جريدة الوطن:
2025-12-13@09:50:24 GMT

أصداف : ما بعد «الحرب الهجينة»

تاريخ النشر: 3rd, September 2023 GMT

نقصد بـ»الحرب الهجينة» جانب السِّلاح المستخدم في هذا النَّوع من الحروب، فقَدْ تصدَّى خبراء ومفكِّرون واستراتيجيون لهذا المصطلح القديم ـ الجديد وتناولوه من عدَّة زوايا. لكنَّ اللافت أنَّ ثمَّة تطوُّرات واضحة في أنواع الأسلحة المستخدمة في الحروب والهجمات التي انتشرت على الأقل خلال عَقْد من الزمن. أمَّا أبرز التجارب التي يُمكِن مناقشتها في البحث في هذا الموضوع فهي «المواجهة الروسيَّة ـ الأوكرانيَّة» إذ إنَّها تختلف عن الهجمات التي تُنفِّذها الولايات المُتَّحدة ضدَّ أهداف تعدُّها مُعادية لها ويتركز نشاطها في الشرق الأوسط، لكنَّ الحرب التي ما زالت مشتعلة في منطقة القرم منذ فبراير ـ شباط 2022 تسجِّل سابقة في المزج بَيْنَ نوعَيْنِ من الأسلحة وعلى أوسع نطاق، فيتمُّ الإعلان بصورة شِبْه يومي في كييف وموسكو عن التصدِّي للطائرات المُسيَّرة التي يستخدمها الطرفان، ورغم استخدام الطرفيْنِ التقنيَّات المتطوِّرة في معالجة تلك الهجمات، إلَّا أنَّ البعض مِنْها يصل الأهداف المرسومة ويصيبها ويحدث الضرر وبدرجات متفاوتة، كما أنَّ الهجمات السيبرانيَّة لَمْ تتوقف هي الأخرى، وأنَّ غالبيَّة هذه الهجمات تُحقِّق كامل أهدافها أو جزءًا مِنْها.


إلى أين تتَّجه الحروب في العالَم؟
بعد أكثر من قرن من استخدام الأسلحة التقليديَّة التي شهدت منذ بداية القرن العشرين وفي مختلف أنواع الأسلحة تطوُّرًا كبيرًا، فقَدْ ظهرت الطائرات المقاتلة وطوَّرت الدوَل والشركات كثيرًا في أدوات القتل لهذا السِّلاح الفتَّاك، وحصل تطوير هائل للمدافع المختلفة، ومِثل ذلك حصل للدبابات وناقلات الجنود والفرقاطات والبوارج وحتَّى الزوارق الحربيَّة الصغيرة والمتوسِّطة، وجميع هذه الأسلحة عبارة عن قطعة جامدة لا فائدة مِنْها بِدُونِ العنصر البَشَري، لهذا فإنَّ الجزء الأكبر من التطوير لتلك الأسلحة يركز على جانب الحماية لمستخدمي هذه الأسلحة. رغم ذلك فقَدْ سقط عددٌ كبير من الطيارين في جميع الحروب والمعارك وحدَثَ الأمْرُ في طواقم الدبابات والدروع وفي أسلحة البحريَّة بمختلف أنواعها.
في الوقت الحالي تجري حرب هجينة من حيث استخدام الأسلحة (روسيا وأوكرانيا) فهناك الأسلحة التقليديَّة ومعها الحرب الإلكترونيَّة بجميع بوَّاباتها وأدواتها، ومنذ اندلاع الحرب وحتَّى الآن تعمل مؤسَّسات وعقول برمجيَّة والذَّكاء الاصطناعي على تطوير النَّوع الثاني من الأسلحة (الإلكترونيَّة) وعِندما تضع هذه الحرب أوزارها إن عاجلًا أم آجلًا، فإنَّ الدوَل والكثير من الحكومات ستخرج بخلاصات عميقة عن النتائج التي حققتها الحرب الإلكترونيَّة في هذه الحرب، ولأنَّ الجميع يتجهون لتقليل الخسائر البَشَريَّة بَيْنَ الجيوش، فإنَّ التوسُّع سيكُونُ في الأسلحة الجديدة، وهذا يعني أنَّ الخطط الخاصَّة بتدريب الطيَّارِين وضبَّاط المدفعيَّة والعديد من الصنوف سيخضع للدراسة والمراجعات، وينعكس ذلك على صناعات الأسلحة الأخرى؟
وستزحف الأدوات الحربيَّة الإلكترونيَّة بقوَّة لتقليص المخازن التقليديَّة من الأسلحة وقَدْ يحصل ذلك بفترة زمنيَّة قياسيَّة.

وليد الزبيدي
كاتب عراقي
[email protected]

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

اليمن.. وطن أكلته الحروب وأنهكته الصراعات

 

خالد بن سالم الغساني

 

اليمن عند مفترق تاريخي يزداد تشعبًا وقتامة مع مرور الوقت، حيث تتشابك أنواع المعاناة، وتتقاطع مسارات الصراع لتخلق واقعًا مركبًا أصبح من الصعب لأي جهة داخلية أو خارجية احتواؤه. وعلى الرغم من أن جذور الأزمة تعود إلى عقود من الاختلالات والتركيبات البنيوية، فإن السنوات الأخيرة دفعت بالبلاد وإنسانها نحو حافة الانهيار، وجعلت مواطنيها يعيشون في دائرة مغلقة من الجوع والضيق والقلق وانعدام الأمن والاستقرار.

الإنسان اليمني، المعروف بصبره وصلابته، والمتمسك بالأمل مهما اشتدت عليه الظروف وازدادت المحن والمعاناة، أصبح اليوم محاصرًا بثلاثية ثقيلة: الفقر الممتد، وانهيار الخدمات على اختلافها، والاصطفاف والاقتتال الذي يعني غياب الأمن والاستقرار. ملايين يعيشون بلا كهرباء، ولا مياه نظيفة، ولا منظومة صحية قادرة على التعامل مع أبسط الأزمات، فيما ترتفع أسعار الغذاء والدواء إلى مستويات غير مسبوقة حتى بالمقاييس اليمنية. المدارس تتراجع إمكاناتها، والمستشفيات شبه خالية من التجهيزات، والطرقات باتت شاهدًا على اتساع رقعة الاضطراب، بين مناطق تتبدل فيها السيطرة أو تتقلص فيها سلطة الدولة، والمطارات والموانئ مغلقة.

ومع تفاقم الوضع الاقتصادي، تآكلت الطبقة المتوسطة التي كانت تمثل صمام أمان اجتماعي مهم. كثير من الأسر التي كانت تعيش بكرامة أصبحت اليوم تعتمد على التحويلات من الخارج أو على مساعدات لا تكفي لتأمين أساسيات الحياة. وبدلًا من أن يكون الشباب قوة دافعة للتنمية، أصبحوا رهائن الاقتتال والبطالة والظروف المعيشية القاسية، ما يخلق بيئة مساعدة على مزيد من الانفجارات على المدى الطويل. وحتى أولئك الذين يبحثون عن الاستقرار خارج الوطن يواجهون تحديات الهجرة، والتشتت الأسري، والضياع بين المنافي.

أما الأرض اليمنية، التي كانت مزيجًا من الجبال الخصبة والسهول الساحلية والموانئ الحيوية، فأصبحت تعاني مما هو أبعد من الدمار المباشر، الطرق الزراعية تعطلت، والحقول هجرت، ومناطق كانت تغذي الأسواق المحلية والخارجية أصبحت شبه خالية من الإنتاج. تراجع الزراعة يعني تراجع الأمن الغذائي، وارتفاع أسعار السلع يعني مزيدًا من الضغط على المواطن. كما أن البنية التحتية المتهالكة تزيد من صعوبة نقل البضائع، وترفع كلفة التجارة، وتغلق أبواب الرزق أمام آلاف الأسر.

وتسببت حالة عدم الاستقرار في تشكل جغرافيا سياسية جديدة، تتوزع فيها السيطرة بين مناطق وإدارات مختلفة، لكل منها رؤيتها الخاصة وطريقتها في إدارة شؤونها. هذا التوزع لا يقتصر على الخريطة العسكرية فقط، بل يتسرب إلى تفاصيل الحياة اليومية، فهناك قوانين مختلفة، خدمات متفاوتة، مستويات معيشية متباينة، وضرائب أو جبايات تختلف من منطقة لأخرى. ومع مرور الوقت، يترسخ هذا التمايز، ما يهدد بتوسع الشرخ الاجتماعي ويمهد لاحتمالات تقود إلى انفصال فعلي، حتى دون إعلان رسمي.

هذا الواقع المأساوي الداخلي لا يبقى محصورًا داخل الحدود اليمنية، بل يمتد تأثيره إلى دول الجوار التي تتابع ما يجري بقلق متزايد. فاستمرار الأزمة يعني استمرار الضغوط الأمنية على الحدود، وزيادة احتمالات التسلل غير القانوني وتجارة السلاح، وتصاعد الأخطار المتعلقة بالملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، وهي مناطق تمثل شريانًا اقتصاديًا حيويًا للعالم، وليس فقط للمنطقة. كما أن التوترات الاقتصادية والإنسانية في اليمن تنعكس على دول الجوار من خلال موجات النزوح والبحث عن فرص العمل.

دول الجوار تجد نفسها مضطرة للتعامل مع سيناريوهات معقدة: اليمن المُمزق جغرافيًا وسياسيًا يشكل تحديًا مباشرًا لأي رؤية للاستقرار الإقليمي؛ سواء للأمن الحدودي، أو لحركة التجارة، أو لمشاريع الربط الاقتصادي التي تعتمد على وجود دولة مستقرة وقادرة على إدارة مواردها. وفي حال استمر الاتجاه نحو التشظي، فقد يظهر في جنوب الجزيرة كيان غير مستقر، وآخر في الشمال يواجه ضغوطًا داخلية وخارجية، ما سيجعل المنطقة بأكملها أمام احتمالات مفتوحة، قد تزيد من الأعباء الأمنية والاقتصادية على الجميع.

ومع ذلك، لا يزال الأمل قائمًا، وإنْ بدأ بعيدًا؛ فخيار التماسك ممكن إذا توفرت إرادة سياسية تتجاوز المصالح الضيقة، وإذا كان هناك دعم إقليمي ودولي يركز على المصالحة الشاملة والتنمية بدلًا من إدارة الأزمات فقط. الشعب اليمني، رغم معاناته، ما زال يملك القدرة على النهوض إذا حصل على فرصة عادلة للسلام، والوقت كفيل بأن يعيد تشكيل المشهد إذا اتجهت الأطراف نحو التهدئة الحقيقية والتفاهم البنّاء.

اليمن اليوم يقف بين طريقين، طريق يعيد له مكانته كجسر حضاري بين الشمال والجنوب والشرق والغرب، وطريق آخر يأخذه نحو مزيد من الضياع والانقسام. لكن المؤكد أن مستقبل هذا الوطن سيحدده في النهاية صمود الإنسان اليمني وإصراره؛ فهو جوهر هذا البلد وروحه التي لا تنطفئ، والقوة التي يمكنها أن تعيد جمع ما تفرّق، ثم صدق جيرانه وحرصهم على المساعدة في بناء يمن موحد آمن مسالم وقوي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • غنائم الانسحاب.. وثائقي للجزيرة يكشف حجم الأسلحة الأميركية التي استولت عليها طالبان
  • الظهور الأول لسيارة لوتس الرياضية.. إليترا الهجينة بقوة تقارب 1000 حصان
  • سمارت تقدم #6.. الأولى في عالم السيدان الهجينة| صور
  • مستشار حكومي: انهيار البنية التعليمية بسبب الحروب يعيق التحول الرقمي
  • الفطيم BYD السعودية تكشف عن ATTO 8: سيارة الدفع الرباعي العائلية الهجينة فائقة القدرة في المملكة
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • صحة غزة: حصيلة جديدة لضحايا الهجمات العسكرية الإسرائيلية في القطاع
  • تناسل الحروب
  • اليمن.. وطن أكلته الحروب وأنهكته الصراعات
  • عائدات قياسية لشركات الأسلحة.. كيف غيّرت الحرب الروسية على أوكرانيا خريطة الصناعات الدفاعية؟