صحيفة التغيير السودانية:
2025-12-13@14:45:47 GMT

حكومة الوهم.. لا أمل فيها

تاريخ النشر: 29th, August 2025 GMT

حكومة الوهم.. لا أمل فيها

 

حكومة الوهم.. لا أمل فيها

 حسن عبد الرضي الشيخ

كتب عثمان ميرغني في عموده الأخير أن “العد التنازلي لحكومة الأمل قد بدأ”، وكأنه يتحدث عن جسمٍ سياسي جادّ يستحق أن يُنتظر منه شيء، أو أن يُمنح فترة سماح إضافية قبل الحكم عليه. لكن الحقيقة – التي يعرفها الجميع منذ يومها الأول – أن هذه الحكومة لم تُولد إلا كظلٍّ باهت لانقلاب البرهان، وأنها أضعف من أن نطلق عليها حتى وصف “الوهم”.

فعندما جاء كامل إدريس وهو يطلق على تشكيلته “حكومة الأمل”، كنّا نعلم – وكتبنا يومها – أنها ليست سوى “حكومة الوهم”، وأنها ستتهاوى قبل أن تبدأ. لأنها لم تُبنَ على إرادة وطنية، ولا على برنامج سياسي، بل جيء بها كطلاء خارجي لتجميل وجه سلطة انقلبت على الحكومة المدنية وأدخلت البلاد في عزلة دولية خانقة.

عثمان ميرغني يلوم الحكومة على بطء الإيقاع وغياب القرارات الجوهرية، وكأن المشكلة تكمن فقط في الأداء أو ضعف الكفاءة. بينما جوهر القضية أبعد وأعمق: هذه الحكومة لا قرار لها أصلاً، لأنها لم تُصنع لتقرر، بل لتُدار بالريموت من قصر البرهان.

مشهد الوزراء الذين قطعوا المشوار من بورتسودان إلى الخرطوم ثم انشغلوا بالتقاط الصور في اجتماع “تاريخي” – بلا قرارات – لم يكن دليلاً على ضعف التحضير كما كتب عثمان، بل كان الدليل الساطع على حقيقتهم: مجرد “كومبارس” في مسرحية سياسية رديئة. وحملة النظافة التي أرادوا بها أن يصنعوا صورة شعبوية، لم تكن إلا تكراراً مشوّهاً لممارسات نظام البشير الذي كان يُخرج مسؤوليه للخوض في مياه الأمطار للكاميرات.

الخلل إذن ليس في أن الحكومة “بطيئة” أو أن رئيسها “لم ينتبه بعد”، كما يحاول عثمان أن يوهم القرّاء. الخلل أنها حكومة صُممت منذ البداية بلا روح، بلا شرعية، وبلا سند شعبي. حكومة وُضعت لتكون جسر عبور مؤقت يخفف عن البرهان ضغط العزلة، لا أكثر.

إن إقالة هذه الحكومة – التي يتحدث عنها عثمان ميرغني – لن تكون نهاية شيء، لأنها في الحقيقة لم تبدأ بعد. والأمل الحقيقي لن يأتي من حكومات تُفرض من فوق، بل من عودة السلطة للشعب، ومن بناء دولة مدنية ديمقراطية تُستمد شرعيتها من الناس لا من جنرالات الحرب.

ولذلك، فإن ما يسميه عثمان “العد التنازلي لحكومة الأمل” ليس عدّاً تنازلياً على الإطلاق، بل هو استمرار للفراغ، وتعميق للوهم، وإطالة لعمر أزمةٍ لن تُحل إلا عندما يسقط هذا الوهم كله، ومعه كل أشكال التزييف السياسي.

الوسومحسن عبد الرضي الشيخ حكومة الأمل حكومة الوهم رئيس الوزراء عثمان ميرغني عودة السلطة للشعب كامل إدريس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: حكومة الأمل حكومة الوهم رئيس الوزراء عثمان ميرغني كامل إدريس

إقرأ أيضاً:

صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان

شهدت الساعات الأخيرة داخل معسكر بورتسودان تصاعدًا لافتًا في التوتر بين قائد الجيش السوداني الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقيادات الحركة الإسلامية المسلحة التي تقاتل إلى جانب القوات الحكومية، بعد تفجر خلاف علني على خلفية تصريحات البرهان التي نفى فيها وجود عناصر من الإخوان المسلمين أو كوادر الحركة ضمن قواته المنخرطة في الحرب منذ أبريل 2023.

غير أن النفي لم يمرّ مرور الكرام؛ إذ ردّت قيادات الحركة الإسلامية بسلسلة تسجيلات ومقاطع فيديو تثبت—وفق روايتهم—مشاركتهم المباشرة في العمليات الجارية، بل وتظهر أنهم "العصب الرئيسي" للقتال، بينما اعتبر بعضهم أن الجيش السوداني لا يمكنه الاستمرار دون دعمهم.

وفي أحدث ردٍّ على تصريحات البرهان، قال أحمد عباس، والي سنار الأسبق في عهد نظام البشير، إن "من يديرون الحرب الآن هم الحركة الإسلامية، وإن 75% من المقاتلين الذين يقاتلون مع البرهان هم من أفراد الحركة". وأضاف بتحدٍّ: "هل ما زال هناك من ينكر أن الحرب في السودان هي حرب الحركة الإسلامية؟"

وأكد عباس أن الحركة الإسلامية لا تعمل في الظل، بل تمارس دورها بشكل مباشر، قائلاً: "نحن من نسند الحكومة، ونحن من يجلب لها الدعم… وحتى علاقاتها الخارجية تُحلّ عبرنا". كما شدد على أن التنظيم لا يزال يسيطر على جزء كبير من اقتصاد البلاد، رغم حلّ لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو.

من جانبه، يواجه البرهان انتقادات متزايدة بعد إنكاره أي وجود للإخوان داخل السلطة التي يديرها حاليًا، رغم أن الواقع الميداني—وفق مراقبين—يشير إلى هيمنة واسعة لعناصر التنظيم على مفاصل الدولة العسكرية والمدنية. وهو ما أكده القيادي الإسلامي عبدالحي يوسف خلال ندوة في إسطنبول حين قال: "البرهان أعجز من أن يقضي على الإسلاميين لأنهم موجودون حتى في مكتبه".

تصريحات يوسف وعباس فتحت الباب واسعًا أمام تساؤلات حول حجم الشرخ بين المؤسسة العسكرية وقيادات الحركة الإسلامية التي تُعد الشريك الأبرز للجيش في الحرب الدائرة مع قوات الدعم السريع.

وفي تصريحات لموقع سكاي نيوز عربية، قال الطيب عثمان يوسف، الأمين العام للجنة تفكيك التمكين، إن حديث البرهان عن عدم سيطرة الإخوان على السلطة "يكذبه الواقع"، مقدّرًا نفوذهم بما يفوق 95% من أجهزة الدولة ومؤسساتها. وأضاف أن اللجنة تمتلك من الأدلة ما يكشف حجم الجرائم والفساد الذي مارسه التنظيم وكيفية تمكين كوادره داخل قطاعات الأمن والقضاء والاقتصاد.

ويرى محللون أن هذا الجدل العلني غير المسبوق بين طرفي التحالف الحكومي–الإسلامي لا يُعد مجرد سجال إعلامي، بل يعكس أزمة بنيوية عميقة داخل المعسكر الذي يقود الحرب. فبينما يسعى البرهان لإظهار الجيش كقوة وطنية مستقلة بلا هوية أيديولوجية، يتمسك الإسلاميون بإبراز دورهم المركزي كقوة قتالية وتنظيم سياسي يريد فرض نفسه لاعبًا رئيسيًا في مرحلة ما بعد الحرب.

ويحذر خبراء من أن هذا التوتر المتصاعد قد يكون مقدمة لتحولات أكبر في بنية التحالف القائم، خصوصًا في ظل الضغوط الدولية والإقليمية المتزايدة، وتراجع الوضع الميداني في عدة جبهات.

ومع استمرار الحرب وتعقّد المشهد، تبدو العلاقة بين الجيش السوداني وحلفائه الإسلاميين مرشحة لمزيد من الانفجار، وسط مؤشرات على صراع نفوذ داخل السلطة المؤقتة. ففي وقت يسعى البرهان إلى تقديم نفسه للمجتمع الدولي كلاعب مستقل، يصر الإخوان على تذكيره بأنهم جزء أساسي من قوته على الأرض.

وبين الاتهامات المتبادلة والظهور العلني للتنظيم، يبدو أن الحرب في السودان لم تعد فقط مواجهة عسكرية، بل صراعًا داخليًا على السلطة والشرعية ومسار الدولة خلال المرحلة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • معكم حكومة بريطانيا.. المكالمة التي تلقتها الجنائية الدولية بشأن نتنياهو
  • كم حقق فيلم أوسكار عودة الماموث بالأمس؟
  • صدام علني بين الحلفاء.. الإخوان يكشفون دورهم في حرب السودان
  • لماذا نجحوا؟
  • رئيسة الحكومة التونسية تشيد بالإصلاحات العميقة التي تشهدها الجزائر
  • صورة من بورتسودان..!
  • شاهد بالفيديو.. سلام بالأحضان بين هدى عربي ومطرب شاب في حفل زفاف ريماز ميرغني يثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي
  • بالفيديو.. ياسر مدخلي لـ"ياهلا بالعرفج": مسرح الخشبة هو الحياة الموازية التي نتمناها ونبحث عنها ونصلح فيها ما نعجز عن إصلاحه في الحياة!
  • أوسكار عودة الماموث .. حصيلة إيرادات الفيلم أمس