لقاء العلمين: تمسك مصري بالبرهان ورفض لاقتراح الفيدرالية
تاريخ النشر: 30th, August 2023 GMT
حاول قائد الجيش السوداني ورئيس مجلس السيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، من مصر، التخفيف من المخاوف الدولية من إمكانية مواصلة القوات السودانية السيطرة على الحكم، مشدداً على أن القيادة تسعى لاستكمال مسار الانتقال الديمقراطي، فيما كشف مصدر مصري أن القاهرة متمسكة بالبرهان، وتتحفظ على الطرح الذي يحاول قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) تسويقه، بشأن الفيدرالية في البلاد.
والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، أمس الثلاثاء، بمدينة العلمين الجديدة الساحلية، لإجراء مباحثات حول “تطورات الوضع في السودان”.
وقال البرهان، في مؤتمر صحافي بعد اللقاء، إن “الجيش ليس لديه نزعة للاستيلاء على الحكم أو الاستمرار فيه”، مشدداً على “السعي لإقامة فترة انتقالية حقيقية يستطيع بعدها الشعب تأسيس دولته من خلال انتخابات نزيهة”.
وأضاف: “نطلب من العالم أن ينظر إلى الحرب في السودان نظرة موضوعية وصحيحة، فهذه الحرب قامت بها مجموعة (في إشارة إلى قوات الدعم السريع) تريد أن تستحوذ على السلطة وفي سبيل ذلك قامت بجرائم بشعة مثل النهب والسرقة والقتل”، مؤكداً “الحرص على وضع حد لهذه الحرب لإنهاء مأساة الشعب السوداني”.
وقال متحدث باسم رئاسة الجمهورية المصرية، في بيان، إن اللقاء “شهد استعراض تطورات الأوضاع في السودان، والتشاور حول الجهود الرامية لتسوية الأزمة، حفاظاً على سلامة وأمن السودان الشقيق، على النحو الذي يحافظ على سيادة ووحدة وتماسك الدولة السودانية، ويصون مصالح الشعب السوداني الشقيق وتطلعاته نحو المستقبل”.
وبحسب المتحدث المصري، فقد تناول اللقاء كذلك “تطورات مسار دول جوار السودان، حيث رحب رئيس مجلس السيادة السوداني بهذا المسار الذي انعقدت قمته الأولى مؤخراً في مصر. كما تطرقت المباحثات إلى مناقشة سبل التعاون والتنسيق لدعم الشعب السوداني الشقيق، لا سيما عن طريق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حتى يتجاوز السودان الأزمة الراهنة بسلام”.
وأوضح أن الرئيس المصري أكد، خلال اللقاء، على “موقف بلاده الثابت والراسخ بالوقوف بجانب السودان، ودعم أمنه واستقراره ووحدة وسلامة أراضيه، خاصةً خلال الظروف الدقيقة الراهنة التي يمر بها، أخذاً في الاعتبار الروابط الأزلية والمصلحة الاستراتيجية المشتركة التي تجمع بين البلدين الشقيقين”.
وأشار المتحدث إلى أن البرهان أشاد “بالمساندة المصرية الصادقة للحفاظ على سلامة واستقرار السودان، في ظل المنعطف التاريخي الذي يمر به، خاصةً من خلال حُسن استقبال المواطنين السودانيين في مصر، ومعرباً في هذا الإطار عن تقدير بلاده للدور الفاعل لمصر بالمنطقة والقارة الأفريقية”.
وقال مصدر دبلوماسي مصري مطلع على ملف العلاقات مع السودان، لـ”العربي الجديد”، إن “استقبال القاهرة للبرهان، يأتي في وقت تجري فيه ترتيبات إقليمية واسعة لصياغة حل للأزمة السودانية، في ظل رغبة دولية لعدم إطالة الأزمة، لما تمثله من تهديد لأمن المنطقة وأمن البحر الأحمر”.
وأضاف أن “هناك رؤية إقليمية ترى أن حل الأزمة السودانية، لن يأتي إلا بخروج الرجلين-البرهان و(قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو) حميدتي- من المشهد”، مشيراً، في الوقت ذاته، إلى أن “هناك تحفظات مصرية بشأن تلك الرؤية، مرتبطة بهوية من سيخلف البرهان في قيادة المؤسسة العسكرية، ومدى تعاطيه مع العلاقات المصرية السودانية”.
وأكد المصدر أن “القاهرة كذلك تتحفظ على الطرح الذي يحاول محمد حمدان دقلو وداعموه في الإقليم تمريره بشأن الفيدرالية، وتقسيم السودان لأقاليم”، مشدداً على أن “من شأن مثل هذا المقترح تقسيم السودان بلا رجعة”.
وقال الدبلوماسي المصري إن القاهرة “تتمسك بدعمها للبرهان في الفترة الراهنة، في ظل تلك المشاورات الإقليمية المتعلقة بتصورات الحل في السودان، رغم التراجع الميداني له على الأرض، وذلك في محاولة لتعظيم دورها، وكذلك زيادة نسبة انحياز أطروحات الحل للمصالح المصرية”.
ولم يخف المصدر أن الموقف المصري “يضع في اعتباره كثيراً موقف البرهان الميداني”، قائلاً إن القاهرة “تدرك صعوبة موقف البرهان، لكنها في الوقت ذاته تعتبر أن موقف حميدتي ليس أفضل حالاً، وهو ما يجعل من إمكانية التوافق الدولي على حل، ليس ببعيد”.
وأشار الدبلوماسي المصري إلى أن “دولة مساندة لحميدتي، عرضت على مسؤولين دوليين، تصوراً للحل، تضمن تعهداً من جانبها بإخراج حميدتي من المشهد، حال التوافق على التصور”، مستدركاً أن “التصور تعهد بإخراج حميدتي، لكنه وضع بدائل أخرى لإقناع الرجل بخلافة شقيقه، أو أحد أبنائه له”. وأوضح أن “من شأن الجولة التي سيقوم بها البرهان، وتشمل السعودية والإمارات وإثيوبيا وقطر حسم الكثير من الأمور العالقة خلال الأيام المقبلة”.
وعن مدى أهمية زيارة البرهان إلى مصر، قال وزير الخارجية المصري السابق محمد العرابي، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن “زيارة البرهان لمصر في هذا التوقيت مهمة جداً، ومن الطبيعي أن يقوم الرئيس السوداني بزيارة إلى مصر في ظل الظروف الحالية في السودان، نظراً للدور الذي تقوم به مصر لوقف الاقتتال، بالإضافة إلى الدور الإنساني والدعم الإغاثي”.
وأضاف العرابي أن “الملفات التي جرى نقاشها، انصبت حول جهود مصر في وقف نزيف الدم في السودان، ومناقشة سبل تقديم الدعم الإنساني للشعب السوداني الشقيق، بالإضافة إلى النقاش السياسي في آفاق المرحلة المقبلة في السودان”.
بدوره، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري للشؤون الأفريقية السفير إبراهيم الشويمي، لـ”العربي الجديد”، إن الزيارة “مهمة للغاية في هذا التوقيت، وتشير إلى مدى اعتبار السودان أن مصر هي القوة الأهم في مساعدته لحل الأزمة”.
وأضاف أنه “سيتم بحث كيفية الدعم الذي ستقدمه مصر لحل الأزمة بين الأطراف السودانية، بما يحقق الأمان والاستقرار في المنطقة”. وحول انتقال البرهان من العلمين إلى السعودية بعد لقاء السيسي، أوضح الشويمي أن “السفر إلى السعودية من مصر، يهدف إلى بحث كيفية دعم القوات المسلحة السودانية، وكيف يمكن إيضاح أن (قوات) الدعم السريع قد أساءت الى المواطنين السودانيين، وأنه لا يمكن الثقة بها مستقبلاً”.
من جهته، قال المدير السابق لمعهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية السوداني صلاح الدومة، لـ”العربي الجديد”، إن “سفر البرهان إلى مصر يأتي ضمن تلقي الرؤية المصرية، وما هو مطلوب منه عند وصوله إلى جدة في المحطة الثانية من رحلته إلى السعودية بعد مصر”.
العربي الجديد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: لـ العربی الجدید الدعم السریع فی السودان
إقرأ أيضاً:
٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
كانت الفوضی تضرب بأطنابها علی كل أرجاء بلادنا، تقودها حكومة هَشَّة، تتشاكس أحزابها علی مقاعد الوزارات ويحل رٸيس وزراٸها كل الحكومة ويحتفظ بمقعده وحده من أجل أن يزيح وزيراً واحداً من وزراء الحزب المٶتلف معه، ويدير البلاد بلا حكومة لمدة قد تطول وتقصر، وتتبدل إنتماءات بعض النواب من حزبٍ لحزب، ويتمدد التمرد شيٸاً فشيٸاً كل يوم وينسحب الجيش من محطة إلی محطة، بسبب الإهمال المتعمد له حتی أُضطر قادته إلی رفع مذكرتهم الشهيرة شديدة اللهجة، التی قابلها رٸيس الوزراء بإتهام الجيش بعدم الإنضباط!!
وكانت الضاٸقة المعيشية قد بلغت من السوء مبلغاً لا يُحتمل، وزادت الجريمة عن الحد، وتطلَّع الناس إلیٰ الجيش لينقذهم من هذا الوضع الذی تَرَدت فيه البلاد وقال ناٸب رٸيس الوزراء من تحت قبة البرلمان: يعنی في فساد نقول مافي!! يعني في محسوبية نقول مافي!! يعني فی غلاء نقول مافی!! والله ديمقراطيتكم دی لو شالها كَلِب مافی زول بيقول ليهو جَرْ !!!
– كان العميد الركن عمر حسن احمد البشير فی منطقة غرب النوير هو القاٸد الوحيد الذی حقق إنتصاراً علی المتمردين فی محطة ميوم بعد إستبسال كبير،حيث كانت قوته تفتقر لأبسط التعيينات والمهمات، فقد كانت التعيينات وقتها تُباع فی القيادة العامة!!
حتی إنه أُضطر إلی شراء أحذية (شِقييانة)وقماش دمورية من سوق كادقلی لكسوة جنوده، واستخدم التراكتورات الزراعية، بدلاً عن العربات القتالية فی متحرك ميوم وكان التمرد يحيط بكادقلی عاصمة جنوب كردفان ويتوقع إسقاطها بين لحظة وأخریٰ،وظهر بطل ميوم فی برنامج جيشنا التلفزيونی، بعدما قام الناٸب عمليات بزيارة الموقع المحرر وفضح فی ذلك اللقاء الإهمال الذی يلقاه الجيش من الحكومة الحزبية الخاٸرة،التی تَلقَّیٰ رٸيس وزراٸها المنتخب ديمقراطياً،إهانةً بالغةً من قاٸد التمرد الذی لم يقبل الإجتماع به إلَّا بصفته الحزبية فقط !!
– وفی فجر الجمعة الثلاثين من يونيو 1989م، تحركت ثلةٌ مٶمنة من أبناء الوطن الخُلَص لإنقاذ الوطن من براثن الفوضیٰ،وكان شعارهم أو سر الليل هوالوطن الغالی واستيقظ المواطن علی إيقاع الموسيقی العسكرية التی كانوا ينتظرونها بفارغ الصبر،وعمت الفرحة ربوع البلاد،بعدما أذاع راديو أم درمان (البيان رقم واحد) بصوت العميد الركن عمر حسن أحمد البشير
و تشكَّل مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطنی من ضُبَّاط فيهم من قباٸل السودان البديرية والنوبة، والدناقلة والشلك، والزغاوة والجعليين، والدينكا والشايقية، والإستواٸيين والرباطاب،والعبدلاب،،ألخ ومن الوحدات،المظلات والمدرعات والمشاة والطيران والبحرية،،ألخ فی لوحة تمثل الوحدة فی التنوع وهذا ما يُميِّز القوات المسلحة دون غيرها من المٶسسات السودانية،ومن هنا بدأت بلادنا صفحة جديدة،من مسيرة الهيبة والعزة،التی إمتدت بعد ذلك من فيض دماء المجاهدين من أبناء السودان الذين كسروا شوكة التمرد،وبَرَع المجتمع السودانی فی رفد جيشه بأبناٸه مجاهدين وبزاد المجاهد، وشاركت الأمهات بزف فلذات أكبادهن إلیٰ سوح الفداء، وبحلييهِن حتی دعون إلیٰ جبل الذهب،وتمددت طرق الأسفلت فی كل إتجاه وشُيِّدَت الجسور،ووصل الإرسال الإذاعی والتلفزيونی للفضاء اللامتناهِ بعدما كان لا يتجاوز حدود عاصمة البلاد،وقامت ثورة التعليم العالی،حتی تضاعف عدد الجامعات عشر مرات، وانفجرت ثورة الإتصالات،واستُخرِج البترول، وعمَّ الإمداد الكهرباٸی كل أرجاء البلاد،وعاش الناس الوفرة والرخاء وسط الحصار الغربی المطبق،وانحصر التمرد فی ركنٍ قصِی، وانحسر الفقر.
وتبوأ السودان مقعده اللاٸق بين الأمم وأصبح رٸيس السودان محطَّ الأنظار حيثما حلَّ وأينما ذهب، وإزداد بذلك حنق دول الإستكبار العالمی وزاد نشاط عملاء أجهزة المخابرات العالمية بالخارج والداخل،وبلغ الكيد للسودان لدرجة أن يُعلَن البشير مطلوباً لدی المحكمة الجناٸية الدولية، لكن الشعب رفض ذلك القرار فی إباءٍ وشمم.
وبالمقابل إبتلع بعض المواطنين الطُعم.
– واليوم فی الذكریٰ 36 لقيام ثورة الإنقاذ الوطنی لن نبكی علی اللبن المسكوب،ولنترك الصورة الماثلة تتحدث بين عهدٍ وعهد،ولن نقول (ياحليلك يا البشير !!) فقد أوفیٰ الرجل بما عاهد عليه الشعب ،منذ الليلة التی قَبَضَ فيها وإخوانه علی (جمر القضية)،ولم يُفلتها فی أشدَّ الظروف صعوبةً وحتَّیٰ الآن، وهو فی محبسه كالأسد لا يشكو ولا يتبرم،إلیٰ أن يَقْضِیَ اللهُ أمراً كان مفعولاً .
– ولا يزال أُصبع إخوان عمر وأبناٸه علی الزناد ذوداً عن حياض الوطن والعقيدة أن تُهدم، وعن عزة الشعب السودانی أن تُمَرَغ فی وحل العمالة والإرتزاق،وسيشهد التاريخُ الذی لا يُحابی أحداً،بأنَّ البشير قام بإكرام قادته السابقين ولم يُبقی عليهم فی المعتقل إلَّا بقدر ما تحتاجه عملية تأمين الثورة الوليدة ولأيامٍ معدودات، وسيُحسب للبشير بأنَّه منع الإعلام من بث الصورة المزرية لرٸيس الوزراء لحظة إعتقاله،وقال أكرِموا عزيز قومٍ ذُلَّ.
-فهلَّا أكرمنا الرجل الذی قاد جيشنا علی مدیٰ ثلاثة عقود، ناهيك عن إنه أكثر زول لبس الكاكی فی السودان.
-النصر لجيشنا الباسل.
-العزة والمنعة لشعبنا المقاتل.
-الخزی والعار لأعداٸنا وللعملاء.
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب