بضعة أسابيع تنقضى، وتبدأ الاستعدادات لإجراء الانتخابات لتشكيل مجلس النواب الجديد بعد انتهاء انتخابات مجلس الشيوخ، بما لها وما عليها. ولأسباب كثيرة تخص الأمن والسلم الاجتماعيين، وتصب فى مجرى جهود ترسيخ دعائم بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التى بشر بها الرئيس السيسى المصريين منذ اليوم الأول لانتخابه، بما ترتكز عليه من مؤسسات تشريعية تحظى بثقة المواطنين، وتقوم بدورها المنوط بها فى الرقابة والمساءلة والتشريع، فأول ما يجب أن يوضع فى اعتبار من يقومون بالإعداد لها، هو عدم تكرار تجربة مجلس النواب الحالى الذى تذهب مدته نحو الانتهاء.
المؤشرات تبعث على التفاؤل والأمل. ولعل عدم تمكن مرشحى حزب النور السلفى فى الفوز بأى مقعد فى انتخابات مجلس الشيوخ، أن يكون إشارة على أن التجربة العملية لمحاولة اقحامه فى الحياة السياسية أسفرت عن نتائج سلبية وصفرية. وفى التفصيل، كان قد انقضى نحو شهرين على فض اعتصام ميدانى رابعة والنهضة، وكانت بضعة أشهر قد مرت على نجاح ثورة يونيو بدعم من الجيش الوطنى فى اسقاط أول حكم لجماعة الإخوان فى التاريخ المصرى المعاصر، حتى تشكلت لجنة الخمسين لصياغة دستور الثورة الجديد.
وتحت وطأة ضرورات تفهمها ممثلو الأحزاب والقوى السياسية المشكلة للجنة الخمسين، تنطوى على عدم رغبة القيادة السياسية فى توسيع دائرة الخصوم فى الفترة الانتقالية التى تولى رئاستها المستشار «عدلى منصور»، ضمت لجنة الخمسين ممثليين عن حزب النور السلفى، على الرغم من أن مشهد أعضائه وقياداته المشاركين فى اعتصامى رابعة والنهضة للمطالبة بعودة حكم الدكتور «محمد مرسى» كشرط لوقف الإرهاب ضد مؤسسات الدولة ورجالها ومواطنيها، كان لا يزال ماثلا فى الأذهان. هذا فضلا عن أن تيار الإسلام السياسى بكل تصنيفاته المتناسلة من جماعة الإخوان، لا يؤمن أصلا بالدولة الوطنية، وهو يتخذ من كل الفرص المتاحة سلما للعبور نحو حلمهم الوهمى باستعادة دولة الخلافة، التى سقطت قبل نحو قرن.
وليس سرا أن كل النصوص التى تقطع بمدنية الدولة وتمنع الخلط بين الدين والسياسة، وتحظر قيام أحزاب دينية، التى تضمنتها تعديلات نظام الرئيس مبارك على دستور 1971، قد محيت بأستيكة بجهد من السلفيين، من دستور الثورة، التى كان نجاحها تأكيدا على التمسك بتلك المبادئ، ولكى تحل محلها، نصوص غائمة ملتبسة، تحتمل كافة التفسيرات والتأويلات، كالقول مثلا إنه «لا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب على أساس دينى». وفى اللغة القانونية تعنى كلمة يجوز أنه مبدأ يبيحه القانون، لكنه غير إلزامى!
وليس سرا كذلك أنهم وعددا من المشايخ من اقترح أثناء وضع الدستور الحالى بأن ينطوى على نص أن يكون الأزهر هو الجهة التى يقتصر عليها وحدها تفسير المادة الخاصة بأن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع، وهو ما كان محلا حينذاك، لاعتراض الدكتور أحمد الطيب شيخ جامع الأزهر، ربما اقتناعا بأن الأزهر ليس مؤسسة دينية بل تعليمية ودعوية، وبأن مسئولية تفسيرها وبقية نصوص الدستور، تقع على عاتق المحكمة الدستورية العليا، التى قطعت أحكامها بأن مبادئ الشريعة هى النصوص قطعية الثبوت، قطعية الدلالة، التى لا مجال للاجتهاد فيها.
وفى البرلمان القائم اعترض السلفيون من أعضائه مع غيرهم من ممثلين لقوى مدنية على إصدار قانون يلزم بحظر عادة ختان الإناث، وكانوا السند التشريعى مع كثيرين غيرهم، لمنع مشروع الحكومة المتطور، لتعديل قوانين الأحوال الشخصية، من الصدور.
وليس سرا أن تشكيلة البرلمان الحالى كانت مثالا حيا لضغوط جماعات المال السياسى والمصالح المتضاربة، ما أخل بهيبته وبعث برسائل سلبية للمجتمع أن التشريع بات حكرا على تلك الجماعات التى لعبت دورا فى ترسيخ منظومة الفساد المؤسسى، التى شكل عملها ليس افتئاتا على حقوق المجتمع فحسب، بل على القرار المستقل لمؤسسات الدولة.
من يعمل على بناء الجمهورية الجديدة كدولة مدنية ديمقراطية حديثة دولة المؤسسات والقانون والمساواة وتكافؤ الفرص، لا خلط فيها بين الدين والسياسة، وبين المال والسياسة، وبين الأكفاء وغير الأكفاء والمتسلقين والآكلين على موائد كل العصور، فلا مناص من العمل على تشكيل برلمان قوى ومتوازن، يكون هو القاطرة لبعث الثقة فى دوره المستقل، الذى يشكل بدوره مقبض الدفاع عن الأمن الاجتماعى والحفاظ على الأمن القومى المصرى. فهل من مستجيب؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش الرئيس السيسي انتخابات مجلس الشيوخ
إقرأ أيضاً:
ترامب يعين جنرالًا أمريكيًا لقيادة قوات الأمن الدولية في غزة
تعتزم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعيين جنرال أمريكي برتبة لواء لقيادة قوات الأمن
هذا التعيين سيزيد من مسئولية أمريكا عن تأمين وإعادة إعمار غزة
وقال موقع أكسيوس، سيزيد هذا التعيين من مسئولية الولايات المتحدة عن تأمين وإعادة إعمار غزة، التي تتحول إلى أكبر مشروع سياسي- مدني- عسكري أمريكي في الشرق الأوسط منذ أكثر من عقدين حيث أنشأت الولايات المتحدة مقرًا مدنيًا عسكريًا في إسرائيل لمراقبة وقف إطلاق النار وتنسيق المساعدات الإنسانية.
ومن المتوقع أن يترأس ترامب مجلس السلام في غزة، وسيكون كبار مستشاريه أعضاءً في مجلس تنفيذي دولي، وبذلك، ستتولى الولايات المتحدة قيادة قوات الأمن في القطاع ومع ذلك، يؤكد مسؤولو البيت الأبيض أنه لن يكون هناك وجود عسكري أمريكي على الأرض في غزة.
وقف إطلاق النار في غزة
و أتابع الموقع، يُعد وقف إطلاق النار في غزة أكبر إنجازات ترامب في السياسة الخارجية خلال ولايته الثانية حتى الآن، إلا أن الهدنة هشة، وترغب إدارته في الانتقال إلى المرحلة الثانية قريبًا لتجنب الانزلاق مجددًا إلى الحرب.
وتتضمن المرحلة الثانية من الاتفاق انسحابًا إضافيًا للجيش الإسرائيلي، ونشر قوات الأمن الإسرائيلية في غزة، ودخول هيكل إداري جديد حيز التنفيذ، بما في ذلك مجلس السلام برئاسة ترامب وقد فوّض مجلس الأمن الدولي مؤخرًا كلاً من قوات الأمن الإسرائيلية ومجلس السلام.
مايك والتز أبلغ نتنياهو ومسئولين آخرين بأن إدارة ترامب ستتولى قيادة قوات الأمن الإسرائيلية
وفي الكواليس، أفاد مسئولان إسرائيليان بأن سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، الذي زار إسرائيل هذا الأسبوع، أبلغ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ومسئولين آخرين بأن إدارة ترامب ستتولى قيادة قوات الأمن الإسرائيلية وتعيين لواء برتبة نجمتين قائدًا لها وقال مسؤول إسرائيلي: "بل إن والتز قال إنه يعرف الجنرال شخصيًا، وأكد أنه شخص جاد للغاية".
وأضاف المسئولان الإسرائيليان أن والتز شدد على أن وجود جنرال أمريكي على رأس قوات الأمن الإسرائيلية من شأنه أن يمنح إسرائيل الثقة بأنها ستعمل وفقاً للمعايير المناسبة وأكد مسؤولان أمريكيان أن الخطة تقضي بتعيين جنرال أمريكي لقيادة قوات الأمن الإسرائيلية.
وفي تصريحات أخرى، قال مسئول في البيت الأبيض إنه جرت مناقشات حول تشكيل قوات الأمن الإسرائيلية، ومجلس السلام، وحكومة فلسطينية تكنوقراطية، "لكن لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية أو الإعلان عنها".
ويقول مسئولون أمريكيون إنهم في المراحل الأخيرة من تشكيل قوات الأمن الإسرائيلية والهيكل الإداري الجديد لغزة.
أمريكا اقترحت أن يتولى ملادينوف منصب ممثل مجلس السلام على الأرض في غزة
وقد اقترحت الولايات المتحدة أن يتولى المبعوث الأممي السابق للشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، منصب ممثل مجلس السلام على الأرض في غزة، للعمل مع حكومة تكنوقراطية فلسطينية مستقبلية، وفقًا لمصادر مطلعة.
وتقوم إدارة ترامب بإطلاع الدول الغربية سرًا على مجلس السلام وقوات الأمن الإسرائيلية، وتدعوهم للانضمام. وبحسب مصدرين مطلعين، فإن ألمانيا وإيطاليا هما من بين الدول التي دُعيت بالفعل للانضمام إلى المجلس.