هل سنواصل هتاف لن يحكمنا البنك الدولي ام هناك بدائل؟ «4- 7»
تاريخ النشر: 31st, August 2023 GMT
هل سنواصل هتاف لن يحكمنا البنك الدولي ام هناك بدائل؟ «4- 7»
صديق الزيلعي
أرسل لي عدد من الزملاء والأصدقاء مقالا للدكتور احمد عثمان عمر بعنوان: “الخلاف بين قوى التغيير الجذري وقحت استراتيجي وليس تكتيكي”. وقصدوا من ارسال المقال انني من دعاة تحالف كل القوى المدنية الداعية لإيقاف الحرب، ويجب أن انتبه للخلاف مع قوى قحت.
كتب الصديق الدكتور أحمد عثمان عمر في إطار نقده للخط الذي تتبناه قوى الحرية والتغيير، ما يلي:
(الخضوع التام لروشتة صندوق النقد الدولي، والتنكر للبرنامج الاسعافي ومخرجات المؤتمر الاقتصادي التي شاركت (قحت) نفسها في اعدادهما!)
كتب الكثير عن قضية الاقتصاد السوداني وازماته والمقترحات لتخطي تلك الأزمات. وهنا لا نود الخوض في تلك النقاشات، ولكن سوف أناقش باختصار الموقف الرافض للتعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد وموقفنا من المجتمع الدولي بصفة عامة (في الجوانب الاقتصادية).
أبدأ بمدخل نظري تاريخي مختصر، لمساعدتنا في وضع القضية في اطارها الصحيح.
اخضعت الدول الرأسمالية الغربية السودان وغيره من بلدان، ما كان يسمى بالعالم الثالث، خلال فترة تاريخية معينة، هي فترة الاستعمار المباشر، وحتى الان، وتم دمجها في السوق العالمي. وتمت إعادة تشكيل الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، مما جعل لتلك العملية ابعادا تاريخية مستمرة أهمها علاقات التبادل غير المتكافئ مع الدول الرأسمالية. وهذا سبب أساسي لما نحن فيه حاليا.
أدت السياسات الاقتصادية التي طبقت في السودان، منذ الاستقلال، لاختلالات هيكلية كبيرة، وازمات خانقة، وتدهور مستمر في كافة القطاعات الاقتصادية، وافقار حقيقي لأغلبية شعبنا. وحتي المجهودات البسيطة التي بذلت لإصلاح الوضع الاقتصادي، أفشلها جهاز الدولة، ضعيف الإنتاجية، أفشلها تماما او حتى لم يطبقها بالشكل المطلوب.
ساعد المجتمع الدولي في دراسة ازماتنا واقتراح حلول لها. من أهم الدراسات المتكاملة التي أعدت، هي دراسة تيم أكاديمي متميز كلفته منظمة العمل الدولية، في 1976. اعد ذلك الفريق البحثي عدة دراسات شملت كافة قطاعات الاقتصاد السوداني، وأصدر توصيات مهمة، لم تنفذ. وكانت تلك التوصيات تشكل أرضية مناسبة للإصلاح. ثم جاء المؤتمر الاقتصادي القومي بعد انتفاضة مارس ابريل 1985، والذي بدوره قدم مساهمات عميقة وجادة لحل مشاكل اقتصادنا، ولكنها لم تكن احسن حالا. هذا على الصعيد النظري، اي مستوى الدراسات. اما في الجوانب التطبيقية، فقد كان فترة حكم نميري، هي مرحلة الفرص الضائعة كما سماها إبراهيم منعم منصور. فقد توفرت ملايين الدولارات، بعد حرب أكتوبر 1973، عند الدول الخليجية، فساهمت بأموال كبيرة للاستثمار في السودان، في ظل هوجة ما سمي بسلة غذاء العالم. ولكن الفساد وضعف أداء جهاز الدولة، أضاع تلك الفرصة النادرة وامثالها كثر.
هذه مقدمة مختصرة جدا، لبعض المعالم البارزة، لبعض محطات اقتصادنا. وهي ليست شاملة وانما لإعطاء خلفية للنقاش اللاحق حول البدائل المطروحة وكيفية التعامل معها، في الإطار الواقعي لبلادنا، وفي ظل المصاعب التي تحاصرنا من كل جانب.
جاءت الطامة الكبرى مع انقلاب الاسلامويين، فتم سرقة مؤسسات القطاع العام تحت ستار الخصخصة، ودمرت البنيات الأساسية، وفي مقدمتها السكة الحديد والنقل النهري، وخربت المنشآت المنتجة وفي مقدمتها مشروع الجزيرة. اما الأموال الطائلة الناتجة عن البترول، فلم يعرف مكانها وتم اخفائها في البنوك الأجنبية. وفقدت الدولة خيرة الخبرات والكوادر عن طريق ما سمي بالفصل للصالح العام، وتمددت الحرب الأهلية الي غرب السودان، وصرنا قطرا مفلسا بديون تفوق الستين مليار دولار، وصار شعبا يعاني من تدني مستوى المعيشة وانعدام ضروريات الحياة، بل المجاعة في أجزاء منه. باختصار ورثنا دولة منهارة في انحدار سريع لتصبح دولة فاشلة، حسب المعايير الدولية للدولة الفاشلة.
هذا الوضع الكارثي جعلنا في تحدي مصيري، بعد إزاحة البشير. ونأتي للتساؤل الخالد: ما العمل؟
قبل الدخول في تفاصيل مقترحات البرنامج الاقتصادي، وكيفية مواجهة التحديات الجسام، اقتطف بعض ما قاله نقد في الجمعية التأسيسية عند مناقشة الميزانية 1986، حيث قدم خطابا موضوعيا وواقعيا ولم يلجأ للشعارات. علينا ملاحظة ان الوضع الاقتصادي آنذاك، كان أفضل بما لا يقاس مع واقع اقتصادنا في 2019. قال نقد:
(يدور الصراع والخلاف حول تنفيذ برنامج إنقاذ الاقتصاد. لكن، برغم هذا الخلاف، نضع في اعتبارنا اننا نمر بحالة محددة وملموسة. فالسودان يعاني فيها من مشاكل كبيرة: مشكلة المجاعة وذيولها، ومشكلة الحرب الاهلية، وأعتقد أن أي دولة – بصرف النظر عن نظامها الاجتماعي ونوع السلطة السياسية – إذا ابتلاها الله بهاتين المشكلتين (حرب أهلية ومجاعة) لا بد أن تنوء تحت ثقل هذه المشكلة في شقها الاقتصادي (المجاعة) وفي شقها العسكري (الحرب الاهلية). هذه المشاكل إذا وضعت في الاعتبار، فطرق العلاج والحل وطرح المطالب والمطامع والطموحات يمكن أن تتقيد في إطار واقعي ومعقول. والى جانب المجاعة والحرب الاهلية، تواجه مشكلة الديون. صحيح ان هذه مشكلة لا ينفرد بها السودان، لكن السودان لم تكن عليه ديون بهذا الحجم. وكان يمكن الا يستدين كل تلك المبالغ بلا عائد وبلا تنمية وبلا أساس للمستقبل على الأقل لتسديد الديون. والى جانب المجاعة والحرب الأهلية والديون، هناك جهاز الدولة المايوي. ومهما نطرح من سياسات للإصلاح أو الإنقاذ، يمثل هذا الجهاز عقبة. هذه المشاكل الأربع أو هذه العقبات الأربع نضعها في الاعتبار ونحن نقيم السياسة المالية والميزانية).
ثم قدم نقد أربعة بدائل للحكومة كمقترحات لكيفية تخفيض تكاليف وتوفير السلع، لتختار منها واحدا وتطبقه. والملاحظ ان الخطاب، الذي واصل لساعات، لم يتعرض للبنك الدولي او صندوق النقد بالهجوم والاتهامات الخ، رغم ان الصندوق كان متمسكا آنذاك بروشته الشهيرة ((Structural adjustment. بكل شروطها المجحفة بحق البلدان النامية). في 2019 وبلادنا على حافة الهاوية، كنا في أمس الحاجة لمثل هذا الطرح، وبنفس روح تقدير حجم الكارثة وضرورة التوافق للوصول لبرنامج واقعي لتخطيها. ولكن ما حدث ان اللجنة الاقتصادية، التي سيطر عليها اليسار، كانت تعتقد انها في معركة ضد حمدوك وضد ما يقوم به.
كثر الحديث عن المؤتمر الاقتصادي، وتنكر حكومة حمدوك لقراراته. اؤمن ان هذا طرح مضلل. فالمؤتمر الاقتصادي، الذي انعقد في الفترة من 26 وحتى 28 سبتمبر 2020، تحت شعار نحو الإصلاح الشامل والتنمية الاقتصادية المستدامة. تمت فيه 10 جلسات قدمت خلالها 7 أوراق، كما انعقدت 16 ورشة قطاعية. خلص المؤتمر لعدد من التوصيات، حسب المحاور التالية:
أولا: الرؤى والتحديات واولويات التنمية لحكومة الفترة الانتقالية قدمت فيه 42 توصية.
ثانيا: السياسات المالية والتخطيط الاقتصادي تم اصدار 48 توصية.
ثالثا: بشأن الدعم السلعي وبدائله قدم 20 توصية.
رابعا: بشأن السياسات النقدية والمصرفية وسياسات القطاع الخارجي 32 توصية.
خامسا: بشأن الشباب والمسألة الاقتصادية قدمت 11 توصية.
سادسا: توصيات عامة وكانت 37 توصية.
كما نري فهذه توصيات وليست قرارات لنطالب الحكومة بإلزامية تنفيذها.
كذلك الحديث عن البرنامج الاسعافي يعطي انطباعا بأن هناك برنامجا تفصيلا وضع امام الحكومة وتجاهلته. وأضرب مثلا بالبرنامج الاسعافي الذي عرضه الحزب الشيوعي تحت عنوان: ملامح البرنامج الاسعافي للمرحلة الانتقالية. أقول ان الحزب الشيوعي الذي هو أكثر الأحزاب السودانية اسهاما بالدراسات الاقتصادية التفصيلية، قدم برنامجا في أربع ورقات، في شكل نقاط. وهي اشبه بمن يود تقديم (Power point presentation). وكمثال ورد فيه:
إعادة تأهيل مشروع الجزيرة. إعادة تأهيل السكة الحديد إعادة تأهيل النقل البحري والنهري والجوي وشبكة الطرق البرية.هذه مهام متفق عليها تماما بين كل قوى الثورة، لكن التحدي كيف ننفذ هذه المهام العامة. والاهم ان كل البرنامج الاسعافي المقدم لم يتعرض لقضية الديون، وهي ام مشاكلنا الاقتصادية. كيف يمكننا ان نطلب مساعدات او قروض ونحن لم ندفع ما علينا من ديون؟ من اين نتحصل على التكنولوجيا لإعادة تعمير مؤسساتنا التي تم تدميرها تماما؟ من اين لنا اصلاح بنياتنا الأساسية.؟ الواقع المرير يفرض التعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد، وبعد تصفية ديوننا وتأهيل بنياتنا الأساسية يمكننا ان نعتمد على أنفسنا في تنمية مواردنا.
علينا الانتباه ان روشتة صندوق النقد قد تعرضت لنقد عنيف، بسبب اثارها المدمرة في اقتصاد وحياة سكان العالم الثالث، وقد تمت تعديلات في السياسات، أهمها سياسة التصدي للفقر، التي أصبحت ملزمة لكل من يتقدم بطلب للتمويل.
اننا نعرف ان حكومة الفترة الانتقالية حوصرت بجهاز دولة معادي لها وعمل لإفشال كل سياساتها، وكان العسكر يسيطرون على 82% من الاقتصاد. رغم كل ذلك ارتكبت أخطاء جسيمة في سياساتها الاقتصادية. رغم جسارة الأخطاء، لم تكن ترقي للدعوة لإسقاطها، وكان الأولى بنا استخدام منهج نقد في الطرح الواقعي، وتفهم الصعوبات.
هناك الكثير من القضايا الاقتصادية التي يجب التعرض لها، لكن الحيز لا يسمح، والهدف من هذه المقالات فتح الحوار، وليس العرض التفصيلي لقضية واحدة، مهما كانت أهميتها.
نواصل
siddigelzailaee@gmail.com
استراتيجية الهبوط الناعم: الفكرة والمقترح وكيف تحولت لسبة؟ «3- 7»
الوسومأحمد عثمان عمر الجذريون الحرب السودان صديق الزيلعي قوى الحرية والتغييرالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: أحمد عثمان عمر الجذريون الحرب السودان قوى الحرية والتغيير المؤتمر الاقتصادی البنک الدولی
إقرأ أيضاً:
مجمع ينمو اللوجيستي الممول من البنك التجاري الدولي يحصل على شهادة EDGE Advanced للمباني الخضراء
حصل مجمع ينمو إيست اللوجيستي على شهادة EDGE Advanced لمنشآته المُصممة وفقا لمعايير الاستدامة، حيث يؤكد هذا الإنجاز على ريادة مجمع ينمو في مجال البنية التحتية اللوجستية المستدامة في مصر. يمثل مجمع ينمو اللوجستي أول مشروع مشترك بين HAU Logistics، وهي منصة استثمارية مشتركة بين حسن علام للمرافق وA.P. Moller Capital وأجيليتي تركز على مجال اللوجستيات تعمل على إنشاء مجمعات لوجستية متطورة ومستودعات من الفئة (أ) في مصر.
تُعد شهادة EDGE -وهي اختصارًا لعبارة "التميز في التصميم من أجل كفاءة أكبر"- بمثابة معيار ونظام اعتماد للبناء الأخضر، تم تطويرة من قبل مؤسسة التمويل الدولية (IFC) - ذراع مجموعة البنك الدولي لتنمية القطاع الخاص - ويعزز هذا المعيار التنمية المستدامة من خلال تشجيع التصاميم الموفرة للموارد التي تقلل الانبعاثات وتكاليف التشغيل.
ولدعم أهداف الاستدامة تقدم مؤسسة التمويل الدولية، بالتعاون مع البنك التجاري الدولي-مصر (CIB)، استردادًا نقديًا بنسبة 2.8% على قروض الانشاءات للمشاريع التي تستوفي معايير EDGE.
وحصلت ثلاث مستودعات بمجمع ينمو إيست اللوجيستي على شهادة EDGE Advanced، بما أدى إلى انخفاضٍ كبير في استهلاك الموارد تتمثل في توفير 49% من نسبة الطاقة المستخدمة،و 53% من نسبة والمياه و 59% في نسبة انبعاثات الكربون المتجسد.
وبالإضافة إلى ذلك، من المقرر أن تحصل ثلاث مستودعات أخرى على الشهادة عند اكتمالها في وقت لاحق من هذا العام، بما يعزز محفظة المباني الخضراء في المجمع.
وجدير بالذكر، أن مجمع ينمو اللوجيستي حصل سابقًا على تمويل بقيمة 1.5 مليار جنيه مصري من البنك التجاري الدولي-مصر (CIB)لانشاء مجمع ينمو ايست اللوجيستي، وقد ساهم هذا الاستثمار الضخم في تطوير مستودعات متطورة وصديقة للبيئة.
قال عمرو علام، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة حسن علام القابضة: "يُعتبر الاستثمار الأخضر جزءًا أساسيًا من استراتيجيتنا للنمو المستدام في شركة حسن علام للمرافق". وأضاف: "تعكس شهادة EDGE Advanced التي حصل عليها مجمع ينمو اللوجيستي
التزامنا الفعلي بهذا الاتجاه. وقد تحقق هذا الإنجاز بفضل تعاوننا الوثيق مع البنك التجاري الدولي ومؤسسة التمويل الدولية، حيث كانت شراكتهما أساسية في تحقيق الطموحات البيئية مع التنمية المستقبلية. نحن فخورون بقيادة هذا التحول ووضع معايير جديدة للاستدامة في قطاع اللوجستيات، والمساهمة في مستقبل أكثر خضرة لمصر".
كما علَّقَ السيد عمرو الجنايني، نائب الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب بالبنك التجاري الدولي-مصر (CIB)، قائلاً:
"في البنك التجاري الدولي، نؤمن بأن الاستدامة هي أساس النمو الاقتصادي المسؤول والشامل، ونلتزم بتطبيق مبادئ الاستدامة في جميع أنشطتنا، ومن أبرز انعكاسات هذا الالتزام شراكتنا الاستراتيجية مع مؤسسة التمويل الدولية، التي أثمرت عن إصدار أول سندات خضراء للقطاع الخاص في مصر، بقيمة 100 مليون دولار أمريكي."
وأضاف: "يعكس تمويلنا لمجمع "ينمو" - بالشراكة مع شركائنا الرئيسيين: حسن علام للمرافق، وAgility & A.P. Moller Capital- النجاح المستمر لتعاوننا طويل الأمد، ويؤكد التزامنا بدعم البنية التحتية الذكية والخضراء التي تُسهم في نمو الاقتصاد المصري."
وفي نفس السياق، صرح شيخ عمر سيلا، المدير الإقليمي لمؤسسة التمويل الدولية لشمال إفريقيا والقرن الإفريقي، "يُمثّل حصول مجمع ينمو إيست اللوجستي على شهادة EDGE Advanced علامة فارقة أخرى في مسيرة مصر نحو بنية تحتية أكثر كفاءة في استخدام الموارد. كما أضاف أن هذا الإنجاز يعكس الالتزام المتزايد بالتنمية المستدامة في مصر، مشيرا إلى التعاون بين مؤسسة التمويل الدولية والبنك التجاري الدولي في مجال التمويل الأخضر المبتكر.
أكد شيخ عمر سيلا أن مؤسسة التمويل الدولية تلتزم بدعم التحول الأخضر في مصر من خلال تطوير حلول ذكية مناخياً في جميع أنحاء البيئة العمرانية عبر اعتماد شهادة EDGE."