أعلنت شركة Spotify عن مجموعة من المبادئ الجديدة وشراكات استراتيجية مع أكبر شركات الإنتاج الموسيقي في العالم، في محاولة لاحتواء الانتشار المتسارع للأغاني المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي دون إذن أو تعويض لأصحاب الحقوق الأصليين.

المنصة السويدية، التي تُعد الأكبر عالميًا في بث الموسيقى عبر الإنترنت، نشرت تدوينة رسمية كشفت فيها عن توجه جديد يقوم على الذكاء الاصطناعي المسؤول في الموسيقى، ورغم أن التدوينة لم تتضمن تفاصيل دقيقة حول آلية التنفيذ أو المواعيد، إلا أنها أكدت أن الشراكة مع الشركات الثلاث الكبرى — سوني ميوزك، ويونيفرسال ميوزك، ووارنر ميوزك — ستشكل حجر الأساس في بناء أدوات ذكية تُمكّن الفنانين والمؤلفين الموسيقيين من استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل منظم يحفظ حقوقهم ويعزز تواصلهم مع الجمهور.

وتأتي هذه الخطوة بعد إعلان Spotify الشهر الماضي عن نيتها تنظيف المنصة من الفوضى الرقمية التي خلّفتها الأغاني المنتجة بالذكاء الاصطناعي بشكل غير قانوني، وتقول الشركة إن الهدف من خطتها الجديدة هو الدفاع عن مستقبل الموسيقى في مواجهة المحتوى المولد آليًا الذي ينتشر بسرعة ويهدد مكانة الفنانين الحقيقيين.

وجاء في التدوينة: "إذا لم تتحرك صناعة الموسيقى الآن، فإن الابتكار القائم على الذكاء الاصطناعي سيحدث في أماكن أخرى، دون احترام الحقوق أو الحصول على موافقات أو تقديم أي تعويض للمبدعين".

وتعترف Spotify بأن كثيرًا من الفنانين يرون أن أدوات الذكاء الاصطناعي الحالية لا تخدمهم، بل تهدد وجودهم، إذ تميل هذه التقنيات إلى استبدال الإبداع البشري بنماذج رقمية تولّد موسيقى مشابهة لأعمالهم دون مقابل أو إذن مسبق، ومن هذا المنطلق، وعدت الشركة بأن تكون جميع مشاريعها المستقبلية مع الشركاء قائمة على اتفاقيات مسبقة وواضحة، وليس على سياسة الاعتذار بعد التنفيذ.

ولتحقيق ذلك، وضعت Spotify أربعة مبادئ رئيسية ستوجّه رؤيتها الجديدة للذكاء الاصطناعي في الموسيقى. أول هذه المبادئ هو التعاون المباشر مع شركات الإنتاج والموزعين والناشرين، لتوحيد الجهود في ضبط استخدام الذكاء الاصطناعي وحماية حقوق الفنانين. 

أما المبدأ الثاني فهو تعزيز حرية المشاركة، بحيث يُتاح للفنانين استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة إبداعية دون الإضرار بزملائهم أو المساس بحقوق الملكية الفكرية.

أما المبدأ الثالث فيركّز على ضمان التعويض العادل لجميع الأطراف المشاركة في العملية الفنية، بما في ذلك الموسيقيون والملحنون والموزعون، بينما يهدف المبدأ الرابع إلى تعزيز التواصل بين الفنانين والمعجبين باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، من خلال أدوات تسمح للمستمعين باكتشاف الموسيقى الحقيقية والتفاعل مع المبدعين بشكل أعمق.

ورغم هذه الخطط، تواجه Spotify تحديًا كبيرًا في الموازنة بين محاربة المحتوى غير المصرح به وبين استخدامها الشخصي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، فالمنصة أطلقت خلال الأشهر الماضية عددًا من الأدوات الذكية الخاصة بها، من بينها منسق الموسيقى بالذكاء الاصطناعي الذي يُنشئ قوائم تشغيل مخصصة يوميًا، بالإضافة إلى ميزات تساعد المستخدمين على اكتشاف فنانين جدد بناءً على ذوقهم الموسيقي.

ومع ذلك، تؤكد الشركة أن أدواتها تختلف جذريًا عن تلك التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقليد أو نسخ موسيقى الفنانين الحقيقيين، مشددة على أن هدفها هو مساعدة المستمعين على اكتشاف الموسيقى الحقيقية، وليس استبدالها.

وفي ختام بيانها، أكدت سبوتيفاي أن رؤيتها تقوم على بناء مستقبل موسيقي قائم على الابتكار المسؤول، قائلة: "نحن نؤمن بأن مستقبل الإبداع الموسيقي يجب أن يُبنى بالتعاون بين الإنسان والآلة، لا أن يُستبدل أحدهما بالآخر. ندعو أفضل العقول في مجال الذكاء الاصطناعي للمشاركة في تشكيل هذا المستقبل بشكل أخلاقي ومستدام".

وبهذه المبادرة، تحاول Spotify أن تضع نفسها في موقع القيادة ضمن معركة متنامية داخل صناعة الموسيقى العالمية، حيث يتزايد الجدل حول حقوق الملكية الفكرية، وقيمة الفن الإنساني في زمن تصنع فيه الخوارزميات الألحان، وتُعيد رسم خريطة الإبداع الرقمي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الناشرين شركات الإنتاج

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي يكتشف السرطان في عينات دم خلال دقائق

عندما ينتشر السرطان، يمكن أن تنفصل كميات ضئيلة من الخلايا عن الأورام وتنتشر في مجرى الدم. وتُعدّ الخزعة السائلة وسيلةً للكشف عن وجود هذا المرض من خلال رصد هذه الخلايا السرطانية العائمة في عينات الدم. رغم ذلك، يتطلب الأمر متخصصين مدربين لتفحص ومراجعة صور آلاف الخلايا، من بين ملايين الخلايا المحتملة، على شريحة على مدار ساعات طويلة.
أما الآن، فقد طوّر باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا، خوارزمية ذكاء اصطناعي جديدة لأتمتة اكتشاف بعض الخلايا السرطانية من بين ملايين خلايا الدم الطبيعية.
في غضون 10 دقائق تقريبًا، تستطيع الخوارزمية تحديد "الإبر في كومة القش"، للكشف عن السرطان بشكل أسرع، وتحديد ما إذا كان السرطان قد عاد، وربما تحديد العلاجات المناسبة.
نشر شرح للخوارزمية الجديدة، المسماة RED (كشف الأحداث النادرة)، في ورقة بحثية ضمن مجلة npj Precision Oncology، بقلم خافيير مورغويتيو-إيساندي، الحاصل على درجة الدكتوراه في قسم هندسة الفضاء والميكانيكا بجامعة جنوب كاليفورنيا (متخصصًا في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي).
يوضح أسعد أوبراي، أستاذ هندسة الفضاء والميكانيكا "لا تحتاج الآلات إلى معالجة المعلومات بنفس الطريقة التي يُعالجها بها البشر".
تعمل RED بشكل مختلف عن الأدوات الحسابية الحالية لخزعات السوائل التي تتطلب مشاركة بشرية. في الواقع، بدلاً من البحث عن سمات محددة ومعروفة لخلية سرطانية وتجميع ملايين الخلايا في مجموعات أصغر، لا يحتاج RED حتى إلى معرفة شكل "الإبرة" التي يبحث عنها.
ووفقًا لأوبيراي، المؤلف المشارك في البحث، يستخدم RED الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنماط غير العادية وتصنيف كل شيء حسب ندرته، حيث تظهر النتائج الأكثر غرابة في المقدمة.
تُشير الخوارزمية إلى أن "أحد هذه الأشياء ليس كغيره". أو كما يقول بيتر كون، أستاذ العلوم البيولوجية، يمكن للخوارزمية فحص ملايين الخلايا و"فصل القيم الشاذة عن القيم غير الشاذة".
اقرأ أيضا... الذكاء الاصطناعي يحدد العوامل الجينية المسببة للسرطان
يستند هذا العمل إلى أعمال سابقة لأوبيراي وكون تتعلق بسرطان الثدي.
يُعدّ الأمر شخصيًا بالنسبة لكون، الذي عمل في هذا الموضوع لأكثر من عقد من الزمان. شُخِّصت والدته بسرطان الثدي، وقد جمع كون، بصفته مديرًا لمعهد العلوم المتقاربة للسرطان في مركز ميكلسون بجامعة جنوب كاليفورنيا، مجموعة كبيرة من البيانات المُعلّق عليها بشريًا والمتعلقة بسرطان الثدي. سمح هذا لفريق البحث المشترك باختبار الخوارزمية بطريقتين: أولاً، من خلال النظر في نتائج فحوصات دم مرضى معروفين مصابين بسرطان الثدي المتقدم، ثم في اختبار آخر، إضافة خلايا سرطانية إلى عينات دم سليمة لمعرفة ما إذا كان بإمكان RED اكتشافها.
الخوارزمية:
عثرت على 99% من خلايا السرطان الظهارية المضافة
عثرت على 97% من خلايا البطانة الغشائية المضافة
كما قللت كمية البيانات المطلوب مراجعتها بمقدار 1000 مرة.
يقول أوبيري إنه بالإضافة إلى إزالة التحيز البشري "أصبحنا قادرين على إيجاد إشارات أكثر من النهج القديم. لقد تمكنا من إيجاد ضعف عدد الخلايا المهمة مقارنةً بالنهج القديم".
ويضيف "تُرسخ هذه الورقة البحثية هذه التقنية كوسيلة لعزل الخلايا "المثيرة للاهتمام" المرتبطة بالسرطان حاسوبيًا".
يُحقق هذا النهج الجديد بالفعل فوائد كبيرة، ويُطبق لفهم نتائج أنواع السرطان مثل سرطان الثدي وسرطان البنكرياس والورم النقوي المتعدد.
يشرح كون تأثير هذا العمل قائلاً: "[هذه] طريقة جديدة كلياً، وغير بديهية من نواحٍ عديدة، لتحليل كومة القش التي تُطلق موجةً كاملةً من التطورات الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق".
ويأمل أن تُسهم هذه الدراسة والأبحاث المستقبلية في ثلاثة جوانب أساسية من رحلة المريض، من خلال الإجابة على الأسئلة التالية:
هل أُعاني من السرطان؟
هل اختفى السرطان أم عاد؟
ما هو أفضل علاجٍ لاحقٍ للسرطان؟
يقول كون "نريد دعم كلٍّ من هذه الجوانب من رحلة المريض ببياناتٍ من الدم"، مضيفا "هذا أحد الأمثلة الرائعة على تغيير الذكاء الاصطناعي الحديث لطريقة إجرائنا لأبحاث الرعاية الصحية. خطوتنا التالية هي مواصلة الدفع بعجلة الذكاء الاصطناعي نحو إحداث تغييرٍ جذريٍّ في قدرتنا على اكتشاف السرطان في دم المرضى مبكراً".
ووفقاً لأوبيراي، يُعدّ هذا أيضاً مثالاً رائعاً على البحث المتقارب، حيث اجتمع باحثون ذوو خبرة في مجالاتٍ مختلفة من العلوم والهندسة لإيجاد حلٍّ فعالٍ لمشكلةٍ صعبة.
مصطفى أوفى (أبوظبي)

أخبار ذات صلة عبدالله بن بيّه يدعو إلى إطار أخلاقي عالمي للذكاء الاصطناعي حمدان بن محمد يعتمد حزمة من المبادرات والمشاريع النوعية بهدف تسريع وتيرة التحول الرقمي في دبي

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يكتشف السرطان في عينات دم خلال دقائق
  • جامعة القاهرة تناقش مستقبل التعليم العالي في ظل الذكاء الاصطناعي
  • "الذكاء الاصطناعي" و"مستقبل الموسيقى العربية" جلستان علميتان في مؤتمر الأوبرا
  • جامعة القاهرة تناقش مستقبل التكنولوجيا المالية في ضوء تطورات الذكاء الاصطناعي
  • المرأة في عصر الذكاء الاصطناعي
  • الوزراء يرسمون ملامح مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر كقاطرة للتنمية والتحول الرقمي
  • وزير العمل: الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مستقبل الوظائف
  • وزير الاتصالات: 3.3 مليار دولار لتطوير البنية الرقمية و250 شركة ناشئة تقود مستقبل الذكاء الاصطناعي في مصر
  • ويتكوف: على حماس نزع سلاحها بشكل قاطع وليس لها مستقبل في غزة