علماء يحذرون من جفاف عالمي مستمر ومتسارع
تاريخ النشر: 14th, October 2025 GMT
تُظهر دراسة جديدة أن قارات العالم تجف بسرعة متزايدة، مما يُهدد توافر المياه العذبة على المدى الطويل، ويُحفز ارتفاع منسوب مياه البحار، في حين سيواجه ملايين الأشخاص حول العالم بالفعل حالات جفاف قاسية.
ووجدت الدراسة، التي استندت إلى بيانات جُمعت بين عامي 2002 و2024 من قِبل بعثتين تابعتين لوكالة ناسا، أن هذه التغيرات مستمرة، وتتسارع بمعدل ينذر بالخطر.
ورغم أن حالات الجفاف قصيرة الأمد ليست نادرة، فقد لاحظت دراسات حديثة تغيرات طويلة الأمد في مخزون المياه الأرضي العالمي.
ومخزون المياه الأرضي هو إجمالي كمية المياه المُخزنة على اليابسة، بما في ذلك الجليد والمياه السطحية والمياه الجوفية ورطوبة التربة.
وخلصت الدراسة إلى أن المناطق المعرضة للجفاف تنمو بضعف مساحة كاليفورنيا سنويا، أي نحو مليون كيلومتر مربع. وفي نصف الكرة الشمالي، يؤدي هذا إلى ظهور ما يُطلق عليه الباحثون "مناطق الجفاف الهائلة"، وهي بؤر جفاف ساخنة مترابطة على نطاق قاري.
وعلى الرغم من وجود مناطق تزداد رطوبة أيضا، فإن الميزان يميل بقوة نحو الجفاف الشامل. ويُعزى هذا التحول، حسب الدراسة، إلى استنزاف المياه الجوفية على نطاق واسع، وهو انخفاض طويل الأمد في مخزون المياه في طبقات المياه الجوفية بسبب ضخها، وخاصة للاستخدامات الزراعية.
وتُمثل هذه الظاهرة 68% من التغيرات الملحوظة في مخزون المياه الأرضية. وتشمل الأسباب الأخرى فقدان المياه في المناطق ذات خطوط العرض العليا، مثل كندا وروسيا، حيث يذوب الجليد والتربة الصقيعية بسبب ارتفاع درجات الحرارة، بالإضافة إلى موجات الجفاف الشديد في أميركا الوسطى وأوروبا.
ووفقا للمؤلفين، فإن آثار هذا الاتجاه عميقة، ويمكن الشعور بها على نطاق عالمي. ففي بداية قياسات الدراسة عام 2020، كان حوالي 6 مليارات شخص، أو 75% من سكان العالم، يعيشون في مناطق تتناقص فيها موارد المياه العذبة.
إعلانويؤدي انخفاض توافر المياه على الأرض إلى زيادة في مياه البحر، مما يُسرّع في نهاية المطاف من ارتفاع مستوى سطح البحر. وتُحذر الدراسة من أن هذه العملية تُساهم الآن بشكل أكبر في ارتفاع مستوى سطح البحر من ذوبان الصفائح الجليدية.
وجاء البحث عقب صدور تقرير صادر عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، والذي خلص إلى أن بعضا من أشد حالات الجفاف المسجلة على الإطلاق قد وقعت منذ عام 2023.
ومع زيادة مستويات الجفاف، يُدفع عشرات الملايين من الناس، وخاصة في جنوب وشرق أفريقيا، إلى انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية والهجرة المناخية القسرية بسبب الآثار المركبة لسوء إدارة المياه، وظاهرة النينيو، وتغير المناخ.
ففي الصومال، على سبيل المثال، يُقدر أن الجفاف قد تسبب في وفاة ما يقرب من 43 ألف شخص في عام 2022 وحده، وفقا للتقرير.
ويحدد التقرير بؤر الجفاف الساخنة في جميع أنحاء العالم، من البحر الأبيض المتوسط إلى أميركا الوسطى والجنوبية وجنوب شرق آسيا.
ففي إسبانيا، كانت 60% من الأراضي الزراعية تواجه الجفاف في أبريل/نيسان 2023، بينما 88% من الأراضي التركية معرضة حاليا لخطر التصحر.
ويقول الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: "لم يعد الجفاف تهديدا بعيدا. إنه موجود، ويتصاعد، ويتطلب تعاونا عالميا عاجلا".
وأضاف أنه عندما تنفد الطاقة والغذاء والماء دفعة واحدة، تبدأ المجتمعات بالتفكك، وهذا هو الوضع الطبيعي الجديد الذي يجب أن نكون مستعدين له، برأيه.
ولمواجهة هذه التحديات الجديدة، يوصي التقرير "باتخاذ إجراءات فورية تتضمن حلولا منهجية ومتعددة القطاعات وتعاونا دوليا"، مع التركيز بشكل خاص على تعزيز النظم البيئية وتحسين إدارة المياه مع ضمان عدالة الوصول إلى الموارد.
ووفقا للتقرير، تتوفر بعض الحلول السريعة للتخفيف من حدة المشكلة. ففي بعض أنحاء العالم، يُفقد ما يصل إلى 80% من المياه المتاحة بسبب تسربات في البنية التحتية للمياه القديمة أو غير الفعالة. ويمكن لإصلاح هذه البنية التحتية وصيانتها أن يزيد بشكل كبير من توافر المياه العذبة لبعض المجتمعات، حسب التقرير.
ويؤكد التقرير أن ذلك وحده لا يكفي. فلا يزال اتخاذ إجراءات حاسمة للتخفيف من آثار تغير المناخ أهمها خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتحول إلى ممارسات زراعية أكثر استدامة، نظرا لأن القطاع الزراعي هو أكبر مستهلك للمياه العذبة في العالم بلا منازع.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: غوث حريات دراسات تغي ر المناخ
إقرأ أيضاً:
غضب عالمي من «خديعة» تذاكر «مونديال 2026»!
معتز الشامي (أبوظبي)
كشفت صحيفة ذا أتليتك، عن تفجر موجة من الغضب بين جماهير كرة القدم حول العالم، بعد أن شعر آلاف المشجعين بأنهم تعرضوا لعملية «خداع منظم» من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، بعدما اشتروا رموزا رقمية تُمنحهم ما يسمى «حق شراء تذاكر كأس العالم 2026» دون معرفة الأسعار أو الفئات مسبقاً.
وبحسب تحقيق نشرته الصحيفة، باع «الفيفا» عبر منصته الرقمية «FIFA Collect»، التي تديرها بالتعاون مع شركة «موديكس» المتخصصة في تقنيات «البلوك تشين»، عشرات الآلاف من رموز «RTB» خلال العام الماضي، بأسعار تراوحت بين 300 و4000 دولار لكل رمز، وهذه الرموز لا تمثل تذاكر فعلية، بل تمنح صاحبها فقط حق شراء تذكرة في وقت لاحق، وبسعر لم يُحدد سلفاً.
وكانت تظن الجماهير التي سارعت لشراء هذه الرموز، أنها وسيلة مضمونة لتفادي سحب القرعة التقليدي وللحصول على تذاكر بسعر مقبول، لكن المفاجأة جاءت الثلاثاء الماضي، حين أعلنت إدارة «FIFA Collect» أن 70% من التذاكر المخصصة لحاملي الرموز ستكون من الفئة الأولى «الأغلى»، و28% من الفئة الثانية، و2% فقط من الفئة الثالثة، بينما الفئة الرابعة الأرخص غير متاحة إطلاقاً، وقال أحد المشترين للصحيفة: «دفعت آلاف الدولارات لأحصل على حق شراء تذاكر بأسعار معقولة، لكنني اكتشفت أنني سأدفع الآن نحو 2735 دولاراً للتذكرة الواحدة من الفئة الأولى، لو كنت أعلم هذا من البداية، لما اشتريت شيئاً».
وفي المقابل، انهارت أسعار الرموز الرقمية في السوق الثانوية بعد الإعلان، حيث كتب أحد المستخدمين في منتدى ديسكورد، «السوق ينهار بشدة، لقد خُدعنا»
وأكد العديد من المشترين، أن «الفيفا» لم يكشف مسبقاً أي تفاصيل عن الأسعار أو الفئات، رغم وعود البريد الإلكتروني الرسمي في ديسمبر 2024 بأن «التذاكر ستكون متاحة عبر فئات متعددة لتناسب مختلف التفضيلات والميزانيات»، إلا أن الواقع أثبت العكس، خاصة بعد أن تبيّن أن أسعار تذاكر كأس العالم 2026 في بعض المباريات، مثل لقاء الافتتاح للمنتخب الأميركي في لوس أنجلوس، والتي تتجاوز كل التوقعات، حيث تبدأ من 1940 دولاراً للفئة الثانية وتصل إلى أكثر من 2700 دولار للفئة الأولى.
وحين واجهت الصحيفة الاتحاد الدولي لكرة القدم بالانتقادات، جاء الرد بأن «توزيع الفئات والأسعار يخضع لمعادلات العرض والطلب وسعة الملاعب»، مشيرة إلى أن الهدف هو «تحقيق توازن بين إتاحة التذاكر للجماهير وضمان تجربة مميزة»، لكن المشجعين لم يقتنعوا، إذ قال أحدهم عبر واتساب: «استغلونا طوال الوقت، لا يوجد ما يمكننا فعله الآن، لقد تم خداعنا» وفي المقابل، واصلت «فيفا كولكت» بيع رموز جديدة حتى نهاية الأسبوع الماضي، من بينها ما أسمته «حزم المجد» بأسعار وصلت إلى 3999 دولاراً للحق في شراء تذكرتين لمباراة المكسيك الثالثة، و999 دولاراً لمباراة الافتتاح للمنتخب الأميركي.
وتشير التقديرات إلى أن «الفيفا» جمع أكثر من 35 مليون دولار من بيع هذه الرموز منذ إطلاقها في 2024، في حين لم توضح الجهة المنظمة نسبة الأرباح التي تذهب لفيفا أو لشركة «موديكس»، مكتفية بالقول إن «20% من العائدات» تُخصص لصندوق التعليم العالمي التابع لفيفا لدعم الأطفال في أكثر من 200 دولة، وتم الإعلان حتى الآن عن جمع 3.1 مليون دولار لهذا الغرض.
ورغم تبريرات «الفيفا» بأن المشروع «يهدف لتطوير نظام رقمي مبتكر»، إلا أن الغالبية العظمى من المستخدمين ترى فيه أغلى وأقل شفافية في تاريخ تذاكر البطولات الكبرى.
وبهذا، يتحول مشروع FIFA Collect من تجربة رقمية واعدة إلى قصة تحذيرية حول غياب الشفافية واستغلال الحماس الجماهيري، في وقت ما زال عشاق كرة القدم حول العالم يحلمون فقط بفرصة «عادلة» لرؤية كأس العالم من المدرجات.