روت إيطالية كان عمرها 5 سنوات حين طرد في 7 أكتوبر 1970 الزعيم الليبي معمر القذافي “بقايا المستوطنين الإيطاليين”، الحادثة قائلة: “لم يُسمح لنا إلا بحقيبة سفر واحدة لكل شخص”.

هذه السيدة وتدعى جيوفانا جيونتا قالت في تصريح صحفي: “نُقلنا على متن قارب إلى نابولي، حيث عشنا في مخيمٍ للاجئين لما يقارب شهرين. كنا كاللاجئين، كأولئك الذين نراهم الآن على التلفاز.

لم نكن نستحق مثل هذه المعاملة القاسية”.

العديد ممن يوصفون باسم “إيطاليي ليبيا” الذين طردوا في ذاك اليوم الذي أطلق عليه القذافي لاحقا اسم “عيد الثأر” ما جرى لهم بـ “المعاملة غير العادلة، فيما كان بالنسبة للكثير من الليبيين بمثابة رد فعل طبيعيٍ على حقبة الاستعمار الإيطالي الاستيطاني الدموية بين عامي 1911 – 1943.

الكاتبة الإيطالية ستيفانيا دي إغنوتي بعد أن عثرت على صور لجدها ومذكراته أثناء خدمته العسكرية في ليبيا في الحقبة الفاشية، نشرت تقريرا بصيغة تساؤل بعنوان “جدي، فاشي”؟، لفتت فيها إلى أن “ألبوما عائليا قديما أخذني في رحلة عبر ماضي إيطاليا المظلم في ليبيا”.

الكاتبة لخصت ذلك الحدث التاريخي المتمثل في طرد الزعيم الليبي معمر القذافي بعد عام من وصوله إلى السلطة من وصفهم بـ”بقايا المستمعمرين الإيطاليين” مشيرة إلى أن “ليبيا حصلت على استقلالها عام 1951، بعد سنوات قليلة من سيطرة بريطانيا العظمى وفرنسا عليها لفترة وجيزة في نهاية الحرب العالمية الثانية. وبموجب اتفاقية عام 1956، منحت إيطاليا ليبيا مبلغا من المال تعويضا عن أضرار الحرب، وتنازلت عن جميع ممتلكات الدولة الإيطالية للدولة الليبية الجديدة. سمحت هذه التسوية الاقتصادية، لفترة وجيزة، بالاعتراف بأحفاد المستوطنين الإيطاليين، ومنحتهم الحق في الإقامة في البلاد. وظل هذا الوضع ساريا حتى عام 1970، عندما أعلن معمر القذافي مصادرة جميع ممتلكاتهم وطردهم، دون دفع أي تعويض لهم. وفي أقل من ثلاثة أشهر، أُعيد أكثر من 14 ألف إيطالي قسرا إلى بلادهم”.

الكاتبة نقلت في تقريرها قول جيوفانا جيونتا التي وُلدت في ليبيا وعاشت بها سنواتها الخمس الأولى: “كان الأمر أشبه بالنشأة في أي منطقة أخرى من إيطاليا. كنا نتواصل اجتماعيا فقط مع الإيطاليين. لم نكن نلعب مع الأطفال العرب، لأن آباءنا لم يكونوا يسمحون بذلك. لم نكن نتعلم لغتهم، إلا لأسباب العمل فقط”، مشيرة إلى أن والدها، الذي كان يعمل في القاعدة العسكرية الأمريكية، كان العضو الوحيد في العائلة الذي تعلم العربية بطلاقة، لأنه كان يحتاجها للتعامل مع (العمال الليبيين غير مهرة).

صفحات التاريخ تقول إن “إيطاليا استعمرت ليبيا منذ عام 1911، وكان النظام الفاشي بقيادة بينيتو موسوليني وحشيا بشكل خاص، حيث شنّ حملة تطهير عرقي في أواخر عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن الماضي. تضمن ذلك إجبار أكثر من 100 ألف شخص على النزوح إلى معسكرات الاعتقال، حيث مات عشرات الآلاف، لإخلاء الأرض للمستوطنين الإيطاليين”.

بالمقابل تقول فرانشيسكا ريكوتي، رئيسة جمعية الإيطاليين العائدين من ليبيا حين سألتها الكاتبة ستيفانيا دي إغنوتي “ما إذا كانت وغيرها من المستوطنين الإيطاليين يشعرون بأي ذنب، لكونهم كانوا جزءا من مشروع إبادة جماعية ووجودا غير مرغوب فيه حاربه السكان المحليون: “ربما ارتكبنا بعض الأخطاء، لكننا ساهمنا أيضا بشكل إيجابي في تنمية البلاد”.

رئيسة جمعية الإيطاليين العائدين من ليبيا كانت كتبت في إحدى المناسبات قائلة: “طرابلس، بنغازي، الخمس، مصراتة: لم تكن مجرد أسماء على الخريطة، بل كانت مدننا”.

بنفس “الحنين” سرد جيانكارلو كونسولاندي، وهو من المستوطنين الإيطاليين الذين طردوا من ليبيا عام 1970 ذكريات طفولته في هذا البلد قائلا: “خلال الصيف كنا نقضي أربعة أشهر كاملة في إجازة… كانت تلك لحظات من السكينة مع أمهاتنا، بينما كان آباؤنا يعملون”.

العلاقات بين إيطاليا وليبيا كان تحسنت بداية الألفية الثالثة بعد أن اعتذر في عام 2004، رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني عن أفعال إيطاليا خلال الحقبة الاستعمارية.

عقب ذلك في عام 2009، دعا الزعيم الليبي معمر القذافي الإيطاليين المطرودين وأحفادهم إلى العودة إلى ليبيا. إلا أن القرار جاء متأخرا جدا بالنسبة للكثيرين. جيوفانا أورتو، أحد المستوطنين الإيطاليين السابقين علّق بقوله: “لقد مات الكثيرون… لكن هناك العديد من الشباب الذين يرغبون في معرفة البلد الذي يوجد على خلفية العديد من صورهم”.

لا يزال عدد من المستوطنين الإيطاليين السابقين وأحفادهم يتمسكون بذكرياتهم “الحميمة” في ليبيا. عبّر عن ذلك بصورة واضحة المؤرخ نيكولا لابانكا بقوله: “اختفت ليبيا الإيطالية… كحلم، حلمٍ لا يزال يراودني”.

المصدر: RT

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: معمر القذافی فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

من وحي ” علم النفس “

من وحي ” #علم_النفس “

#محمد_طمليه

أراجع طبيبا نفسيا : ” أنا مريض يا دكتور ، فمنذ أيام لم أضحك ولم تفتر شفتاي عن ابتسامة ، ولم أقوى على المساهمة في لهو الرفاق .

أنا #مكتئب… #حزين…. عاجز عن الانهماك في #الحياة_العامة … وحيد معزول .. امشي في الطريق فأخال ان المارة يراقبون خطواتي العاثرة … أنا أكره الناس ، ويتجلى كرهي لهم في موقفي من المرأة ، اذ أنني لا أحب هذا النوع من الكائنات ، ما جدوى النساء ؟ لا أحد يدري !! أنا سوداوي … لا أرى طريقا سالكا ، كل الابواب موصدة انها مهزلة ، اعني ان الحياة مهزلة . وانا فيها وحيد … لشد ما أشعر أنني مبصوق ..منبوذ…متروك على قارعة الكآبة . عبثا تحاول امي تقديم المساعدة . أنا في الواقع لا أحبها …نعم … لا أحب امي .. انك لا تستطيع ،ان تحب شخصا لمجرد أن الصدفة شاءت أن يحملك في رحمه ! هراء … مشاعرنا هراء … وعشقنا هراء … وكل ما يمكن أن نقوم به هو هراء في هراء في هراء . لماذا اكون مضطرا للعيش مع الآخرين ؟ ان الآخرين ما ينفكون يوترون أعصابي ، ويدفعونني دفعا الى الجنون . هل أنا مجنون يا دكتور ؟.

مقالات ذات صلة أسرار الشطة في تهديدات جدتي 2025/12/08

ويقول الطبيب : ” أنت لست مجنونا ، ولكنك لست شخصا سويا ايضا . لنقل أنك مريض ، واستطيع القول ، مبدئيا ان امكانية العلاج واردة ، اذا استطعنا أن نحدد معا ابرز العوامل التي اثرت في حياتك عندما كنت طفلا . فالداء والدواء مطموران في وعي تلك المرحلة واستخراجهما يتطلب عدة جلسات هادئة ” .

وأقاطع الدكتور : ” هل نقصد أن الطفولة هي منبع معاناتي حاليا ، علما بأنني في الأربعين “؟ .

يجيب الدكتور : ” ان الطفولة هي منبع المتاعب ، حتى لو بلغ المرء عمرا عتيا ، فما من سلوك شاذ ، الا وله ما يسوغه في مرحلة الطفولة ومن أجل ذلك ، نجد العالم المتمدن ، يولي أهمية خاصة لأطفاله.

وأهذي :” الطفولة اذن … تلك المرحلة “النظيفة” التي أحن اليها ، تلك المرحلة الطازجة ، التي ابادل رأسي بكيس من البصل ، لقاء أن يعود لي يوم واحد منها … وتعود لي براءتها … وعفويتها…

الطفولة … هل يمكن أن يكون دائي مطمورا فيها . في حين حسبت أنها مصدر وهجي ؟! وقلت :” اذا صح ما يقوله علم النفس ، وعلى ضوء واقع الاطفال في بلادنا … فنحن موشكون على كارثة..

مقالات مشابهة

  • بسبب الثأر جريمة قتل بمركز دمنهور
  • “الدبيبة” يبحث مع وفد سعودي تعزيز الاستثمار وتطوير البنية التحتية في ليبيا
  • من وحي ” علم النفس “
  • برنت: بحثنا مع المستشار “صالح” دعم جهود تجاوز الانقسامات وتحقيق سلام مستدام في ⁧‫ليبيا
  • قلق إسرائيلي من تصاعد دعم الإيطاليين للفلسطينيين وتنامي العداء للاحتلال
  • صاحب مكتب أعمال يوهم سيدة بإنجاز شركة جزائرية-إيطالية ويسلبها 350 مليون سنتيم
  • تأييد الإعدام لثلاثة متهمين قتلوا شابًا بطريق الخطأ في الثأر بالإسكندرية
  • القومي للمرأة يكرم الكاتبة الكبيرة سناء البيسي تقديرًا لدورها في تغيير وعي المجتمع
  • مركز مكافحة الأمراض: لا كورونا في ليبيا والمنتشر “إنفلونزا موسمية”
  • مسؤول إسرائيلي رفيع يتحدث عن حرب “ستُدار بدون إطلاق رصاصة واحدة” وأساليب استخدمتها إيران ضد إسرائيل