أميركا دولة جوار لإيران من خرم الإتفاق الأرميني الأذربيجاني
محمد صالح صدقيان
رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان ورئيس أذربيجان حيدر علييف في البيت الأبيض اتفاق سلام برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أصبح بموجبه “ممر زنغزور” يخضع لإدارة الولايات المتحدة، ما يجعل الأخيرة دولة جوار لإيران، كما كان الحال أثناء احتلال أفغانستان.
من المنتظر أن يُوفّر اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان خاتمة لمسلسل من الحروب والتوترات الأمنية والسياسية عمرها أكثر من مائتي سنة وشاركت فيها أطراف دولية كبريطانيا والاتحاد السوفياتي السابق والخلافة العثمانية.
وحسب رواية يريفان، فإن جمهورية أرمينيا ترغب في أن تشمل منطقة ناخيتشيفا المناطق الأساسية من البلد (شرق أرمينيا) وبالتحديد محافظة يريفان كما ترغب في تملك الأجزاء الشرقية والجنوبية من محافظة إليزابيثبول، وفي المقابل، ترفض أذربيجان ترفض هذه المعطيات وتُؤكد على وحدة أراضيها وحقها السيادي على كل تلك المناطق. الجدير ذكره أنه خلال العامين الماضيين خاضت أذربيجان حرباً مع أرمينيا لاستعادة اقليم قرباغ المتنازع عليه بينهما، وتمكنت بمساعدة تركيا من احتلال الإقليم وطرد السكان الأرمن منه، قبل أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف النار والاعتراف بالسيادة الأذربيجانية علی الإقليم.
ومع بدء ولايته الثانية، مطلع هذه السنة، قرّر ترامب الدخول على خط الأزمة بين باكو ويريفان حيث بذل وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بمساعدة مندوب الرئيس الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف جهوداً للتوصل إلی اتفاق بعدما قرّرت موسكو الوقوف على الحياد، ومن ثم انتظار المباحثات المنتظرة التي سيجريها الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين في آلاسكا في الخامس عشر من هذا الشهر والتي ستكون مخصصة بالدرجة الأولى للملف الروسي الأوكراني.
وبموجب الإتفاق الأذربيجاني الأرميني، ستتولى الولايات المتحدة إدارة الطريق الممتد من تركيا شمالاً إلی العاصمة الأذرية باكو مروراً بـ”ممر زنغزور” في الأراضي الأرمينية، على أن يخضع هذا الممر لإدارة الأميركيين لمدة 99 عاماً. وإذا ما عرفنا أن هذا الممر يمتد حتى حدود إيران الشرقية، فهذا يعني أن الولايات المتحدة ستكون جارة إيران لمدة 99 عاماً علی حدودها الشمالية الشرقية.
هذه المقاربة السريعة كانت مهمة للتدليل على تداعيات مثل هذا الاتفاق علی الوضع الجيوسياسي في منطقة تتواجد فيها اضافة إلی أرمينيا وأذربيجان كلٌ من تركيا وإيران وبحر قزوين، والآن دخلت الولايات المتحدة كطرف في الاتفاق لتثبيته بعد أن أصبح الممر يحمل اسم ترامب بدلاً من “زنغزور” تقديراً لجهود رئيس الولايات المتحدة المتعطش لنيل جائزة نوبل للسلام.
وعدا عن استفادة أرمينيا وأذربيجان من الاتفاق، اقتصاداً وسياسةً وأمناً، فإن تركيا الدولة العضو في حلف شمال الاطلسي (الناتو) ستكون الرابح الأبرز لأن “ممر ترامب” سيربطها بآسيا الوسطی؛ أما إيران، فتعتبر أن هناك من يتحرك عند خاصرتها الرخوة التي تتأثر بمثل هذه التطورات وخصوصاً إذا عرفنا أن إسرائيل ليست بعيدة عن هذه التطورات علی خلفية العلاقات الدبلوماسية التي تمتلكها مع أذربيجان والتعاون المشترك بينهما في مجالات مختلفة، بما في ذلك مكافحة الإرهاب. كما أن هناك تبادلاً تجارياً وسياحياً بينهما، واللافت للانتباه أن إسرائيل وقفت مع أذربيجان في قضية إقليم قرباغ علی حساب أرمينيا التي تمتلك هي الأخری علاقات دبلوماسية مع إسرائيل أصابها شيء من التوتر بسبب موقف تل أبيب من قضية قرباغ.
واستناداً إلی ذلك، يُشكّل “ممر ترامب” تحدياً جيوسياسياً وجيوستراتيجياً للجمهورية الإسلامية بسبب سيطرة الأميركيين علی هذا الممر الحيوي الذي يبدأ من الأراضي التركية وصولاً للعاصمة باكو القريبة من بحر قزوين مروراً بالأراضي الأرمينية الجنوبية، أي أن الممر صار أميركياً شكلاً ومضموناً وإسماً ولم يعد أرضاً أرمينية، وهذا الأمر يُعتبر ركيزة أساسية في اتفاق سلام سيخضع لنوع من السيادة المحدودة أو الإشراف الدولي والإقليمي باعتباره ممراً عابراً للحدود وسيكون معفياً من الرسوم الجمركية ويُمكن للمركبات والقطارات المرور من خلاله دون توقف أو تفتيش علی غرار “الممرات الآمنة” في العديد من مناطق النزاعات في العالم التي تخضع لنفوذ جهة ثالثة لأهداف جيوسياسية.
هذا التطور الذي حدث ويحدث في القوقاز يتزامن مع ما يحدث في الشرق الأوسط من إعادة رسم للخارطة الأمنية والسياسية والعسكرية والاقتصادية حيث يتم ابعاد إيران عن خريطة الطاقة الجغرافية في المنطقة إضافة إلی استكمال “حزام الإحتواء” لإيران.
اقتصادياً، يساهم “ممر ترامب” في خفض عائدات النقل لأنه يتجاوز الأراضي الإيرانية للربط بين تركيا ودول القوقاز كما أنه يحد من تواصل إيران مع جيرانها الاقليميين في الوقت الذي يستقطب دولاً محاذية لإيران لحشدها في محاور معادية لطهران.
لكن المسألة الأمنية والعسكرية تشكل تحدياً خطيراً لإيران، لأن “ممر ترامب” سوف يكون متاحاً للتواجد العسكري الأميركي ولقوات حلف “الناتو” المتواجدة أصلاً في تركيا العضو في هذا الحلف.
صحيح أن طهران رحبت بالاتفاق لأنه ينهي خلافاً تاريخياً مزمناً قرب حدودها الشمالية الشرقية لكنه يضعها أمام تحدٍ كبيرٍ في ضوء المتغيرات التي يشهدها الشرق الأوسط ولا سيما في ضوء التمدد الإسرائيلي المدعوم أميركياً.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة ممر ترامب
إقرأ أيضاً:
النفط والذهب يعوضان بعض خسائرهما بفعل هدنة أميركا والصين
ارتفعت أسعار الذهب والنفط قليلا اليوم الثلاثاء معوضة بعض الخسائر التي منيت بها في الجلسة السابقة، وسط ترقب المستثمرين لبيانات التضخم الأميركية التي ربما تقدم مزيدا من الوضوح حول مسار خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) لأسعار الفائدة.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية 0.17% إلى 3348.47 دولارا للأوقية (الأونصة)، وتراجعت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.2% إلى 3398.2 دولارا في أحدث تعاملات في وقت كتابة التقرير.
وخسر الذهب 1.6% أمس الاثنين، في حين انخفضت العقود الآجلة بأكثر من 2% بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه لن يجري فرض رسوم جمركية على سبائك الذهب المستوردة، مما خفف من حدة التوتر في السوق.
وقال كبير محللي السوق في أواندا، كلفن وونغ: "سينصب تركيز المستثمرين الآن بالتأكيد على الخفض المرتقب من البنك المركزي لأسعار الفائدة، المتوقع في سبتمبر/أيلول المقبل. إذا بدأنا في رؤية بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي تأتي دون التوقعات بشكل كبير، فقد يدعم ذلك توقعات خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر".
وأضاف: "قد يؤدي ذلك إلى خفض تكلفة الاحتفاظ بالذهب، كما أن العائد على سندات الخزانة الأميركية طويلة الأجل لمدة 10 سنوات لا يزال أقل من مستوى مقاومة رئيسي، وبالتالي قد يدعم ذلك أسعار الذهب حقا".
وتتجه الأنظار الآن إلى بيانات مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي المقرر صدورها اليوم، وتوقع اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم ارتفاع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي 0.3% في يوليو/تموز، ما يرفع المعدل السنوي إلى 3% ليبقى بعيدا عن هدف مجلس الاحتياطي الاتحادي البالغ 2%.
ويضع المستثمرون احتمالا 85% تقريبا لخفض البنك المركزي أسعار الفائدة الشهر المقبل، وفقا لأداة فيد ووتش التابعة لمجموعة لبورصة شيكاغو ويميل الذهب إلى الاستفادة خلال فترات الضبابية وانخفاض أسعار الفائدة.
إعلانولم يظهر المستثمرون رد فعل يذكر بعد أن قال مسؤول في البيت الأبيض إن ترامب وقع أمرا تنفيذيا أمس الاثنين يمدد فترة توقف الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة بشدة على الواردات الصينية لمدة 90 يوما أخرى.
وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، كان أداؤها كالتالي:
صعدت الفضة في المعاملات الفورية 0.34% إلى 73.74 دولارا للأوقية. ارتفع البلاتين 0.66% إلى 1342.08 دولارا. صعد البلاديوم 0.97% إلى 1156.06 دولارا. النفطاستقرت أسعار النفط بعد أن مددت الولايات المتحدة والصين فترة تعليق رفع الرسوم الجمركية، ما خفف المخاوف من أن يؤثر تصعيد حربهما التجارية سلبا على استهلاك النفط.
ارتفع برميل خام برنت 0.14% إلى 66.37 دولارا للبرميل في العقود الآجلة، في أحدث تعاملات وقت إعداد هذا التقرير، في حين زاد برميل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.08% إلى 64.01 دولارا.
ومدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب هدنة الرسوم الجمركية مع الصين حتى العاشر من نوفمبر/تشرين الثاني، ما أدى إلى تأجيل فرض رسوم جمركية من خانة العشرات على السلع الصينية، في الوقت الذي يستعد فيه تجار التجزئة الأميركيون لموسم أعياد نهاية العام الحاسم.
وعزز هذا الآمالَ بإمكانية التوصل إلى اتفاق بين أكبر اقتصادين في العالم، وتجنب فرض حظر تجاري فعلي بينهما، وتُنذر الرسوم الجمركية بتباطؤ النمو العالمي، وهذا قد يُضعف الطلب على الوقود ويُخفض أسعار النفط.
ونقلت رويترز عن كبيرة محللي السوق في شركة فيليب نوفا للوساطة المالية، بريانكا ساشديفا قولها إن مكاسب النفط حظيت بدعم من مؤشرات جديدة على ضعف سوق العمل الأميركي، وهذا عزز التوقعات بخفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة في سبتمبر/أيلول.
ويراقب السوق بيانات التضخم الأميركية في وقت لاحق من اليوم، والتي قد تُحدد مسار أسعار الفائدة في مجلس الاحتياطي الفدرالي، عادةً ما تُعزز تخفيضات أسعار الفائدة النشاط الاقتصادي والطلب على النفط.
ومن المُحتمل أن يُؤثر اجتماع ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا الجمعة على سوق النفط، إذ من المُقرر أن يُناقشا إنهاء الحرب في أوكرانيا.
يأتي هذا الاجتماع في الوقت الذي تُصعّد فيه الولايات المتحدة ضغوطها على روسيا، مُهددة بفرض عقوبات أشد على مُشتري النفط الروسي مثل الصين والهند في حال عدم التوصل إلى اتفاق سلام.
وحدد ترامب يوم الجمعة الماضي موعدا نهائيا لروسيا للموافقة على السلام في أوكرانيا وإلا ستُواجه مُشتري النفط منها عقوبات ثانوية، بينما يضغط على الهند والصين لخفض مشترياتهما من النفط الروسي.
وقال بنك كومرتس في مذكرة: "إذا ساهم اجتماع الجمعة في تقريب وقف إطلاق النار أو حتى اتفاق سلام في أوكرانيا، فقد يُعلق ترامب الرسوم الجمركية الثانوية المفروضة على الهند الأسبوع الماضي قبل أن تدخل حيز التنفيذ في غضون أسبوعين.. وإلا، فقد نشهد عقوبات أشد على مشتري النفط الروسي الآخرين، مثل الصين".