الأمم تصف المشهد في غزة بـدمار لا يستوعبه عقل.. وخانيونس شاهد على الإبادة
تاريخ النشر: 17th, October 2025 GMT
لربما وضعت الحرب أوزارها، وخفتت أصوات الانفجارات، وغابت مشاهد القصف والنسف وتصاعد لهب النار والغبار، في وقت يفترض فيه أن يسود الهدوء قطاع غزة بعد اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن قوات الاحتلال تواصل انتهاك الاتفاق عبر سلسلة من الهجمات، حيث ارتكبت 36 انتهاكًا لوقف إطلاق النار في القطاع خلال الأيام الستة الماضية منذ عقد قمة شرم الشيخ في مصر.
70 مليون طن ركام و20 ألف جسم متفجر
بعد عامين من الحرب عاد الغزيون إلى مناطقهم آملين في العثور على بقايا من منازلهم وذكرياتهم، لكنهم اصطدموا بواقع يفوق الخيال ودمار سوّى مناطق كاملة بالأرض، وشوارع تحولت إلى ملايين الأطنان من الركام، ما جعل المدينة تواجه أكبر كارثة إنشائية وإنسانية في التاريخ المعاصر، حتى أن الأمم المتحدة وصفت المشهد بعبارة "دمار لا يستوعبه عقل"، مضيفة أن ما بين الحطام والأنقاض، أطلت رفات بشرية مختلطة بالكتل الإسمنتية والسيارات المدمرة ومتعلقات دُفنت تحت الركام، علاوة على ذخائر غير منفجرة. أما وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فأكدت أن الإبادة الجماعية الإسرائيلية دمرت كل الأراضي الزراعية تقريباً في قطاع غزة.
وحذرت صحيفة إندبندنت البريطانية من أزمة إنسانية طويلة بسبب انهيار شبكة توزيع المياه والصرف الصحي وتضرر نحو 80 بالمئة من الأراضي الزراعية جراء الحرب، وذكرت الصحيفة -التي استندت إلى تقرير بيئي- أن آلاف النازحين الفلسطينيين يعودون إلى منازلهم أملًا في بدء صفحة جديدة، لكنهم سيضطرون للتعامل مع تداعيات عامين من القصف يفرضها الواقع البيئي.
بحسب المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، فإن هناك 70 مليون طن من الركام، فضلًا عن 20 ألف جسم متفجر لم ينفجر بعد في غزة، وقال في بيان له، إن حرب الإبادة الجماعية خلّفت ركامًا يضم آلاف المنازل والمنشآت والمرافق الحيوية التي دمّرها الاحتلال عمدًا، وهو ما أدى إلى إعاقة وصول المساعدات الإنسانية وعرقلة جهود الإنقاذ والإغاثة، مشيرًا إلى أن عمليات إزالة الركام ستواجه معوقات جسيمة، أبرزها غياب المعدات والآليات الثقيلة نتيجة منع الاحتلال إدخالها، فضلًا عن إغلاق المعابر بشكل كامل، إلى جانب المنع الإسرائيلي المتعمد لإدخال أي معدات أو مواد لازمة لانتشال الجثامين من تحت الأنقاض.
⛔ بيان (1005): 70 مليون طن من الركام و20 ألف جسم متفجر لم ينفجر بعد غزة تواجه أكبر كارثة إنشائية وإنسانية في التاريخ الحديث
نُؤكد أن حجم الدمار والركام الناتج عن حرب الإبادة الجماعية التي شنّها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة منذ عامين بلغ مستوى غير مسبوق في التاريخ الحديث،… pic.twitter.com/aCmCVX5RcW — د. إسماعيل الثوابتة #غزة (@ismailalthwabta) October 16, 2025
نحو 20,000 جسم متفجر لم ينفجر
في سياق متصل، تشير التقديرات الأولية إلى وجود نحو 20,000 جسم متفجر لم ينفجر بعد في القطاع، من قنابل وصواريخ ألقاها جيش الاحتلال، تمثل تهديدًا كبيرًا لحياة المدنيين والعاملين في الميدان، وتتطلب معالجة هندسية وأمنية دقيقة قبل بدء أي أعمال إزالة، وفقًا للمكتب الإعلامي الحكومي.
المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، إسماعيل الثوابتة، حذر من استمرار تفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع، مؤكدًا أن توقف الأعمال القتالية لم يُنهِ المأساة التي يعيشها السكان، وأضاف أن الحياة في غزة تسير وسط انهيار شبه تام في المقومات الأساسية، وشمل هذا الانهيار قطاعات حيوية متعددة، على رأسها المقومات الإغاثية والصحية والدوائية، إضافة إلى الأوضاع الإيوائية والتعليمية.
مدينة تعيش واقعًا كارثيًا
خانيونس التي كانت تُعدّ "السلة الغذائية" لقطاع غزة قبل الحرب، نظرًا لمساحاتها الزراعية الواسعة، إلا أن معظم أراضيها الزراعية اليوم إما مدمّرة أو محتلة، ولا تغطي أكثر من 10 بالمئة من احتياجات السكان الغذائية. الناطق الإعلامي لبلدية خانيونس، صائب اللقان، أكّد أن الاحتلال الإسرائيلي دمّر أكثر من 85 بالمئة من مساحة محافظة خانيونس خلال عامين من حرب الإبادة الجماعية، مشيرًا إلى أن المحافظة، وهي أكبر محافظات القطاع وتمثّل ثلث مساحته بنحو 110 كيلومترات مربّعة، باتت شبه مدمَّرة بالكامل.
Gazze Şeridi’nin güneyindeki Han Yunus kentinin batısında, yerinden edilmiş binlerce Filistinli mezarlık çevresinde çadır kurdu pic.twitter.com/YsNEXx0tAe — Anadolu Ajansı (@anadoluajansi) October 16, 2025
وأوضح اللقان أن نسبة الدمار في خانيونس تشمل المنازل والمنشآت الحكومية والخاصة، والبنية التحتية، والطرقات، والمرافق الخدمية والترفيهية، ما جعلها واحدة من أكثر المناطق تضررًا في القطاع، مبينا أن المدينة تضم حاليًا نحو 900 ألف نازح ومواطن يعيشون في ظروف قاسية، إذ إن الخدمات الأساسية متوقفة بشكل كامل، وهناك صعوبة في إيصال المياه والصرف الصحي والنظافة، كما أن أغلب آليات البلدية الثقيلة خرجت عن الخدمة نتيجة استهداف الاحتلال، ما اضطر البلدية إلى الاستعانة بالقطاع الخاص لتسيير بعض المهام العاجلة.
وأفاد اللقيان بأن الاحتلال دمّر 36 بئر مياه من أصل 44 في خانيونس، وأربعة خزّانات رئيسية بسعة 120 ألف متر مكعّب، ما تسبّب في أزمة مياه حادّة. كما دمّر 250 ألف متر طولي من الطرق، وخلّف نحو 400 ألف طن من الركام، بينما البلدية عاجزة عن إزالة الركام لغياب المعدات والوقود.
ولفت إلى أن معظم المرافق الصحية ومكبات النفايات تقع في مناطق مصنّفة "حمراء"، حيث تخضع لتواجد عسكري إسرائيلي كثيف، ولا تستطيع الطواقم البلدية الوصول إليها، ونتيجة لذلك، تراكمت النفايات في شوارع المدينة، وتكوّنت مكبّات مؤقتة في المناطق الغربية تحتوي على أكثر من 400 ألف طن نفايات، مسبّبة مخاطر صحية وبيئية جسيمة، مؤكداً شحّ الموارد وتدمير المعدات واستمرار العدوان يجعل من محاولات رفع الركام، وتوفير المياه وترحيل النفايات في غاية الصعوبة.
"دمار لا يستوعبه عقل"
أسر فلسطينية تعود إلى منازلها المدمرة في غزة.https://t.co/rNSXlwxVd9 pic.twitter.com/OdwARJYRmN — أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) October 16, 2025
وحذّر اللقان من أن خانيونس تواجه خطرًا وشيكًا مع اقتراب فصل الشتاء، في ظل دمار شبكات الصرف الصحي والطرق، ووجود آلاف النازحين في مناطق منخفضة مهدّدة بالغرق، مؤكّدًا أن البلدية تفتقر لأي إمكانيات فنية أو لوجستية للتعامل مع الأمطار والسيول، وناشد اللقان المنظمات الدولية والجهات المانحة التدخّل العاجل لإعادة تشغيل الخدمات الأساسية، وإنقاذ محافظة خانيونس من "وضع كارثي غير مسبوق" يهدّد حياة مئات الآلاف من سكانها ونازحيها.
إعادة يتطلب عشرات مليارات الدولارات
المشاركون في مؤتمر "ويلتون بارك"، الذي عُقد في المملكة المتحدة، وترأسته بشكل مشترك كل من بريطانيا ومصر وفلسطين، قالوا في بيانهم الختامي إن إعادة إعمار غزة هي واحدة من أكثر العمليات تحديًا في الوقت الحاضر، مؤكدين أن إعادة الإعمار ستكلف عشرات المليارات من الدولارات، مشددين على أهمية مشاركة القطاع الخاص، ودور التمويل الدولي في هذا المسار.
This week, we joined governments, businesses, and civil society at the Wilton Park high-level dialogue — co-hosted by the UK Government, the Palestinian Authority, and the Government of Egypt — to explore how private sector investment can help drive Gaza’s reconstruction.… pic.twitter.com/UFkuZBTfQm — International Chamber of Commerce (@iccwbo) October 16, 2025
وخلص الاجتماع الفني غير الرسمي، الذي نظمته مؤسسة "ويلتون بارك" ببريطانيا، بمشاركة خبراء متخصصين في مجالات التمويل والاستثمار والقطاع الخاص، إلى جانب ممثلين عن الوزارات والجهات الفنية المعنية، وفق بيان لوزارة الخارجية المصرية، إلى أن تحقيق السلام الدائم لا يتطلب فقط جهودًا سياسية، بل يستدعي أيضًا التعافي الاقتصادي وإعادة إعمار غزة.
نحو 288 ألف أسرة بلا مأوى
وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 301 ألف منزل، منها 148 ألفاً دمرت كلياً، و153 ألفاً جزئياً، والكثير منها بات آيلاً للسقوط نظراً لتصدع أسقفها وتشقق أعمدتها وجدرانها، وهو واقع ترك نحو 288 ألف أسرة بلا مأوى من أصل 350 ألفاً، كما وخرج 22 مستشفى عن الخدمة بشكل كامل، فيما يعمل 14 مستشفى بشكل جزئي.
وبحسب التقديرات الأممية، تتطلب عمليات إزالة الأنقاض وقتاً يقدر بما بين 3 - 5 سنوات، حال وفاء الدول المانحة بتعهداتها، كما أن تراكم 170 ألف طن من النفايات الصلبة بالقرب من التجمعات السكنية المؤقتة يهدد بانتشار الأوبئة والمكاره الصحية.
وتُظهر هذه الأرقام أن غزة تقف أمام مهمة إعمار تاريخية، تتجاوز في حجمها قدرة أي جهة محلية منفردة، وتشير تقارير البنك الدولي والأمم المتحدة إلى أن تكلفة التعافي والإعمار تتطلب تمويلاً يفوق 50 مليار دولار خلال عقد من الزمن، تشمل إعادة بناء المساكن والبنى التحتية والخدمات العامة، إضافة إلى تحفيز الاقتصاد المحلي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية إعمار غزة خان يونس إعمار غزة حرب الابادة دمار غزة بيئة غزة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة الأمم المتحدة فی القطاع من الرکام قطاع غزة pic twitter com فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل تقلص مساعدات غزة رغم الهدنة.. الأمم المتحدة تحذر من كارثة إنسانية وشيكة
قال ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، إن تدفق المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ما زال يواجه عوائق كبيرة رغم سريان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس.
وأوضح دوجاريك، في تصريح صحفي مساء الأربعاء، أن الأمم المتحدة واجهت الثلاثاء الماضي تعطيلاً متعمداً في مرور الشاحنات الإغاثية عبر المعابر الحدودية، نتيجة قرار إسرائيلي بتقليص حجم المساعدات المسموح بدخولها إلى القطاع المحاصر.
وأضاف أن المنظمة الدولية تجري اتصالات مكثفة مع السلطات الإسرائيلية في محاولة لإيجاد آلية دائمة ومنسقة تضمن تدفق المساعدات عبر مزيد من المعابر، بما يتيح وصول الإمدادات إلى جميع مناطق القطاع التي تعاني أوضاعاً إنسانية كارثية. وأعرب دوجاريك عن أمله في التوصل إلى نظام إنساني مستقر وشفاف يسمح بإدخال كميات كافية من الغذاء والدواء والوقود لتلبية الاحتياجات العاجلة للسكان.
في المقابل، كشفت وسائل إعلام أمريكية أن إسرائيل أبلغت الأمم المتحدة رسمياً بقرارها خفض عدد شاحنات المساعدات اليومية المتجهة إلى غزة، مبررة ذلك بما قالت إنه تأخر من حركة حماس في إعادة جثامين الأسرى الإسرائيليين الذين قضوا خلال الحرب. وأثار هذا القرار انتقادات دولية متزايدة، خصوصاً مع استمرار معاناة المدنيين في القطاع من الجوع ونقص المياه والدواء.
ويأتي هذا التطور في ظل بدء المرحلة الأولى من اتفاق التهدئة الذي دخل حيّز التنفيذ في 10 أكتوبر الجاري، ويشمل وقفاً مؤقتاً للأعمال القتالية وتبادل أسرى وجثامين بين الجانبين، إلى جانب ضمان تدفق المساعدات الإنسانية بإشراف الأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تستخدم المساعدات كورقة ضغط سياسية في مفاوضاتها غير المعلنة مع حركة حماس، بينما تسعى الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون إلى فصل المسار الإنساني عن الحسابات العسكرية والسياسية لضمان وصول الإغاثة إلى أكثر من مليوني فلسطيني يعانون أوضاعاً وُصفت بأنها الأسوأ منذ عقود.
كما حذر خبراء أمميون من أن استمرار القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات قد يؤدي إلى انهيار كامل للمنظومة الإنسانية في غزة، مشيرين إلى أن المخزون الطبي والغذائي يقترب من النفاد، وأن أي تأخير إضافي في وصول الإمدادات قد يتسبب بـ كارثة صحية وإنسانية واسعة النطاق خلال الأسابيع المقبلة.