الأزهر: «لا تغضب» دواء نبوي لآفات النفس ودعوة للتوازن والسكينة
تاريخ النشر: 10th, October 2025 GMT
قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن سيد الخلق النبي ﷺ أوصى بوصية جامعة مانعة، قال: «لا تغضب» [صحيح البخاري]، وهذه الوصية من أجل نفسٍ هادئةٍ، وعقلٍ متزن، وروحٍ مطمئنة.
الغضب مفتاح كل شروأضاف مركز الأزهر، في بيان له، أن وصية قصيرة في ألفاظها، عظيمة في معانيها؛ فـ الغضب مفتاح كل شر، يُفسد على الإنسان صفاء نفسه، ويهدم استقرار قلبه، ويُشوّه علاقاته بالآخرين، بل قد يدفعه إلى ما يندم عليه العمر كله.
وتابع: لذلك جاءت وصية سيدنا النبي ﷺ علاجًا ناجعًا لأدواء النفس، ودعوةً للتوازن والسكينة؛ فمن ملك نفسه عند الغضب، ملك قلبه وعقله وحياته، وكان أكثر سعادةً واستقرارًا.
مجاهدة خلق الغضبوواصل: ومن أعظم صور مجاهدة خلق الغضب ما يكون في علاقة الآباء بالأبناء؛ إذ يثمر الحلم والاحتواء، واستخدام أسلوب التوجيه بدلًا من التوبيخ، والتربية بالقدوة والتشجيع، ثقةً متبادلة بين الأولاد وآبائهم وأمهاتهم، تدفعهم لتقديم الأفضل لأنفسهم ولمجتمعهم، فالتوجيه الإيجابي البنّاء يزرع فيهم الاطمئنان والقدرة على العطاء، ويُخرِّج أجيالًا نافعةً تسهم في نهضة المجتمعات ورقيّها.
وختم بالنصيحة قائلاً: «فلنجعل من هذه الوصية لصحة نفسية أفضل محطةً نستلهم منها هدي النبي ﷺ، ونجعل التحكم في الغضب بداية حياةٍ أجمل، ومجتمعٍ أرقى».
ما حكم من يصلي على جنابة ناسيا أو متعمدا؟.. اعرف رأي الشرع
حكم طلاق الغضبان عند المذاهب الأربعة .. ودار الإفتاء تحسم القول الفصل
ما حكم المرور بين يدي المصلين؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم قطع صلاة الفرض لأمر مهم؟.. الإفتاء تجيب
هل الوضوء يسيطر على الغضب؟
مَن يتعرّض لما يُغضبه عليه أن يتوضأ؛ فإن الوضوء يطفئ لهيب الغضب، ويقضي على شرارته؛ فعن عبد الله بن بجير الصنعاني قال: دخلنا على عروة بن محمد السعدي، فكلَّمه رجل، فأَغضبه، فقام فتوضأ، فقال: حدَّثني أبي عن جدي عطية، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْغَضَبَ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ خُلِقَ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ» رواه أبو داود في "سننه"، والإمام أحمد في "مسنده".
وكذلك ذكر الله يبعث في القلب خشية تُعِينُ الإنسان على التأدب والتحكم في الغضب؛ قال الإمام الماوردي في "أدب الدنيا والدين" (ص: 258، ط. دار مكتبة الحياة): [واعلم أن لِتَسْكِينِ الغضب إذا هجم أسبابًا يُستعان بها على الْحِلْمِ؛ منها: أن يذكر الله عز وجل؛ فَيَدْعُوهُ ذلك إلى الخوف منه، وَيَبْعَثُهُ الخوف منه على الطاعة له، فَيَرْجِعُ إلى أدبه ويأخذ بِنَدْبِهِ؛ فعند ذلك يزول الغضب؛ قال الله تعالى: «وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ» [الكهف: 24]] اهـ. وممَّا سيق يُعلَم الجواب عمَّا جاء بالسؤال.
لاَ تَغْضَبْ
أعطى الله جلَّ وعلا نبينا -صلى الله عليه وسلم- جوامع الكلم فأوجد له القول فيقول قولاً وجيزاً تحتوي من المعاني والفوائد ما لا يخفى ولا يستطيع أحد أن يحصى كل ذلك، في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه جاء رجل فقال: يا رسول الله أوصني، قال: «لاَ تَغْضَبْ" فَرَدَّدَ مِرَارًا وهو يقول له: "لاَ تَغْضَبْ».
يعتبر الغضب أمرًا فطريًا طبع عليه كثير من الناس وقل من يسلم من شره وبلاه، ولكن من عباد الله من يوفقه الله فيتغلب على غضبه، ومن الناس من يضعف أمام الغضب فربما وقع في السباب والشتام والعدوان إلى أن ينتهي به إلى العدوان وسفك الدماء وتدمير الأموال والقدح في الأعراض بلا مبرر شرعي.
روشتة شرعية للتخلص من الغضب
ووضع الرسول -صلى الله عليه وسلم- روشتة شرعية للتخلص من الغضب وهي: التعوذ بالله من الشيطان الرجيم فإن الغضب من إلحاح الشيطان ووساوسه ليقهر بذلك المسلم، فإن الشيطان يستغل العبد عند الشهوة والغضب فيقوده إلى البلاء عند غضبه وطغيان شهوته فلا يستطيع السيطرة على ذلك قال الله جلَّ وعلا: «وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنْ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ».
وجاء في السنَّة النبوية كما في صحيحي البخاري ومسلم عن سليمان بن صرد الصحابي رضي الله تعالى عنه قال: «كنت جالساً مع النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ورجلان يستبّان، وأحدهما قد احمرّ وجهه وانتفخت أوداجه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: إنّي لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجهد، لو قال: أعوذ بالله من الشّيطان الرّجيم، ذهب منه ما يجد، فقالوا له: إنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: تعوّذ بالله من الشّيطان الرجيم، فقال: وهل بي من جنون؟».
ويؤكد الحديث السابق أن التعوذ بالله تعالى من الشيطان حال الغضب ينجيك من آثاره ونتائجه السيئة، ومن ذلك أيضاً تغير الحالة التي كنت عليها فقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم الغضبان إذا غضب إن كان قائماً فليقعد فإن ذهب غضبه وإلا فليضطجع حتى يذهب عنه أثر ذلك الغضب».
وأمرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم-: بالسكوت عن الغضب، لأن الإنسان إذا غضب لا يبالي بما يقول فتخرج منه كلمات بذيئة سيئة يندم عليها عندما يفيق من غضبه ولهذا جاء في الحديث أن الرسول - صلى الله عليه وسلم- قال: «عَلِّمُوا وَبَشِّرُوا وَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ» فسكوت الغضبان ينجيه من آثار الأقوال السيئة ويخلصه من تبعاتها.
وحثنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالوضوء عند الغضب، وروي في سنن أبي داود عن عطيّة بن عروة السعديّ الصحابيّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ الغضب من الشيطان، وإنّ الشّيطان خلق من النّار، وإنّما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضّأ»
وأرشدنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى الإكثار من ذكر الله عند الغضب، كما في قوله تعالى: «أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»، والمؤمن قد يغضب لكنه سريع من غضبه قال جلَّ وعلا عن عباده المؤمنين: «وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ».
وعن فضل كتم الغيظ، قال تعالى: «وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ»، فكظم الغيظ وعدم التمادي في الانتقام والصبر والعفو والله يحب المحسنين، وجاء في الحديث: «مَنْ كَظَمَ غَيْظًا يقَدِرٌ عَلَى تنفيذه دَعَاهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ فيُخَيِّرَهُ من الْحُورِ العين ما شَاءَ" لأن من كظم غيظه وعفا وصفح فذلك خير له وأهدى سبيلا.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: لا تغضب الغضب السيطرة على الغضب الأزهر حديث الغضب صلى الله علیه وسلم ى الله علیه وسلم صل ى الله علیه الله تعالى ذ بالله الغضب م الله من من الش على ال
إقرأ أيضاً:
هل يستجاب الدعاء وقت نزول الأمطار؟.. الإفتاء تجيب
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: هل وقت نزول الأمطار يُعدُّ من الأوقات التي يُستجاب فيها الدعاء؟
وأجابت الإفتاء عن السؤال قائلة: الدُّعاءَ عند نزول المطر من الأوقات التي يُستَجَاب فيها الدعاء، لأنَّها أوقات مِنَّةٍ وفَضْلٍ ولُطْفٍ ورحمة من الله على عباده كما دَلَّت على ذلك السنة النبوية المشرفة.
ما ورد في السنة النبوية في فضل الدعاء وقت نزول المطر
اصطفى الله تعالى بعض المواطن والأوقات وجعلها مظنَّةً لإجابة الدعاء رحمةً منه وتفَضُّلًا على عباده؛ ومن هذه الأوقات: الدعاء عند نزول المطر؛ لأنَّها أوقات مِنَّة وفضل ولطف ورحمة من الله على عباده، كما في الحديث الذي رواه أبو داود والحاكم بلفظه عن سهل بن سعد رضي الله عنه مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثنتان ما تُرَدَّان: الدُّعاء عند النداء، وتحت المطر» أي: عند نزوله.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (3/ 340، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [أي: دعاء من هو تحت المطر لا يُرَدُّ أو قلَّمَا يُرَدُّ، فإنَّه وقت نزول الرحمة، لاسِيَّمَا أول قطر السنة، والكلام في دعاءٍ متوفر الشروط والأركان والآداب] اهـ.
وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَيُسْتَجَابُ الدُّعَاءُ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاطِنَ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الصُّفُوفِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَعِنْدَ نُزُولِ الْغَيْثِ، وَعِنْدَ إِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَعِنْدَ رُؤْيَةِ الْكَعْبَةِ» أخرجه البيهقي في "المعرفة"، والطبراني في "الكبير".
وروى الإمام الشافعي في "الأم" عن عبد العزيز بن عمر عن مكحول عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اطْلُبُوا إجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ الْتِقَاءِ الْجُيُوشِ، وَإِقَامَةِ الصَّلَاةِ، وَنُزُولِ الْغَيْثِ».
نصوص الفقهاء الواردة في استجابة الدعاء وقت نزول الأمطار
كما استدل الفقهاء بالآثار التي تدُلُّ على استحباب الدعاء أثناء نزول المطر على أنَّ الدعاء حال نزول المطر مستجاب؛ من ذلك: حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى المطر يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا» رواه البخاري. وفي لفظ لأبي داود أنه كان يقول: «اللهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا».
قال الإمام الطحطاوي في "حاشيته على مراقي الفلاح" (1/ 553، ط. دار الكتب العلمية): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما ورد من استجابة الدعاء عنده] اهـ.
وقال العلامة ابن رشد في "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (1/ 224، ط. دار الحديث): [أجمع العلماء على أنَّ الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن الِمصْر، والدعاء إلى الله تعالى والتَّضرُّع إليه في نزول المطر سُنَّة سنَّها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (5/ 96، ط. دار الفكر): [قال الشافعي: وحفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث وإقامة الصلاة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "شرح منهج الطلاب" (2/ 126، ط. دار الفكر): [(و) أن (يقول عند مطر: اللهم صيّبًا) بتشديد الياء، أي: مطرًا (نافعًا) للاتباع، رواه البخاري، (ويدعو بما شاء)؛ لخبر البيهقي: «يستجاب الدعاء في أربعة مواطن: عند التقاء الصفوف، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة، ورؤية الكعبة»] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 327، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب الدعاء عند نزول الغيث؛ لما رُوِي أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اطلبوا استجابة الدعاء عند ثلاث: عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة، ونزول الغيث»] اهـ.