موسكو- صرّح أمين عام مجلس الأمن الروسي، سيرغي شويغو، أن التعاون الإستراتيجي بين روسيا والصين قد وصل إلى مستوى غير مسبوق.

وقال شويغو، خلال مشاورات مع وزير الخارجية الصيني وانغ يي، حول الأمن الإستراتيجي بين البلدين في موسكو "ليس الجميع في الغرب راضٍ عن وصول الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتيجي بين روسيا والصين إلى هذا المستوى".

وأشار إلى أن "العلاقات الروسية الصينية لا تخضع لضغوط خارجية، وهي مبنية على مبادئ الاحترام المتبادل، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والدعم المتبادل".

ووفقا له، فقد ازداد الوضع الجيوسياسي العالمي تعقيدا خلال العام الماضي، وأن التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار العالميين تتزايد، "مما يتطلب منا تكثيف الجهود بانتظام بروح الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتيجي".

بدوره، أكد وانغ يي أهمية مواصلة تعزيز الثقة الإستراتيجية المتبادلة، وتعميق حسن الجوار والصداقة، وتوسيع التعاون ذي المنفعة المتبادلة، وتعزيز التنمية الاقتصادية في كلا البلدين، ومواجهة التحديات والتهديدات الجديدة، وحماية العدالة والأمن الدوليين بشكل أكثر فعالية في جميع أنحاء العالم.

ضباط بحرية روس وصينيون يشاركون في مراسم بدء المناورات البحرية المشتركة في بحر اليابان (رويترز)تحديات مشتركة

وأنهت الجولة الـ20 من المشاورات الروسية الصينية حول الأمن الإستراتيجي أعمالها برئاسة سيرغي شويغو ووانغ يي، في العاصمة الروسية، وجرى خلالها بحث القضايا الراهنة للأمن الدولي والإقليمي، والوضع في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فضلا عن التعاون في المجالات العسكرية والتقنية، والتفاعل بين الجهات الأمنية.

وفي السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين البلدين تطورا ملحوظا لتصل إلى مستوى غير مسبوق وتفاعل إستراتيجي شامل وشراكة يصفها مسؤولو البلدين بأنها "بلا حدود".

إعلان

ويعود ذلك إلى عوامل جيوسياسية أهمها مواجهة الغرب والولايات المتحدة، فمنذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، اتسمت العلاقات الروسية الصينية بشراكة إستراتيجية متعمّقة في ظل الصراع مع الغرب، رغم أن الصين تتوخى الحذر في دعمها لروسيا.

فهي تدعمها عبر التجارة وإمدادات الطاقة، لكنها تتجنب المساعدة العسكرية المباشرة، وتحافظ على موقف محايد على الساحة الدولية، بما في ذلك الامتناع عن إدانة روسيا في الأمم المتحدة.

المسؤولون الصينيون والروس خلال لقائهما في موسكو حيث بحثا تعزيز العلاقات ولا سيما الأمنية (رويترز)وفق المصالح

وبحسب الخبير العسكري أناتولي ماتفيتشوك، يتمثل جوهر المشاورات الأمنية الإستراتيجية بين البلدين في تنسيق الإجراءات لمواجهة التهديدات المشتركة وتعزيز الاستقرار الثنائي والإقليمي والعمل على تثبيت مصالحهما في مختلف مناطق العالم.

ويقول ماتفيتشوك للجزيرة نت، إن هذه المشاورات تُعد مهمة لأنها تُعزز الثقل الجيوسياسي لكلا البلدين، وتسهم في الحفاظ على الاستقرار في مناطق شاسعة، وتتيح لهما الدفاع المشترك عن رؤيتهما للنظام العالمي، بما في ذلك داخل منظمات مثل منظمة شنغهاي للتعاون ومجموعة البريكس.

لكنه يلفت إلى أن الصين، في المقابل، تمتنع عن تقديم مساعدة عسكرية مباشرة لروسيا، محافظة على حيادها في الصراع، وتجنبا لحصول مواجهة مفتوحة مع الغرب.

وعلاوة على ذلك، وفي سياق سعيها لبناء سياساتها على أسس مصالحها الوطنية، تحافظ بكين على علاقات ثنائية مع كييف ولم تقطع علاقاتها الدبلوماسية معها منذ بدء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وفي الوقت ذاته، تحافظ موسكو وبكين على مستوى عالٍ من التعاون العسكري التقني، ويجريان تدريبات مشتركة منتظمة.

ويتابع ماتفيتشوك أنه لطالما كانت روسيا المورد الرئيسي للأسلحة والتكنولوجيا للصين، بالرغم من انخفاض حصة الواردات الروسية من إجمالي إنتاج الأسلحة في الصين التي تزايد اكتفاؤها ذاتيا، فإن التعاون العسكري التقني لا يزال عنصرا مهما في الشراكة.

انعكاسات الصراع

من جانبه، يعتبر الباحث في النزاعات الدولية فيودور كوزمين، أن دور الصين في الصراع بين روسيا والغرب يكمن في الحفاظ على شراكة إستراتيجية مع موسكو، وتقديم دعم اقتصادي ودبلوماسي كبير، مع السعي في الوقت نفسه للحفاظ على مظهر الحياد.

ووفقا لكوزمين، تعزّزت العلاقات بين البلدين بناء على المصالح المشتركة، لا سيما في معارضة الهيمنة الأميركية والديمقراطيات الليبرالية.

وبرأي الباحث فإن الصين نفسها تستفيد من الصراع القائم بين روسيا والغرب، وتحولت نتيجة لذلك إلى أكبر شريك تجاري لموسكو، حيث حلت شركاتها محل الشركات الغربية وأصبحت بكين أكبر المستوردين لموارد الطاقة الروسية.

في المقابل، أسهم ذلك إلى حد كبير في التخفيف من تأثير العقوبات الغربية على روسيا، لا سيما ما يخص الإمدادات ذات الاستخدام المزدوج، حيث تزود الصين روسيا بسلع ذات استخدام مزدوج، مدني وعسكري، وهي ضرورية للإنتاج العسكري الروسي.

العلاقات بين روسيا والصين تعززت بناء على المصالح المشتركة لا سيما في معارضة الهيمنة الأميركية (شترستوك)

وبحسب المتحدث كوزمين، تعيش الصين هاجس تعرض روسيا للضعف، مما سيسمح للولايات المتحدة بتركيز اهتمامها بالكامل على الصين كمنافس رئيسي لها.

إعلان

من هنا، يتمثّل دور الصين في توفير "غطاء" لروسيا وتزويدها بالوسائل اللازمة لمواصلة الصراع، وهو ما من شأنه أن يحول دون هزيمتها في ساحة المعركة مع أوكرانيا والمواجهة مع الغرب، بل العمل على إضعاف الغرب نفسه وإعادة صياغة النظام العالمي نحو التعددية القطبية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات بین البلدین بین روسیا لا سیما

إقرأ أيضاً:

وزير الخارجية الصيني: بكين وموسكو تتعاونان بنشاط لتنفيذ الاتفاقات المبرمة

أعلن وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، أن بكين وموسكو تتعاونان بنشاط لتنفيذ الاتفاقات المبرمة على أعلى المستويات بشأن قضايا الأمن الاستراتيجي.

الخارجية الفلسطينية تدين اقتحام وإغلاق مقري لجان العمل الزراعي في رام الله والخليل وزير الخارجية الروسي يجري محادثات مع نظيره الصيني

وقال وانغ، خلال جلسة مشاورات حول الأمن الاستراتيجي مع سكرتير مجلس الأمن الروسي سيرجي شويغو:

"نحن نعمل معا على تنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها على المستوى الرفيع في مجال الأمن الاستراتيجي، ونبذل جهودا جبارة لترجمة القرارات الاستراتيجية إلى واقع ملموس، وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة. وقد أنجزتم—أنت وسلفكم—عملا ضخما في هذا المسار، ونحن نثمن ذلك تقديرا عاليا".

وأكد الوزير الصيني أن العلاقات بين البلدين تشهد ديناميكية قوية ومستدامة، مشيرا إلى سلسلة اللقاءات البارزة التي جمعت القيادتين في عام 2025، احتفاء بالذكرى الـ80 للانتصار في الحرب العالمية ضد الفاشية. وقال: "على وجه الخصوص، عقد الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين لقاءين مباشرين في موسكو وبكين، ما وجه العلاقات الصينية–الروسية نحو الاستقرار والثقة، رغم الاضطرابات والتقلبات العالمية".

كما شدد وانغ يي على أن البلدين موحدان في التزامهما بالحفاظ على نتائج الحرب العالمية الثانية، التي تحققت بتضحيات جسام. وقال: "نحن نقف معا ضد أي محاولات أو تصريحات تتناقض مع الحقيقة التاريخية. ويجب أن نكون في حالة تأهب تجاه محاولات إحياء النزعة العسكرية اليابانية أو الفكر الفاشي، ومن الضروري التصدي بحزم لأي مساع من هذا النوع".

وأشار إلى أن عام 2026 سيشهد احتفالا بالذكرى السنوية الـ30 لبدء الشراكة الاستراتيجية بين الصين وروسيا، والذكرى الـ25 لتوقيع "معاهدة حسن الجوار والصداقة والتعاون"، معتبرا ذلك "علامة فارقة جديدة في مسيرة العلاقات الثنائية".
وختم وانغ تصريحه قائلا:"من المهم أن نواصل تعزيز الثقة الاستراتيجية المتبادلة، وتعميق روابط حسن الجوار والصداقة، وتوسيع التعاون المتبادل المنفعة، دعما للتنمية الاقتصادية والنهضة الوطنية في كلا البلدين، ومواجهة للتحديات والمخاطر الجديدة"

مقالات مشابهة

  • المصرية السودانية ومحاولات تأسيس جديد لمفهوم العلاقة بين البلدين
  • مجلس الدوما الروسي يهدد برد صارم على أي مصادرة للأصول الروسية في الخارج
  • الصين: خطة أوروبا لاستخدام الأصول الروسية تنتهك القانون الدولي
  • مباحثات مصرية إندونيسية لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين
  •  نائب وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات الثنائية مع السفير الصيني
  • وزير الخارجية الصيني: بكين وموسكو تتعاونان بنشاط لتنفيذ الاتفاقات المبرمة
  • وزير الخارجية الروسي يجري محادثات مع نظيره الصيني
  • الاستخبارات الروسية: فرنسا تبحث عن خيارات للتدخل المباشر في الصراع الأوكراني
  • قرار الغرب: نفط فنزويلا لن يكون في خدمة الصين