المشهد اليمني:
2025-05-24@10:58:50 GMT

عن العربي الشرير في الشاشة الأمريكية

تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT

عن العربي الشرير في الشاشة الأمريكية

تجري أحداث الجزء الخامس من دراما الأكشن المعروفة الهروب من السجن/Prison Break، والذي أنتج عام 2017 في اليمن الذي يسافر إليه لنكولن بعد أن عرف أن أخاه مايكل مسجون مع مجموعة من «الإرهابيين» في سجن اسمه «أوجيجيا» في صنعاء.

كثير من النقد الفني يمكن أن يوجه لهذا الجزء، ليس أقله مخالفة بيئة الفيلم للبيئة اليمنية، ولا التحدث بلهجات عربية غير يمنية على أساس أنها يمنية، ولا سجن «أوجيجيا» الذي لا يمت لليمن بصلة، لا تسمية ولا طراز بناء.

أما تلك اللوحة التي ظهرت في أحد المشاهد مكتوباً عليها: «محطة قطار صنعاء» في بلد لا توجد به قطارات، فموضوع آخر.

وإذا تجاوزنا الملاحظات الفنية التي يمكن القفز عليها على أساس أننا إزاء عمل فني، ليس بالضرورة أن يتطابق مع الواقع، فإن المحتوى حفل بقصدية واضحة في اختيار هذا البلد كبؤرة للإرهاب والإرهابيين من تنظيم داعش الذي يبدو أن المخرج أعاد إنتاجه ليضفي عليه ملامح حوثية، مع سيطرة الحوثيين على صنعاء في 2014.

وإذا انتقلنا من هذه السلسلة التي يعود فيها الأبطال الأمريكيون منتصرين إلى بلادهم بعد أن خرجوا من «بلاد الإرهاب» إذا انتقلنا إلى فيلم قواعد الاشتباك/Rules of Engagement الذي أنتج العام 2000 فإننا نقف أمام مشهد لمجاميع من الإرهابيين يندسون بين حشود من المدنيين، حيث يهاجم الجميع مبنى السفارة الأمريكية في صنعاء، الأمر الذي جعل مهمة جنود المارينز الذين حضروا بطائرات الهليكوبتر لإنقاذ موظفي السفارة في غاية التعقيد، حيث يشترك في الهجمات على السفارة مدنيون ومسلحون «إرهابيون» الأمر الذي يدفع الجنود إلى إطلاق النار على الجميع، لينتهي المشهد بقتل كل الحشد المهاجم للسفارة، وهو الأمر الذي هيأ المخرجُ المشاهدَ لتقبله على اعتبار أن الجميع «أشرار وإرهابيون».

ولمزيد من «الشيطنة» ولتبرير تلك المذبحة يظهر طفل أمريكي في حضن أمه المرعوبة أثناء مهاجمة «حشود الغوغاء» للسفارة، وهو يتساءل عن أبيه، فيما هي تحاول طمأنته في موقف يجعل المشاهد يشعر بالارتياح وهو يشاهد حفلة القتل الجماعي لـ«الإرهابيين» على يد أبطال المارينز.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الأم الأمريكية طمأنة صغيرها تقف أم يمنية حاملة طفلها إلى جوار أحد المسلحين اليمنيين، وهو يطلق النار على طائرة هليكوبتر، أتت لإنقاذ موظفي السفارة في مشهد مبالغ فيه يعكس انعدام مشاعر الأم اليمنية إزاء طفلها الذي لم يتجاوز العامين فيما يبدو، لنفاجأ فيما بعد بمشهد أحد الجنود وهو يحمل الطفل الأمريكي إلى الطائرة مع أمه، فيما يظهر الطفل اليمني حياً، ولكن حائراً بين جثتين لأبيه وأمه اللذين قتلا، فيما نجا هو بفعل «شهامة وإنسانية» المارينز الذين لا يقتلون الأطفال، في إشارة أخرى تحمل الفوارق الحضارية والإنسانية بين الشعوب «الهمجية» والأخرى «المتحضرة».

هناك ـ بالطبع ـ آلاف المشاهد واللقطات التي تحفل بها المسلسلات والأفلام الأمريكية تحمل صورة سلبية للعربي والمسلم، وبالمقابل هناك الكثير من الدراسات والمقالات والبرامج التلفزيونية التي عُنيت بهذا الموضوع، دون أن تتحسن صورة العربي في الدراما والسينما الأمريكية، ناهيك عن صورته الإعلامية في الصحافة والتلفزيون، وهي الصورة النمطية التي يظهر فيها العربي شريراً، همجياً، إرهابياً، مجرماً، يمارس الشهوات والنزوات والتبذير، وهي صورة بدوية مرتبطة بالصحراء والجمال، لا تفكر إلا في الاغتصاب وقمع النساء، وغير تلك من الأوصاف، كما تظهر المرأة العربية في مثل تلك الاعمال راقصة، لعوباً، مضطهدة، وأحياناً إرهابية، كما في بعض الأفلام حول الصراع العربي الإسرائيلي.

وبين عامي 1896 و2000 رصد البروفيسور الأمريكي من أصل لبناني جاك شاهين أستاذ الاجتماع في جامعة «إلينوي» رصد ألف فيلم فيها شخصيات عربية وإسلامية لم يخرج منها إلا 12 فيلماً تتضمن صوراً إيجابية عن العرب، ليصدر كتابه «العرب الأشرار، كيف تشيطن هوليوود أمة» قبيل أحداث أيلول/سبتمبر في نيويورك وواشنطن، وهو أسوأ توقيت يمكن أن يصدر فيه كتاب يدافع عن العرب.

ومن الأفلام القديمة التي تصور العرب بصورة سلبية فليم الشيخ/The Sheik الذي أنتج عام 1921، والبحث عن خطر/Looking for Danger الذي أنتج عام 1957، قبل أن تصبح الإساءة للعرب والمسلمين ظاهرة سينمائية.

وهنا يمكن الإشارة إلى أن صورة العربي السلبية في الشاشة الأمريكية تعود في أصلها إلى جذور استشراقية، فالصورة التي رسمها المستشرقون الأوروبيون للعربي والمسلم هي صورة سلبية إجمالاً، ناهيك عن الصورة المأخوذة عن بعض المصادر ذات الطابع الأدبي والملحمي، كما هو الحال في كتاب «ألف ليلة وليلة» حيث استقت بعض الأعمال الفنية صورة العربي المحب للمال والنساء والكأس من خلال الصورة الفنية التي ظهر بها أبطال ذلك الكتاب الذي ترجم للغات الأوروبية بعنوان «»ليالي العرب» مع أنه عبارة عن تراكم مرويات شعبية من ثقافات شرقية مختلفة.

كما كان للحروب العربية الإسرائيلية، ولحرب الخليج الثانية، وأحداث أيلول/سبتمبر في نيويورك وواشنطن، وغزو أفغانستان والعراق، كان لكل ذلك دور في تكريس الصورة النمطية للعربي الشرير في هوليوود، ليصبح ضحايا الحرب والغزو والاحتلال أشراراً همجيين وإرهابيين سيئين، كما جاء في افلام مثل: صحارى/Sahara عام 1983 والبروتوكول/Protocol عام 1984 وجوهرة النيل/Jewel of the Nile عام 1985.

وعلى الرغم من أن الفلسطينيين شعب واقع تحت الاحتلال الإسرائيلي إلا أن صورة الفلسطيني الشرير كانت بارزة في فيلمي: الأحد الأسود/Black Sunday عام 1977، وكذا أكاذيب حقيقية/True Lies عام 1994 وغيرهما.

والشأن ذاته بالنسبة للعراقيين الذين أظهرتهم أفلام هوليوود مجاميع من المجرمين القتلة والإرهابيين الأشرار الذين يتم التخلص منهم على أيد أبطال بيض مغامرين ذوي قيم وبسالة، كما في عدد من الأفلام مثل قناص أمريكي/American Sniper الذي أنتج عام 2014، وكذا شكراً لخدمتك/Thank you for your service عام 2017.

يُرجع شاهين ميل هوليوود لشيطنة العرب والمسلمين – كذلك – إلى عدة عوامل بالإضافة إلى ما سبق، منها: الجهل بالآخر وثقافته، الأمر الذي يجعل هذا الآخر أقرب إلى «الشر» لا لأنه شرير، بل لأننا نجهله، و«من جهل شيئاً عاداه». ومن تلك العوامل الطمع في الربح، حيث تحقق الأفلام ذات الطابع الغرائبي والتي تحفل بصور سلبية أرباحاً عالية، وهذا ما يجعل الاستمرار في إنتاج مثل تلك الأعمال مجدياً بالنسبة لشركات الإنتاج، لأن صورة «العربي المسلم تجلب مشاهدات أكثر» حسب شاهين، ناهيك عن الأسباب السياسية، التي أشار إليها جاك فالنتي رئيس الجمعية الأمريكية للصور المتحركة بعبارته الشهيرة: «هوليوود وواشنطن يشتركان في «الدي أن أيه» نفسه» بالإضافة إلى العوامل الدينية، وعامل تقاعس العرب عن الاستثمار في السينما العالمية.

ثم إن هناك بالطبع ميلاً سينمائياً نحو التشويق وإثارة مشاعر الدهشة والقلق والرعب، وهذا يدفع المخرجين إلى اللجوء لشيطنة الآخر إجمالاً، وقبل العربي حظي الهندي الأحمر والأفريقي الأسود والياباني والمكسيكي والكاريبي وغيرهم بنصيب وافر من تشويه الصورة درامياً وسينمائياً في الولايات المتحدة، ومع ذلك حظي «العرب والمسلمون» بنصيب الأسد من تشويه الصورة، بل إن الصور النمطية السلبية للآخر قد اختفت ـ أو كادت تختفي ـ ولم يبق إلا العربي والمسلم مجالاً لخيال هوليوود الخصب الذي يستمر في إنتاج صورته السلبية، ما أدى إلى ارتفاع منسوب الجرائم التي يتعرض لها العرب الأمريكيون الذين يعانون ما كان يعانيه اليابانيون من شيطنة سينمائية إبان الحرب العالمية الثانية، أدت إلى وضع عشرات آلاف الأمريكيين من أصل ياباني في معسكرات اعتقال، أسهمت فيها صورتهم النمطية التي كرستها هوليوود التي لا تكف اليوم عن «تنميط» العرب، أهل «البلاد البعيدة، حيث تجوب قوافل الإبل، وحيث يقطعون أذنك إذا لم يعجبهم وجهك» حسب أغنية فيلم ديزني علاء الدين/Aladdin الذي أنتج 1992، وحيث لا مفر من «الشيطنة» القائمة على أساس: «أنت عربي، إذن أنت مسلم، أنت مسلم إذن أنت إرهابي» حسب التنميط الذي رصده جاك شاهين.

المصدر: المشهد اليمني

كلمات دلالية: الأمر الذی

إقرأ أيضاً:

عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟

إنجلترا – يطرح في كثير من الأحيان سؤال عن عدد الأصدقاء الذي نحتاجه لتحقيق السعادة الكاملة في المجتمع الحديث، حيث تلعب الروابط الاجتماعية دورا مهما في حياة كل شخص.

في تحذير هام، يشدد علماء النفس من جامعة ليدز البريطانية على أن العدد الهائل من الأصدقاء على منصات التواصل الاجتماعي لا يمكن أن يعوّض قيمة وجود دائرة مقربة من الأصدقاء الحقيقيين في الحياة الواقعية.

وتؤكد دراسة نُشرت في مجلة Psychology and Aging أن السعادة الحقيقية لا تقاس بعدد الصداقات، بل بجودتها وعمقها. حيث يرى الباحثون أن العلاقات الوثيقة القائمة على التفاهم والدعم المتبادل هي العامل الأساسي في تحقيق الرضا النفسي والرفاهية العاطفية، خاصة مع التقدم في العمر.

وقد حلل الباحثون نتائج استطلاعين عبر الإنترنت شارك فيهما ما يقرب من 1500 شخص. طلب من المشاركين الإشارة إلى عدد الأشخاص من مختلف المجالات الاجتماعية (الأصدقاء، والمعارف، والأقارب، والجيران، وزملاء العمل، والموظفين الذين يقدمون خدمات مختلفة، وما إلى ذلك) الذين اتصلوا بهم خلال الأشهر الستة الماضية، ومدى تكرار هذه الاتصالات وبأي شكل (وجها لوجه، أو عبر الهاتف، أو عبر البريد الإلكتروني، أو في محادثات مختلفة). بالإضافة إلى ذلك، طلب منهم تقييم مدى سعادتهم ورضاهم عن حياتهم خلال الشهر الذي سبق الاستطلاع.

وكشفت التحليلات الإحصائية عن نمطين اجتماعيين بارزين:

التباين العمري في الشبكات الاجتماعية: أظهر المشاركون الأكبر سنا (فوق 60 عاما) تضيقا ملحوظا في دائرة العلاقات الاجتماعية المباشرة اتسمت المجموعات الأصغر سنا (تحت 30 عاما) باتساع الشبكات الرقمية وزيادة عدد الصداقات الافتراضية المحددات الحقيقية للسعادة: ارتبطت مستويات السعادة والرضا الحيوي ارتباطا موجبا ذو دلالة إحصائية مع: وجود صداقات وثيقة في الواقع المادي تواتر التفاعلات وجها لوجه لم تُسجل أي علاقة معنوية بين: عدد الصداقات الرقمية، ومستوى السعادة. ظلت هذه النتائج ثابتة عبر جميع الفئات العمرية.

يؤكد العلماء أن التواصل مع الأصدقاء الحقيقيين فقط هو ما يجلب السعادة، ولا يمكن استبدال هذا التواصل بمجموعة واسعة من الاتصالات الاجتماعية مع الآخرين.

ووفقا لكبيرة الباحثين واندي بروين دي بروين، تعني الشيخوخة في ثقافات عديدة الحزن والوحدة. ولكن هذه الدراسة أظهرت أن ضيق الدائرة الاجتماعية لكبار السن لا يعني بالضرورة تعاستهم ووحدتهم. لأن كبار السن في الواقع يتمتعون بالحياة أكثر من الشباب، وأن الوحدة لا تتعلق بعدد الأصدقاء بقدر ما تتعلق بنوعيتهم، ويمكن أن تمس الشخص في أي عمر.

المصدر: mail.ru

مقالات مشابهة

  • نجمات هوليوود يتألقن على السجادة الحمراء لفيلم The Mastermind بمهرجان كان السينمائي
  • في ذكرى رحيلها.. زينب صدقي “أم السينما المصرية” ووجه الطيبة الخالد (بروفايل)
  • وزارة الخارجية السودانية: ننفي المزاعم غير المؤسسة التي تضمنها بيان وزارة الخارجية الأمريكية
  • غلاكسي إس 25 إدج.. ما الذي ضحت به سامسونغ من أجل التصميم الأنيق؟
  • المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب يرشح عبد الله محسن لجائزة الآثاريين العرب للعام 2025
  • محمد سمير ندا: القلق هو الصلاة السادسة التي يصليها العرب جماعة منذ عام 1948
  • أجمل إطلالات نجمات هوليوود بتوقيع المصممين العرب في مهرجان كان
  • الشي الوحيد الذي أصاب ترامب فيه
  • بت اقرب الان لقول المسؤولة الأمريكية التي قالت قبل أشهر ان السودان فاشل في عرض قضيته
  • عدد الأصدقاء أم نوعيتهم؟.. ما الذي يحقق لنا السعادة في التواصل الاجتماعي؟