ماذا يحتاج العمل التجاري في عُمان؟
تاريخ النشر: 12th, October 2025 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
يتطلع الجميع لأن يستمر العمل التجاري في سلطنة عُمان بصورة أكبر خلال المرحلة المقبلة في إطار المنافسة العالمية، بعد أن واجه عدة صعوبات في المرحلة الماضية بسبب تفشي وباء كوفيد-19، والأزمات المالية وتراكم الديون الخارجية، والصعوبات المالية التي تعرّض لها التجار وأصحاب الشركات وغيرهم من مالكي المؤسسات التجارية، ويأمل الجميع، وخاصة رواد الأعمال العُمانيين والباحثين عن الأعمال، وكذلك التجار والمستثمرين أن تمنح لهم الفرص التجارية الجدية، وبدون أية صعوبات أو مشاكل تعترض أعمالهم اليومية.
الوضع التجاري في البلاد كما يوصف من قبل المؤسسات الدولية بأنه مدعوم بإطار قانوني قوي، ويهدف إلى تنظيم الأنشطة الاقتصادية وتشجيع الاستثمار بصورة أكبر. كما يتميز بوجود تسهيلات للمستثمرين، بما في ذلك الحوافز والفرص في القطاعات الاقتصادية المعروفة. فسلطنة عُمان تتميز اليوم ببيئة استثمارية جاذبة، بجانب موقعها الجغرافي الهام وسط نقاط التقاء طرق التجارة العالمية، الأمر الذي يمنحها فرصة لفتح أسواق المنتجات الوطنية، وتصديرها وإيصالها إلى الأسواق الناشئة عبر ممرات النقل الحيوية. كما يتميز الوضع التجاري في البلاد بأنه مستقر سياسيًا، ويعمل ضمن رؤية وأهداف "عُمان 2040"؛ الأمر الذي يعمل الجميع على تعزيز مناخ الاستثمار وتنويع الاقتصاد وفتح آفاق أكبر لاستغلال كل مصدر طبيعي في البلاد نظرًا لحاجة العالم إلى تلك المصادر المهمة.
لقد شهدت سلطنة عُمان خلال العقود الخمسة الماضية الكثير من التطورات الاقتصادية فيما يتعلق بتحديث الأطر القانونية التشريعية، وتوسعة البنية الأساسية اللوجستية مثل الموانئ والطرق والمطارات والمناطق الصناعية، إضافة إلى إطلاق منصات إلكترونية وتسهّيل إجراءات الاستثمار.
تقرير "ممارسة أنشطة الأعمال 2020" الصادر عن البنك الدولي يشير إلى صعود عُمان 10 مراتب في العمل التجاري في الآونة الأخيرة لتحتل اليوم المرتبة 68 على مستوى العالم. ومع تقديم الحوافز التجارية وقتل البيروقراطية وتسهيل القوانين والأعمال، فإنَّ ذلك سيؤدي حتمًا إلى احتلال مرتبة متقدمة في العمل التجاري؛ الأمر الذي يتطلب القضاء على التحديات التنفيذية والإجرائية، وقتل البيروقراطية، وتقليل الفجوة بين الإصلاحات المعلنة والتطبيق الفعلي على الأرض.
وتتسم البيئة الاقتصادية والتجارية في عُمان بالاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة؛ الأمر الذي يُعزِّز الثقة بهذه البيئة لجذب الاستثمار، والمضي قُدمًا في تقليل الاعتماد على النفط كمصدر رئيسي للدخل، بجانب تنويع الاقتصاد؛ مما يخلق فرص عمل جديدة للباحثين عن الأعمال في قطاعات الاستثمار كالسياحة، واللوجستيات، والزراعة، والصناعة وغيرها. كما إن الحكومة مستمرة في إجراء الإصلاحات الاقتصادية ضمن رؤية "عُمان 2040"، لتحسين مناخ الأعمال، وتسهيل الإجراءات، وتشجيع ريادة الأعمال.
ومن واقع وجهة نظر التجار وأصحاب الأعمال، فإن تأسيس الشركات وبدء الأعمال التجارية أصبحت اليوم أكثر سهولة مع توفر منصات إلكترونية مثل "استثمر بسهولة"، في الوقت الذي ما زالت التحديات والبيروقراطية تُشكِّل مُعضلة في العمل التجاري للبعض بسبب بطء الإجراءات أحيانًا أو الحاجة للتنسيق بين عدة جهات حكومية في وقت واحد. كما إن مسألة الوصول إلى التمويل تعد تحديًا أمام بعض رواد الأعمال، خصوصًا الشباب، رغم وجود مؤسسات تمويلية عديدة للقيام بهذه المسؤولية.
لقد شهدت بيئة الاستثمار تطورات عدة في البلاد من أجل ممارسة الأعمال نتيجة لصدور حزمة من الإصلاحات التشريعية والإجرائية؛ حيث صدر قانون استثمار رأس المال الأجنبي بالمرسوم السلطاني رقم 50/2019، الذي أتاح تملك الأجنبي بنسبة 100% في معظم القطاعات، وألغى الحد الأدنى لرأس المال؛ مما ساهم في إزالة عقبة كبيرة أمام دخول المستثمرين. كما صدرت قوانين خاصة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص والتخصيص؛ بهدف تشجيع استثمارات القطاع الخاص في المشاريع الكبرى. فضلًا عن ذلك، تتخذ الحكومة خطوات لتقليص الرسوم، وتقديم إعفاءات ضريبية وحوافز خاصة في المناطق الاقتصادية، الأمر الذي يساهم في تقليل تكلفة بدء المشاريع، وتعزّز الجاذبية الاقتصادية للمستثمرين الأجانب. ومنصة "استثمر بسهولة"، التي تم دمجها لاحقًا في منصة عُمان تعمل على تقديم الأعمال الشاملة من خلال تقديم نافذة إلكترونية موحدة تجمع أكثر من 50 خدمة حكومية للمستثمرين؛ مما يسهّل تأسيس الشركات والحصول على التراخيص عبر الإنترنت على نحو سريع وسهل. وكل هذه العوامل، تجعل عُمان وجهة جذابة للاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة.
سلطنة عُمان تتميَّز اليوم بتوفير فرص متزايدة وخاصة لرواد الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة التي تعد العمود الفقري للاقتصادات في العالم، ويرى الشباب أن هناك فرصًا عدة واعدة خاصة في قطاعات التكنولوجيا، والخدمات الرقمية، والتجارة الإلكترونية، في الوقت الذي تلتزم فيه الحكومة بتقديم الدعم من خلال توفير من خلال برامج التدريب في هذه القطاعات، مع حث المؤسسات على زيادة كفاءتها وربطها بسوق العمل الحقيقي. كما تُعزّز من ثقافة ريادة الأعمال؛ لتُصبح خيارًا مقبولًا ومشجعًا لدى فئة الشباب، مع زيادة الفعاليات والمسابقات والمبادرات التي تروج لهذه الثقافة.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فتاوى| ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟.. زوجت نفسي بعقد رسمي وبدون ولي فهل زواجي صحيح؟.. كيف أعرف الحائل الذي يمنع صحة الطهارة؟
فتاوى
ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟
زوجت نفسي بعقد رسمي وبدون ولي فهل زواجي صحيح؟
كيف أعرف الحائل الذي يمنع صحة الطهارة من غيره؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى التى يتساءل عنها كثير من الناس نستعرض أبرزها فى التقرير التالي.
ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟
لعله ينبغي معرفة ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟، حيث إن من شأنه أن يثبت أولئك المهمومين الذين أثقلتهم الابتلاءات، فمن شأن معرفة ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟ مساعدتهم على مواصلة المزيد من الصبر والثبات، وحماية نفسهم من الزعزعة والزلزلة، كما أن معرفة ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟ كذلك من شأنها سد مداخل الشياطين سواء من الإنس أو الجن الذين يضعفون أولئك المكروبين.
ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء
ورد عن مسألة ماذا يحدث لمن صبر عند البلاء والكرب؟، أن في الصّبر على ما تكرهون خيرًا كثيرًا، وأن النّصر مع الصّبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً.
ورد ذِكر الصبر في القرآن في أكثر من سبعين موضعًا في موطن المدح والثناء والأمر به، وذلك لعظم موقعه في الدين، وقال بعض العلماء: كل الحسنات لها أجر معلوم إلا الصبر، فإنه لا يحصر أجره لقوله تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ» (الزمر 10)
فضل الصبر عند البلاء
أولًا-: على الثواب العظيم في الآخرة قال تعالى: «إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ».
ثانيًا: محبة الله قال تعالى: «وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ».
ثالثًا: الجنة لمن صبر على البلاء في الدنيا قال عطاء بن أبي رباح: قَالَ لي ابنُ عَبَّاسٍ: ألَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنَّةِ؟ قُلتُ: بَلَى، قَالَ: هذِه المَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أتَتِ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَقَالَتْ: إنِّي أُصْرَعُ، وإنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي، قَالَ: إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنَّةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ: أصْبِرُ، فَقَالَتْ: إنِّي أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لي أنْ لا أتَكَشَّفَ، فَدَعَا لَهَا» (متفق عليه).
رابعًا: تحقق معية الله للصابرين قال تعالى: «وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ».
خامسًا: خير عطاء من الله للمؤمن كما ورد في الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: «وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصَّبْرِ».
سادسًا: لذة الإيمان وحلاوته لمن صبر على ترك المعاصي، «وكذلك ترك الفواحش يزكو بها القلب وكذلك ترك المعاصي فإنها بمنزلة الأخلاط الرديئة في البدن».
سابعًا: للصابر ثلاث بشائر بشر الله بها فقال تعالى: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ».
أنوع الصبر
أولًا: الصبر على البلاء وهو: منع النفس عن التسخط والهلع والجزع. الصَّبْر على أفعال الله والابتلاءات والنّوازل العصيبة: حيث إنّ من طبيعة الحياة الدنيا أنّها لا تصفو لأحد، ولا يسلم من آلامها وبلائها بَرّ ولا فاجر، ولكنّ المؤمن بدافع الرّضا عن أفعال الله -سبحانه- وأقداره يواجه كلّ الابتلاءات بثبات وجَلَد، وهو بذلك هادئ النّفس مطمئن البال؛ لأنّه على يقين أنّ ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه.
ويرى المؤمن أنّ أنبياء الله -تعالى-وهم صفوة خَلْقه، وأفضل إنسه قد ابتلاهم المولى -سبحانه- بأنواع كثيرة من الابتلاءات، لكنّهم واجهوها بالرّضا والتّسليم والصَّبْر الجميل، ولقد صبر أيوب -عليه السّلام- على المرض وفقدان الأهل والولد، وصبر يوسف -عليه السّلام- على ما حلّ به من بلاء السّجن والافتراء إلى أن حصحص الله -تعالى- الحقّ وأظهره، أمّا النبيّ محمّد -صلّى الله عليه وسلّم- فقد صبر في مواقف كثيرة منذ بعثته إلى وفاته.
ثانيًا: الصبر على النعم وهو: تقييدها بالشكر وعدم الطغيان والتكبر بها، وكَانَ ما يلقى الْعَبْد فِي هَذِهِ الدار لا يخلو من نوعين: أحدهما يوافق هواه ومراده، والآخر مخالفه وَهُوَ محتاج إِلَى الصبر فِي كُلّ منهما، أما النوع الموافق لغرضه: فكالصحة والسلامة والجاه والْمَال وأنواع الملاذ المباحة وَهُوَ أحوج شَيْء إِلَى الصبر فيها من وجوه:
أحدهما: أن لا يركن إليها ولا يغتر بها ولا تحمله على البطر والأشر والفرح المذموم الَّذِي لا يحبه الله وأهله. الثاني: أن لا ينهمك فِي نيلها ويبالغ فِي استقصائها فَإِنَّهَا تنقلب إِلَى أضدادها. فمن بالغ فِي الأكل والشرب انقلب ذَلِكَ إِلَى ضده وحرم الأكل والشرب والجماع. الثالث: أن يصبر على أداء حق الله فيها ولا يضيعه فيسلبها.
الرابع: أن يصبر عَنْ صرفها فِي الحرام، فلا يمكن نَفْسهُ من كُلّ ما تريده مَنْهَا فَإِنَّهَا توقعه فِي الحرام، فَإِنَّ احترز كُلّ الاحتراز أوقعته فِي المكروه، ولا يصبر على السراء إلا الصديقون. وقَالَ عبد الرحمن بن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر.
ثالثًا: الصبر على الطاعة وهو: المحافظة والدوام عليها: حيث إنّ النفس بطبعها تميل إلى الشّهوات، وهذا مانع للعبد من الانقياد السريع لفعل الطّاعة، لذا يلزم المرء في هذا النوع من أنواع الصَّبر أنْ يعوّد نفسه على خُلُق الصَّبر في ثلاثة مواضع؛ الأوّل: قبل البدء بالطّاعة يَحْسُن بالمسّلم أنْ يتفقّد نيّته ويطهّرها من كل شائبة رياء، ويستحضر الإخلاص لله -تعالى- وحده.
والثّاني: الصَّبْر أثناء قيامه بالطّاعة، فيحرص المسّلم على أدائها على الوجه المشّروع وفق ما جاء به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، والثّالث: الصَّبْر بعد أداء الطّاعة، فيحرص أنْ لا يُدخل لنفسه العَجب أو محبّة ثناء الخَلْق؛ فيُفسِد على نفسه عمله، وعلى الدّاعية إلى الله -تعالى- أنْ يعلم أنّ الصَّبْر سلاحه في طريق الدّعوة، وأنْ يستذكر خطى الأنبياء وسيرتهم في تحمّل الأذى وصنوف الصدّ عن الدّعوة، من نوح -عليه السّلام- إلى خاتم الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وسلّم.
رابعًا: الصبر على المعاصي وهو: كف النفس عنها. الصَّبْر عن فعل المعاصي وارتكاب المحرّمات: حيث إنّ الدنيا بملذّاتها وشهواتها تُشكّل ابتلاء من نوع آخر في مسيرة حياة المسلم، لذا فإنّ العبد محتاج لسلاح الصَّبْر لمواجهة هذه المُغريات الكثيرة والمتنوعة التي تعرضُ له في حياته، ومن شهوات الدنيا التي يدفعها المسّلم عن نفسه بالصَّبْر كي لا تُعْسِر عليه سلامة المسير وفق مراد الله -تعالى- شهوة النّساء والمال والمتاع وغيرها.
ويستذكر المسّلم في هذا المقام قصة قارون ومصيره بعد أنْ أغدق الله -تعالى- عليه من صنوف المال والذّهب والفضة، ثمّ أنكر فضل الله -سبحانه وتعالى- عليه؛ فخسف الله به الأرض، وجعله عبرة لأولي القلوب والأبصار، قال الله تعالى: «وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ الله خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلا الصَّابِرُونَ».
أسباب الابتلاء
ورد أن للمصائب والابتلاءات في الكتاب والسنة سببان اثنان مباشران – إلى جانب حكمة الله تعالى في قضائه وقدره:
السبب الأول للابتلاء: الذنوب والمعاصي التي يرتكبها الإنسان، سواء كانت كفرا أو معصية مجردة أو كبيرة من الكبائر، فيبتلي الله عز وجل بسببها صاحبها بالمصيبة على وجه المجازاة والعقوبة العاجلة، « وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ» (النساء: 79)، قال المفسرون: أي بذنبك.
السبب الثاني للابتلاء: إرادة الله تعالى رفعة درجات المؤمن الصابر، فيبتليه بالمصيبة ليرضى ويصبر فيُوفَّى أجر الصابرين في الآخرة، ويكتب عند الله من الفائزين، وقد رافق البلاء الأنبياء والصالحين فلم يغادرهم، جعله الله تعالى مكرمة لهم ينالون به الدرجة العالية في الجنة.
ولهذا جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا سَبَقَتْ لَهُ مِنْ اللَّهِ مَنْزِلَةٌ لَمْ يَبْلُغْهَا بِعَمَلِهِ ابْتَلَاهُ اللَّهُ فِي جَسَدِهِ أَوْ فِي مَالِهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ»
زوجت نفسي بعقد رسمي وبدون ولي فهل زواجي صحيح؟
ورد سؤال إلى د. عطية لاشين، أستاذ الفقه المقارن، وعضو لجنة الفتوى بالأزهر الشريف ، عبر صفحته الرسمية على "فيسبوك"، تقول فيه إحدى المتابعات: "تزوجت على غير علم من أهلي وبدون حضورهم، وعقدت على نفسي، فقيل لي إن زواجي باطل، فهل هذا صحيح؟".
وأجاب د. لاشين قائلًا: "الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. في البداية نؤكد أن الله عز وجل قال في كتابه: (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف)، وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتب السنة: (أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل، فنكاحها باطل، فنكاحها باطل)".
وأوضح د. لاشين، أن الله خلق الرجال والنساء في تكامل، لا تضاد فيه ولا صراع، وجعل لكل منهما خصائص ومهام تناسب فطرته، وبين أن الولاية في الزواج حق من حقوق المرأة يحفظها، لا سلطة تقيّدها، مضيفًا أن الأصل عند جمهور العلماء أن الولي ركن أساسي في عقد الزواج، سواء كانت المرأة بكرًا أم ثيبًا.
وأكد أن جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة على المذهب، يرون أن الزواج الذي يتم بدون ولي هو زواج باطل شرعًا، مستندين إلى عدد من الأدلة الشرعية والعقلية، منها قوله تعالى: (فلا تعضلوهن)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا نكاح إلا بولي).
واستدل بما رواه أبو هريرة أن النبي قال: (لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها، فإن الزانية هي التي تزوج نفسها).
وأشار د. لاشين إلى أن العقل يرفض أن تباشر المرأة عقد زواجها بنفسها، نظرًا لغلبة العاطفة على قراراتها، واحتمال انخداعها بمن يعبث بها ويستغل ضعفها، مؤكدًا أن الشريعة منعت المرأة من تولي عقد زواجها صيانة لها وحفظًا لكرامتها.
واختتم بأن الرأي الذي يراه راجحا هو رأي جمهور الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب، وهو أن الزواج بدون ولي زواج باطل، لأنه يفتح باب التسيب والانحلال، ويحمل بذور فشله منذ لحظة بدايته، كما هو الحال في الزواج العرفي أو السري.
كيف أعرف الحائل الذي يمنع صحة الطهارة من غيره؟
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه: ما ضابط الحائل الذي يمنع صحة الطهارة؟ وكيف أعرف الحائل مِن غيره، وهل يصح الوضوء مع وجود بعض البويات والدهانات على البَشَرة؟ لأني أعمل في مهنة النقاشة، وفي الغالب يصيب أعضاء الوضوء بعض البويات والدهانات التي يصعب إزالتها، وقرأتُ أنَّ وجود حائل يمنع من وصول الماء إلى الجسد يجعل الوضوء غير صحيح. فما الحكم؟
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: الأصل وجوب إزالة كل حائل يمنع وصول الماء إلى الجسد عند إرادة الطهارة حال القدرة عليها.
ضابط الحائل الذي يمنع صحة الطهارة
وأوضحت ان ضابط الحائل الذي تجب إزالته: كل ما يمنع نفوذ الماء إلى الجسد كنحو شمعٍ ودهن وعجين مما هو مُتَجسِّم وجامدٌ، أمَّا ما ليس متجسمًا ولا جامدًا كالمائعات من نحو الزيت والكريمات والمرطبات أو ما أزيلت عينه وبقي لونه فقط كالحنَّاء فلا يُعد حائلًا، ومع ذلك فإنه يُعفى عمَّا يلتصق بالجسد من مواد الدهان والغراء وغيرها مما قد يصيب أصحاب المهن المختلفة كالكاتب والنقَّاش والخباز وغيرهم، والتي يشق عليهم الاحتراز عنها ويتعذر عليهم إزالتها، فيتطهرون مع بقائها ولا حَرَج عليهم، ووضوؤهم صحيح.
وبينت انه من المقرَّر شرعًا أنَّ الطهارة من الحَدَثين الأصغر والأكبر شرط للقيام ببعض العبادات كالصلاة والطواف وغيرهما، فلا يصح القيام بهذه العبادات بدون طهارة.
والطهارة تحصل باستعمال الماء سواء في الوضوء أو الاغتسال، كما تحصل بالتيمم عند فقد الماء، أو العجز عن استعماله؛ قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: 6].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» متفق عليه.
من شروط صحة الوضوء عدم الحائل الذي يمنع وصول الماء
الأصل عند استعمال الماء في الطهارة وصول الماء إلى البَشَرة، بمعنى ألَّا يكون هناك حائلٌ يمنع وصولها؛ من شمعٍ أو دهنٍ مُتجَسِّمٍ أو نحو ذلك، وهو ما نصَّ عليه فقهاء المذاهب في كلامهم عن شروط صحة الوضوء.
ضابط الحائل الذي يمنع وصول الماء إلى الجسد
ضابط الحائل: هو كل ما يمنع وصول الماء إلى الجسد ومُمَاسَّته له، كالأدهان والشمع ونحو ذلك مما هو متجسم وجامد، أما ما ليس متجسمًا ولا جامدًا، كالمائعات من نحو الزيت والكريمات وسائر المرطبات، فلا يُعد حائلًا؛ لأنه لا يمنع مسَّ الماء للعضو وإن لم يثبت عليه، وكذلك كل ما أُزيلت عينه وبقي لونه فقط كالحناء فلا يعد حائلًا؛ لأنَّه لا يمنع وصول الماء إلى الجسد ومُمَاسَّته له. وعلى هذا المعنى نصَّ الفقهاء
رفع الحرج عمن يتعذر عليه إيصال الماء إلى عضوٍ من أعضاء الطهارة لوجود حائل
مع اشتراط الفقهاء استيعاب كامل الأعضاء بإيصال الماء إليها عند الطهارة، إلَّا أنهم يرون التَّرخُّص بالتخفيف ورفع الحرج عمن يتعذر عليه إيصال الماء إلى عضوٍ من أعضاء الطهارة لوجود حائل يصعُب إزالته؛ كمن يعمل في إحدى المِهن التي لا يمكن له معها الاحتراز عما يلحق بشرته من المواد المستخدمة فيها، والتي تترك أثرًا حائلًا يلتصق بالبشرة ويمنع نفوذ الماء إليها، كمواد الدِّهان والغراء وما أشبه ذلك.
ومما هو مقرر شرعًا أن حصول المشقة مُوجِب للتخفيف؛ فقد قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، وقال عزَّ وجَلَّ: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: ١٦]، وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» أخرجه الشيخان
وأكدت بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنه تجب إزالة كل حائل يمنع وصول الماء إلى الجسد عند إرادة الطهارة حال القدرة عليها، وضابط الحائل الذي تجب إزالته: كل ما يمنع نفوذ الماء إلى الجسد كنحو شمعٍ ودهن وعجين مما هو مُتَجسِّم وجامدٌ، أمَّا ما ليس متجسمًا ولا جامدًا كالمائعات من نحو الزيت والكريمات والمرطبات أو ما أزيلت عينه وبقي لونه فقط كالحنَّاء فلا يُعد حائلًا، ومع ذلك فإنه يُعفى عمَّا يلتصق بالجسد من مواد الدهان والغراء وغيرها مما قد يصيب أصحاب المهن المختلفة كالكاتب والنقَّاش والخباز وغيرهم، والتي يشق عليهم الاحتراز عنها ويتعذر عليهم إزالتها، فيتطهرون مع بقائها ولا حَرَج عليهم، ووضوؤهم صحيح.