عربي21:
2025-10-08@00:57:44 GMT

سد النهضة والصراع المفتوح على كل الاحتمالات

تاريخ النشر: 11th, September 2025 GMT

قبيل التدشين الرسمي لـ«سد النهضة»، أول من أمس، جدد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تصريحاته السابقة المثيرة للجدل بشأن حاجة بلاده للوصول إلى البحر، وأنها عازمة على استعادة وجودها في البحر الأحمر «وتصحيح أخطاء الماضي».

هل هناك علاقة بين الأمرين؟
الكثير من المؤشرات توضح أن حكومة آبي أحمد لا تنظر للسد على أنه مجرد مشروع مائي لإنتاج الطاقة الكهربائية، بل خطوة لتدشين إثيوبيا قوةً إقليميةً، لها طموحات يمكن أن تحققها أو تنتزعها بشكل أحادي.

فاللهجة التي تحدث بها آبي أحمد ومسؤولون إثيوبيون آخرون عن الحقوق المائية والتاريخية، سواء في النيل الأزرق أو البحر الأحمر، توحي بذلك، وتقدم دليلاً على رغبة أديس أبابا في إعادة تشكيل النظام الإقليمي والقيام بخطوات لفرض ما تراه «حقوقاً تاريخية» أو «مسألة وجودية».

عشية افتتاح السد رسمياً وصف آبي أحمد في مقابلة تلفزيونية الخطوة بأنها تمثل بداية جديدة في مسار إثيوبيا الجيوسياسي. ومن هذا المنظور تحدث عن أن ما تحقق في السد ليس سوى بداية، وأن بلاده قادرة على بناء المزيد من السدود وتخطط للمزيد من المشاريع لتوليد الطاقة، مشدداً على أن ذلك ليس جريمة، بل حق مشروع لإثيوبيا. وانطلق بعد ذلك وفي المقابلة ذاتها ليتحدث عن تصميم بلاده على استعادة وجودها على البحر الأحمر الذي فقدته بعد استقلال إريتريا، وعدَّ فقدان ميناء عصب «خطأ» أُرتكب قبل ثلاثة عقود و«سيصحح غداً».

هذه التصريحات وغيرها توضح العلاقة بين «سد النهضة» والطموحات الإقليمية لحكومة آبي أحمد التي باتت ترى أنها يمكن أن تحقق خططها بغض النظر عن أي ضغوط إقليمية أو دولية، وأنها باتت قادرة على الانتقال من موقف دفاعي في مواجهة الحروب الداخلية والصراعات الإثنية والفقر، إلى موقف هجومي تتبنى فيه تأجيج الخطاب القومي لترسيخ ما تراه موقعها كقوة صاعدة.
هذا التوجه سيؤجج حتماً أجواء التصعيد مع السودان ومصر
الخطورة أن هذا التوجه سيؤجج حتماً أجواء التصعيد مع السودان ومصر كدول تتأثر مباشرة بما يحدث على النيل الأزرق الذي يضخ نحو 80 في المائة من مياه النيل، أو مع جيران آخرين مثل إريتريا والصومال وجيبوتي تتأثر مباشرة بالخطاب الإثيوبي المتشدد عن الحصول على منفذ بحري ولو بالقوة.

إثيوبيا قد تتحدث عن التعاون والمنافع المشتركة، لكن سياساتها التي تتبعها لا تحقق هذا الأمر، بل تؤجج الأجواء وتزيد من شكوك جيرانها إزاء تصرفاتها المستقبلية. ففي موضوع «سد النهضة» اختارت أديس أبابا السير في طريق أحادي ومضت في تنفيذ مشروع السد من دون أن تراعي موقفي مصر والسودان والضمانات المتعلقة بالملء والتشغيل والرقابة الفنية، ولم تتعاون بما يكفي لإنجاح الوساطات الإقليمية أو الدولية للوصول إلى حلول وسط أو اتفاق قانوني ملزم.

اليوم وبعد أن أصبح السد أمراً واقعاً، هناك طريقان لا ثالث لهما بالنسبة للمسار الذي ستتخذه الأمور.

الأول هو طريق التعاون والتمسك بالتفاوض طريقاً لحل الأمور والتوصل إلى حلول بالتراضي، بما يؤدي إلى اتفاق ملزم يأخذ في الاعتبار القوانين الدولية المنظمة للاستخدام بين الدول المتشاركة في الأنهار، ويراعي مصالح وحقوق الأطراف المعنية، ويثبت الإجراءات والضمانات المطلوبة في ما يتعلق بالتشغيل والرقابة الفنية والمشاركة في البيانات والمعلومات. فإذا تحقق ذلك سوف تشرع الأبواب أمام تكامل اقتصادي يجعل السد مصدر منفعة جماعية، ويمنع تحوله إلى مصدر صراع مفتوح على كل الاحتمالات والمخاطر.

أما الطريق الثاني فهو أن تشعر إثيوبيا بأنها أصبحت قادرة على فرض طموحاتها الإقليمية وتحقيق ما تريده بأقل الخسائر، أو من دون تنازلات. هذا السيناريو يعني أن الأمور قد تتجه نحو توترات إقليمية، واحتمال مواجهات عسكرية، حيث تتقاطع الخلافات الإثيوبية مع مصر والسودان حول مياه النيل، مع التوترات الإثيوبية مع إريتريا والصومال وجيبوتي بشأن رغبة أديس أبابا المعلنة في الوصول إلى منفذ مائي بكل الطرق بما فيها استخدام القوة. وفي هذه الحالة قد تجد إثيوبيا نفسها في مواجهة تحالف المتضررين من سياساتها، ما يعني نشوب نزاع إقليمي واسع، قابل للتطور إلى مواجهات عسكرية.

«سد النهضة» ليس مجرد مشروع كهرومائي، بل نقطة تحول في صراع النفوذ والموارد في المنطقة.

فإثيوبيا تراه رمزاً لطموحها الصاعد، وتأكيداً لقوة جديدة مدعومة بالخطاب القومي الذي تتبناه الحكومة. ومع مطالبها الأخيرة بالوصول إلى البحر، يبدو واضحاً أنها مستعدة لتحدي الأوضاع القائمة، وانتزاع ما تراه «حقوقاً مشروعة لها» بغض النظر عن المخاطر. الخطر أن هذه النزعة، إذا لم توازن بالدبلوماسية المرنة، واستخدام المفاوضات سبيلاً وحيداً لحل الخلافات بالتراضي، فإنها قد تقود إلى إشعال صراعات تفجّر المنطقة التي تعاني أصلاً من اضطرابات مزمنة، وتتربص بها قوى عديدة مستعدة لتأجيج وتوظيف صراعاتها.

الشرق الأوسط

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه سد النهضة السودان مصر مصر السودان أثيوبيا سد النهضة مقالات مقالات سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة سد النهضة آبی أحمد

إقرأ أيضاً:

اليوم.. ختام فعاليات الدورة الـ41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط

تُختتم في الثامنة من مساء اليوم فعاليات الدورة الحادية والأربعين من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط، برئاسة الناقد السينمائي الأمير أباظة، وذلك في حفل يُقام على مسرح حدائق أنطونيادس بمدينة الإسكندرية، بحضور السيد الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، وعدد كبير من الفنانين وصُنّاع السينما والنقاد والإعلاميين.

يُقدَّم الحفل الإعلامي إبراهيم الكرداني والإعلامية رباب الشريف، ويُخرجه المخرج محمد السماحي.

يبدأ الحفل بعزف السلام الجمهوري، يعقبه عرض فيلم توثيقي يستعرض أبرز فعاليات المهرجان هذا العام، من عروض الأفلام، والندوات، وورش العمل الفنية التي شهدت تفاعلًا واسعًا من الجمهور ومحبي السينما.

ويُلقي خلال الحفل السيد الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية، كلمته، تليها كلمة رئيس المهرجان، الناقد السينمائي الأمير أباظة.

كما يشهد الحفل تكريم الفنان الكبير ناصر المزداوي تقديرًا لمسيرته الفنية، ويقدّم المزداوي بعد التكريم أغنية خاصة عن الإسكندرية احتفاءً بعراقة المدينة وجمالها.

ويُختتم الحفل بإعلان نتائج مسابقات المهرجان وتسليم الجوائز للفائزين في مختلف الفئات.

وكانت فعاليات الدورة قد انطلقت يوم الخميس الماضي، حيث تم خلال حفل الافتتاح تكريم نجمة الدورة الفنانة ليلى علوي.

كما شهد المهرجان تكريم دولة المغرب ضيف شرف الدورة لهذا العام، إلى جانب تكريم نخبة من رموز السينما المصرية والعربية والدولية، وهم:
المخرج المغربي حكيم بلعباس، واسم الفنانة الراحلة فيروز، والمخرج الفرنسي جون بيير أميريس، والنجمة الإسبانية مرسيدس أورتيجا، والمخرج التونسي رضا الباهي، والفنانة القديرة فردوس عبد الحميد، والفنان أحمد رزق، والفنانة شيرين، والمخرج هاني لاشين، ومدير التصوير سامح سليم، والفنان رياض الخولي.

يُقام مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط برعاية معالي وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو، والسيد الفريق أحمد خالد حسن سعيد، محافظ الإسكندرية.

طباعة شارك فعاليات الدورة الحادية والأربعين من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول

مقالات مشابهة

  • الأحمر يطمح لقطع أكثر من نصف الطريق في مواجهة قطر المونديالية
  • عاجل.. عبد العاطي: إجراءات إثيوبيا الأحادية تسببت فى غرق أراض بالسودان
  • من “طوفان الأقصى” إلى خطة ترامب للسلام: أبرز محطات الحرب والصراع في غزة والمنطقة
  • من طوفان الأقصى إلى خطة ترامب للسلام: أبرز محطات الحرب والصراع في غزة والمنطقة
  • التيل يفيض والقري تستغيث
  • لبنان والإمارات يفوزان بجوائز مسابقة نور الشريف بمهرجان الإسكندرية
  • دوري أبطال إفريقيا.. موعد ذهاب وإياب بيراميدز وبطل إثيوبيا بدور الـ 32
  • الانتقال إلى جامعة الجيل الرابع.. نوال عبد اللطيف تترأس اجتماعا هاما
  • اليوم.. ختام فعاليات الدورة الـ41 من مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط
  • إثيوبيا.. أول دولة في العالم تحظر استيراد شاحنات البنزين والديزل