شركات التكنولوجيا تمول قاعة ترامب الفاخرة في البيت الأبيض
تاريخ النشر: 26th, October 2025 GMT
أثار تقرير جديد نشره موقع بيزنس إنسايدر جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية والإعلامية الأمريكية، بعد كشفه عن قائمة الجهات الممولة لمشروع "قاعة ترامب الرئاسية" الجديدة داخل البيت الأبيض، والتي تبلغ مساحتها نحو 90 ألف قدم مربع.
التقرير أوضح أن المشروع يحظى بدعم مالي كبير من شركات التكنولوجيا العملاقة مثل أمازون، وآبل، وجوجل، وميتا، ومايكروسوفت، إلى جانب شركات دفاع كبرى وعدد من المليارديرات المعروفين بعلاقاتهم الواسعة داخل الدوائر السياسية.
وفقًا للتقرير، لم تقتصر المساهمات المالية على شركات التكنولوجيا فحسب، بل شملت أيضًا شركات دفاعية مثل لوكهيد مارتن وبالينتير، إضافة إلى رجال أعمال أثرياء من بينهم التوأمان وينكلفوس، وقطب صناعة السكر خوسيه فانجول. وُصفت القائمة بأنها "نخبة من الممولين المؤثرين"، تضم كبار المستثمرين والفاعلين في قطاعات التكنولوجيا والدفاع والمال.
هذا الدعم المالي الضخم أثار تساؤلات حول دوافع تلك الشركات العملاقة للمشاركة في تمويل مشروع شخصي الطابع داخل مقر الرئاسة الأمريكية، خصوصًا في ظل تعاملها التجاري الواسع مع الحكومة الفيدرالية.
قال ريتشارد بريفولت، أستاذ القانون في جامعة كولومبيا، في تصريح لمجلة *تايم*، إن ما يجري "ليس صفقة مباشرة أو مقايضة واضحة"، لكنه يفتح الباب أمام تساؤلات أخلاقية عميقة. وأضاف: "غالبًا ما تُفهم مثل هذه التبرعات على أنها وسيلة لكسب الود السياسي أو الحفاظ على علاقات قوية مع الإدارة الحاكمة، خاصة عندما يكون المانحون شركات لديها عقود أو مصالح حكومية ضخمة".
وأشار بريفولت إلى أن بعض هذه التبرعات قد تأتي تحت ضغط غير مباشر، موضحًا: "عندما تُطلب منك المساهمة في مشروع بهذه الرمزية، فإن الامتناع عن الدفع قد يُفهم كرسالة سلبية. إنه نظام قائم على النفوذ أكثر منه على الشفافية".
بدورها، وصفت منظمة "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق" في واشنطن، التي تُعنى بمراقبة السلوك الحكومي، الموقف بأنه "غير مسبوق ومقلق للغاية".
وقال نوح بوكبايندر، الرئيس التنفيذي للمنظمة: "الأمر يتجاوز فكرة التبرع الطوعي. هناك شبهات تضارب مصالح واضحة، خاصة أن الرئيس ترامب معروف بتقديره لمن يدعمونه ماليًا أو يمدحونه علنًا، وغالبًا ما يرد لهم الجميل بمناصب أو تسهيلات".
وكشف التقرير أن الرئيس السابق دونالد ترامب سعى شخصيًا إلى جذب الممولين من خلال حفلات عشاء خاصة نظمت في الغرفة الشرقية للبيت الأبيض، حضرها ممثلون عن الشركات المانحة الكبرى.
ووُصف أحد هذه الحفلات بأنها "فعالية لإنشاء قاعة رقص فخمة داخل البيت الأبيض"، بحسب ما أوردت صحيفة وول ستريت جورنال. كما عقد ترامب اجتماعات في البيت الأبيض وناديه الخاص في فرجينيا بهدف جمع التبرعات لدعم المشروع.
ليست هذه المرة الأولى التي تتحد فيها شركات التكنولوجيا الكبرى لدعم ترامب. فقد كانت من أبرز المساهمين في تمويل حفل تنصيبه عام 2017، حين أهداه تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة آبل، تمثالًا مصنوعًا من الذهب الخالص عيار 24 قيراطًا. تلك الخطوة آنذاك أثارت استغرابًا واسعًا بين الأمريكيين واعتُبرت مؤشرًا على العلاقة المعقدة بين السلطة السياسية وقطاع التكنولوجيا.
أثار مشروع القاعة الفاخرة جدلاً إضافيًا بعدما تم هدم الجناح الشرقي للبيت الأبيض بالكامل استعدادًا للبناء، رغم تأكيدات سابقة من ترامب بأن القاعة لن تمس المبنى التاريخي. ويقول معارضون إن الأموال التي تُنفق على المشروع كان من الممكن توجيهها إلى دعم برامج اجتماعية أكثر إلحاحًا، خاصة في وقت تواجه فيه الولايات المتحدة ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية ونقصًا في المساعدات الغذائية لأكثر من 40 مليون مواطن.
وفي حين يواصل البيت الأبيض تجاهل الدعوات إلى نشر تفاصيل التبرعات كاملة، يرى محللون أن القضية تُبرز مرة أخرى هشاشة الحدود الفاصلة بين النفوذ السياسي والمال الخاص في النظام الأمريكي. فبينما تتراقص النخبة في قاعة جديدة فاخرة، يواجه ملايين الأمريكيين صعوبات في تلبية احتياجاتهم اليومية — مشهد يلخص التناقض الصارخ بين الفخامة في القمة والمعاناة في القاعدة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شرکات التکنولوجیا البیت الأبیض
إقرأ أيضاً:
وول ستريت جورنال: قادة شركات التكنولوجيا يقنعون ترامب بالتراجع عن إرسال قوات فيدرالية إلى سان فرانسيسكو
تراجع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن خطته لإرسال قوات اتحادية إلى سان فرانسيسكو، بعد سلسلة من الاتصالات المكثفة بينه وبين عدد من قادة شركات التكنولوجيا الكبرى ومسؤولي المدينة، بحسب تقارير إعلامية أمريكية.
وكان ترامب يدرس تنفيذ "عملية أمنية مكثفة" في المدينة باستخدام قوات فيدرالية، على غرار ما قام به سابقاً في لوس أنجلوس وواشنطن وشيكاجو، بدعوى مواجهة الجريمة. إلا أن مكالمة استمرت 25 دقيقة مساء الأربعاء بينه وبين عمدة سان فرانسيسكو دانييل لوري، بوساطة مجموعة من رجال الأعمال، أدت إلى تغيير موقفه -وذلك وفق ما ذكرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية اليوم السبت.
وشارك في الجهود لإقناع ترامب الرؤساء التنفيذيون لشركات "نفيديا" جنسن هوانج، و"سيلزفورس" مارك بينيوف، و"أوبن إيه آي" سام ألتمان، الذي كُشف عن دوره لأول مرة في هذا السياق.
وأكدت المصادر أن هؤلاء المدراء نسّقوا فيما بينهم ومع البيت الأبيض لإيصال رسالة موحدة إلى ترامب، مفادها أن نشر قوات فدرالية في المدينة قد يتسبب في اضطرابات مدنية واسعة، ما قد يضر بالاقتصاد المحلي ويؤثر في الاقتصاد الوطني نظراً لأهمية سان فرانسيسكو في طفرة الذكاء الاصطناعي.
وكان بينيوف قد دعا في تصريحات لصحيفة نيويورك تايمز في 10 أكتوبر إلى تدخل الحرس الوطني لمواجهة الجريمة، لكنه تراجع عن تصريحاته لاحقاً واعتذر، موضحاً أنه غيّر موقفه بعد نجاح مؤتمر شركته "دريم فورس" دون حوادث أمنية.
وبعد أيام من تصريحه، أرسل ترامب وحدة من وكالة الجمارك وحماية الحدود إلى قاعدة خفر السواحل في خليج سان فرانسيسكو، ما أثار مخاوف من انتشار عسكري وشيك. لكن وساطات متواصلة من لوري وشخصيات اقتصادية بارزة نجحت في إقناع الرئيس بالتراجع.
وفي منشور على منصة "تروث سوشال" ومؤتمر صحفي لاحق، أعلن ترامب أنه لن يرسل القوات إلى سان فرانسيسكو، مشيراً إلى أن قراره جاء بعد محادثات مع هوانج وبينيوف وآخرين، إضافة إلى مكالمته مع العمدة لوري.
وقال لوري في مؤتمر صحفي: "أبلغت الرئيس بما أبلغت به سكان سان فرانسيسكو: مدينتنا تتعافى. الزوار يعودون، والمباني تُؤجر وتُشترى، والموظفون يعودون إلى مكاتبهم... لكن وجود قوات عسكرية أو شبه عسكرية في مدينتنا سيُعيق هذا التعافي".