يعود إلى 2000 عام.. نفق الأباطرة السرّي أسفل الكولوسيوم يفتح أبوابه أمام الزوّار
تاريخ النشر: 11th, October 2025 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من المقرّر أن يفتتح نفق عمره 2000 عام، أبوابه أمام الجمهور هذا الشهر. وتعود أهمية هذا النفق إلى أنّ الأباطرة الرومان كانوا يَستخدمونه سرّا للوصول إلى الكولوسيوم من دون أن يراهم أحد، ما يمنح الزوار لمحة نادرة عن كواليس الحلبة الإمبراطورية.
ويُعرف هذا الممر باسم "ممر كومودوس"، يبلغ طوله نحو 55 مترًا، وبُني أسفل المدرج ليسمح للأباطرة وكبار الشخصيات بالوصول إلى مقاعدهم في المنصة الإمبراطورية من دون الاختلاط بالحشود.
وقد سُمّي هذا الممر على اسم الإمبراطور كومودوس، الحاكم القاسي الذي حكم بين العامين 177 و192 ميلادي، وكاد أن يُغتال في هذا الممر تحت الأرض.
وسيتذكّر مشاهدو الفيلم الشهير "Gladiator" من العام 2000، شخصية "كومودوس" كما جسّدها الممثل الأمريكي خواكين فينيكس، الإمبراطور الماكر الذي قتل والده ماركوس أوريليوس وواجه شخصية "ماكسيموس"، التي جسّدها الممثل النيوزيلندي راسل كرو، في الحلبة.
لكن في الواقع، كان غرور كومودوس يتجاوز ذلك الحد، إذ كان يشارك في معارك المصارعة مرتديًا زي هرقل، ويقتل المقاتلين الضعفاء وحتى الحيوانات، وذات مرة قطع رأس نعامة أمام جمهاهير تهتف، وفقًا لما ذكره منتزه الكولوسيوم الأثري.
وقد اكتُشف هذا الممر المخفيّ لأول مرة بين العامين 1810 و1814 بواسطة منقّبين فرنسيّين تحت إشراف المهندس المعماري كارلو لوكانجيلي، ثم أُعيد فتحه في العام 1874، وخضع للدراسة مجدّدًا في التسعينيات. وخلال ترميم الموقع بالكامل بين العامي 2020 و2021، قام علماء الآثار برسم خريطة كاملة للنفق وبدأوا مرحلة جديدة من أعمال الحفظ.
وخلال عملية الترميم في الآونة الأخيرة، أُزيلت قرون من الغبار والأوساخ، وأُعيد تثبيت الجص الهش باستخدام أدوات ليزر، وكُشفت جدران مكسوّة بالرخام ومزينة بمناظر طبيعية ومشاهد أسطورية، ضمنًا قصة ديونيسوس، إله الخمر والمرح.
وقرب المدخل، تُظهر النقوش مشاهد لصيد الخنازير، ومصارعة الدببة، وبهلوانات، في استحضار لروح العروض التي كانت تُقام في الساحة.
وصرحت عالمة الآثار باربارا نازارو، التي قادت أعمال الترميم:"الآن، بعدما أصبح هذا الممر مفتوحًا أمام الجمهور، سيتمكن الزوار من تخيّل شعور الإمبراطور حين كان يسلك هذا الطريق".
من جانبه، وصف ماسيو أوسانا، المدير العام للمتاحف الإيطالية، إعادة الافتتاح بأنه "إنجاز مهم" يمزج بين البحث العلمي والحفاظ على التراث.
وتهدف الميزات الجديدة، مثل خريطة لمسية وعروض فيديو تفاعلية، إلى جعل الموقع "متاحًا وشاملًا لجميع الزوار".
ويتكون الممر المقبّب، الذي أضيف في القرنين الأول والثاني بعد بناء الكولوسيوم، من ثلاثة فروع: اثنان يمتدان من الشرق إلى الغرب، وواحد من الشمال إلى الجنوب.
وتتضمن الترميمات أيضًا نظام إضاءة يحاكي ضوء النهار من فتحات السقف القديمة التي أُغلقت منذ قرون، إضافة إلى ألواح زجاجية تتيح للزوار مشاهدة علماء الآثار أثناء العمل.
ومن المقرر تنفيذ عملية تنقيب جديدة في العام التالي لتتبّع مسار النفق، الذي قد يقود إلى ثكنات المصارعين.
وقد جرى تمويل هذا المشروع من قبل منتزه الكولوسيوم الأثري في سياق خطة التعافي والمرونة الوطنية الإيطالية.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: آثار رحلات روما هذا الممر
إقرأ أيضاً:
غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
عامان من النار والحصار والدمار.. عامان لم تشهد لهما البشرية مثيلا في القسوة، ولا في الصبر. في تلك الرقعة الصغيرة المحاصَرة بين البحر والحدود، وقف أهل غزة عُزّل إلا من إيمانهم، فحملوا على أكتافهم ملحمة أعادت تعريف معنى الكرامة، وأثبتت أن الشعوب الحرة قادرة على قلب الموازين، ولو كانت وحدها في مواجهة آلة القتل.
عامان من الصمود الأسطوري
منذ اللحظة الأولى للعدوان، ظنّ قادة الاحتلال أن غزة ستنحني سريعا، وأن القصف العنيف سيكسر إرادة المقاومة، لكنّ ما حدث كان عكس كل حساباتهم. فكلما اشتد القصف، اشتعلت روح التحدي أكثر، وكلما سقط بيت، وُلدت في الأنقاض ألف إرادة جديدة.
لم يكن في غزة جيوش نظامية أو أسلحة متطورة، بل كان فيها رجال يعرفون أن الأرض لا تُسترد إلا حين يُقدَّم من أجلها الدم والعرق والعمر.
عامان من المواجهة المتواصلة أثبتا أن إرادة الشعوب، مهما حوصرت، قادرة على فرض واقع جديد، وأن الاحتلال مهما امتلك من قوة، لا يمكنه أن يهزم فكرة الحرية.
المقاومة.. من ردّ الفعل إلى فرض المعادلة
عامان من المواجهة المتواصلة أثبتا أن إرادة الشعوب، مهما حوصرت، قادرة على فرض واقع جديد، وأن الاحتلال مهما امتلك من قوة، لا يمكنه أن يهزم فكرة الحرية
لم تعد المقاومة الفلسطينية ذلك الطرف الذي يردّ بعد الضربات؛ بل أصبحت اللاعب الأساسي الذي يرسم ملامح المعركة ويحدد إيقاعها.
أجبرت فصائل المقاومة الاحتلال على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد عامين من العدوان المتواصل، بعدما أدركت القيادة العسكرية والسياسية للاحتلال أن خيار "الحسم العسكري" مجرد وهم، وكل محاولة للتوغّل بَرّا تحولت إلى فخٍّ قاتل، وكل اجتياحٍ بري انتهى بانسحابٍ مذلّ.
المقاومة لم تدافع فقط عن غزة، بل أعادت تعريف مفهوم الردع. وبدل أن تكون غزة "نقطة ضعف"، أصبحت "نقطة ارتكاز" لمعادلة جديدة في المنطقة: أن أمن المحتل لن يكون ممكنا ما دام أمن الفلسطينيين منتهكا.
هزيمة السمعة وسقوط صورة "الجيش الذي لا يُقهر"
ربما لم يخسر الاحتلال في تاريخه الحديث خسارة أخلاقية وسياسية كتلك التي خسرها خلال حرب غزة الأخيرة، وجيشه الذي كان يتفاخر بـ"الدقة التكنولوجية" ظهر كآلة قتلٍ عشوائية تستهدف الأطفال والمستشفيات والمدارس ومراكز الإغاثة.
انهارت صورة "الجيش الأخلاقي" أمام عدسات العالم، وتحوّل قادته إلى متهمين بجرائم حرب في المحاكم الدولية. وما لم تستطع المقاومة فعله بالصواريخ، فعله الوعي العالمي بالصور والفيديوهات التي نقلت بشاعة العدوان إلى كل بيت على وجه الأرض.
سقطت هيبة الاحتلال، لا فقط في الميدان، بل في الرأي العام الدولي، حتى صار قادة الغرب يجدون حرجا في تبرير دعمه أمام شعوبهم.
التعاطف العالمي.. النصر غير العسكري
لم يكن الانتصار في غزة بالسلاح وحده، فخلال عامين من المجازر، تحوّلت فلسطين إلى قضية إنسانية عالمية. شهد العالم مظاهرات غير مسبوقة في العواصم الغربية، من لندن إلى نيويورك، ومن باريس إلى مدريد. الملايين خرجوا يحملون علم فلسطين، يهتفون باسم غزة، ويدينون الاحتلال بصوتٍ واحد. الجامعات، والنقابات، والمؤسسات الأكاديمية، والمبدعون، وحتى الرياضيون؛ كلهم قالوا كلمتهم: كفى قتلا في غزة.
لقد أعادت المقاومة تعريف الصراع أمام الضمير الإنساني: فالقضية لم تعد "نزاعا سياسيا"، بل معركة بين الحرية والاحتلال، بين العدالة والإبادة. وهذا الوعي العالمي المتزايد ربما يكون أعظم مكاسب غزة، لأنه نصر طويل المدى، يغيّر الرأي العام الغربي الذي لطالما كان منحازا للاحتلال.
غزة تُسقط الصمت العربي
وحدها غزة قاتلت، ووحدها دفعت الثمن، بينما كانت أنظمة عربية كثيرة تكتفي بالصمت أو البيانات الباردة. لكن هذا الصمت لم يمنع الرسالة من الوصول: أن المقاومة، رغم كل الحصار والخذلان، فعلت ما عجزت عنه جيوشٌ نظامية تمتلك أحدث الأسلحة والعتاد.
لقد سقطت أوهام القوة الزائفة، وكُشف حجم جيش الاحتلال الحقيقي أمام العالم. فذلك الجيش الذي قيل عنه إنه "لا يُقهر" عجز عن إخضاع مدينة محاصرة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترا مربعا. إنها الحقيقة التي على كل عاصمة عربية أن تتأملها: القوة ليست في السلاح، بل في الإيمان بعدالة القضية.
اتفاق وقف النار.. إعلان نصر لا هدنة
الاحتلال مهما امتلك من سلاح، يظل هشّا أمام إرادة من يقاتل من أجل حقه.. أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن من يقف بثبات على أرضه يُرغم المحتل في النهاية على التراجع
حين يُوقَّع اتفاق وقف إطلاق النار، فذلك ليس مجرد نهايةٍ مؤقتةٍ للقتال، بل اعترافٌ بانتصار غزة. فالاحتلال لم يجلس إلى طاولة التفاوض إلا بعدما استنفد كل وسائله، ولم يرضَ بالتفاوض إلا بعدما أدرك أن الحرب أصبحت عبئا لا مكسبا.
وقفُ إطلاق النار، بالنسبة للمقاومة، ليس تنازلا، بل تتويجا لمسيرة صمودٍ دامت عامين، دفعت فيها غزة ثمن الحرية دما، لكنها انتزعت اعترافا سياسيا ومعنويا بأنها الطرف الذي لا يمكن تجاوزه في أي معادلة قادمة.
غزة.. مدرسة الأحرار
لقد قدّمت غزة للعالم درسا خالدا: أن الاحتلال مهما امتلك من سلاح، يظل هشّا أمام إرادة من يقاتل من أجل حقه.. أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن من يقف بثبات على أرضه يُرغم المحتل في النهاية على التراجع. هي مدرسة للأحرار، ومصدر إلهام لكل شعبٍ يسعى للخلاص من القهر.
وغزة اليوم لا تنتظر التصفيق، بل تطلب أن يُكتب تاريخها كما يليق بها: كأعظم قصة صمود في وجه أعتى آلة بطش عرفها العصر الحديث.
غزة انتصرت.. لأن الحق لا يُهزم
في زمنٍ يُباع فيه المبدأ وتُشترى المواقف، ظلّت غزة وفية لقضيتها، وحين ظنّ العالم أن صوتها سيخفت تحت الركام، خرجت لتقول: "ما زلنا هنا، وما زال لنا وطن".
لقد انتصرت غزة، لا فقط في الميدان، بل في الوعي والكرامة والتاريخ. وانتصارها هو انتصارٌ لكل من يؤمن بأن الحرية تستحق النضال، وأن الحق لا يضيع ما دام وراءه شعبٌ يقاتل من أجله حتى الرمق الأخير.