هل تصلح تجربة أيرلندا الشمالية نموذجًا لغزة في فترة ما بعد الحرب وبناء السلام؟
تاريخ النشر: 18th, October 2025 GMT
تثار مقارنات بين تجربة السلام في أيرلندا الشمالية والجهود الجارية لإرساء الاستقرار في غزة، مع حديث عن إمكانية تطبيق نموذج نزع السلاح والمصالحة على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. اعلان
بينما يترقب الفلسطينيون والإسرائيليون ما سيأتي بعد وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ينظر بعض المراقبين إلى تجربة عملية السلام في أيرلندا الشمالية خلال تسعينات القرن الماضي بحثًا عن دروس يمكن أن تساعد في الانتقال من الحرب إلى السلام.
شخصيتان بارزتان من تلك المرحلة، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير ورئيس ديوانه السابق جوناثان باول، عادتا إلى الواجهة مجددًا مع انخراطهما في محادثات مع الولايات المتحدة ودول أخرى بشأن مستقبل غزة.
رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال هذا الأسبوع إن بلاده "تستعد للعب دور رئيسي في نزع سلاح حركة حماس وقدراتها، مستندةً إلى تجربتها في أيرلندا الشمالية".
من "الاضطرابات" إلى اتفاق الجمعة العظيمةخلال فترة "الاضطرابات" في أيرلندا الشمالية، قُتل نحو 3600 شخص وأصيب 50 ألفًا في ثلاثة عقود من العنف بسبب الخلاف حول وضع الإقليم. وفي عام 1998، تم التوصل إلى "اتفاق الجمعة العظيمة" الذي أنهى معظم أعمال القتال وأدى إلى نزع سلاح الجيش الجمهوري الإيرلندي (IRA) وفصائل مسلحة أخرى.
لكن الخطة المدعومة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن غزة تبدو أضيق نطاقًا بكثير، إذ لا تتناول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع الممتد منذ عقود، ولا تقدم مسارًا نحو إقامة دولة فلسطينية، وهو خيار ترفضه إسرائيل رغم أنه يُعد دوليًا الطريق الوحيد لحل النزاع.
تدعو الخطة إلى نزع سلاح حماس، وهو ما ترفضه الحركة، رغم أنها قالت إنها قد تسلّم بعض الأسلحة لهيئة فلسطينية أو عربية.
في تجربة أيرلندا الشمالية، كان رفض الجيش الجمهوري الإيرلندي التخلي عن سلاحه عقبة كادت تُفشل مسار السلام.
Related بعد وقف الحرب على غزة.. هل تغيّر المزاج الأمريكي تجاه ترامب؟دعوة لفتح جميع المعابر لإغراق غزة بالمساعدات... برنامج الأغذية العالمي: مكافحة المجاعة ستتطلب وقتًاتظاهرة صامتة بتل أبيب تدعو لإعادة رفات الرهائن المحتجزين في غزة أوجه الشبه والاختلافيرى الخبراء أن هناك تشابهات محدودة بين الصراعين، لكن الفوارق تبقى عميقة. فالحرب المدمرة في غزة التي اندلعت بعد هجوم حماس على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، والذي أدى إلى مقتل 1200 شخص واختطاف 251، لا يمكن مقارنتها من حيث حجم الدمار والكلفة الإنسانية.
العملية العسكرية الإسرائيلية الواسعة دمّرت أجزاء كبيرة من القطاع وأدت إلى مجاعة ومقتل نحو 68 ألف فلسطيني، بحسب السلطات المحلية.
كريستيان براون، محاضر في العلوم السياسية بجامعة ألستر في بلفاست، قال إن "مستوى التحدي في الشرق الأوسط هائل"، مضيفًا أن "حجم المرارة والإحساس بالتهديد الفوري ومستويات الدمار لم تكن في أيرلندا الشمالية بالدرجة الكارثية التي نشهدها في غزة".
نزع السلاح والاتفاقات السياسيةفي أيرلندا الشمالية، وافق الجيش الجمهوري الإيرلندي في نهاية المطاف على وضع ترسانته "خارج الاستخدام" ضمن عملية سرية خضعت لرقابة دولية، وتم ذلك بالتوازي مع مفاوضات سياسية لحل النزاع.
بدأ نزع السلاح فعليًا عام 2001 واكتمل عام 2005، أي بعد سبع سنوات من توقيع اتفاق السلام. كما شاركت مجموعات مسلحة أخرى موالية لبريطانيا أو قومية إيرلندية في العملية نفسها.
البروفيسور نيل أو دوكرتي من جامعة غالواي قال إن "البريطانيين قد يقدمون نصائح حول الصبر والبراغماتية"، مشيرًا إلى أن "قيادة الجيش الجمهوري الإيرلندي احتاجت إلى دعم لمساعدتها في إقناع عناصرها بجدوى نزع السلاح".
وأضاف أن عملية نزع السلاح "لم تتم إلا بعد أن اقتنعت قيادة الجيش الجمهوري بأن هناك تسوية سياسية راسخة"، لافتًا إلى أنه بينما "ظهرت ملامح التسوية في وقت مبكر نسبيًا في أيرلندا الشمالية، يبدو أن التوصل إلى إجماع مماثل في الشرق الأوسط ما زال بعيد المنال".
خطة غزة: قضايا عالقةالخطة المكونة من 20 بندًا لقطاع غزة تتدرج من وقف إطلاق النار إلى إعادة الإعمار، لكنها تترك أسئلة جوهرية بلا إجابة، مثل مستقبل القدس وعودة اللاجئين الفلسطينيين والترتيبات الأمنية والحدود المستقبلية والمستوطنات الإسرائيلية والعنف في الضفة الغربية.
أما اتفاق الجمعة العظيمة، فقد كان أكثر وضوحًا، إذ أنشأ حكومة محلية ونظامًا لتقاسم السلطة. ورغم ذلك، واجهت أيرلندا الشمالية لاحقًا أزمات سياسية وهجمات متفرقة، لكنها بقيت في المجمل منطقة يسودها السلام، وتحوّلت أحزاب كانت على صلة بالعنف سابقًا، مثل "شين فين"، إلى قوى سياسية فاعلة.
بيتر ماكلوغلين، أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة كوينز بلفاست، قال إن مفتاح نجاح عملية السلام كان "إشراك الأطراف المنخرطة في العنف وقيادتها نحو المسار الديمقراطي".
وأضاف أن استبعاد حركة حماس، التي تدير غزة منذ عام 2007، من مستقبل القطاع قد يشكل مشكلة، مشيرًا إلى أن "الدرس الأوسع من نجاح أيرلندا الشمالية هو أن العملية الشاملة كانت مجدية، وشاملة بكل معنى الكلمة، أي بمشاركة جميع الأطراف بما في ذلك الجماعات المسلحة".
وختم بالقول إن "حماس مستبعدة من العملية السياسية، ومطلوب منها في الوقت نفسه أن تتخلى عن سلاحها. لست متأكدًا من مدى واقعية ذلك".
توني بلير يُنظر إليه كأحد المستشارين المحتملين لترامب بشأن غزة. فقد تولى رئاسة الوزراء في بريطانيا بين عامي 1997 و2007، وشغل لاحقًا منصب مبعوث اللجنة الرباعية المعنية بالسلام في الشرق الأوسط (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوروبي، روسيا، والأمم المتحدة). لكن شخصيته تبقى مثيرة للجدل بسبب دعمه للحرب على العراق عام 2003، وهو ما دفع ترامب للاعتراف بأن بلير "قد لا يكون خيارًا مقبولًا للجميع في المنطقة".
أما جوناثان باول، مستشار الأمن القومي لستارمر، الذي شارك مؤخرًا في محادثات في مصر، فقد نال إشادة من المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف على "مساهمته المذهلة وجهوده الدؤوبة" في التوصل إلى الاتفاق.
برونوين مادوكس، مديرة معهد "تشاتهام هاوس" البريطاني للشؤون الدولية، أعربت عن شكوكها بشأن المقارنة بين التجربتين، قائلة إن بريطانيا "يمكنها أن تلعب دورًا دبلوماسيًا صغيرًا في غزة، لكنه لن يكون حاسمًا".
وأضافت أن اتفاق السلام في أيرلندا الشمالية "كان مفاوضات ناجحة ومهمة للغاية، لكنه كان نتاج ظروفه الخاصة".
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك هذا المقال محادثةالمصدر: euronews
كلمات دلالية: دونالد ترامب إسرائيل غزة دراسة حركة حماس دونالد ترامب إسرائيل غزة دراسة حركة حماس توني بلير قطاع غزة أيرلندا الشمالية دونالد ترامب إسرائيل غزة دراسة حركة حماس الصحة باكستان روسيا أفغانستان الاتحاد الأوروبي فلاديمير بوتين فی أیرلندا الشمالیة الشرق الأوسط نزع السلاح السلام فی فی غزة
إقرأ أيضاً:
مطارات أمريكا الشمالية يبث رسائل مؤيدة لحماس وتهاجم ترامب ونتنياهو.. ما القصة؟
شهدت أربع مطارات في أمريكا الشمالية حوادث اختراق إلكتروني غامضة، تسببت في بث رسائل صوتية وصور على الشاشات العامة تحمل عبارات مؤيدة لحركة "حماس" وتنتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وحسب شبكة الـ "سي إن إن" قالت السلطات إن مطار هاريسبرج الدولي في بنسلفانيا كان أول المواقع التي رُصد فيها الاختراق، حيث تمكن مستخدم غير مصرح له من تشغيل رسائل مسجلة عبر نظام مكبرات الصوت، بينما تم تسجيل حوادث مماثلة في مطار كيلونا الدولي ومطار فيكتوريا الدولي في كولومبيا البريطانية، بالإضافة إلى مطار وندسور الدولي في أونتاريو.
وأفاد المتحدث باسم مطار هاريسبرج سكوت ميلر، لـ "سي إن إن" بأن "الرسائل كانت ذات طابع سياسي ولم تشكل أي تهديد مباشر للمطار أو للركاب، وتم إيقاف النظام فورًا، فيما لا يزال التحقيق جارياً".
وفي مطار كيلونا، أُبلغ عن تعطّل نظام مكبرات الصوت وشاشات معلومات الرحلات، واضطر الموظفون لإبلاغ الركاب يدويًا، بحسب مصدر مطلع على الحادثة، وأوضح البيان الرسمي للمطار أن "طرفًا ثالثًا تمكن من الوصول إلى أنظمة الصوت وشاشات الرحلات، والجهود مستمرة لاستعادة النظام بالكامل".
أما في مطار فيكتوريا، فذكرت السلطات أن اختراقا مماثلا حدث عبر نظام قائم على السحابة، وتم بث رسائل صوتية غير مصرح بها، بينما شددت على أنها أعادت النظام للعمل بشكل كامل دون تأثير على الرحلات.
وفي وندسور، أكد رئيس المطار مارك جالفين أن المبنى كان شبه فارغ من الركاب وقت الحادث، وأن فريق الطوارئ تصرف بسرعة لإيقاف البث واستعادة النظام.
وقالت وزارة النقل الكندية إن الحوادث "تخضع لتعاون كامل مع الشركاء الأمنيين والجهات الفيدرالية لضمان عدم التأثير على سلامة الركاب، ولمنع أي اضطرابات مستقبلية".
ومن جانبه، اعتبر وزير النقل الأمريكي شون دافي الحادثة "غير مقبولة تمامًا"، مؤكدًا أن إدارة الطيران الفيدرالية تعمل مع مطار هاريسبرج لكشف ملابسات الاختراق ومحاسبة المسؤولين.
وكان ترامب، قد هدد الخميس، بالقيام بعمل عسكري ضد حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة، في أعقاب تصريحات سابقة يؤيد فيها ما تقوم به الحركة ضد عملاء الاحتلال.
وقال ترامب، في منشور على منصته تروث سوشيال، "إذا استمرت حماس في قتل الناس.. فلن يكون أمامنا خيار سوى الدخول هناك وقتلهم".
وتأتي هذه التصريحات مناقضة لتصريحات ترامب الثلاثاء الماضي، خلال اجتماع مع نظيره الأرجنتيني خافيير ميلي، قال فيها إن إعدام حركة حماس مجموعة من العملاء لإسرائيل في قطاع غزة، لم يزعجه "لا بأس بذلك. اثنتان من العصابات السيئة جدا".