السلطانة كوسم.. جارية تزوجها سلطان عثماني وقتلت ابنها وحكمت لمدة 37 عامًا
تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT
تعتبر "كوسم سلطان" واحدة من أشهر سلطانات الدولة العثمانية، وفقًا للمؤرخ التركي يلماز أوزتونا، كانت كوسم سلطان ذكية بشكل استثنائي، ماكرة ومراوغة، وخبيرة في وضع الخطط السياسية والمؤامرات المعقدة، كانت قوية النفوذ ومقنعة في خطابها، وكانت تولي اهتمامًا كبيرًا بإرضاء الشعب.
لهذا السبب، قامت بتأسيس العديد من المؤسسات الخيرية وأضخمت ثروتها الضخمة لصالح خزينة الدولة وأعادت إحيائها.
كوسم سلطان حكمت فعليًا في الدولة العثمانية في عام 1617، وقد حققت نجاحًا غير مسبوق واستمتعت بسلطة كبيرة في الدولة العثمانية، كانت أكثر سيدة تحتل منصب "السلطانة الأم" خلال فترة حكم ابنيها مراد الرابع وإبراهيم الأول، واستمرت في هذا المنصب لمدة تزيد عن ربع قرن.
كما شغلت منصب نائبة السلطان لابنها مراد الرابع وحفيدها محمد الرابع لمدة تقارب 12 عامًا.
وبفضل هذه المواقع القيادية، حصلت على سلطات واسعة وأصبحت لاعبًا رئيسيًا في السياسة العثمانية في النصف الأول من القرن السابع عشر.
الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديثوفقًا لكتاب "الدولة العثمانية في التاريخ الإسلامي الحديث" للمؤلف إسماعيل أحمد ياغي (1996)، ومصادر أخرى، وُلدت كوسم سلطان باسم "أناستاسيا" في عام 1590، وكانت ابنة قديس يوناني في جزيرة تينوس.
وتم أسرها وإرسالها كهدية إلى قصر الباب العالي في إسطنبول، دخلت إلى الحريم وأصبحت خادمة للسلطان العثماني الرابع عشر أحمد الأول بعد أن لاحظها ووقع في حبها من النظرة الأولى، اعتنقت الإسلام وتغير اسمها إلى كوسم وأُطلق عليها اسم "ماه بيكر" بسبب جمالها المدهش، رغم معارضة والدة السلطان هاندان والسلطانة الكبرى صفية، التي كانت تتحكم في الحرملك.
اتخذ السلطان أحمد الأول قرار الزواج منها ومنحها لقب «السلطانة القائدة»، وأنجبت منه السلطان «مراد الرابع» والسلطان «إبراهيم الأول»، وهكذا بدأت حياتها الجديدة في قصر «توبكابي».
و«كوسِم سلطان» كانت من أشهر وأقوى السلطانات في تاريخ الدولة العثمانية، وعندما وصلت إلى سن 15 عاما من عمرها، أصبحت من أهم الشخصيات المفضلة عند زوجها أحمد الأول وأثرت عليه بذكائها، لكن حياتها تغيرت عندما فارق زوجها السلطان «أحمد الأول» الحياة قبل بلوغه سن الـ30، لأنها لم تهتم بالتدخل المباشر في أمور السياسة للدولة العثمانية، أيام سلطنة زوجها «أحمد الأول»، إلا أنها بعد وفاته لم تكف عن لعب أدوار سياسية شديدة التعقيد في ظل واحدة من الفترات السيئة في تاريخ الدولة العثمانية، فأظهرت عشقها للسلطة الذي لم يقل يوما بعد أن رفضت أن يلي السلطنة الأمير «عثمان» ابن ضرتها وعدوتها «خديجة ماه فيروز»، خوفا من ضياع فرصة ابنها الأمير «مراد الرابع» في الحكم، الذي كان وقتها لا يزال طفلا صغيرا.
فضلت «كوسم سلطان» أن تستعين بشقيق زوجها الأمير «مصطفى» الذي لم يكن راغبا في ارتقاء العرش، بل كان يريد الهرب بعيدا، خاصة أن معظم رجال الدولة لم يقتنعوا بشخصية الأمير «مصطفى»، المعروف بخفة عقله وطيشه، ولم يكن الأمر إلا مجرد اتفاق بين السلطانة «كوسم سلطان» ورجال الدولة على تصعيد الأمير «مصطفى»، لإتاحة الوقت أمام السلطانة لتحسم أمرها مع كبار قادة الجيش المنقسمين حول أيّ من أبناء السلطان «أحمد» أحق بولاية العرش، هكذا وصل السلطان «مصطفى» إلى سدة الحكم، كأول أخ يلي السلطنة بعد أخيه في التاريخ العثماني.
إعادة صياغة موضوع
ولم تكن «كوسم سلطان» وحدها في هذا التدبير، بل شاركها فيه قادة فرق الانكشارية أصحاب الكلمة العليا في إسطنبول آنذاك، الذين أقروا تقاسم السلطة بانفرادهم بإدارة الدولة والحجر على السلطان الجديد، فيما تطلق يد السلطانة «كوسم سلطان» داخل الحرملك لتصبح سيدته الأولى بلا منازع، لتدشن بذلك سيادتها في الحرملك، وعند بلوغها عمر 28 عاما، كانت «كوسم سلطان» قد أوجدت لنفسها مكانا في السلطنة العثمانية، فكانت تدير جلسات الديوان وكان لها دور خاص في الحكم العثماني، لتصبح أحد واضعي السياسية العليا للدولة العثمانية على مدار نصف قرن تقريبا.
لم تدم سلطنة «مصطفى الأول» إلا 3 أشهر، هي مدة المشاورات حول تصعيد الأمير «عثمان الثاني» الابن الأكبر للسلطان «أحمد» سلطانا للبلاد، ما يعني أن «خديجة ماه فيروز» انتصرت في معركتها ضد ضرتها «كوسم سلطان»، وأصبح السلطان «عثمان الثاني» السلطان الجديد للبلاد، لكن زوجة أبيه «كوسم سلطان» لم تستسلم للواقع الجديد.
ولم تجد السلطانة مفراً من التحالف مع الانكشارية للتخلص من ابن ضرتها، خاصة أن السلطان الشاب اتبع سياسة والده الراحل السلطان «أحمد» وقرر تقليص نفوذ الحرملك ووضع رؤية إصلاحية لأحوال الدولة العثمانية المتدهورة، رغم صغر سنه تولى الحكم وهو في الـ13 من عمره، وهو ما لم ترض به السلطانة «كوسم سلطان»، وعملت على شراء ذمم قادة الجيش، وتخلصت من والدته التي كانت سنده في الحرملك في عام 1621، وبعدها عقدت تحالفا مع قيادات الانكشارية بهدف التخلص من السلطان عثمان الثاني ودبروا مؤامرة لاغتياله.
عاد السلطان «مصطفى الأول» للحكم مرة ثانية كفترة انتقالية حتى يستطيع «مراد» أن يدير شؤون الدولة العثمانية، لكن «مصطفى الأول» لم يستطع إدارة شؤون البلاد وعمت الاضطرابات والانقسامات، واتفقت «كوسم سلطان» مع الصدر الأعظم وبقية الوزراء على تدارك الموقف وعزل «مصطفى»، وتولية ابنها «مراد» الحكم، وكان وقتها يبلغ من العمر 11 عاما، وحصلت «كوسم سلطان» على لقب «السلطانة الأم» وأدارت البلاد بصفتها نائبة السلطان.
وفي عام 1632، انتهت فترة نيابة السلطانة «كوسم سلطان»، التي دامت نحو 9 أعوام، وأقصاها ابنها من المشهد السياسي سريعا، بعد أن قرر ألا يسمح لأية قوة كانت بالتدخل في إدارته للبلاد، وأمر والدته بأن تقطع اتصالاتها برجال دولته، وهددها بالإقصاء والنفي بعيدا عن العاصمة إذا لم تستجب لأوامره.
وعند استلام «مراد الرابع» عرش السلطانة، أدخل الكثير من الإصلاحات وضرب بيد من حديد مواطن الفوضى، وكان يقتل ويعدم كل من يخالف أوامره، وقرر استعادة أمجاد الدولة في الخارج، وقاد جيوشه في حربه الواسعة ضد الدولة الصفوية في الجبهة العراقية، وأظهر أثناء قيادته للجيوش العثمانية حزما ومقدرة أعادت إلى الأذهان عصر سليمان القانوني، وفتح فصلا جديدا من فصول الظلم والقمع والخوف، وحاول التخلص من أقرب الناس إليه وهو شقيقه «إبراهيم»، طمعا بالعرش والثروة، ويرجع لـ«كوسم سلطان» الفضل في إنقاذ السلالة العثمانية من الانقراض بعد أن منعت ابنها «مراد» من قتل أخيه، وتوفي «مراد» في عام 1640، عن عمر ناهز الـ27، ولم ينجب ولدا.
رأت «كوسم سلطان»، التي لم تترد يوما في عمل أيّ شيء في سبيل السياسة والسلطة، في وفاة ولدها المستبد فرصة لتعود إلى صدارة المشهد من جديد بإحياء تحالفها مع قادة الجيش الذين يطلق عليهم «آغوات أوجاق أغالري» لتقاسم إدارة الدولة في ظل سلطنة الحاكم الجديد السلطان «إبراهيم الأول» ضعيف الشخصية، وهكذا عادت السلطانة الأم إلى نفوذها السابق مرة أخرى.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدولة العثمانية القرن السابع عشر أحمد الدولة العثمانیة أحمد الأول فی عام بعد أن
إقرأ أيضاً:
مصطفى بكري: اجتماع الرئيس السيسي بالقيادات الإعلامية يؤسس لمرحلة جديدة من دعم حرية الرأي
أكد الإعلامي مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، أن تأكيد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماعه بالقيادات الإعلامية على التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية الرأي والتعبير واحتضان كل الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية، يعني أننا أمام مرحلة جديدة فيها تدعيم للرأي والرأي الآخر في إطار المنظومة الوطنية.
وكتب مصطفى بكري، في تغريدة عبر حسابه على منصة «إكس»: «فلتتوقف الأيدي المرتعشة والحكوميين أكثر من الحكومة»، مشددًا على أن الرأي الآخر والنقد الهادف مطلوبان لتصحيح الأخطاء، ولكن في إطار يحافظ على الكيان الوطني ويدعم مؤسسات الدولة في مواجهة التحديات.
وأشار عضو مجلس النواب إلى أهمية ما أكده الرئيس بضرورة وضع خارطة طريق شاملة لتطوير العمل الإعلامي، بما يضمن مواكبة التغييرات المتسارعة التي يشهدها العالم.
ودعا مصطفى بكري الحكومة والجهات المعنية إلى ترجمة توجيهات الرئيس بإتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، حتى يمكن توظيفها بما يمكن الإعلام والصحافة من الرد على حروب الجيل الرابع، والادعاءات والأكاذيب التي تستهدف الدولة المصرية.
اجتماع الرئيس السيسي بالقيادات الإعلاميةكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد اجتمع، اليوم، مع كل من الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، والمهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، والمهندس عبد الصادق الشوربجي رئيس الهيئة الوطنية للصحافة، والسيد أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، أن الرئيس استهل الاجتماع بتوجيه التحية والتقدير لجميع العاملين في قطاع الإعلام، مشيدًا بالدور الحيوي الذي يضطلع به الإعلام المصري في بناء الشخصية الوطنية، وتشكيل وعي المواطنين، وتعريفهم بالمستجدات والتطورات على الساحتين المحلية والدولية، إلى جانب إبراز الإنجازات المحققة، والارتقاء بالذوق العام، وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية.
وأكد الرئيس في هذا السياق التزام الدولة الراسخ بإعلاء حرية التعبير، واحتضان كافة الآراء الوطنية ضمن المنظومة الإعلامية المصرية، بما يعزز من التعددية والانفتاح الفكري.
وأضاف السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي، أن الرئيس وجه بوضع خارطة طريق شاملة لتطوير الإعلام المصري، وذلك بالاستعانة بكل الخبرات والكفاءات المتخصصة، بما يضمن مواكبة الإعلام الوطني للتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم، ويُمكنه من أداء رسالته بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية الحديثة والجمهورية الجديدة، كما وجه الرئيس بأهمية اتاحة البيانات والمعلومات للإعلام، خاصة في أوقات الأزمات التي تحظى باهتمام الرأي العام، حتى يتم تناول الموضوعات بعيداً عن المغالاة في الطرح أو النقص في العرض.
وفي ذات السياق، شدد الرئيس على أهمية الاعتماد على الكوادر الشابة المؤهلة للعمل الإعلامي، وتنظيم برامج تثقيفية وتدريبية للعاملين في هذا المجال، مع التركيز على مفاهيم الأمن القومي، والانفتاح على مختلف الآراء، بما يرسخ مبدأ «الرأي والرأي الآخر» داخل المنظومة الإعلامية المصرية.
وذكر المُتحدث الرسمي أن الرئيس استمع خلال الاجتماع إلى عرض حول الجهود المبذولة لتطوير منظومة الإذاعة والتلفزيون المصري (ماسبيرو)، بما يشمل القنوات التابعة، إلى جانب عرض حول تحديث المؤسسات الصحفية القومية. وفي هذا الإطار، وافق الرئيس على صرف البدل النقدي المقترح من الحكومة للصحفيين، كما وجّه بحل مشكلة مكافأة نهاية الخدمة للعاملين في ماسبيرو.
اقرأ أيضاًبعد نفي القيادة الليبية مزاعم استقبال أبناء غزة.. مصطفى بكري: المشير حفتر رجل عروبي ولن يسمح بتصفية القضية
مصطفى بكري لـ نتنياهو: مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية
أيام الحسم قبل 25 يناير.. شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري «الحلقة 48»