أميركا من حليف لأوكرانيا ضد روسيا إلى وسيط بينهما
تاريخ النشر: 19th, August 2025 GMT
واشنطن- يقول جون ميرشايمر، أستاذ العلاقات الدولية الشهير بجامعة شيكاغو، إن تصور أي سياسي لطريقة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية تنبع أساسا من رؤيته أسباب اندلاعها الرئيسية.
ولا يخفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلقاء اللوم على الجانب الأوكراني والدعم الأميركي والأوروبي في إشعال الصراع وصولا للغزو الروسي لأوكرانيا.
وكان ترامب قال، إنه لا يبحث عن اتفاق سلام يستمر عامين فقط، بل إنه يريد شيئا يدوم، مما يعني صفقة توفر إطارا موثوقا به للطرفين بعدم استئناف الحرب بعد أن تتاح لهما الفرصة لالتقاط الأنفاس وإعادة التسلح.
تغير الموقفتخطى إجمالي المساعدات العسكرية التي قدمتها الولايات المتحدة إلى كييف على مدار ثلاث سنوات ونصف السنة من الحرب أكثر من 130 مليار دولار، إضافة إلى مساعدات بالمعلومات الاستخبارية والتدريب العسكري للجيش الأوكراني.
وتعهدت واشنطن منذ اليوم الأول للهجوم الروسي على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022 بتبني إستراتيجية ثلاثية الأبعاد تقوم على تقديم أكبر دعم ممكن لكييف، وإعادة انتشار عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين في الدول المجاورة لها، مع التأكيد على عدم التورط في الصراع بصورة مباشرة.
إلا أن الموقف الأميركي المتحالف مع كييف تغير جذريا بوصول ترامب مرة ثانية للحكم في يناير/كانون الثاني الماضي، الذي يكرر مقولة إنه "لو كان رئيسا ما كانت الحرب لتندلع بين روسيا وأوكرانيا". ويلقي باللوم على دعم واشنطن كييف، وأشار إلى أنها مهدت الطريق للحرب الحالية وسمحت باستمرارها حتى الآن.
ومع تعهد ترامب بالعمل على إنهاء الحرب، اتخذت الحكومة الأميركية مواقف مغايرة في عدة اتجاهات أدت إلى عقد قمة ألاسكا يوم الجمعة الماضي بينه والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
إعلانوسط الانتكاسات التي لحقت بأوكرانيا عقب هذه القمة، والتي كانت أهم معالمها موافقة ترامب على الطرح الروسي بضرورة التوصل لاتفاق تسوية نهائية وتجاهل الدعوة لوقف إطلاق النار، إلا أن الأوكرانيين وجدوا بصيص أمل في الاقتراح الأميركي بتوفير ضمانات أمنية لكييف تهدف إلى ردع العدوان الروسي في المستقبل في أي اتفاق سلام محتمل.
قلق أوروبي
ولطالما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وداعموه الأوروبيون إلى وقف إطلاق النار بدلا من تسوية نهائية، إذ يقول هؤلاء الحلفاء، إن كييف لا يمكنها التفاوض مع استمرار الهجمات الروسية، وهم قلقون من صفقة متسرعة.
وشارك في قمة واشنطن أمس الاثنين، الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، ورئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب، وحاولوا إبطاء تسرع وحماسة ترامب للوصول لاتفاق لا يكترث بالحقوق المشروعة لأوكرانيا.
وعقب انتهاء مفاوضات أمس، قال ترامب في منشور على منصته تروث سوشيال، إن أوروبا يمكن أن تقدم ضمانات أمنية لأوكرانيا بالتنسيق الأميركي، وإنه ناقش هذه الضمانات في اجتماعه بزيلينسكي والقادة الأوروبيين.
وشدد الرئيس الأوكراني من جانبه على أن بلاده بحاجة إلى ضمانات أمنية كجزء من أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع روسيا لمنع بوتين من إعادة غزو بلاده.
سارع القادة الأوربيون إلى القدوم لواشنطن لمساندة زيلينكسي في زيارته البيت الأبيض، خاصة بعدما أكد ترامب قبل أمس الأول، أن موضوع شبه جزيرة القرم منتهٍ، وأن أوكرانيا لن تصبح عضوا في الناتو مما يلزم أعضاء الحلف الآخرين بالدفاع عن كييف إذا تعرضت للغزو، ولم ترفض الإدارات الأميركية السابقة هذه الرغبة، لكن ترامب كان صارما في رفضه.
وعكست قمة ألاسكا رغبة الرئيس الأميركي في القيام بدور الوسيط بين طرفي القتال بدلا من دور الحليف الذي تبنته واشنطن منذ بدء الحرب.
وعقب انتهاء مباحثات البيت الأبيض أمس، لخص الرئيس الفنلندي ألكسندر ستوب نتائجها في 3 نقاط:
الأولى: الحديث الجيد والجديد عن الضمانات الأمنية الأوروبية والتنسيق الأميركي بخصوصها. الثانية: العمل على ترتيب قمة ثنائية بين الرئيسين الروسي والأوكراني خلال أسبوعين. الثالثة: قمة ثلاثية تجمع بوتين وزيلينسكي بترامب إذا سارت الأمور على ما يرام.ويبدو أن الهيكل الدقيق لهذه الضمانات غير واضح بما فيها ما إذا كان سيتطلب من الدول الأوروبية وضع 1000 من جنودها قوات حفظ سلام داخل الأراضي الأوكرانية. ولا ترغب واشنطن في إرسال جنود أميركيين إلى كييف، كما أن روسيا من جانبها ترفض أي ترتيبات مشابهة للمادة الخامسة بميثاق الناتو المتعلقة بالدفاع المشترك، وترفض أن يكون للحلف أي دور في هذه الترتيبات.
وقال مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف، إن بوتين وافق في قمة ألاسكا على السماح للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين بتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا كجزء من صفقة نهائية لإنهاء الحرب المستمرة منذ 3 سنوات ونصف السنة.
إعلانوأضاف في حديث لشبكة "سي إن إن" أنها "كانت المرة الأولى التي نسمع فيها الروس يوافقون على ذلك"، ووصف الموافقة بأنها "تغير قواعد اللعبة".
وحين سأل أحد المراسلين أمس ترامب عمّا إذا كان سيستبعد القوات الأميركية كجزء من ضمان أمني لردع موسكو، أجاب "سيكون هناك كثير من المساعدة. إن أوروبا هي خط الدفاع الأول، لكننا سنساعدهم أيضا. الأوروبيون يريدون توفير الحماية. إنهم يشعرون بقوة حيال ذلك، وسنساعدهم في ذلك".
ولم يقدم ترامب أي تفاصيل عن الدور الأميركي، إلا أن الجانبين، الأوكراني والأوروبي، رحبا بقوة بهذه الخطوة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات دراسات ضمانات أمنیة قمة ألاسکا
إقرأ أيضاً:
أميركا واليابان تردان برسالة ردع على روسيا والصين
نفّذت القوات الجويّة الأميركية واليابانية تدريبات مشتركة -اليوم الخميس- بحسب ما أعلنت هيئة الأركان اليابانية المشتركة في طوكيو، في استعراض للقوة بعد يومين من تنفيذ طائرات روسية وصينية دوريات مشتركة.
وقالت الأركان اليابانية -في بيان نُشر على موقع إكس- إن البلدين أكدا "من خلال هذه المناورة الإرادة الصارمة لليابان والولايات المتحدة في عدم السماح بأي تغيير للوضع القائم بالقوة (..)، وكذلك جاهزية" القوات العسكرية للبلدين "ما يعزز قدرات الردع والرد".
احتجاج من اليابان وكوريا الجنوبيةوكانت اليابان وكوريا الجنوبية قد احتجتا بشدّة -أمس الأربعاء- على تحليق طائرات عسكرية روسية وصينية في محيطهما بالأمس، ما دفع طوكيو وسول إلى إرسال مقاتلات بصورة عاجلة.
وبحسب السلطات اليابانية، فقد حلّقت قاذفات روسية من طراز "تو-95" قادرة على نقل السلاح النووي فوق بحر اليابان لملاقاة قاذفات صينية من نوع "إتش-6" في بحر الصين الشرقي، قبل التحليق معا في محيط اليابان.
وإزاء ذلك، أعربت طوكيو للصين وروسيا "عن بالغ قلقها على أمنها القومي بالسبل الدبلوماسية"، وفق ما كشف الناطق باسم الحكومة مينورو كيهارا، في حين رأى وزير الدفاع الياباني شينجيرو كويزومي في هذه المستجدّات "استعراض قوة ضد أمتنا"، كما جاء في منشور له على منصة إكس.
وتأتي هذه التطوّرات في خضمّ توترات صينية يابانية بعد تعليقات أدلت بها رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي بشأن تايوان، حيث لمّحت في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إلى أن طوكيو قد تتدخل عسكريا في حال مهاجمة الجزيرة التي تطالب بكين بالسيادة عليها.
ويوم السبت الماضي، أغلقت طائرات حربية صينية مرتين راداراتها في المياه الدولية حتى لا ترصدها طائرات يابانية بالقرب من جزيرة أوكيناوا. وقد استدعت اليابان السفير الصيني للاحتجاج.
إعلانأما كوريا الجنوبية، فقد أعلنت من جهتها -أمس الأربعاء- أنها قدمت "احتجاجا حازما" للسلطات الروسية والصينية بعدما أفادت أول أمس الثلاثاء عن دخول 7 طائرات عسكرية روسية وطائرتين عسكريتين صينيتين منطقة دفاعها الجوي.
رد صينيمن جانبها، ردت وزارة الخارجية الصينية على البيان الياباني بالقول إن طوكيو تسعى إلى "خلق توتر في المنطقة وتغيير الحقائق لتضليل المجتمع الدولي".
وقالت الخارجية الصينية إن اليابان أرسلت طائرات مقاتلة متعمدة بذلك مضايقة تدريبات تجريها طائرات صينية.
وعززت الصين وروسيا التعاون العسكري في السنوات القليلة الماضية في أماكن أخرى، حيث أجرتا عمليات مشتركة مثل التدريب المضاد للصواريخ على الأراضي الروسية والتدريبات البحرية بالذخيرة الحية في بحر جنوب الصين.