في خطوة تاريخية تعيد رسم ملامح صناعة الألعاب العالمية، أعلنت شركة "إلكترونيك آرتس" (EA)، أحد أعرق مطوري ألعاب الفيديو في العالم، عن موافقتها على صفقة استحواذ ضخمة بقيمة 55 مليار دولار، تقودها مجموعة من المستثمرين بقيادة صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، إلى جانب شركتي "سيلفر ليك" و"أفينيتي بارتنرز".

 وبموجب الصفقة، ستتحول EA من شركة عامة مدرجة في البورصة إلى شركة خاصة لأول مرة منذ 35 عامًا.

وتُعد هذه الصفقة، بحسب وكالة بلومبرج، أكبر عملية استحواذ بالاستدانة (Leveraged Buyout) في التاريخ، متجاوزةً جميع الصفقات السابقة في قطاع التكنولوجيا والترفيه. 

وتم الكشف عن تفاصيل الاتفاق خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث أكدت EA في بيان رسمي أن الاتفاق يمثل "مرحلة جديدة" في مسيرتها الطويلة، ويعكس الثقة الكبيرة في قوة علامتها التجارية ومكانتها في سوق الألعاب العالمية.

وقال أندرو ويلسون، الرئيس التنفيذي لشركة EA، في بيان صادر عن الشركة: "لقد تمكنت فرقنا الإبداعية من تقديم تجارب مذهلة لمئات الملايين من اللاعبين حول العالم، وبنينا من خلال عملهم الشغوف بعضًا من أكثر العناوين شهرة في صناعة الألعاب". وأضاف: "هذه اللحظة تمثل تقديرًا لإنجازاتنا على مدار العقود الماضية، وخطوة جديدة نحو مستقبل أكثر طموحًا".

ورغم هذا النجاح التاريخي، فإن السنوات الأخيرة لم تخلُ من التحديات بالنسبة للشركة الأمريكية العملاقة. فقد واجهت EA ضغوطًا مالية وإدارية في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها صناعة الألعاب، بما في ذلك ارتفاع تكاليف التطوير وتراجع مبيعات بعض السلاسل الشهيرة. وفي عام 2024، أعلنت الشركة عن تسريح أكثر من 650 موظفًا ضمن خطة وُصفت بأنها محاولة لـ"تبسيط الأعمال وتحسين الكفاءة التشغيلية". كما قامت هذا العام بإلغاء مشروع لعبة "بلاك بانثر" المنتظرة، وأغلقت الاستوديو المسؤول عنها، بالإضافة إلى تأجيل إطلاق سلسلة "نيد فور سبيد" إلى أجل غير مسمى.

وبينما يرى بعض المحللين أن هذه التغييرات كانت مؤشرات مبكرة على بحث الشركة عن مخرج مالي أو شريك استراتيجي قوي، جاءت الصفقة الجديدة لتؤكد هذا الاتجاه. فصندوق الاستثمارات العامة السعودي يواصل توسيع محفظته في قطاع الترفيه والتكنولوجيا الرقمية ضمن رؤيته الطموحة 2030، التي تستهدف جعل المملكة مركزًا عالميًا في مجالات الابتكار والترفيه والألعاب الإلكترونية.

ومن المتوقع أن تُغلق الصفقة رسميًا خلال الربع الأول من عام 2027، بعد الحصول على الموافقات التنظيمية من الجهات الرقابية الأمريكية والدولية. وأكدت الشركة في بيانها أن المقر الرئيسي لـEA سيبقى في مدينة ريدوود سيتي بولاية كاليفورنيا، وأن أندرو ويلسون سيستمر في قيادة الشركة خلال المرحلة المقبلة، لضمان انتقال سلس نحو الملكية الجديدة.

وفي تصريح موازٍ، قال إيغون دوربان، الرئيس التنفيذي المشارك لشركة "سيلفر ليك"، إن الصفقة تمثل "فرصة استراتيجية فريدة" لتوسيع نطاق تأثير EA عالميًا، موضحًا أن المجموعة تعتزم ضخ "استثمارات ضخمة في التطوير والابتكار"، لتعزيز مكانة الشركة في صناعة الألعاب الإلكترونية المتنامية. وأضاف أن هذه الشراكة تُمهد الطريق لمرحلة جديدة من التوسع العالمي، خصوصًا مع صعود أسواق الألعاب في الشرق الأوسط وآسيا.

وتأتي مشاركة "سيلفر ليك" في الصفقة بالتزامن مع دورها البارز في صفقات تكنولوجية كبرى أخرى، أبرزها مشاركتها في إعادة هيكلة النسخة الأمريكية من تطبيق "تيك توك" وتحويله إلى كيان مملوك أمريكيًا، ما يعزز مكانة الشركة كشريك استثماري رئيسي في قطاع التكنولوجيا التفاعلية.

ويرى خبراء الصناعة أن هذه الصفقة قد تعيد تشكيل خريطة القوى في سوق الألعاب، خاصة أن EA تمتلك بعضًا من أشهر السلاسل في العالم مثل "فيفا" و"باتلفيلد" و"ذا سيمز"، إضافة إلى تراخيص رياضية ضخمة تجعلها لاعبًا رئيسيًا في سوق يحقق عائدات تتجاوز 200 مليار دولار سنويًا.

وبينما ينتظر المجتمع التقني ما ستسفر عنه هذه الخطوة، يبدو أن دخول صندوق الاستثمارات العامة السعودي بثقله في مجال الألعاب يعزز التوجه العالمي نحو دمج الاستثمار المالي بالابتكار التكنولوجي، ويفتح الباب أمام عصر جديد من المنافسة في صناعة الترفيه الرقمي التي أصبحت من أكثر الصناعات تأثيرًا في الاقتصاد العالمي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صناعة الألعاب

إقرأ أيضاً:

من قائمة الحظر إلى ملكية أمريكية.. واشنطن تستحوذ على شركة التجسس الإسرائيلية NSO

أكدت شركة NSO Group، المطورة لبرمجية التجسس الشهيرة "بيجاسوس"، لموقع TechCrunch أن مجموعة استثمارية أمريكية استحوذت على حصة الأغلبية في الشركة، في صفقة تقدر بعشرات ملايين الدولارات.

وقال المتحدث باسم NSO، عوديد هيرشوفيتز: "استثمرت مجموعة أمريكية عشرات الملايين في NSO واستحوذت على الملكية المسيطرة".

الصين تلاحق رقائق الذكاء الاصطناعي.. شرائح إنفيديا في مرمى القيودجوجل تفاجئ العالم.. وضع الذكاء الاصطناعي يصل للبحث باللغة العربية

جاء هذا التأكيد بعد أن نشرت صحيفة "كالكاليست" الإسرائيلية تقريرا يفيد بأن مجموعة بقيادة المنتج السينمائي الأمريكي روبرت سيموندز توصلت إلى اتفاق لشراء NSO.

ورغم امتناع المتحدث عن الكشف عن هوية المستثمرين أو قيمة الصفقة الدقيقة، أشار إلى أن الاستحواذ لا يعني خروج الشركة من الإشراف والسيطرة الإسرائيلية، مضيفا أن: "مقر الشركة وعملياتها الأساسية ستبقى في إسرائيل، كما ستظل خاضعة لرقابة وزارة الدفاع والسلطات التنظيمية المحلية".

جدير بالذكر أن تصريحات هيرشوفيتز قدمت لاحقا كـ"خارج السجل الصحفي"، إلا أن TechCrunch أكد أن ذلك لم يتم التوافق عليه مسبقا، ولذلك نشرت كما وردت.

من قائمة الحظر إلى ملكية أمريكية

تأتي هذه الصفقة في وقت لا تزال فيه NSO مثار جدل عالمي، بعد تورطها في قضايا تجسس على صحفيين ونشطاء حقوقيين ومعارضين في عدد من الدول بينها: السعودية، الإمارات، المغرب، الهند، المجر، المكسيك، وبولندا، بحسب تقارير من Citizen Lab بجامعة تورنتو، ومنظمة العفو الدولية.

وعلى الرغم من تأكيد الشركة أنها لا تستهدف أرقاما أمريكية لتفادي المتاعب القانونية، كشفت تقارير في 2021 أنها استهدفت مسؤولين أمريكيين أثناء تواجدهم في الخارج، ما دفع وزارة التجارة الأمريكية إلى إدراج NSO في "قائمة الكيانات المحظورة"، مانعة أي تعامل تجاري أمريكي معها.

منذ ذلك الحين، تحاول الشركة الخروج من القائمة السوداء، وقد استعانت مؤخرا بشركة ضغط سياسي مرتبطة بإدارة ترامب.

مخاوف حقوقية وأمنية من الصفقة

عبر جون سكوت-رايلتون، الباحث البارز في Citizen Lab، عن قلقه العميق من عملية الاستحواذ، قائلا: “NSO شركة ذات سجل حافل بالتجسس على مسؤولين أمريكيين والعمل ضد مصالح الولايات المتحدة.. كيف يمكن الوثوق في أن شخصا مثل سيموندز قادر على الإشراف على شركة كهذه؟”.

وأضاف: "الأمر الأخطر أن NSO كانت تحاول منذ سنوات دخول السوق الأمريكي وبيع تقنياتها لقوات الشرطة داخل المدن الأمريكية، هذه تكنولوجيا ديكتاتورية ولا يجب أن تقترب من المواطنين الأمريكيين أو حقوقهم الدستورية".

تغييرات متكررة في الملكية

تأسست NSO عام 2010 على يد نيف كارمي، شاليف خوليو، وعمري لافي، وتم الاستحواذ عليها لاحقا من قبل شركة Francisco Partners الأمريكية في 2014، ثم أعاد لافي وخوليو السيطرة على الشركة في 2019 بدعم من شركة الاستثمار الأوروبية Novalpina.

في عام 2021، تولت مجموعة Berkeley Research Group الأمريكية إدارة الصندوق الاستثماري المشرف على NSO، وفي 2023 استعاد لافي السيطرة الكاملة على الشركة، أما الصفقة الجديدة، فتعني نهاية دور لافي في NSO، بحسب تقرير كالكاليست.

طباعة شارك NSO Group بيجاسوس برمجية التجسس الشهيرة شراء NSO

مقالات مشابهة

  • عقد بقيمة 5.4 مليار دولار بين سوناطراك والسعودية
  • إنجاز سعودي عالمي من القدية: جميل لرياضة المحركات يتوّج بلقب أول كأس عالم لسباقات الهيدروجين
  • OpenAI الشركة الناشئة الأعلى قيمة في العالم بقيمة 500 مليار دولار
  • من قائمة الحظر إلى ملكية أمريكية.. واشنطن تستحوذ على شركة التجسس الإسرائيلية NSO
  • تداول أكثر من 37 مليار سهم بسوق العراق للأوراق المالية في سبتمبر الماضي
  • جيتكس 2025.. 6,800 شركة و40 مليار دولار يعيدون تشكيل مشهد الذكاء الاصطناعي عالميًا
  • أكثر من 120 مليار دولار صرف على وزارة الكهرباء والبلد ما زال بلا كهرباء “بس سوالف”!!
  • صفقة تاريخية بـ50 مليار دولار تُحول إلكترونيك آرتس إلى شركة خاصة
  • مفتي الجمهورية: ذكرى أكتوبر تذكّرنا بقيمة الدين والفكر السليم في صناعة النصر