زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سلطنة عمان ولقاؤه الأخوي مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ اليوم الأربعاء تدخل في إطار العلاقات المميزة بين مسقط وأنقرة، وهي علاقات تاريخية راسخة منذ قرون، تمتد إلى فترة الإمبراطوريتين العمانية والعثمانية حيث كانت هناك علاقات تجارية وتواصل حضاري، خاصة وأن البلدين يشتركان في ملامح أساسية علي صعيد الموقع الجغرافي الاستراتيجي حيث تقع جمهورية تركيا بين قارتي آسيا وأوروبا، على البحر الأسود وبحر مرمرة ومضيق البسفور وأيضا البحر الأبيض المتوسط على الصعيد الآسيوي، وهذا الموقع الجغرافي الفريد لتركيا خلق لها شراكات مهمة علي صعيد الشرق والغرب معا كذلك الأمر ينطبق على بلادنا سلطنة عمان حيث تقع على البحار المفتوحة (بحر عمان وبحر العرب والمحيط الهندي)، علاوة على وجود واحد من أهم الممرات البحرية في العالم وهو مضيق هرمز حيث تصدر الطاقة إلى الغرب والولايات المتحدة الأمريكية وجنوب شرق آسيا حيث الصين واليابان وبقية النمور الآسيوية والهند وخلال نصف قرن الماضي تميزت العلاقات العمانية التركية بالرسوخ والاحترام المتبادل ووجود عشرات الشركات التركية في مجال تنفيذ المشاريع والبنية الأساسية، وهناك استثمارات مشتركة تعززت خلال زيارة الدولة التي قام بها جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ إلى جمهورية تركيا في نوفمبر من العام الماضي، وهناك تبادل تجاري بين البلدين يقترب من ٢٠٠ مليون ريال عماني، وهناك تعاون مهم في مجالات متعددة خاصة على صعيد الصناعات العسكرية والطاقة والمجال السياحي.

وهناك قطاعات واعدة سوف ترسخها زيارة الدولة التي يقوم بها فخامة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سلطنة عمان والمحادثات المهمة التي سوف يجريها مع جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ.

إن العلاقات العمانية التركية تعد على جانب كبير من الأهمية على الصعيد التاريخي لبلدين لهما من العمق والأثر الحضاري على مدى قرون، علاوة على تأثيرهما السياسي في عدد من الملفات المهمة في منطقة الشرق الأوسط خاصة على صعيد القضية الفلسطينية وقضايا الأمن والاستقرار في المنطقة، فضلا عن المشاورات والتنسيق السياسي المتواصل من خلال زيارات المسؤولين المتبادلة ومن خلال نشاط اللجنة العمانية التركية المشتركة.

وعلى ضوء ذلك، تحظى زيارة الرئيس التركي باهتمام إعلامي ودبلوماسي على صعيد البلدين والشعبين الصديقين وعلى صعيد اهتمام المراقبين في الإقليم والعالم. إن الفرص كبيرة في تعزيز الشراكة العمانية التركية، وهناك عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي سوف توقع خلال زيارة الدولة للرئيس التركي، بما يعزز من آفاق التعاون المشترك في المجالات المختلفة، خاصة وأن هناك قطاعات واعدة للتعاون المثمر بين البلدين الصديقين على صعيد الطاقة المتجددة وفي مجال الغاز والاستثمار وفي المجال الصحي والسياحي، خاصة وأن تركيا تعد من الدول المتقدمة في صناعة السياحة التي تدر عليها عشرات المليارات من الدولارات سنويا، ويمكن لسلطنة عمان الاستفادة من التجربة التركية في مجال صناعة السياحة التي توفر عشرات الآلاف من فرص العمل للشباب خاصة وأن البلدين الصديقين يتمتعان بمقومات طبيعية فريدة، كما أن مجال الصناعات العسكرية يعد من المجالات التي تستحوذ على اهتمام البلدين من خلال الاستثمار في هذا المجال الحيوي، وهناك صندوق مشترك في مجال الاستثمار تقدر أصوله بـ ٢٠٠ مليون ريال عماني، كما أن هناك مجالات واعدة في المجال الطبي والتقني وفي المجال الزراعي والسمكي.

ولا شك أن زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى سلطنة عمان تدخل في إطار تعزيز تلك الشراكة والدفع بها إلى مزيد من التطور لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الصديقين وفي ظل رؤى اقتصادية مشتركة وانسجام سياسي وعلاقات تعاون مثمرة يعززها الإرث التاريخي والحضاري لبلدين كان لهما إسهام حضاري وإنساني كبير خلال قرون.

ولا تزال المتاحف العمانية والتركية شاهدة على ذلك الأثر التاريخي والحضاري الذي ميز الحضارتين العثمانية والعمانية في آسيا وإفريقيا وأوروبا، وعلى ضوء ذالك فإن العلاقات العمانية التركية سوف تشهد المزيد من النجاح وتعزيز آفاق الشراكة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والتعليم والقطاع الصحي وصناعة السياحة وغيرها من المجالات الحيوية التي سوف تكون على طاولة الحوار بين القيادتين.

وبمثل هذه الشراكات الاقتصادية التي تعززت خلال السنوات الخمس الأخيرة من عهد النهضة المتجددة بقيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ تقدمت سلطنة عمان في صعيد التصنيف الدولي للاقتصاد الوطني وصعيد مؤشرات التنافسية والتشريعات والاتفاقيات الدولية والتي كان آخرها انضمام سلطنة عمان إلى العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية وهي خطوة تاريخية تعزز مكانة سلطنة عمان في المجتمع الدولي.

ولا شك أن مستقبل العلاقات العمانية التركية سيشهد مزيدا من التعاون المثمر في المجالات المختلفة، بما يعزز التعاون الثنائي، ويرسخ قيم السلام والاستقرار في المنطقة والعالم.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: زیارة الدولة التی الرئیس الترکی سلطنة عمان فی المجال على صعید خاصة وأن فی مجال

إقرأ أيضاً:

الأحجار الكريمة في سلطنة عمان.. ثروة جيولوجية وقيمة علمية واستثمارية

حوار- عبير العجمية -

تمتلك سلطنة عُمان تنوعًا جيولوجيًا يجعلها متحفًا مفتوحًا يستقطب العلماء الجيولوجيين، ويضعها ضمن مناطق الثروات المعدنية والأحجار الكريمة، إلا أن الدراسات الجيولوجية المتخصصة حولها محدودة، فالطبيعة في عمان تضم تشكيلة واسعة من الصخور تعود إلى عصور جيولوجية مختلفة، وكل بيئة صخرية من هذه البيئات مناسبة لتكون أنواع مختلفة من الأحجار الكريمة.

وفي حوار مع «عُمان» تحدث ناصر بن أشرف البلوشي، رئيس قسم المختبرات بالمديرية العامة للمواصفات والمقاييس التابعة لوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، عن هذه الثروة، وجهود الوزارة في الحفاظ عليها وضمان جودتها.

• هل سلطنة عمان غنية جيولوجيًا بالأحجار الثمينة؟ وما عوامل توافرها في بيئتنا؟

يُعد التنوع الصخري الفريد في عُمان حجر الأساس لتشكل هذه الثروات. فالأرض العُمانية تضم تشكيلة واسعة من الصخور (نارية، متحولة، رسوبية) تعود إلى عصور جيولوجية مختلفة، وكل بيئة صخرية من هذه البيئات تخلق الظروف الكيميائية والفيزيائية المناسبة لتكون أنواع مختلفة من الأحجار الكريمة، بدءًا من ضغوط ودرجات حرارة عالية في الأعماق إلى عمليات الترسيب في الأحواض المائية القديمة.

كما أن النشاطات البركانية والحمم المنصهرة التي شهدتها عُمان في الماضي الجيولوجي، أدت هذه النشاطات إلى تسخين المياه الجوفية، مما أحدث دورة هيدروثيرمالية (حرارية مائية) نشطة، وقامت المحاليل الحارة الغنية بالمعادن بالتداول في الشقوق والفراغات الصخرية، ومع تبريد هذه المحاليل بمرور الوقت، تترسب المعادن مكونة عروقًا رائعة من الأحجار الكريمة مثل العقيق والكوارتز والكالسيدوني.

*****************************************************************************************

• كيف تعامل العمانيون قديمًا مع الأحجار الكريمة وشبه الكريمة؟

كان العمانيون يمارسون مهن الصياغة والنحت لتصنيع حلي زينة متنوعة مثل القلائد والأساور والخلاخيل والخواتم، معتمدين على المعادن كالذهب والفضة لإنشاء قطع تتزين بالأحجار والمواد المحلية كاللؤلؤ والعقيق، وذلك من أجل الزينة والارتباط الثقافي والاجتماعي.

*****************************************************************************************

• ما أبرز أنواع الأحجار ذات القيمة التي تم العثور عليها في بيئة سلطنة عمان؟ وما أكثرها انتشارًا محليًا؟

أبرز الأحجار ذات القيمة التي تم العثور عليها في سلطنة عمان هي العقيق والكوارتز والكالسيدوني بالإضافة إلى النيفريت وحجر السربنتين. وأكثرها انتشارًا هو العقيق.

*****************************************************************************************

• هل توجد أنواع نادرة أو مميزة في عُمان مقارنة بباقي دول المنطقة؟

بالرغم من أن سلطنة عُمان تمتلك تنوعًا جيولوجيًا مثيرًا للاهتمام، لكن الادعاء بوجود أحجار نادرة أو مميزة تبقى غير مثبتة علميًا حتى يتم إجراء دراسات منهجية شاملة، حيث لا توجد أوراق علمية محكمة كافية ومعظم ما يتم تداوله هي مشاهدات هواة وجامعي أحجار.

*****************************************************************************************

• ما الذي يميز القيمة التجارية للأحجار الكريمة ؟

العوامل الأساسية التي تجعل الحجر ذا قيمة هي الجمال والمتانة والندرة، والقيمة الحقيقية لأي حجر ذي قيمة هي نتيجة تقييم دقيق ومتوازن لهذه العوامل الثلاثة معًا.

*****************************************************************************************

• ما هي أبرز الجهود المبذولة لمراقبة الأسواق وضمان جودة الأحجار؟

تبذل وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار في سلطنة عُمان جهودًا حثيثة ومستمرة في مراقبة الأسواق وضمان جودة الأحجار. تقوم فرق التفتيش التابعة للوزارة بعمليات تفتيش مفاجئة ودورية على محلات بيع المجوهرات والمعارض المختصة في عرض المجوهرات، حيث إن قانون الرقابة على المعادن الثمينة الصادر بالمرسوم السلطاني 109/2000 يعد التشريع الرئيسي لتنظيم قطاع تجارة المعادن الثمينة والأحجار ذات القيمة في سلطنة عُمان. فالمادة (٧) من القانون المذكور نصت على أنه:

«لا يجوز بيع الأحجار ذات القيمة أو عرضها للبيع أو حيازتها بقصد البيع إلا إذا كان مرفقًا بها بطاقة يوضح فيها اسم الحجر وصنفه ووزنه ولونه ومستوى جودته من حيث درجة النقاء وخواصه وسلامته من الكسر والخدش وأية عيوب أخرى به ومدى تعرضه لأي نوع من المعالجات».

لذا عندما يشتري شخص قطعة مجوهرات أو حجرًا كريمًا في عُمان، يمكنه أن يكون أكثر اطمئنانًا بوجود رقابة فعالة تحمي حقوقه وتضمن جودة ما يحصل عليه.

*****************************************************************************************

• حدثنا عن تقنيات الفحص الحديثة في كشف الغش والتمييز بين الأحجار الأصلية والمقلدة؟

مختبر فحص الأحجار ذات القيمة في المديرية يمتلك عددًا من الأجهزة والمعدات التي تؤهله لتقديم خدمة فحص الأحجار ذات القيمة للتجار والمستهلكين، ومن أبرزها أجهزة الرامان والمطياف وجهاز GIA iD100 لفحص الألماس الشفاف وتحديد المعالجات فيه.

*****************************************************************************************

• ما حجم انتشار الأحجار الصناعية أو المقلدة في السوق العماني؟ وكيف يمكن للمستهلك العادي أن يحمي نفسه؟

انتشار الأحجار ذات القيمة الصناعية والمقلدة منتشر نظرًا لتفاوت القدرات الشرائية واختلاف أذواق المستهلكين، وهو أمر طبيعي، لكن يبقى من حق المشتري معرفة الحجر الذي قام بشرائه، وإخفاء التجار لحقيقة الحجر عند بيعه هو المرفوض.

وهنا يبرز دور إصرار المشتري على الحصول على فاتورة يُذكر فيها اسم الحجر وصنفه ووزنه ولونه ومستوى جودته من حيث درجة النقاء وخواصه وسلامته من الكسر والخدش وأية عيوب أخرى به ومدى تعرضه لأي نوع من المعالجات، ففاتورة الشراء ليست مجرد إثبات دفع، بل هي عقد ضمان بين البائع والمشتري، وإثبات الملكية وتعد المرجع الأساسي في حالة وجود نزاع.

ويجب على المشتري التأكد من أن الوصف دقيق وواضح، ويمكنه اللجوء لخدمات مختبرات المديرية العامة للمواصفات والمقاييس لفحص مشترياته من الأحجار ذات القيمة مرفقًا فاتورة الشراء، حيث تعتبر الفاتورة المستند الرسمي الذي يمكنك من خلاله التقدم بشكوى إلى الجهات المختصة في حال تعرض المشتري للخداع.

*****************************************************************************************

• إلى أي مدى يمكن أن يشكل التنوع الجيولوجي لعُمان عنصر جذب سياحي؟

يمتد تاريخ عُمان الجيولوجي لأكثر من 800 مليون سنة، وهو ما انعكس على تاريخها وثقافتها واقتصادها،و يمكن استغلال هذا التاريخ في تقديم تجارب سياحية تعليمية وتثقيفية للزوار من خلال تطوير سياحة جيولوجية تركز على العناصر غير الحية مثل الصخور والكهوف، بالإضافة إلى المعادن والحفريات. يشمل ذلك تطوير مسارات سياحية تستكشف التكوينات الصخرية المميزة مثل مواقع الجيود والكوارتز المنتشرة في عدد من مناطق سلطنة عُمان.

مقالات مشابهة

  • تجسيدا لعلاقات الصداقة القائمة ..الرئيس التركي يبدأ زيارة دولة لسلطنة عمان غدا
  • ارتفاع معدل التضخم بنسبة 1.1% في سلطنة عمان خلال سبتمبر
  • الأحجار الكريمة في سلطنة عمان.. ثروة جيولوجية وقيمة علمية واستثمارية
  • الرئيس التركي يبدأ غدًا زيارة دولة إلى سلطنة عُمان لبحث التعاون المشترك بين البلدين
  • وزير الخارجية يبحث مع نظيره الصومالي تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين
  • النقل والاتصالات بالتعاون مع كلية الشرق الأوسط تدشنان مركز حداثة لصناعة الأمن السيبراني
  • «صادرات قطر» تقود البعثة التجارية القطرية إلى سلطنة عُمان
  • بيان من "الخارجية العمانية" بشأن وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان
  • بيان من "الخارجية العمانية" حول وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان