تقرير- نورة العبرية

ترتكز الاستراتيجية الوطنية للتعليم 2040 على دراسات متخصصة أعدها عدد من الخبراء المحليين والدوليين، وتأخذ في الاعتبار المستجدات التي طرأت على قطاع التعليم. وتمثلت رؤية الاستراتيجية الوطنية للتعليم في سلطنة عُمان 2040 في بناء موارد بشرية تمتلك القيم والمعارف والمهارات اللازمة للعمل والحياة، مما يمكنها من العيش منتجة في عالم المعرفة، ومؤهلة للتكيف مع متغيرات العصر، ومحافظة على هويتها الوطنية وقيمها الأصيلة، وقادرة على الإسهام في رقي الحضارة الإنسانية.

بُنيت الاستراتيجية على أربعة أسس تمهد الطريق لخمس استراتيجيات فرعية، يناقش كل منها جانبًا من جوانب تطوير التعليم.

وتتمثل الأسس التي بُنيت عليها الاستراتيجية الوطنية للتعليم في سلطنة عُمان 2040 في تبنّي أسلوب مبني على المخرجات، ونقل المسؤوليات للمؤسسات التعليمية، وبناء القدرات في النظام التعليمي، وتبني إطار عمل جديد للتعليم.

ويتمثل الهدف العام لاستراتيجية إدارة التعليم في تحديد الأدوار والمسؤوليات وأوجه العلاقة للمجالس المتخصصة والجهات المعنية بالتعليم حتى يتمكن النظام التعليمي بأكمله من تحقيق الأهداف الوطنية بفاعلية، كما تدعو إلى تنظيم قطاع التعليم بما يعمل على فصل عمليات التخطيط الاستراتيجي والتشريعات المنظمة لقطاع التعليم عن العمليات التشغيلية للمؤسسات التعليمية.

ويتمثل الهدف العام لاستراتيجية التحاق الطلبة وتقدمهم عبر المراحل التعليمية وقطاعات العمل في ضمان حصول جميع الطلبة في سن التعليم قبل المدرسي والمدرسي على التعلم في أرجاء عُمان كافة، وأن يسهل نظام التعليم التقدم الفاعل لهم وانتقالهم خلال مراحل التعليم المدرسي وحتى التعليم العالي ومن ثم التحاقهم بالعمل حسب مستوياتهم ومؤهلاتهم الدراسية.

أما استراتيجية بناء الجودة في التعليم فيتمثل هدفها العام في الارتقاء بجودة النظام التعليمي لتواكب المستويات الدولية، بما يسهم في بناء مخرجات ذات جودة عالية.

كما تهتم استراتيجية البحث العلمي والتطوير ببناء قدرات مستدامة للبحث العلمي في المؤسسات التعليمية وتعزيز دورها في بناء اقتصاد قائم على المعرفة.

أما استراتيجية تمويل التعليم فهدفها تطوير آليات جديدة لتمويل قطاع التعليم وتوفير مصادر تمويل مستدامة له.

وتُعد وثيقة فلسفة التعليم في سلطنة عُمان مرجعًا مهمًا في توجيه ملامح السياسة التربوية التي ينتهجها النظام التعليمي، وقد فرضت المستجدات التربوية الراهنة تطوير هذه الوثيقة لتعبّر عن الرؤية الحقيقية لتطوير مسيرة التعليم، وتكون مرتكزًا لتحسين جودة المخرجات التعليمية.

تكمن أهمية وجود فلسفة للتعليم في عُمان في كونها المحرك نحو تطوير التعليم والإصلاح التربوي في جميع المؤسسات التعليمية، فهي توحّد الرؤى والممارسات التربوية وفق أسس ومبادئ ونظريات معاصرة تمثل الإطار العام للعملية التعليمية نحو التحسين والتطوير، وفق معايير عالية الجودة والمصداقية.

واستندت وثيقة فلسفة التعليم إلى عدد من المصادر، أهمها الدين الإسلامي، والفكر السامي لجلالة السلطان المعظم - حفظه الله ورعاه - والنظام الأساسي للدولة، والدور الحضاري العُماني، وخصائص المجتمع العُماني واحتياجاته وطموحاته وتحدياته، وخصائص المتعلم، والفكر التربوي المعاصر، والعقود والمواثيق الدولية، والخطط الاستراتيجية للدولة، والقضايا العالمية المعاصرة.

وتؤكد الوثيقة على مبادئ وأهداف أساسية منها: النمو المتكامل للمتعلم، والهوية والمواطنة، والعزة الوطنية، والتمسك بالقيم والسلوكيات الحميدة، والتربية من أجل التنمية المستدامة، والمحاسبية والمسؤولية، والتربية شراكة وطنية، والتربية على حقوق الإنسان، والسلام والتسامح، والفكر الديمقراطي، والتعليم العالي الجودة للجميع، والتعلم مدى الحياة، والعلم والعمل، والتفكير العلمي، والريادة والابتكار، ومجتمع المعرفة والتكنولوجيا.

وتُعد الأهداف الواردة في الفلسفة ترجمة لغايات المجتمع العُماني وطموحاته في مجال التربية والتعليم، وتُسهم في تحديد الأنشطة التربوية المراد تحقيقها في الأفراد.

ويتمثل دور منظّري المناهج ومخططي العملية التربوية ومطوريها في ترجمة تلك الأهداف العامة إلى أهداف إجرائية قابلة للقياس، من خلال صياغة مخرجات ومعايير تعليمية في المعارف والمهارات الإدراكية والقدرات العامة في المجالات التخصصية المختلفة، وذلك بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في نتائج الاختبارات الدولية، بهدف إعداد خارطة طريق مستقبلية لتجويد التعليم المدرسي.

ويُنتظر أن تقوم خارطة الطريق المستقبلية لتجويد التعليم المدرسي على عدد من المرتكزات التي تضمن التكامل والنظرة الشمولية للنظام التعليمي، ومن أبرزها: تطوير كفاءة الجوانب الإدارية والمالية، وتحسين أداء المعلمين، والارتقاء بالكوادر الإدارية والإشرافية، وتطوير المناهج وأنظمة التقويم والامتحانات، وإدارة البيانات والمعلومات، وإعداد مؤشرات الأداء للنظام التعليمي، وتعزيز التعاون مع الجهات المعنية لتجويد المخرجات. وستنفذ هذه الخارطة عبر خطة مرحلية طويلة المدى تنبثق منها خطط إجرائية قصيرة المدى خلال الفترة المقبلة، لتحقيق نقلة نوعية في النظام التعليمي من خلال تحسين جودة التعليم المدرسي ورفع مستوى المخرجات لمواكبة المستويات العالمية، وإكساب الطلبة المهارات المطلوبة لمؤسسات التعليم العالي وسوق العمل، إلى جانب تطوير أداء الهيئة التدريسية وكفاءة الكوادر الإدارية والإشرافية، وتحقيق مستوى جيد من التواصل والتعاون مع أولياء الأمور وغيرهم من المعنيين، والتحول من التركيز على المدخلات نحو التركيز على المخرجات.

وتضمنت مشاريع تجويد التعليم المدرسي على مشروع تقييم المدارس في سلطنة عُمان، ويهدف هذا المشروع إلى دراسة تجربة عُمان في مجال تقييم المدارس في ثلاثة أقسام رئيسة. يناقش القسم الأول ظهور نظام تطوير الأداء المدرسي في عُمان، الذي صاحب مشروع تطوير التعليم العام في الخطة الخمسية السادسة؛ بغية ربط التقييم بضمان تحقق الأهداف الاستراتيجية للتطوير، وذلك بالتعاون مع مؤسسة أوفستد البريطانية بوصفه بيت خبرة أجنبي منذ عام 2002م.

كما تستعرض المنهج المتبع في التقييم وهيكلة النظم الإدارية والفنية التي راعت مكونات النظام التعليمي والمناخ الثقافي لعملية التقييم، وأهم التحديات التي تعترض تطبيقه.

كما تم إنشاء المركز الوطني للتقويم التربوي والامتحانات، ويهدف إلى توفير نظام للتقويم والامتحانات يحظى بثقة المجتمع، ويسهم في توفير معلوماتٍ وبياناتٍ لواضعي السياسات التربوية تتعلق بمخرجات التعلّم، وما يسبقها من عمليات، وتتضمن رسالة المركز تمكين الطلبة من الالتحاق بسوق العمل أو بمؤسسات التعليم العالي في سلطنة عُمان وخارجها، حيث يكثّف المركز جهوده لتحقيقها.

وتعد المناهج الدراسية إحدى أهم مكونات منظومة العمل التربوي؛ إذ تهدف إلى تحقيق الأهداف العامة للتعليم، وتزويد المتعلم بجملة من المعارف في مختلف المجالات، وتنمية مهاراته وصقل قدراته وتقويم سلوكه، ويعد الإطار العام للمناهج الدراسية ووثيقة المنهج الدراسي للمواد المختلفة، الأساس المنظم لعناصر المنهج وعمليات تطويره. ويتناولان المتعلم وما ينبغي أن يكتسبه من معارف ومهارات واتجاهات وقيم، كما يتناولان المنهج من حيث: فلسفته، وأهدافه، ومحتواه، وأساليب التعليم، والمصادر والمواد التعليمية، وأساليب التقويم، تأتي بعد ذلك مصفوفات المدى والتتابع لجميع المواد الدراسية، التي شملت الأهداف والمحاور والموضوعات والمفردات، مع الحرص على تحقيق التكامل الأفقي بين المواد التي تدرس في الصف نفسه، وبين الدروس في كل مادة، والتكامل الرأسي على مستوى موضوعات المادة الواحدة، وعلى مستوى المواد الأخرى عبر الصفوف المختلفة، والسعي نحو إدخال بعض المفاهيم والقيم والمهارات المناسبة ضمن المناهج الدراسية.

وقد حظي قطاع التعليم وموارده البشرية أكثر من غيره من القطاعات الأخرى بعناية كبيرة من لدن الحكومة وذلك إيمانا بأهمية التنمية المستدامة للكوادر الوطنية وتأهيلها بشكل مستمر يتوافق مع متطلبات العصر؛ لتكون قادرة على تلبية الحاجات والمتغيرات الوطنية، ومواكبة المستجدات العالمية، وفي ضوء ذلك فقد تمكّنت سلطنة عمان خلال فترة وجيزة من نشر مظلة التعليم في كل ربوعها من خلال بناء المدارس، وتعيين الكوادر الإدارية والفنية والتدريسية المؤهلة، وتوفير جميع المصادر والكتب والوسائل المعينة لتحقيق تعليم أفضل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاستراتیجیة الوطنیة للتعلیم النظام التعلیمی التعلیم المدرسی التعلیم العالی قطاع التعلیم التعلیم فی

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم يبحث مع «جايكا» التعاون في تطوير المدارس المصرية اليابانية

عقد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اجتماعًا اليوم مع وفد هيئة التعاون الدولي اليابانية (جايكا)، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين الجانبين في تطوير نظم التعليم بالمدارس المصرية اليابانية.

وخلال اللقاء، استعرض الوزير تفاصيل قصة نجاح المدارس المصرية اليابانية والبالغ عددها حاليا 55 مدرسة، مشيرًا إلى أنه يجري حاليا افتتاح 14 مدرسة جديدة خلال العام الدراسي الجاري ليصل العدد الإجمالي إلى 69 مدرسة، مشيرا إلى الوزارة تستهدف مواصلة التوسع في أعداد المدارس المصرية اليابانية على مستوى الجمهورية.

وأشاد الوزير بالدعم الكبير الذي تقدمه هيئة (جايكا) لمصر في قطاع التعليم، خاصة في مجال تطبيق نظام التعليم الياباني "التوكاتسو" في المدارس المصرية اليابانية، مؤكدًا أن التجربة حققت نجاحًا كبيرًا في بناء شخصية الطالب المصري وتنمية مهاراته الحياتية والسلوكية.

وأشار الوزير محمد عبد اللطيف إلى أن الوزارة تولي اهتمامًا متزايدًا بتعميم التجربة اليابانية في مزيد من المدارس الحكومية، لما لها من أثر إيجابي على تنمية التفكير الإبداعي وتعزيز قيم التعاون والانضباط لدى الطلاب.

وأوضح الوزير أن مجالات التعاون مع الشركاء في اليابان شهدت طفرة كبيرة، خاصة الفترة الماضية، مشيرا إلى التعاون بين الجانبين في تطوير منهج مادة الرياضيات للصف الأول الابتدائي، فضلا عن إطلاق منصة "كيريو" لتعليم وتدريب طلاب الصف الأول الثانوي على مادة البرمجة والذكاء الاصطناعي.

وأكد الوزير أن الوزارة تسعى إلى الاستفادة من التجارب العالمية الرائدة، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وخطة الدولة لبناء الإنسان المصري.

ومن جانبهم، أعرب وفد هيئة جايكا عن تقديره لجهود وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني في تنفيذ برامج التعليم المصري الياباني، مؤكدًا استمرار دعم الهيئة الكامل لمصر في مشروعات التعليم، لا سيما في مجالات التدريب وبناء القدرات وتطوير المدارس المصرية اليابانية.

وفي ختام اللقاء، اتفق الطرفان على مواصلة التنسيق والعمل المشترك من أجل تعظيم الاستفادة من تجربة المدارس المصرية اليابانية والبناء على ما سبق، ودعم توجهات الوزارة نحو تحقيق تعليم عالي الجودة يرتكز على القيم والانضباط والإبداع.

وشارك في اللقاء الدكتور هاني هلال رئيس مجلس أمناء الجامعة المصرية اليابانية عبر تقنية الفيديو كونفرانس، كما حضر الاجتماع من جانب الوكالة اليابانية للتعاون الدولي (جايكا) كل من السيد تاناكا سان، خبير بالجايكا، والسيد إيبيساوا يو، الممثل الرئيسي للوكالة والسيد يازاكي جينتارو، الممثل الأول، والسيدة أوسومي ماسا ممثلة عن الوكالة، والسيدة دينا كرم، مسؤولة أولى للبرامج، والسيدة هبة الحسيني، مسؤولة برامج بالوكالة، والسيد ناكاجيما موتوي، خبير بوحدة إدارة المشروعات (PMU)، والسيد هيغوتشي كوهِي خبير بوحدة إدارة المشروعات (PMU).

وحضر من جانب وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني الدكتورة هانم أحمد، مستشارة الوزير للتعاون الدولي والاتفاقيات، والسيدة نيفين حمودة، مستشارة الوزير للعلاقات الاستراتيجية والمشرفة على المدارس المصرية اليابانية.

مقالات مشابهة

  • صندوق تطوير التعليم ينظم احتفالية لتوزيع 300 رخصة دولية في التكنولوجيا
  • وزير التعليم يبحث مع «جايكا» التعاون في تطوير المدارس المصرية اليابانية
  • 8 مرشحين لحزب الإصلاح والتنمية بالقائمة الوطنية لانتخابات مجلس النواب
  • محسب مرشحا بالقائمة الوطنية عن المنوفية في انتخابات النواب 2025
  • وزيرة التنمية الاجتماعية تطلق جلسة تشاورية حول تصنيف الجمعيات ضمن الاستراتيجية الوطنية للحماية الاجتماعية
  • «ترتكز على 5 محاور».. مجلس الوزراء يستعرض الاستراتيجية الوطنية للبناء الأخضر
  • مجلس الوزراء يستعرض الاستراتيجية الوطنية للبناء والعمران الأخضر تمهيدًا للإطلاق
  • "تعليم الشورى" تستعرض جهود مواءمة مخرجات التعليم العالي مع احتياجات سوق العمل
  • ورشة تدريبية لتزويد موظفي "التعليم العالي" بمهارات تطبيق مفاهيم "القيمة المحلية المضافة"