من هارلم إلى الخليل.. تاريخ طويل من تضامن السود مع الفلسطينيين
تاريخ النشر: 15th, August 2025 GMT
في مقالها في صحيفة الغارديان البريطانية تتحدث الكاتبة نسرين مالك عن إحياء التحالف المتبادل بين الشعوب المضطهدة في أعقاب الغزو الإسرائيلي الشامل لقطاع غزة.
وتستشهد في مقالها عن تاريخ النضال المشترك بين السود والفلسطينيين بمقولة المناضل نيلسون مانديلا الشهيرة 1997، التي قال فيها "لن تكتمل حريتنا دون حرية الشعب الفلسطيني"، في عبارة لامست وجدان الشتات الأفريقي، الذي لطالما شعر بقرابة عميقة مع نضال الفلسطينيين.
وتقول الكاتبة "مع استمرار سقوط الصحفيين في غزة، وتحرك بعض الدول الغربية أخيرًا نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية، نستعرض في هذا العدد من الموجة الطويلة تاريخ هذا التضامن الأسود، وكيف صمد عبر الزمن".
تاريخ مشترك من القهروتشير الكاتبة نسرين مالك إلى إعلان ياسر عرفات قيام الدولة الفلسطينية في عام 1988، وكيف سارعت 84 دولة للاعتراف بها، نصفها من أفريقيا ومنطقة الكاريبي. لكن مظاهر التضامن سبقت هذا الاعتراف، إذ اعتُبر النضال الفلسطيني تجسيدًا لمعاناة العديد من الدول السوداء المتحررة من الاستعمار، وامتدادًا لحركات التحرر الأفريقية، حسب ما تقول الكاتبة.
وصف الناشط في حزب الفهود السوداء، ستوكلي كارمايكل، فلسطين بأنها "طرف أفريقيا" أي أنها ضمن خريطة التحرر الأفريقي.
وفي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1994، قال الرئيس البوركيني توماس سانكارا "أفكر في الشعب الفلسطيني الشجاع، في العائلات الممزقة والمشردة في أنحاء العالم بحثًا عن ملاذ. الفلسطينيون يذكروننا جميعًا بالحاجة والواجب الأخلاقي لاحترام حقوق الشعوب".
تلازم عضوي في النضال السياسيفي خمسينيات وستينيات القرن الماضي، تقول نسرين، حاولت إسرائيل أن تقدم نفسها كدولة ناشئة تخلصت من نير الاستعمار، وسعت إلى بناء علاقات مع دول الجنوب العالمي، خاصة في أفريقيا، لموازنة العداء العربي، لكن حربي 1967 و1973 كشفتا عن عمق مأساة الفلسطينيين، مع تهجير الملايين واحتلال إسرائيل أراضي في مصر وسوريا والأردن.
إعلانتقول المؤرخة داليا الزين إن تلك المرحلة شكّلت "بداية تراجع النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا"، حيث باتت إسرائيل تُرى كطرف مناهض لحركات التحرر.
وفي عام 1975، أعلنت منظمة الوحدة الأفريقية أن "النظام العنصري في فلسطين المحتلة، والنظام العنصري في زيمبابوي وجنوب أفريقيا، ينحدرون من أصل إمبريالي مشترك، ويتلازمون عضويا في سياساتهم القمعية".
نضالات متوازية ضد الإمبرياليةمع تطور النضال السياسي في الشتات الأفريقي من مقاومة الاستعمار إلى حركات الحقوق المدنية ومناهضة العنصرية، تطور أيضًا التضامن مع فلسطين، فقد ارتبطت القضية الفلسطينية، بحسب ما تروي الكاتبة، بنقابات العمال السود في بريطانيا، وبحركات مثل "حياة السود مهمة"، التي تبنت منذ بداياتها إنهاء الاحتلال الفلسطيني كأحد مطالبها، ودعمت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل.
في مظاهرة عام 2021 في نيوجيرسي، قال الناشط زيللي توماس "نحن نعرف الاحتلال، نعرف الاستعمار، نعرف وحشية الشرطة".
غزة وبداية عصر جديد من التضامنومع تصاعد الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية، تقول الكاتبة، ترسخ تضامن السود مع الفلسطينيين أكثر من أي وقت مضى، ولم يعد مجرد موقف أيديولوجي، بل استجابة أخلاقية عاجلة أمام دعم القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، للهجوم الإسرائيلي على غزة.
وقد كانت جنوب أفريقيا، التي عانت من أبشع صور الفصل العنصري، هي من رفعت القضية ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مطالبة بتطبيق الحماية من الإبادة الجماعية على الفلسطينيين.
وفي الولايات المتحدة، حيث الدعم لإسرائيل في ذروته، تزداد أصداء القضية الفلسطينية. تشير نسرين مالك إلى انتقاد الكاتب الأسود الشهير تا-نهيسي كوتس إسرائيل في كتابه "الرسالة"، ومقارِنًا تجربته في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما عاشه السود في أميركا إبان حقبة "جيم كرو" والفصل العنصري.
قال كوتس "أقرب تشبيه خطر لي حين زرت الأراضي المحتلة هو تلك الفترة التي كانت فيها أميركا تدّعي الديمقراطية، بينما كانت تحرم السود من حقوقهم في الجنوب".
ربما لهذا السبب، تقول الكاتبة، تأخر الاعتراف الغربي بفلسطين، فالتضامن لا ينبع من السياسة فحسب، بل من القدرة على التماهي مع الضحايا، حين يصبح مصيرهم امتدادًا لتاريخك وتجربتك الحية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات تقول الکاتبة
إقرأ أيضاً:
هكذا تلاعبت إسرائيل بقائمة الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم
يحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض شروطه وتعليماته في قضية الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما تؤكده الفصائل الفلسطينية.
ونقلت مراسلة الجزيرة في فلسطين جيفارا البديري عن مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تقوم حتى الآن بإجراء اتصالات مع الإدارة الأميركية عبر الوسطاء، مصر وقطر وتركيا لتعديل القائمة التي نشرتها وزارة القضاء الإسرائيلية.
ووفق المصدر الفلسطيني، تريد حماس توضيح تلاعب إسرائيل بالقائمة التي تضم 250 أسيرا كان يجب أن يكونوا كلهم من أصحاب المؤبدات وقضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال، وقالت جيفارا إن القائمة التي كشفت عنها إسرائيل تتضمن 195 من ذوي الأحكام المؤبدة، أما الباقي فهم أسرى إما لم يقضوا سنوات طويلة في السجن وبعضهم لم يحاكموا بعد.
وكان موقع والا الإسرائيلي نقل عن مصادر وصفها بالمطلعة أن القائمة النهائية للأسرى الأمنيين الفلسطينيين تضم 195 أسيرا محكوما بالمؤبد، وأضاف أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) فرض فيتو على نحو 100 اسم واستبعد 25 من القيادات البارزة.
وأثار التلاعب الإسرائيلي -تضيف مراسلة الجزيرة- غضب حركة حماس والفصائل الفلسطينية، مشيرة إلى أنه حتى الآن لم يتم نشر القائمة الرسمية الفلسطينية للأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم.
وبينما تستعد إسرائيل لاستقبال أسراها بعد الإفراج عنهم، تمنع الفلسطينيين من الاستعداد ومن الاحتفال، وقالت جيفارا إنها لم تلحظ أي إجراءات أو تحركات استثنائية أمام سجن عوفر غربي رام الله، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع وتهدد العائلات في الضفة الغربية من تنظيم أي مظهر استقبال للأسرى المحررين.
كما يمنع الاحتلال الفلسطينيين من التجمهر ورفع الإعلام والتواصل مع وسائل الإعلام أو النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
إعلانوتؤكد مراسلة الجزيرة أن الاحتلال منع بعض عائلات الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إبعادهم إلى خارج فلسطين من السفر عبر معبر الكرامة وعبر الحدود مع الأردن.
تنكيلومن جهته، أعلن مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني (غير حكومي) أن قوات الاحتلال شنت فجر اليوم الأحد حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضفة الغربية شملت منازل أسرى يتوقع الإفراج عنهم وسط تهديدات لذويهم.
وفي هذا السياق، أظهر مقطع مصور متداول في الإعلام الإسرائيلي تنكيل عناصر أمن إسرائيليين بأسرى فلسطينيين، يجري تجميعهم في سجن النقب (جنوب) تمهيدا للإفراج عنهم.
ويذكر أن صحيفة يديعوت أحرونوت أوردت في وقت سابق أن مصلحة السجون الإسرائيلية تلقت أوامر بالإفراج عن أسرى أمنيين فلسطينيين ضمن صفقة التبادل، وأوضحت أن السلطات بدأت نقل الأسرى الأمنيين من 5 سجون إسرائيلية إلى المرافق المخصصة للإفراج عنهم.
وتشمل صفقة التبادل الإفراج عن نحو 250 أسيرا محكوما بالمؤبد ونحو 1700 أسير من قطاع غزة احتجزوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.