يمانيون| بقلم: طلال ثابت
في مثل هذا اليوم العظيم، الرابع عشر من أُكتوبر، قبل اثنين وستين عامًا، انطلقت من جبال ردفان شرارة الثورة التي دوّت في أرجاء الجنوب اليمني، معلنةً ميلاد عهدٍ جديدٍ من الكرامة والسيادة بعد عقودٍ من الاستعمار البريطاني البغيض. كان رجال الجنوب، بشجاعتهم وبنادقهم البسيطة، يصنعون التاريخ ويكتبون بدمائهم أن لا مكان للمحتلّ على تراب اليمن، وأن الحرية لا تُمنح بل تُنتزع انتزاعًا.
لكن اليوم، وبعد أكثر من ستة عقود على تلك الثورة الخالدة، يعود المشهد نفسه بثوبٍ جديدٍ وراياتٍ مختلفة. فالمحتلّ البريطاني رحل جسدًا، ليحلّ مكانه احتلال جديدٌ بأدواته وأذرعه: احتلال سعوديّ إماراتي يمارس الوصاية ويعيد إنتاج مشاريع الهيمنة والنهب تحت شعاراتٍ زائفة. يتبدّى ذلك في انتهاك السيادة، واستنزاف الثروات، وتجريف القرار الوطني باسم “الأمن” و”الإعمار”.
ما يزيد مرارة الجرح أن مرتزِقةً محليين يجندون أنفسهم اليوم لخدمة أجنداتٍ خارجية، يقاتلون أبناء جلدتهم ويشاركون في تفتيت اللحمة الوطنية. هذا الخِذلانُ لا يقلّ وطأةً عن الاحتلال نفسه، بل هو عنصرٌ مساندٌ للمشروع الاستعماري الجديد، يسهّل فرض الوصاية ويعمّق الجراح. وما أشبه اليوم بالأمس: نفس الأرض، نفس العزيمة، وعدوّ واحد، وإن تغيّرت أسماءه وألقابه.
إن ذكرى الرابع عشر من أُكتوبر ليست مناسبةً لنوحٍ فقط، بل هي شرارةٌ لإيقاظ الضمائر. الثورة التي حرّرت الجنوب من الاستعمار البريطاني قادرةٌ اليوم على أن تُلهم جيلًا جديدًا من الأحرار لاقتلاع أدوات التبعية والوصاية. الجنوب الذي أنجب قادةً وملحمةً لا يرضى أن يصبح ساحةً لتصفية الحسابات الإقليمية والسرقة المستترة تحت لافتاتٍ مزوّرة.
يا أبناء الجنوب الأحرار: إن دماء الشهداء في ردفان وعدن ولحج وحضرموت تناديكم أن تظلوا أوفياء للعهد. لا تتخاذلوا عن مقاومة كُـلّ من يحاول بيع الثروات وبيع القرار. إن الواجب اليوم هو ذاته واجب الأمس – مقاومة الاحتلال بكل الوسائل الممكنة: السياسية والإعلامية والاجتماعية والوطنية حتى يعود الجنوب حرًّا موحدًا في إطار اليمن العظيم.
وليعلم المعتدي أن إرادَة الشعوب أقوى من كُـلّ حجّارٍ يرمونها بها. تحت الرماد جمر الغضب، والجنوب الذي كتب التاريخ سيكتب فصلًا جديدًا من البطولة. لن نسمح لأحد أن يسرق حق الأُمَّــة في تقرير مصيرها.
في ذكرى الرابع عشر من أُكتوبر… نجدد العهد مع الأبطال، ونؤكّـد أن المعركة اليوم امتداد لثورة المجد، وأن النصر آتٍ بإذن الله بإصرار الشعب وصلابة الرجال.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: أ کتوبر
إقرأ أيضاً:
بمناسبة 14 أكتوبر.. بن بريك يهاجم بشدة الوضع المتردي في الجنوب ويحمل عيدروس والمجلس الإنتقالي ''ضمنيًا'' المسؤولية
وجه نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، أحمد سعيد بن بريك، انتقادات لاذعة للوضع المتردي في المحافظات الجنوبية التي يسيطر عليها المجلس الانتقالي، المدعوم من الإمارات.
وحمل بن بريك -بشكل ضمني- قيادة الانتقالي مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع، جاء ذلك في مقال له بعنوان "الجنوب بين حلم الحرية ووجع الواقع" بالتزامن مع الذكرى الـ62 لثورة 14 أكتوبر، وظهور عيدروس الزبيدي امام حشود جماهيرية من انصاره في محافظة الضالع، احتفالا بالمناسبة.
بن بريك قال إن ''الثورة التي انطلقت من جبال ردفان قبل أكثر من ستة عقود "أعادت للجنوب كرامته المسلوبة"، غير أن "الواقع اليوم لا يليق بتضحيات الشهداء ولا بروح أكتوبر العظيمة".
وأضاف أن "بلاد الجنوب أنهكتها الأزمات، والموظفين بلا رواتب منذ أشهر، والأسر تبحث عن لقمة كريمة في وطن يفيض بالخيرات".
واشار القيادي في المجلس الإنتقالي إلى أن المواطن الجنوبي الذي حلم بدولة عادلة "يواجه كل صباح واقعاً أكثر قسوة وعبثاً يتجدد بأسماء مختلفة ووجوه متكرّرة".
وقال بن بريك إن "التحرر لا يكتمل برحيل المحتل فقط، بل يبدأ ببناء الإنسان القادر على مواجهة العابثين الذين يتسلقون على أكتاف الثورة باسمها، ويختبئون خلف شعاراتها لينهبوا أحلام الناس ويستبدلوا بظلم الأمس أشكالاً جديدة من الإقصاء والفساد".. مضيفًا"أن من جعلوا من القضية سلّماً للوصول، ومن الثورة رداءً يتدثّرون به حين يشاؤون، أساؤوا إلى روح النضال وأضاعوا بوصلة القضية"، في اشارة لقيادة المجلس الإنتقالي التي هو جزء منها، داعياً إلى مراجعة جادة للمسار السياسي ووضع مصلحة الجنوب فوق الحسابات الشخصية والجهوية'.
وزاد:"أن الشعب الذي قدّم الشهداء لا يستحق أن يُكافأ بالخذلان أو يُترك فريسة للفقر والجوع"، مشدداً على أن "الحرية ليست شعاراً يُرفع في المناسبات، بل عهدٌ يُترجم في الميدان".