"كان آخر يوم نعيشه طبيعيا وتكون فيه حياة" بهذه الكلمات الموجعة عبّر أحد الغزيين عن شعور مليوني فلسطيني في قطاع غزة بعد مرور عامين كاملين على بدء حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلية، التي اندلعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وما زالت فصولها الدامية مستمرة حتى اليوم.

على مدى أكثر من 730 يوما، عاش الغزيون تفاصيل المعاناة بكل وجوهها: قصف، حصار، نزوح، جوع ومرض.

زي اليوم قبل سنتين كان آخر يوم نعيشه طبيعي ويكون في حياة.

— ???????????????????????????? ???? (@7_SEM0_) October 6, 2025

ولم ينس أحد في غزة قسوة تلك الأيام، بل ازدادت المعاناة يوما بعد يوم مع استمرار الحصار الإسرائيلي الجائر ومنع دخول الغذاء والدواء والوقود، لتتحول الحياة في القطاع إلى صراع يومي من أجل البقاء.

وبعد عامين من الوجع المستمر، وثّق خلالها الغزيون عبر منصات التواصل الاجتماعي كل ما شهدوه من قتل ودمار وتشريد، عبر صور وكلمات محفورة في الذاكرة، لتبقى شاهدة على واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ المعاصر.

وجع لا ينتهي وصوت لا يسمع

تفاعل عدد كبير من الغزيين عبر منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدين أن الحرب التي ظنوا أنها ستنتهي خلال أيام قليلة، ما زالت مستمرة كل يوم، حتى باتوا "يعيشون الحرب في كل لحظة من حياتهم".

وقال آخرون إن عامين من الحرب محوا الماضي والحاضر والمستقبل، وخيم القتل والتجويع والتدمير على أجواء القطاع المحاصر، فيما دُفع مئات الآلاف إلى النزوح من بيوتهم ومناطقهم.

عامان من الألم الممتد، من الإبادة التي لم تعرف توقفًا.
عامان من الشوق والحنين لمن غابوا دون وداع، ومن الحزن الذي لا يهدأ.
عامان من تحطيم الذكريات، ومن تحويل البيوت إلى رماد، والمدارس والمساجد والمشافي إلى أطلال.

عامان من الخذلان والحسرة، ومن خيبة الأمل التي تنزف في صدورنا.…

— Tamer | تامر (@tamerqdh) October 6, 2025

إعلان

وكتب أحد المغردين "من بعده بدت الحرب والقتل والموت والفقد والحزن اللي ما خلى قلب إلا سكن فيه.. النزوح والخوف والرعب.. صرنا نحسب الأيام بالوجع، وكل يوم كأنه سنة، فقدنا أهل وأحبة وأصدقاء وأحلاما وذكريات، فقدنا بيوتنا وكل شيء، حتى تفاصيلنا نسيناها".

نعدّ في عمر إبادتنا عامين !

كان من الممكن أن يصبحا شهرين.. لكن خذلانكم أطالها ولا زال !

— Mohammed Haniya (@mohammedhaniya) October 7, 2025

وأضاف آخرون "تشردنا وصرنا نعيش مجبرين أكبر مأساة وإبادة يرتكبها الاحتلال ضد أكثر شعب مثقف ومبدع ومحب للحياة، عانينا الجوع والقتل والتشريد والحصار.. ومع ذلك نحاول أن نعيش،هنا غزة، هل تسمعوننا؟ أوقفوا الحرب".

صور تختصر المأساة

واستشهد ناشطون بصورة واحدة من آلاف الصور التي توثق المأساة اليومية في غزة، التقطت يوم أمس، تظهر عائلة بأكملها قصفت بينما كانت تحاول النزوح والنجاة من الجحيم، حيث تظهر تناثر جثث النساء والأطفال على الطريق في مشهد يلخص الوجع الإنساني المتكرر الذي يعيشه الغزيون منذ عامين.

تلك الصورة كسواها من آلاف الصور الخارجة من قلب القطاع، لا تعبر عن حادثة واحدة، بل عن حقيقة يومية مؤلمة يعيشها السكان في ظل حرب الإبادة المستمرة، حيث لا مأمن ولا ملجأ، ولا شيء سوى الصمود في وجه الموت.

نازحة فلسطينية في خان يونس تعيش مع أطفالها داخل خيمة، تعبّر عن أملها في وقف الحرب والعودة إلى منزلها المدمر#عامان_على_حرب_غزة pic.twitter.com/wTyjYP6W6U

— قناة الجزيرة (@AJArabic) October 6, 2025

"في مثل هذا اليوم نمنا آخر ليلة بهدوء"

كتب نشطاء "في مثل هذا اليوم، وفي هذا الوقت تحديدا، نمنا آخر ليلة بهدوء، كانت أحلامنا وردية، وفي الصباح استيقظنا على كابوس لم ينته بعد".

وأضاف ناشط آخر "تخيلوا، منذ عامين والمجازر متواصلة، كل دقيقة على المدنيين في قطاع غزة".

غياب العدالة وصمت العالم

تساءل مدونون: أين الهيئات الحقوقية والإنسانية مما يحدث منذ عامين في غزة؟

حرب #غزة على مدار عامين من جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري وهندسة عسكرة التجويع وانعدام للأمن الغذائي أثبتت إزدواجية المعايير العالمية الغربية تحديدا بملف غزة وأن بإستطاعتهم فعل الكثير من للأمور لإيقافها ومعاقبة #إسرائيل لكنهم لم يمارسوا أي ضغط لإيقافها https://t.co/fZnNJhGVVy

— Maya rahhal (@mayarahhal83) October 6, 2025

وأشار مدونون آخرون إلى أن حرب غزة، التي دخلت عامها الثاني، كشفت زيف الشعارات وازدواجية المعايير الغربية، مؤكدين أن جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتهجير القسري، إلى جانب "هندسة التجويع" وحرمان السكان من الأمن الغذائي، لم تلق أي ضغط دولي حقيقي لوقفها أو محاسبة مرتكبيها.

عامان من الدم والخذلان

وذكر ناشطون أن مرور عامين على حرب غزة لم يغير شيئا من الواقع المأساوي، بل ازداد الوضع سوءا في ظل التخاذل العربي والدولي.

مر عامين علي حرب غزة ومازالت الإبادة مستمرة والتخاذل العربي اتجاه القضية الفلسطينية وأهل غزة ومقاومتها، مر عامين ونتنياهو يزداد في طغيانه ويسفك المزيد من دماء الغزاويين بل كل الفلسطينيين في كل أنحاء فلسطين المحتلة، عامين والقطاع يزداد سوءاً، عامين مع استمرار النهب والقتل والأشلاء

— Mostafa Elsammad (@ElSammmad) October 6, 2025

إعلان

وقال أحدهم "مر عامان ونتنياهو يزداد في طغيانه، يسفك المزيد من دماء الغزيين، بل كل الفلسطينيين، عامان والقطاع يزداد خرابا، ومعهما يستمر النهب والقتل وتتناثر الأشلاء، بينما العالم صامت".

واختتم غزيون تدويناتهم باستغرابهم من الصمت الدولي والعالمي المريب عما يحدث في قطاع غزة منذ عامين دون تحريك ساكن، داعين الجميع لاتخاذ إجراءات توقف حرب الإبادة الإسرائيلية الشرسة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: غوث حريات دراسات منذ عامین عامین من عامان من حرب غزة

إقرأ أيضاً:

كيف يعيش ويموت سكان غزة خلال المنخفض الجوي؟

فاقم المنخفض الجوي العميق الذي يضرب القطاع من معاناة السكان الشديدة تزامنًا مع تواصل تأثيرات حرب الإبادة الإسرائيلية التي امتدت لأكثر من سنتين، وأتت على معظم المباني السكنية والبنية التحتية والمرافق الأساسية، وعرّضت السكان لفترات طويلة من سوء التغذية والمجاعة.

وارتفعت حصيلة شهداء المنخفض الذي أطلق عليه اسم "بيرون" إلى 14 شخصًا بينهم أطفال ونساء، بفعل تأثيرات الاضطرابات الجوية الشديدة والبرد، وجراء انهيارات جزئية وكلية لمنازل ومبانٍ على رؤوس ساكنيها بسبب الأمطار، إضافة إلى انجراف وتدمّر خيم الإيواء المهترئة.

والمناخ الشتوي في قطاع غزة بارد نسبيًا ورطب، وتتراوح درجات الحرارة عادة بين 7 و16 درجة مئوية خلال شهري كانون الأول/ ديسمبر وكانون الثاني/ يناير، وقد تنخفض ليلًا إلى أقل من 5 درجات في بعض الليالي، إلا أن فترات المنخفضات الجوية قد تشهد درجات حرارة متدنية.



وبدأت معاناة الفلسطينيين في غزة مع النزوح وانعدام المساكن عندما طالب الاحتلال بإخلاء الجزء الشمالي من القطاع في تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهو الأمر الذي تكرر بشكل شبه أسبوعي لفترات طويلة من حرب الإبادة، بينما عمل الاحتلال على تدمير شبه كامل للمناطق التي ينزح منها السكان.

تفاصيل أكثر عن أوضاع الشتاء في قطاع غزة: كيف يموت الإنسان بردًا وماذا ينتظر سكان غزة في شتاء الحرب الثالث؟

"نجونا" 
يقول سليمان (45 عامًا) إنه يسكن في شقة مستأجرة بعدما دمّر الاحتلال بناية عائلته بالكامل ومن ثم بناية أنسابه التي نزح إليها في شهور الحرب الأخيرة، وهو رغم نجاته من ويلات الخيام في الوقت الحالي، إلا أن عائلته تأثرت بشكل كبير من المنخفض الحالي.


ويكشف سليمان لـ"عربي21" أن شدة الرياح والأمطار أدت إلى انخلاع نافذة كبيرة في الشقة التي يستأجرها وسقطت فوق سرير ينام عليه أطفاله، قائلًا: "لطف ربنا أنهم لم يكونوا في الغرفة في ذلك الوقت، النافذة كبيرة ولو سقطت على رجل كبير لقتلته".



ويضيف: "كان الله في عوننا وعون الناس في الخيام، كل ما لدى أي شخص في غزة حاليًا من بطانيات ومفارش هو كل ما يملكه، وشراء حاجيات جديدة صعب جدًا ومكلف جدًا، وبمجرّد ابتلال هذه الأمتعة يعني البرد الشديد، لا توجد وسائل لتجفيف البطانيات حاليًا سوى الشمس، وهي الغائبة بسبب المنخفض والأمطار الغزيرة".

ويؤكد: "الحصول على الدفء حاليًا صعب جدًا، نحن لا نتكلم عن ثمن كهرباء أو غاز أو أي محروقات، نحن نتكلم عن النار والحطب والأخشاب.. وسائل بدائية للتدفئة، لكن من لديه فائض خشب أو حطب يدّخره لإعداد الطعام اليومي، وهذا إذا تمكن أصلًا من إشعال نار في ظل هذه الظروف".

"سأموت من الخوف"
تقول فاطمة إن فترة الشتاء والأمطار والطقس البارد طالما كانت مفضلة لديها طوال السنوات الماضية، وأنها كانت دائمًا ما تسخر من الأشخاص الذين يحبون فصل الصيف، لكن منذ بدء حرب الإبادة وخسارة الناس لكل شيء أصبح الشتاء بالنسبة لها كابوسًا.

جوانب أخرى عن تبعات الإبادة الإسرائيلية: "إطعام قاتل".. كيف تمنع "إسرائيل" علاج سوء التغذية بعد مجاعة غزة؟

وتوضح فاطمة لـ"عربي21" أنها تعيش في بقايا بيتها الذي تضرر بشكل كبير وبقي أكثر من نصفه بقليل، مشيرة إلى أنها "سعيدة وتحمد الله أنها لم تضطر للعيش في الخيام"، إلا أنها أصبحت قلقة جدًا بعدما سقطت العديد من الشقق والمباني في غزة جراء الأمطار الغزيرة خلال الأيام الماضية.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتضيف: "أفكر خلال فترات الليل واشتداد الأمطار: هل سيسقط علينا السقف؟ هل سنصبح عالقين تحت ركام المنزل دون وسائل لإنقاذنا مثلما حصل مع عشرات الآلاف من الناس طوال حرب الإبادة؟ هل سنموت من البرد تحت الحجارة ببطء؟ خلال الأيام الماضية تكون هذه أفكاري طوال الليل حتى أسقط في النوم".



من الخيمة
يعتبر وليد أن فكرة البقاء في خيمة خلال مثل حالات المنخفض الشديد الحالية ليست سيئة بشكل تام، بل قد تكون أفضل نظرًا لأوضاع الأبنية الحالية وتصدعها الشديد بفعل القصف الشديد والارتدادات التي حصلت لها دون السنتين الماضيتين".

ويؤكد وليد لـ"عربي21" أن "الفكرة هي الحفاظ على الخيمة دون بلل داخلي أو دخول المياه لها، وهذه أمور يحددها موقع الخيمة وهل هي ضمن منطقة تتجمع فيها الأمطار، أو في مكان جريان المياه من المناطق المرتفعة إلى المناطق المنخفضة. حال الحفاظ على الخيمة جافة من الداخل يمكن الحفاظ على حرارة من يبيت فيها خلال الليل بتركها مغلقة مع استخدام البطانيات الثقيلة".



ويضيف: "طبعًا اختيار المكان المناسب للخيمة ليس متاحًا لمعظم الناس، المناطق في غزة مزدحمة والمخيمات مكتظة ويتم عملها بشكل عشوائي أينما توفرت أراضٍ فارغة أو مرافق قريبة من أسواق أو محطات مياه وغيرها من الأمور الأساسية".

ويذكر أن تحقيق هدف إبقاء الخيمة جافة يواجه صعوبات متعلقة بحالة الخيمة نفسها وهل هي عازلة للمياه أو يتوفر لها أغطية بلاستيكية "شادر" فوق الخيمة لحمايتها من المياه في الشتاء وحتى الشمس الحارقة في الصيف التي تعمل على ضعف نسيجها القماشي.


ويقول وليد: "معظم الناس عمر خيمتها سنتان من الحرب وفك وتركيب الخيمة أكثر من مرة، هذه الخيام تعرضت لحرارة الصيف مرتين، ولمواسم الأمطار والرياح لثلاث مرات.. طبيعي أنها ستغرق، مش طبيعي لو ما غرقت".

ومنذ بدء المنخفض الجوي، ارتفع عدد المباني التي كانت متضررة من قصف الاحتلال الإسرائيلي وانهارت جراء الأمطار الغزيرة، إلى 16 مبنى منذ بدء المنخفض الأربعاء، وفق معطيات رسمية ومصادر أمنية.

وليلة الخميس، عاش مئات آلاف النازحين الفلسطينيين أوقاتًا صعبة داخل خيام مهترئة بمختلف مناطق القطاع، مع استمرار تأثير المنخفض "بيرون" على القطاع، حيث أغرقت مياه الأمطار وجرفت السيول واقتلعت الرياح أكثر من 27 ألف خيمة، وفق بيان للمكتب الإعلامي الحكومي بغزة.

View this post on Instagram A post shared by Arabi21 - عربي21 (@arabi21news)
وتعيش نحو 250 ألف أسرة في مخيمات النزوح بقطاع غزة، تواجه البرد والسيول داخل خيام مهترئة، وفق تصريحات سابقة للدفاع المدني. ورغم انتهاء حرب الإبادة، لم يشهد واقع المعيشة لفلسطينيي غزة تحسنًا جراء القيود المشددة التي تفرضها إسرائيل على دخول شاحنات المساعدات، منتهكة بذلك البروتوكول الإنساني للاتفاق.

وخلّفت حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة التي بدأت في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بدعم أمريكي واستمرت لسنتين، أكثر من 70 ألف شهيد وما يفوق 171 ألف جريح، معظمهم أطفال ونساء، ودمارًا طال 90 بالمئة من البنى التحتية المدنية.

مقالات مشابهة

  • أمريكا.. من إرث الإبادة إلى هندسة الخراب العالمي
  • كيف يعيش ويموت سكان غزة خلال المنخفض الجوي؟
  • "لجان المقاومة": ما يجري في غزة فصل جديد من حرب الإبادة وسط صمت دولي
  • بعد عامين… تحرّك في الكونغرس لمساءلة إسرائيل عن استهداف صحافيين
  • صدور كتاب جديد يوثّق الإبادة الجماعية للكورد الفيليين ومعاناتهم لأكثر من قرن
  • هند صبري تكشف سبب غيابها عن الساحة الفنية لمدة عامين مع "صاحبة السعادة"
  • محطة “المقرن” الرئيسية بالخرطوم تعود لضخ المياه بطاقتها القصوى بعد توقف عامين ونصف جراء الحرب
  • هيئة الأسرى: 85 شهيدًا داخل السجون خلال عامين
  • مصر: كثفنا جهودنا على مدار عامين لدعم الأوضاع الإنسانية في غزة
  • مركز: الاحتلال قتل 85 أسيراً منذ بدء حرب الإبادة على غزة