ضمّ الضفة.. طموح يميني لدفن الدولة الفلسطينية يعمّق عزلة إسرائيل
تاريخ النشر: 23rd, October 2025 GMT
الثورة / متابعات
في خطوة تعكس تصاعد النزعة اليمينية داخل حكومة الاحتلال، يصوّت الكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، على مشروع قانون لضم الضفة الغربية المحتلة عبر فرض ما يسمى بـ”السيادة الإسرائيلية” على أجزاء منها، وذلك تزامنًا مع زيارة نائب الرئيس الأميركي، جي دي فانس، إلى دولة الاحتلال.
ويقود مشروع القانون رئيس حزب “نوعام” اليميني المتطرف، أفي ماعوز، الذي أعلن رفضه طلب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتأجيل طرح المشروع، قائلًا إنّ “دولة إسرائيل دولة ذات سيادة، وهذا وقت السيادة”.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة “كان” عن ماعوز أنه كان يعتزم طرح مشروع القانون خلال الدورة الصيفية الماضية للكنيست، لكنه أرجأ ذلك بناءً على طلب من قياديين في الائتلاف الحكومي، مع وعود بالسماح بطرحه في وقت لاحق.
ونقلت “كان” عن مصادر في حزبي “الصهيونية الدينية” و”عوتسما يهوديت” – اللذين خاض حزب “نوعام” الانتخابات إلى جانبهما في قائمة واحدة – تحذيرها من أن طرح المشروع دون تنسيق مع الائتلاف سيكون خطأً سياسيًا، لأن إسقاطه يعني منعه من إعادة الطرح لمدة ستة أشهر.
وكان الكنيست قد صادق في يوليو الماضي على إعلانٍ رمزي يدعو لفرض “السيادة الإسرائيلية” على الضفة الغربية بأغلبية 71 صوتًا، دون أن يحمل القرار أي أثر عملي.
اعتراض أمريكي وتحذير بريطاني
وبحسب القناة نفسها، فإن مكتب نتنياهو عبّر مؤخرًا عن قلقه من احتمال اندلاع أزمة سياسية مع واشنطن إذا مضى التصويت قُدمًا، إذ تعترض الإدارة الأميركية بشدة على أي خطوات إسرائيلية نحو الضم الرسمي.
وفي وقت سابق، حذرت وزيرة الخارجية البريطانية، إيفات كوبر، دولة الاحتلال من ضم أجزاء من الضفة الغربية رداً على اعتراف بريطانيا بالدولة الفلسطينية.
وقالت كوبر، رداً على سؤال حول احتمال كهذا خلال مقابلة أجرتها معها هيئة الإذاعة البريطانية، الاثنين الماضي، إنها أوضحت لنظيرها الإسرائيلي، غدعون ساعر، أنه وحكومته لا ينبغي أن يفعلوا ذلك.
وأضافت: “كنا واضحين في أن هذا القرار الذي نتخذه هو أفضل طريقة لاحترام أمن إسرائيل وكذلك أمن الفلسطينيين”.
وأشارت كوبر إلى أن “الأمر الأسهل هو الانسحاب والقول إن الأمر صعب للغاية. نعتقد أن هذا خطأ، وقد شهدنا كل هذا الدمار والمعاناة. وكما نعترف بإسرائيل، دولة إسرائيل، علينا أيضًا الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة خاصة بهم”.
وكانت بريطانيا والبرتغال وكندا وأستراليا، أعلنت الشهر الماضي، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، فيما تستعد دول أخرى لاتخاذ الخطوة ذاتها، في تطور تاريخي في الموقف الغربي من القضية الفلسطينية على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
ووفق خطة طرحها وزير المالية الإسرائيلية، بتسلئيل سموتريتش، في سبتمبر الماضي، فإن مخطط الضم سيفرض على 82% من الضفة الغربية، وأن الفلسطينيين في الضفة “سيستمرون بإدارة حياتهم بأنفسهم، وفي المرحلة الفورية بالطريقة نفسها التي تنفذ اليوم بواسطة السلطة الفلسطينية، ولاحقاً من خلال بدائل إدارة مدنية إقليمية”.
وحسب خريطة استعرضها سموتريتش، فإن مخطط الضم لن يسري على 18% من الضفة والتي تتواجد فيها المدن الفلسطينية الكبرى، وقال إنه في المناطق التي يجري التخطيط لضمها يسكن حوالي 80 ألف فلسطيني، وستكون مكانتهم مشابهة لمكانة الفلسطينيين في القدس المحتلة.
وأضاف: أن “المبدأ الأعلى لفرض السيادة هو الحد الأقصى من الأرض وعلى أدنى حد من السكان”.
نماذج من التاريخ
وفي محاولة لاستشراف تبعات تنفيذ إسرائيل لمخطط الضم، نشر “معهد أبحاث الأمن القومي” في جامعة تل أبيب، أمس الأول الثلاثاء، تقريراً شمل بحثاً في 20 حالة ضم نفذتها دول في العالم في التاريخ، وصولاً إلى الاستنتاج أنه “حتى لو تم ضم منطقة محدودة، فإن الصراع لن يتلاشى، وإنما سيُغذى ويشتعل”.
وتُبين في الغالبية الساحقة من حالات الضم العشرين، أن “محركها الأساسي كان مرتبطا باعتبارات إستراتيجية وأمن قومي، لكن تم تبرير معظمها بوجود علاقة تاريخية بين الدولة التي نفذت الضم والمنطقة التي جرى ضمها أو سكانها”.
ويوضح التقرير، أن تسعاً من محاولات الضم انتهت بالفشل لسببين مركزيين، الأول: المس بالأمن وغياب حل عسكري كاف يتغلب على المقاومة المسلحة من جانب دول أخرى و/أو السكان الذين تم ضمهم؛ والثاني: انعدام القدرة على منح امتيازات اقتصادية ملموسة للسكان الذين تم ضمهم، الأمر الذي غذّى مقاومتهم للضم.
ويلفت إلى أنه في أربع حالات نجح الضم بشكل كامل، لأنه لم تكن هناك مقاومة كبيرة للضم الذي تم تنفيذه بالقوة، جرى في ظل عدم تناسبية واضحة في القوة لصالح الدولة التي نفذت الضم، ولأن هذه القضية لم تُثر اهتماما في النظام العالمي.
وبقيت عمليات الضم مفتوحة ومختلف حولها في سبع حالات أخرى، ورغم أنه في معظمها ترسخ الضم لكن لم يكن بالإمكان العودة إلى الوضع قبل الضم أو إلى اندماج كامل.
ويشير التقرير إلى أن بين هذه الحالات ضم إسرائيل للقدس وهضبة الجولان المحتلتين في عام 67، “وتميز بشكل متكرر في هذه الحالات الحفاظ على قضية الضم كلُبّ الصراع بين السكان وبين الدول المجاورة في المحيط الإقليمي”.
وأكد التقرير على أنه “في الغالبية المطلقة من الحالات، لم يؤد الضم إلى إنهاء صراعات، وإنما فاقمها. وفي عشر حالات تطورت مقاومة مسلحة متواصلة من جانب السكان الذين تم ضمهم، وأدت إلى خسائر بشرية واقتصادية وكذلك في النسيج الاجتماع للدولة التي نفذت الضم. وفي خمس حالات، تم إفشال الضم بواسطة تدخل عسكري من جانب دول أخرى”.
إسرائيل وضم الضفة الغربية
ويرجح التقرير أن ضم دولة الاحتلال للضفة الغربية المحتلة سيصعد الكفاح المسلح ضدها، وستشارك فيه جميع الفصائل وأجهزة الأمن في السلطة الفلسطينية، إلى جانب مقاومة شعبية، وتنفيذ عمليات مسلحة داخل إسرائيل.
ويضيف تقرير معهد أبحاث الأمن القومي: “استمرار هذه المقاومة للضم الإسرائيلي سيتطلب انتشارا واسعا لقوات الجيش، في موازاة مواجهة تحديات أمنية في جبهات أخرى في الدائرة الأولى والثانية والثالثة، واستثمار موارد كبيرة في إدارة المواجهة، ستكون بالضرورة على حساب موارد لأهداف قومية إسرائيلية أخرى”.
ويلفت إلى أن المواجهة الإسرائيلية للمقاومة الفلسطينية المتصاعدة من شأنها أن تؤدي إلى انهيار السلطة الفلسطينية، وإلقاء المسؤولية على 2.7 مليون فلسطيني على إسرائيل، التي ستُلزم بإنفاق اقتصادي كبير، بشكل مباشر وغير مباشر.
وإلى جانب ذلك، يحذر التقرير من العزلة الدولية والمقاطعة التي سيتعين على إسرائيل مواجهاتها، بما في ذلك إلغاء علاقات تجارية مع دول أوروبية، والتي تشكل أكثر من 40% من حجم التجارة الإسرائيلية، الأمر الذي سيلحق ضررا بالغا بالاقتصاد الإسرائيلي.
وكانت بريطانيا والبرتغال وكندا وأستراليا، أعلنت الشهر الماضي، اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، فيما تستعد دول أخرى لاتخاذ الخطوة ذاتها، في تطور تاريخي في الموقف الغربي من القضية الفلسطينية على خلفية حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة.
واعتبر التقرير أنه سيتعين على حكومة الاحتلال أن تقرر كيف تعتزم إدارة السكان الفلسطينيين في المنطقة التي ستُضم، وما إذا ستمنحهم حقوقا مدنية كاملة أم تقييدها.
وحذر التقرير من أن رفض منح “مواطنة إسرائيلية” للفلسطينيين الذين سيتم ضمهم من شأنه أن يؤدي إلى تعريف إسرائيل في الحلبة الدولية “كدولة أبارتهايد” بكل ما يعني ذلك، حيث ستصل إسرائيل إلى وضع إشكالي مشابه لوضع جنوب إفريقيا، من ستينيات القرن الماضي وحتى العام 1990، تواجه فيه كفاحا مسلحا في الضفة وغزة إلى جانب عقوبات ومقاطعة.
ولفت التقرير إلى أن تنفيذ تهجير للفلسطينيين، يعني تنازل دولة الاحتلال عن هويتها الديمقراطية – الليبرالية وتحولها فعليا إلى دولة عنصرية.
ويستند مخطط الضم بشكل إلى المشروع الاستيطاني الضخم في منطقة (E1) شرق القدس المحتلة، والذي أقرته سلطات الاحتلال الشهر الماضي، في منطقة حذّر المجتمع الدولي من أنها تهدد فرص قيام دولة فلسطينية مستقبلية، وهو ما أكد عليه سموتريتش، بأن المشروع يهدف إلى “دفن فكرة الدولة الفلسطينية”.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الفلسطینیین فی الضفة الغربیة دولة الاحتلال دول أخرى إلى جانب إلى أن
إقرأ أيضاً:
مستشار رئيس الإمارات محذرا الاحتلال: أي ضم للأراضي الفلسطينية خط أحمر
أكد المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، أنور قرقاش اليوم (الأربعاء) إن أي ضم للأراضي الفلسطينية سيعد خطا أحمر، كاشفا عن أن هناك مناقشات جارية بشأن إرسال أفراد إلى غزة، وذلك في إطار الجهود الدولية لدعم الاستقرار الإنساني في القطاع.
وقال قرقاش، في تصريح أوردته قناة (سكاي نيوز) الإخبارية، :" إن العمل الإنساني في غزة سيتضاعف خلال المرحلة المقبلة، في إطار الرؤية الإماراتية التي تسعى إلى تحقيق توازن بين الأمن الإقليمي وحق الفلسطينيين في دولة مستقلة قابلة للحياة".
وأشار المسؤول الإماراتي إلى أن القيادة الأمريكية لعبت دورا محوريا في تحقيق الهدنة، مؤكدا أن دور الولايات المتحدة يظل حاسما في دفع العملية السياسية وحماية مسار وقف إطلاق النار في غزة.
وأضاف أن موقف الإمارات ثابت وراسخ من القضية الفلسطينية، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة التركيز على جهود إعادة الإعمار وتخفيف المعاناة الإنسانية في القطاع.