القاهرة – زادت تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر بصورة ملحوظة خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد أزمة طاحنة استمرت عامين وأثّرت بعمق على الاقتصاد المحلي، ولكن رغم التحسن لا تزال الأزمة مرشحة للعودة في أي وقت.

ولفهم أعمق، من الضروري إيضاح خريطة تدفقات الدولار إلى البلاد، فعلى مدار العقد الأخير شهدت مصادر العملة الصعبة في مصر تحولات ملحوظة في وتيرة النمو، وهو ما يفرض إعادة تقييم شاملة لهذه الموارد لضمان استقرار سوق الصرف وتحقيق توازن مستدام في ميزان المدفوعات.

اليوم، ورغم الزيادة اللافتة في بعض المصادر، من صادرات وتحويلات وسياحة واستثمار أجنبي وقناة السويس، فإن وتيرة نمو هذه الموارد لم تكن كافية لمواكبة احتياجات الاقتصاد المتصاعدة، مما أدى إلى اتساع الفجوة الدولارية وتكرار أزمات العملة.

هنا يبرز سؤال: هل تنمو موارد مصر الدولارية بالوتيرة المطلوبة؟ وما الذي يعوق تحقيق طفرة حقيقية في تدفق النقد الأجنبي؟

في هذا التقرير، ترصد الجزيرة نت مصادر متحصلات النقد الأجنبي في مصر وحصيلتها خلال السنوات العشر الماضية، وتطورها، وتحدياتها، وتأثيرها على أزمة النقد الأجنبي التي تعدّ "أم الأزمات" الاقتصادية في البلاد.

تحويلات المصريين بالخارج. الصادرات السلعية غير البترولية (صناعية، زراعية، منسوجات). الصادرات البترولية (نفط خام، غاز طبيعي). إيرادات السياحة. إيرادات قناة السويس. الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI). استثمارات الأجانب في أدوات الدين. المنح والمساعدات الخارجية. الاقتراض الخارجي. تحويلات المصريين في الخارج بلغت في الأشهر العشرة الأولى من السنة الحالية حوالي 32.8 مليار دولار (الجزيرة)

لم تشهد متحصلات مصر من النقد الأجنبي من مختلف المصادر خلال السنوات العشر الماضية أي مفاجآت لافتة، وذلك وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، والتي جاءت على النحو التالي:

 

فائض وفجوة

أسفرت معاملات الاقتصاد المصري مع العالم الخارجي خلال السنة المالية 2023-2024 عن فائض كلي في ميزان المدفوعات بقيمة 9.7 مليارات دولار (مدعوما بصفقة رأس الحكمة البالغة 35 مليار دولار).

إعلان

ولكن ذلك تزامن مع ارتفاع العجز في حساب المعاملات الجارية إلى نحو 20.8 مليار دولار، في حين سجل عجز الميزان التجاري "غير النفطي" (الفرق بين الصادرات والواردات) نحو 37.3 مليار دولار عام 2024 مما يعكس عمق الفجوة بين الواردات والصادرات غير البترولية إذ لا تغطي الصادرات سوى أقل من 45% من الواردات.

وعلى الرغم من ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى أعلى مستوى عند نحو 48.7 مليار دولار في نهاية شهر يونيو/حزيران 2025، فإن الدين العام قفز إلى 14.686 تريليون جنيه (302 مليار دولار) خلال الربع الأول من العام الجاري بنهاية مارس/آذار الماضي، وفق بيانات وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية في مصر.

أما الدين الخارجي لمصر فقد زاد خلال الربع الأول من عام 2025 ليسجل 156.689 مليار دولار.

تحويلات المصريين.. فرس الرهان

ارتفعت تحويلات المصريين العاملين بالخارج في الفترة من يوليو/تموز إلى مايو/أيار من العام المالي 2024-2025 بمعدل 69.6% لتصل إلى نحو 32.8 مليار دولار، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.

وسجلت الصادرات السلعية المصرية خلال عام 2024 نحو 40.8 مليار دولار، محققة نموا سنويا بنسبة 14%، وفقا لبيانات وزارة الاستثمار والتجارة الخارجية.

الأزمة والحلول العاجلة

قال نائب رئيس بنك "بلوم-مصر" سابقا، طارق متولي، إن حصيلة مصر من الدولارية خلال السنوات الماضية وقعت تحت ضغط المديونيات الكبيرة (الأقساط والفوائد) القصيرة الأجل وبالتالي شكلت عبئا كبيرا وأصبحت الموارد الدولارية لا تغطي الالتزامات.

ورأى في تعليق للجزيرة نت أن الإصلاح الهيكلي للاقتصاد المصري يمثل الركيزة الأساسية لدفع عجلة النمو خلال العقد المقبل، وأكد أن تسريع وتيرة التنمية في القطاع السياحي يمكن أن يسهم بشكل مباشر في زيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي وتعزيز موارد البلاد من النقد الأجنبي.

مصر تشهد زيادة في الحصيلة الدولارية من السياحة (الجزيرة)

وأشار الخبير المصرفي إلى ضرورة تعظيم الاستفادة من برنامج الطروحات الحكومية سواء في البورصة أو البيع لمستثمرين، إلى جانب إعادة توظيف الأصول المملوكة للدولة بشكل أكثر كفاءة مثل الموانئ على البحر الأحمر والبحر الأبيض والمتوسط، بما يسهم في دعم الاقتصاد وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.

خروج الدولة من النشاط الاقتصادي

دعا طارق متولي الدولة إلى الانسحاب التدريجي من النشاط الاقتصادي المباشر، والاكتفاء بدورها التنظيمي من خلال سنّ التشريعات والقوانين التي تشجع على جذب الاستثمارات الأجنبية، إلى جانب ممارسة دور رقابي فعّال يضمن وجود منافسة عادلة بين الشركات والمستثمرين.

ورأى أن صفقة تطوير منطقة رأس الحكمة مع الإمارات تمثل نموذجا ناجحا لهذا التوجه، إذ اكتفت الدولة بدور المُمكّن والمنظّم، بينما تولى المستثمرون عمليات التطوير والتمويل.

وكان صندوق النقد الدولي قرر في يوليو/تموز الماضي دمج المراجعتين الخامسة والسادسة ضمن برنامج الدعم المالي المخصص لمصر بقيمة 8 مليارات دولار، وتأجيل إجراء المراجعة إلى الخريف المقبل، وذلك بسبب تأخر الحكومة المصرية في تنفيذ برنامج تخارج الدولة من القطاعات الاقتصادية، وهو أحد الالتزامات الأساسية المتفق عليها مسبقا.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دراسات تحویلات المصریین النقد الأجنبی ملیار دولار

إقرأ أيضاً:

طلبات تحقق 2.4 مليار دولار مبيعات في الربع الثاني من 2025

أعلنت شركة طلبات القابضة، عن نتائجها المالية المبدئية لفترة الثلاثة أشهر والستة أشهر المنتهية في 30 يونيو 2025، مسجلة نموًا ملحوظًا في الإيرادات والأرباح عبر مختلف الأسواق والقطاعات التي تعمل بها.

بلغ إجمالي قيمة البضائع المباعة خلال الربع الثاني من عام 2025 نحو 2.4 مليار دولار، بزيادة قدرها 32% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما ارتفعت النسبة إلى 33% عند احتسابها على أساس سعر صرف ثابت. كما سجلت الإيرادات زيادة بنسبة 35% لتصل إلى 982 مليون دولار، وارتفعت هذه النسبة إلى 36% عند تثبيت سعر الصرف.

أما الأرباح المعدلة قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء (EBITDA) فقد ارتفعت بنسبة 31% لتصل إلى 166 مليون دولار، أي ما يعادل 6.8% من إجمالي قيمة البضائع المباعة، وهي النسبة نفسها المسجلة في الفترة المقابلة من العام السابق. وارتفع صافي الدخل بنسبة 33% مسجلًا 119 مليون دولار، بما يعادل 4.9% من إجمالي المبيعات. وبعد استبعاد العناصر غير المتكررة، بلغ صافي الدخل المعدل 116 مليون دولار بزيادة 25% على أساس سنوي.

يعزى هذا الأداء الإيجابي إلى النمو في مختلف أسواق الشركة، سواء في دول مجلس التعاون الخليجي (الإمارات، الكويت، قطر، البحرين، وسلطنة عمان) أو خارجها (مصر، الأردن، والعراق)، بالإضافة إلى الأداء القوي في قطاعي الطعام والبقالة والتجزئة.

فيما يتعلق بتوزيع المبيعات، بلغت حصة أسواق الخليج 83% من إجمالي قيمة البضائع المباعة مقابل 17% للأسواق خارج الخليج، مقارنة بـ 86% و14% على التوالي في العام السابق. كما شهد قطاع البقالة والتجزئة نموًا أسرع، وإن انطلق من قاعدة أصغر مقارنة بقطاع الطعام الذي واصل تسجيل معدلات نمو قوية.

وساهمت عدة عوامل في تحقيق هذه النتائج، أبرزها جذب عملاء جدد، وزيادة معدل تكرار الطلبات، وارتفاع الاشتراكات في برنامج الولاء طلبات برو، إضافة إلى تحسن الأداء مقارنة بالربع الأول الذي تأثر بموسم شهر رمضان.

ارتفع معدل تحويل قيمة البضائع المباعة إلى إيرادات ليصل إلى 40% مقابل 39% في العام الماضي، مدعومًا بزيادة إيرادات خدمة tMart وخدمات الاشتراك، ما عوض الانخفاض الطفيف في معدلات العمولة الناتج عن ارتفاع حصة قطاع البقالة والتجزئة.

كما سجلت الشركة تدفقات نقدية حرة معدلة بلغت 190 مليون دولار، بزيادة 47% على أساس سنوي، وهو ما يعادل 7.8% من إجمالي قيمة المبيعات، مقارنة بـ 7.0% العام الماضي. وبلغ معدل التحويل النقدي 115% مقابل 103% في الفترة المقابلة.

على مستوى النصف الأول من العام، واصلت الشركة تحقيق نتائج قوية مدعومة بالطلب المتزايد عبر الأسواق، وتوسع قاعدة العملاء، وزيادة متوسط حجم الطلبات. كما عكست المؤشرات المالية للنصف الأول قدرة الشركة على تحقيق النمو المستدام والحفاظ على مستويات ربحية جيدة، على الرغم من التحديات الاقتصادية في بعض الأسواق.

بناءً على الأداء القوي في النصف الأول، أعلنت طلبات عن تعديل توقعاتها السنوية بالرفع، حيث تتوقع الآن نمو إجمالي قيمة البضائع المباعة بنسبة تتراوح بين 27% و29% على أساس سعر صرف ثابت، بدلًا من 17%–18% في التوقعات السابقة. كما رفعت توقعاتها لنمو الإيرادات إلى نطاق 29%–32% مقابل 18%–20% سابقًا.

أما هوامش الربحية المتوقعة، فحافظت على استقرارها، مع توقع بقاء هامش الأرباح المعدلة قبل خصم الفوائد والضرائب والاستهلاك والإطفاء عند 6.5%، وهامش صافي الدخل عند 5.0%، وهامش التدفق النقدي الحر المعدل عند 6.0%.

قال توماسو رودريجز، الرئيس التنفيذي للشركة، إن طلبات حققت ربعًا ماليًا قويًا آخر بفضل زيادة قاعدة العملاء وتكرار الطلبات وتحسن معدلات الاشتراك في برنامج الولاء طلبات برو. وأضاف أن النمو القوي في الأسواق خارج منطقة الخليج، إلى جانب الأداء المستقر في الأسواق الأساسية، عزز نتائج الشركة الإجمالية.

وأشار رودريجز إلى أن الإمارات، أكبر أسواق الشركة، حافظت على وتيرة نمو قوية متماشية مع متوسط نمو المجموعة، فيما سجلت الكويت، أكثر الأسواق نشاطًا، نموًا تجاوز 20% خلال الربع الثاني والنصف الأول من العام. كما واصل قطاع الطعام نموه بأكثر من 20% سنويًا، ما يعزز مساهمته في دعم إيرادات الشركة.

واختتم رودريجز بالتأكيد على أن الشركة واثقة من تحقيق أهدافها المعدلة للعام 2025، مع استمرار الاستثمار في تحسين تجربة العملاء وتوسيع نطاق الخدمات، بما يدعم مكانتها في سوق الطلب والتوصيل الرقمي على المدى الطويل.

بهذه النتائج، تواصل طلبات إثبات قدرتها على الجمع بين النمو السريع وتعزيز الكفاءة التشغيلية، مستفيدة من انتشارها الجغرافي الواسع، واستراتيجيتها في تنويع الخدمات، ونجاحها في استقطاب ولاء العملاء في منطقة تشهد منافسة متزايدة.

مقالات مشابهة

  • وول ستريت جورنال: الاقتصاد الصيني يُظهر علامات تباطؤ.. وبكين تعاني من زيادة الضغوط
  • خروج الأموال.. لبنانيون يهدرون مليار دولار!
  • احتياطي المركزي التركي يواصل تسجيل مستويات قياسية
  • 119.7 مليار درهم ناتج دبي المحلي خلال الربع الأول من 2025
  • طلبات تحقق 2.4 مليار دولار مبيعات في الربع الثاني من 2025
  • اقتصاد دبي ينمو 4% خلال الربع الأول من 2025
  • 2.6 مليار دولار أرباح سويس ري في النصف الأول
  • 466 مليون درهم أرباح «لولو للتجزئة» النصفية بنمو 9.1%
  • خبير اقتصادي يكشف أهمية قرار “المركزي” بتخفيف قيود استخدام البطاقات الائتمانية خارج البلاد