الانفجار العكسي يلوح في الأفق.. دراسة تكشف موعد انهيار الكون وعودة كل شيء إلى نقطة البداية
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
منذ أن اكتشف الإنسان أن الكون في حالة تمدد مستمر، ظن العلماء أن هذا التوسع سيستمر إلى الأبد، مدفوعًا بما يُعرف بـ"الطاقة المظلمة". لكن دراسة جديدة صادرة عن فريق من الفيزيائيين في الولايات المتحدة وإسبانيا والصين أعادت إشعال الجدل حول المصير النهائي للكون، إذ تشير إلى احتمال أن يتمدد الكون لبضعة مليارات من السنين فقط، قبل أن يتوقف ثم يبدأ بالانكماش في رحلة عكسية تنتهي بما يشبه "الانفجار العظيم المعكوس" أو "البيغ كرانش".
تلك الفرضية المدهشة نُشرت مؤخرًا في مجلة Journal of Cosmology and Astroparticle Physics، وأثارت نقاشًا واسعًا في الأوساط العلمية والفلسفية على حد سواء، إذ أعادت السؤال الأزلي: هل للكون نهاية كما كانت له بداية؟
الانفجار العكسي.. سيناريو نهاية محتملةبحسب الدراسة، يبلغ عمر الكون اليوم نحو 13.8 مليار سنة، وسيواصل التمدد نحو 11 مليار سنة إضافية، حتى يصل إلى حجمه الأقصى، أي ما يقارب 1.7 ضعف حجمه الحالي. بعد ذلك، سيتباطأ التمدد تدريجيًا إلى أن يتوقف تمامًا، ثم يبدأ الكون في الانكماش، ليعود إلى نقطة مفردة فائقة الكثافة والحرارة تمامًا كما بدأ في الانفجار العظيم.
هذا السيناريو المدهش يعتمد على فكرة أن الطاقة المظلمة، التي تدفع تمدد الكون، قد لا تكون ثابتة كما كان يُعتقد، بل ربما تكون في تراجع تدريجي، ما يعني أن قوتها ستتلاشى في المستقبل البعيد، لتفسح المجال للجاذبية كي تسيطر مجددًا، فتجذب كل شيء نحو مركز كوني واحد.
تغيير المفاهيم.. من التمدد الأبدي إلى النهاية الكونيةالباحث الرئيسي في الدراسة، الفيزيائي هنري تاي من جامعة كورنيل الأمريكية، قال إن النتائج الجديدة تُغيّر جذريًا الفهم السائد عن مصير الكون. وأضاف:
"على مدى عقدين من الزمن، افترضنا أن الثابت الكوني موجب، أي أن الكون سيتوسع إلى الأبد، لكن البيانات الحديثة تشير إلى أنه قد يكون سلبيًا، ما يعني أن النهاية ستكون بانكماش شامل."
ويتابع تاي موضحًا: “في الستينيات، اكتشفنا أن الكون له بداية، واليوم نقترب من الإجابة على سؤال آخر: هل له نهاية أيضًا؟ ربما يكون الأمر كذلك.”
هذا التصريح وحده كافٍ لإعادة النظر في واحدة من أكثر المسلّمات العلمية ثباتًا منذ القرن الماضي، والتي تفترض أن الكون سيستمر في التمدد بلا حدود.
الطاقة المظلمة والأكسيونات.. مفاتيح اللغزيعتمد النموذج الجديد على مفهوم "الثابت الكوني" الذي أضافه ألبرت أينشتاين إلى نظريته في النسبية العامة لتفسير توسع الكون. فإذا كان هذا الثابت موجبًا، يستمر الكون في التمدد، أما إذا كان سالبًا، فسيؤدي في النهاية إلى الانكماش.
وتشير الملاحظات الفلكية الحديثة إلى أن الطاقة المظلمة التي تمثل أكثر من 70% من الكون ليست ثابتة، بل قد تتغير بمرور الزمن. وهنا يأتي دور الجسيمات الافتراضية المعروفة باسم "الأكسيونات" (Axions)، التي افترض الفريق أنها قد تكون المصدر الحقيقي للطاقة المظلمة.
في البداية، تدفع الأكسيونات الكون إلى التمدد، لكنها مع مرور الوقت تفقد قوتها تدريجيًا، حتى تضعف تمامًا، فتعود الجاذبية لتفرض سيطرتها، وتبدأ رحلة الانكماش الكوني.
نهاية أسرع من البدايةيشبّه العلماء هذه العملية بركوب دراجة تصعد تلًا بينما تهب رياح خلفية تساعدها على التقدم، لكن مع الوقت تهدأ الرياح، فيتباطأ الصعود حتى يتوقف عند القمة، ثم يبدأ الهبوط بسرعة متزايدة.
وبحسب الحسابات الفيزيائية، فإن مرحلة الانهيار ستكون أسرع بكثير من مرحلة التمدد، إذ تُسرّع طاقة الأكسيونات الحركية عملية الانكماش، بينما تزداد كثافة المادة وقوة الجاذبية بشكل هائل مع اقتراب النهاية. وفي اللحظة الأخيرة، سينهار كل ما في الكون من مجرات ونجوم وكواكب في نقطة مفردة شديدة الكثافة، لتكون صورة معكوسة للانفجار العظيم الذي بدأ منه كل شيء.
فرضية وليست نبوءةورغم ما يثيره هذا السيناريو من رهبة، يؤكد الباحثون أن ما توصلوا إليه لا يعدّ نبوءة حتمية، بل فرضية علمية مشروطة بصحة البيانات المتعلقة بتغيّر الطاقة المظلمة. فلا يزال الغموض يلف طبيعة هذه الطاقة، ولا يُعرف إن كانت فعلًا ناتجة عن الأكسيونات، أم أن هناك قوى فيزيائية مجهولة أخرى تقف وراءها.
بمعنى آخر، ما زالت هذه النظرية واحدة من عدة احتمالات مفتوحة أمام العلماء لتفسير مستقبل الكون، لكنها بالتأكيد تضيف بُعدًا فلسفيًا وإنسانيًا عميقًا إلى رحلة البحث عن إجابة السؤال الأكبر.. هل كل ما نعرفه مآله إلى العدم؟
الكون في منتصف الطريقإذا صحّ هذا النموذج، فإننا نعيش اليوم تقريبًا في منتصف عمر الكون. فبعد 13.8 مليار سنة من الانفجار العظيم، ومع بقاء نحو 20 مليار سنة قبل الانفجار العكسي، يمكن القول إن الكون يسير في منتصف رحلته الكونية.
لكن البشر كما يؤكد العلماء لن يشهدوا تلك النهاية، إذ ستنقرض الحياة قبلها بوقت طويل، بسبب التغيرات الفلكية والفيزيائية التي ستجعل الكون غير صالح لأي شكل من أشكال الوجود المعروف.
الكون بين البداية والنهاية.. دورة لا نهائية؟في نهاية المطاف، تذكّرنا هذه الدراسة بأن الكون ليس ثابتًا ولا أزليًا، بل كيان ديناميكي يعيش في صراع دائم بين قوى التمدد والانكماش.
وربما، كما يقترح بعض الفيزيائيين، لن تكون النهاية نهاية فعلية، بل بداية جديدة لدورة كونية أخرى، تنفجر فيها الحياة من جديد من رحم الانهيار.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الولايات المتحدة وإسبانيا الصين الطاقة الانفجار الطاقة المظلمة ملیار سنة الکون فی أن الکون
إقرأ أيضاً:
قمر الذئب العملاق يقترب.. ليلة شتوية استثنائية بانتظار العالم| ايه الحكاية؟
في مطلع عام 2026، تستعد السماء لحدث فلكي استثنائي يجذب أنظار ملايين المتابعين حول العالم ففي الثالث من يناير يكتمل قمر الذئب العملاق، أول بدر في العام الجديد، متألقا في لحظة نادرة تجمع بين العلم والأسطورة، مع اقترابه من نقطة الحضيض ليبدو أكبر وأكثر سطوعًا من المعتاد.
قبل ساعات قليلة من منتصف الليل، يبدأ القمر في الارتفاع من الأفق الشرقي بلون ذهبي دافئ يمنحه سحرا إضافيا، قبل أن يزداد إشراقه تدريجيا مع صعوده نحو السماء حتى لحظة اكتماله.
وتختلف ذروة البدر بحسب المناطق الزمنية، حيث يكتمل عند:
5:03 صباحا في نيويورك
10:03 صباحا في لندن
7:03 مساءا في طوكيو
أما في الشرق الأوسط، فسيكون المشهد واضحا مساء الثالث من يناير، مع ظهور القمر العملاق فور غروب الشمس بسطوع لافت.
قمر عملاق بسطوع يفوق المعتادتجمع هذه الظاهرة بين اكتمال القمر ووجوده في أقرب نقطة من مداره حول الأرض، ما يجعله أكثر لمعانًا بنحو 30% وأكبر بمعدل 14% مقارنة بأصغر بدر في السنة ويؤكد الخبراء أن هذه الليلة ستميّز يناير بمشهد سماوي فريد لا يتكرر كثيرًا.
يرتبط اسم قمر الذئب بتقاليد الأمريكيين الأصليين، إذ كان يسمع عواء الذئاب ليلا خلال برد يناير القارس بحثا عن الطعام، فارتبط البدر في هذا الشهر بأصواتها الطويلة.
وللقمر في يناير أسماء أخرى في ثقافات مختلفة، منها القمر الهادئ، والقمر القاسي، كما يُعرف لدى شعب الأسينيبوين في كندا بـ “قمر المركز” لوقوعه في قلب الشتاء.
سماء مزدحمة بالضوء والكواكبلن يكون القمر العملاق وحده في السماء، إذ سيظهر كوكب المشتري أسفل يمينه مباشرة، بينما تتلألأ نجوم كوكبة الجوزاء بالقرب منه.
إلى الجنوب، يبرز مشهد كوكبة الجبار بحزامها الثلاثي الشهير، وفوقها تتوهج الثريا كعقد لامع من الجواهر السماوية.
كما سيظهر كوكب زحل منخفضًا فوق الأفق الجنوبي الغربي، بالتزامن مع شهب الرباعيات التي تبلغ ذروتها الليلة ذاتها، وإن كان بريق القمر قد يحجب الشهب الخافتة.
فرصة ذهبية للمصورينتُعد هذه الليلة حدثًا استثنائيًا لعشاق التصوير، فسطح القمر سيظهر بتفاصيله الدقيقة من فوهات وسهول وانعكاسات ظلال
ويمكن حتى للهواتف الذكية التقاط صور مميزة عند شروق القمر، حين يبدو أكبر وأكثر تأثيرًا بفعل خداع بصري ناتج عن قربه من الأفق ومعالم الأرض.