مشاركة مميزة لفريق رئاسة COP28 في قمة المناخ الأفريقية الأولى تشمل الإعلان عن مبادرة تمويل جديدة في مجال الطاقة النظيفة
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
- فريق COP28 يشارك في فعاليات ناقشت إشراك الشباب، والتبريد، والأمن، ويجتمع مع عدد من القادة الأفارقة، ويجرى زيارات لمجتمعات محلية متضررة من تداعيات تغير المناخ.
- الفريق يعلن عن "ميثاق معالجة الهشاشة المناخية" المرتقب إطلاقه في COP28 خلال اليوم المخصص لموضوعات الإغاثة والتعافي والسلم، لتوجيه مزيد من التمويل للدول التي تعاني تحديات تداعيات تغيُر المناخ وحدّة الصراعات.
- رئاسة COP28 تشيد بـ "إعلان نيروبي" الذي يضع الأساس لتشكيل الموقف التفاوضي لإفريقيا خلال المؤتمر.
- سلطان الجابر:
- تماشياً مع رؤية القيادة في الإمارات، نعمل ليكون COP28 منصة للتعاون الدولي وعقد الشراكات البنّاءة وتكريس التوافق وتوحيد الجهود للوصول إلى أعلى الطموحات المناخية العالمية وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
- الإمارات تطلق مبادرة تمويل في مجال الطاقة النظيفة بالشراكة مع مجموعة أفريقيا 50 بقيمة 16.5 مليار درهم لدعم مشروعات الطاقة النظيفة في أنحاء القارة.
- أفريقيا تقوم بدور ريادي في الجهود الهادفة لبناء مستقبل مستدام ومرن مناخياً، ومن الضروري توفير التمويل لها بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة لتعزيز قدرتها على الاستفادة من إمكانياتها بشكل كامل.
- وفقاً لبنك التنمية الأفريقي، هناك حاجة إلى 250 مليار دولار سنوياً للتغلب على نقص التمويل المناخي في أفريقيا، إلا أن القارة تتلقى 12% فقط من هذا المبلغ، وأقل من 2% منه يُخصص للتكيف.
- من الضروري وفاء الجهات المانحة بالتزامها بتقديم 100 مليار دولار من التمويل المناخي، وتجديد موارد الصندوق الأخضر، ومضاعفة تمويل التكيف بحلول 2025، وتحويل الهدف العالمي بشأن التكيف إلى عمل ملموس ونتائج حقيقية.
نيروبي في 8 سبتمبر/ وام/ أكد معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعين لمؤتمر الأطراف COP28، أنه تماشياً مع رؤية القيادة في الإمارات، نحرص على أن يشكّل COP28 منصة للتعاون الدولي، وعقد الشراكات البنّاءة، وتكريس التوافق، وتوحيد الجهود للوصول إلى أعلى الطموحات المناخية العالمية، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة.
جاء ذلك خلال مشاركة فريق رئاسة مؤتمر الأطراف COP28 في قمة المناخ الأفريقية الأولى التي عُقدت في العاصمة الكينية نيروبي، حيث شارك الفريق في العديد من الفعاليات وأجرى لقاءات مع عدد من القادة الأفارقة، وقادة قطاعات الأعمال، والسياسة، والمجتمع المدني، كما قام بزيارة عدد من المجتمعات المحلية، في إطار التزام رئاسة المؤتمر بدعم أفريقيا تقديراً لدورها كطرف رئيسي مؤثر في الجهود الهادفة لبناء مستقبل أفضل مناخياً.
وأوضح الفريق خلال مشاركته في قمة المناخ الأفريقية ركائز خطة عمل COP28 التي تشمل "تسريع تحقيق انتقال منظم ومسؤول وعادل في قطاع الطاقة"، و"تطوير آليات التمويل المناخي"، و"الحفاظ على البشر وتحسين الحياة وسُبل العيش"، ودعم الركائز السابقة من خلال ضمان احتواء الجميع بشكل تام.
وتأتي هذه الزيارة قبيل إعلان نتائج الحصيلة العالمية الأولى لتقييم التقدم في تحقيق أهداف اتفاق باريس، التي من المتوقع أن توضح أن العالم متأخر في تحقيق أهداف اتفاق باريس، والحفاظ على إمكانية تفادي تجاوز الارتفاع في درجة حرارة الأرض مستوى 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030.
واستضافت جمهورية كينيا قمة المناخ الأفريقية الأولى بالشراكة مع مفوضية الاتحاد الأفريقي، وجمعت القمة عدداً من القادة من أفريقيا ومختلف أنحاء العالم، إضافةً إلى شخصيات بارزة من قطاعات الأعمال والسياسة والمجتمع المدني، بهدف وضع وتفعيل حلول التصدي لتغيُر المناخ في إفريقيا والعالم، وكان من مخرجاتها تبنّي القادة الأفارقة بالإجماع "إعلان نيروبي"، الذي سيساهم في تشكيل الموقف التفاوضي للقارة في COP28 في نوفمبر القادم.
ويتماشى نص "إعلان نيروبي" مع طموحات خطة عمل COP28 وركائزها الأربعة، بما في ذلك دعوة الإعلان للمجتمع الدولي إلى تسريع جهود خفض الانبعاثات لتتماشى مع أهداف اتفاق باريس، والوفاء بالتزاماته بتقديم 100 مليار دولار من التمويل المناخي سنوياً، كما يطالب الإعلان القادة الأفارقة بوضع وتنفيذ السياسات والتشريعات وتقديم الحوافز التي تهدف إلى جذب الاستثمارات لتحقيق النمو الأخضر والتنمية الاقتصادية التي تضمن احتواء الجميع.
وأشادت رئاسة COP28 بـ "إعلان نيروبي" الذي يؤكد ريادة أفريقيا في العمل المناخي وعزمها على تحقيق تقدم جوهري، وأكدت حرصها على ضمان استمرار تعزيز الجهود والتعاون مع قادة أفريقيا ودول الجنوب العالمي للبناء على نجاحات نيروبي وتحقيق نقلة نوعية في العمل المناخي ونتائج ملموسة وفعالة في COP28.
ضم وفد COP28 المشارك في القمة معالي الدكتور سلطان أحمد الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الرئيس المعيَّن لـ COP28، ومعالي شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع رائدة المناخ للشباب في المؤتمر، وسعادة رزان خليفة المبارك رائدة الأمم المتحدة لتغير المناخ لـ COP28، وسعادة السفير ماجد السويدي، المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات لـ COP28، وسعادة عدنان أمين، الرئيس التنفيذي لمكتب COP28.
وبدأت مشاركات الفريق في القمة بالكلمة التي ألقاها معالي الدكتور سلطان الجابر خلال الافتتاح، والتي استعرض فيها رؤية رئاسة COP28 لتحقيق النجاح وبناء مستقبل أفضل مناخياً.
وأعلن معاليه في الكلمة عن مبادرة تمويل إماراتية جديدة في مجال الطاقة النظيفة، بالتعاون مع مجموعة أفريقيا 50 لتوظيف 16.5 مليار درهم (4.5 مليار دولار) من التمويل المشترك بين القطاعين الحكومي والخاص لدعم مشروعات الطاقة النظيفة في جميع أنحاء القارة الأفريقية.
وتبدأ المبادرة بقيام صندوق أبوظبي للتنمية والاتحاد لائتمان الصادرات بتمويل الاستثمار الأوَّلي، الذي يهدف إلى تحفيز عمل القطاع الخاص، ويقدم صندوق أبوظبي للتنمية مساعدات مالية بقيمة مليار دولار لتلبية احتياجات البنية التحتية الأساسية، وتقديم حلول تمويل مبتكرة، وحشد وتحفيز الاستثمارات الخاصة، كما توفر شركة الاتحاد لائتمان الصادرات تأميناً ائتمانياً بقيمة 500 مليون دولار للحد من المخاطر وجذب رأس المال الخاص.
وتلتزم شركة أبوظبي لطاقة المستقبل "مصدر"، الرائدة عالمياً في مجال الطاقة النظيفة، والتي تساهم في نشر حلول الطاقة المتجددة في 22 دولة أفريقية، بتخصيص رأسمال استثماري إضافي بقيمة ملياري دولار ضمن المبادرة الجديدة.
وتستهدف شركة "أيميا باور" توليد 5 غيغاواط من الطاقة المتجددة في القارة بحلول عام 2030، وجمع وتحفيز 5 مليارات دولار، منها مليار دولار رأسمال استثماري مُسَاهم، و4 مليارات دولار من تمويل المشروعات.
وستتعاون مبادرة التمويل الإماراتية مع مجموعة "أفريقيا50" التي تمثل منصة استثمارية أنشأتها الحكومات الأفريقية، وبنك التنمية الأفريقي، بهدف معالجة تحديات البنية التحتية الأساسية في القارة عبر تحديد المشروعات وربط المبادرة بالشركاء المنفِّذين المحليين.
وتستهدف هذه المبادرة الاستثمارية الدول التي لديها خطط واضحة للانتقال في قطاع الطاقة، وأطر تنظيمية مُعَزَّزة، والتزام حقيقي بتطوير البنية التحتية لشبكات الكهرباء. كما تندرج المبادرة تحت مظلة "اتحاد 7"، وهو برنامج تطوير أطلقته دولة الإمارات خلال أسبوع أبوظبي للاستدامة في عام 2022 بدعم من وزارة الخارجية، ويهدف إلى تزويد 100 مليون فرد في جميع أنحاء القارة الأفريقية بالكهرباء النظيفة بحلول عام 2035.
وقال معاليه ، بمناسبة الإعلان عن هذه المبادرة، إن أفريقيا تقوم بدور ريادي في الجهود الهادفة لبناء مستقبل مستدام ومرن مناخياً، ومن الضروري توفير التمويل لها بشروط ميسرة وبتكلفة مناسبة لتعزيز قدرتها على الاستفادة من إمكانياتها بشكل كامل، مشيراً إلى ما ذكره بنك التنمية الأفريقي من حاجة القارة إلى 250 مليار دولار سنوياً للتغلب على نقص التمويل المناخي، موضحاً أن أفريقيا تتلقى 12% فقط من هذا المبلغ، وأقل من 2% منه يُخصص للتكيف، وأن هذه المبادرة تهدف إلى إجراء تغيير ملموس وفعال وتعزيز قدرتها على تحقيق التنمية المستدامة.
كما استعرض معاليه رؤية رئاسة COP28 العامة بشأن دور المجتمع الدولي في تعزيز التمويل المناخي والتكيف، مؤكداً أهمية تفعيل مشاركاته وإسهاماته في الأيام المخصصة لكل من الصحة، والطبيعة، والأغذية، والزراعة، والمياه، ضمن برنامج المؤتمر للموضوعات المتخصصة، لافتاً إلى أهمية الانضمام إلى "إعلان القادة حول النظم الغذائية والزراعية والعمل المناخي".
وجدد معاليه التأكيد على ضرورة وفاء الجهات المانحة بالتزاماتها بتقديم 100 مليار دولار من التمويل المناخي، وتجديد موارد صندوق المناخ الأخضر، ومضاعفة تمويل التكيف بحلول 2025، وتحويل الهدف العالمي بشأن التكيف إلى عمل ملموس ونتائج حقيقية، بالإضافة إلى تقديم تعهدات مبكرة لصندوق معالجة الخسائر والأضرار لدعم الدول الأكثر عرضة لتداعيات تغير المناخ.
وجدد أعضاء فريق رئاسة COP28 خلال قمة المناخ الأفريقية الإشارة إلى أن أفريقيا هي الأقل تسبباً في تغير المناخ، والأكثر تأثراً بتداعياته، والإشادة بأنها في الوقت نفسه تقوم بدور ريادي بارز، وتحقق تقدماً مهماً في التنمية التي تضع المناخ في صدارة الأولويات.
جدير بالذكر أن الشباب عنصر أساسي في الريادة الأفريقية، حيث سيشكل الشباب الأفارقة 42% من شباب العالم بحلول عام 2030، ولذا، كان لمعالي شما بنت سهيل المزروعي، وزيرة تنمية المجتمع رائدة المناخ للشباب في COP28، دور ملموس في قمة المناخ الأفريقية في تعزيز مشاركة الشباب في مؤتمر COP28، حيث التقت معاليها خلال القمة 11 فرداً من الأعضاء الأفارقة في برنامج مندوبي الشباب الدولي للمناخ التابع للمؤتمر، للاستماع إلى أفكارهم وتطلعاتهم واهتماماتهم، كما حضرت معاليها العديد من الاجتماعات والأنشطة، وألقت كلمة في افتتاح الفعالية الخاصة بالشباب في القمة، دعت فيها إلى تعزيز مشاركة الشباب الهادفة وتفعيل إسهاماتهم في صنع السياسات المناخية.
وقالت معاليها: "تحرص رئاسة COP28 على ضمان تمكين واحتواء الشباب وتعزيز قدراتهم وإمكانياتهم، ومع اقتراب موعد انطلاق المؤتمر نحتاج إلى مواصلة الاستماع والتواصل مع الشباب في دول الجنوب العالمي"، وأضافت أن القارة الأفريقية هي الأكثر شباباً في العالم، لذلك يجب عرض وجهات نظر شبابها وآرائهم من أجل تحقيق تقدم ملموس وفعال في العمل المناخي.
من جانب آخر، كان التكيف مع تداعيات تغير المناخ محوراً رئيسياً لعمل فريق COP28، وأكدت معالي مريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة، خلال حضورها ومشاركتها في قمة المناخ الأفريقية، أهمية المواءمة بين الأولويات العالمية للغذاء والمناخ، وتحديات توفير الغذاء لمواكبة النمو السكاني السريع.
وقالت معاليها إن COP28 يضع في مقدمة أولوياته إدراج حماية وتنمية النظم الغذائية ضمن السياسات المناخية العالمية، وتشجيع الدول والجهات المعنية غير الحكومية على التعهد رسمياً بتسريع إجراء تغيير جذري جوهري في النظم الغذائية والزراعية، كما دعت الدول إلى الالتزام بإدراج النظم الغذائية في مساهماتها المحددة وطنياً المحدثة بحلول عام 2025، بحيث تضع النظم الغذائية في مقدمة أولويات سياساتها المناخية.
من جهتها تابعت سعادة رزان المبارك رائدة الأمم المتحدة للمناخ في COP28، خلال القمة، جهودها الهادفة للتركيز على التكيف ضمن مشاركتها في سلسلة من الفعاليات، حيث أولت اهتماماً خاصاً لدعوتها إلى دعم تبني الحلول المناخية القائمة على الطبيعة، وتعزيز الاستثمارات من أجل حماية المنظومات البيئية والطبيعية وضمان احتواء الجميع.
وفي إشارة إلى الجهود الكبيرة المطلوبة للحفاظ على مخازن الكربون الطبيعية في أفريقيا بما في ذلك غاباتها وأراضيها الرطبة، قالت سعادتها: "نحتاج إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لأن التحديات المشتركة لتغير المناخ وفقدان الطبيعة أصبحت أكثر وضوحاً عما كانت عليه في أي وقت مضى"، ودعت كافة الجهات غير الحكومية المعنية بالطبيعة إلى إدراج موضوع الطبيعة في خطط التحول المناخي، وتوجيه الاستثمارات نحو الحلول القائمة على الطبيعة، ووضع أهداف في مجال المناخ والطبيعة تستند إلى الحقائق العلمية.
وحرص فريق رئاسة COP28 خلال وجوده في العاصمة الكينية نيروبي، على التواصل مع مجموعة من الأفراد الذين يواجهون ظروفاً صعبة مرتبطة بتغير المناخ، حيث قام معالي الدكتور سلطان الجابر، ومعالي شما المزروعي وسعادة رزان المبارك، بزيارة حي "كيبيرا"، والتقوا العديد من الأفراد الذين تضرروا بشدة من تغيُر المناخ، والسكان الذين يعيشون في فقر مُدقع، ويعانون بسبب تداعيات الفيضانات الشديدة، كما اطّلعوا على جهود المجتمع المحلي لمكافحة تغير المناخ.
وقام سعادة السفير ماجد السويدي، المدير العام والممثل الخاص لرئاسة دولة الإمارات للمؤتمر، بزيارة مخيم "داداب" للاجئين، وأعلن عن "ميثاق معالجة الهشاشة المناخية"، الذي تم إعداده بالتعاون مع كينيا وألمانيا، والمخطط إطلاقه خلال COP28 ضمن اليوم المخصص لمناقشة موضوعات "الإغاثة والتعافي والسلام" في برنامج المؤتمر، ويهدف الميثاق إلى توفير مزيد من التمويل الميسَّر للبلدان التي تعاني جراء الصراعات وتداعيات تغيُر المناخ، وتقديم الدعم اللازم للتكيف وبناء المرونة.
وقال سعادته: "يهدف ميثاق معالجة الهشاشة المناخية إلى حشد الدعم الدولي لمن يواجهون تحديات الصراعات وتغير المناخ، ويدعو إلى تبني إجراءات مرنة، وإيجاد مبادرات ملموسة لإزالة العوائق أمام العمل المناخي والتمويل، وتوسيع نطاق استراتيجيات التخفيف من الأخطار ومراعاة ’حساسية الصراعات‘ (نهج لضمان أن التدخلات في الصراعات تعزز فرص السلام ولا تساهم دون قصد في تأجيج الصراعات). وبالإضافة إلى إدراج العلاقة بين تغير المناخ والأمن في جدول أعمالنا لـ COP28، فإنها تمثل إحدى أولويات دولة الإمارات طوال فترة وجودها في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة".
وكان التمويل والطاقة من الموضوعات الرئيسية الأخرى التي تمت مناقشتها، حيث شارك سعادة السفير ماجد السويدي في فعالية خاصة بتطوير الحلول الخاصة بأسواق الكربون الطوعية، وأكد سعادته على اهتمام رئاسة COP28 بدور أسواق الكربون الطوعية في تعزيز العمل المناخي بصفتها أداة حيوية غير مستغلة، مشيراً إلى أنه لا تتم الاستفادة بالشكل المناسب من فرص سوق الكربون في أفريقيا، حيث يأتي ما يقرب من ثلثي أرصدة أفريقيا من خمس دول فقط، وتركز معظم المشروعات على قطاعين فقط، هما الطاقة، والغابات واستخدام الأراضي.
ولفت سعادة عدنان أمين، الرئيس التنفيذي لمكتب COP28، خلال مشاركاته في القمة إلى الحاجة العالمية لتسريع توفير التبريد المستدام، ودعا البلدان والمنظمات إلى أن تصبح من "رواد التبريد" قبل الإصدار المرتقب للتعهد العالمي للتبريد خلال COP28. وقال: "يسعى التعهد العالمي للتبريد إلى تحديد أهداف جماعية لتحسين كفاءة استخدام الطاقة، ونشر أساليب التبريد الصديقة للمناخ، وتوسيع نطاق وصول الفئات السكانية الأكثر احتياجاً إلى التبريد المستدام. ونوجه دعوة إلى البلدان والمنظمات لتصبح من ’رواد التبريد‘ في العالم لدعم تحقيق تقدم في هذا الهدف قبل COP28، حيث نستهدف توقيع 100 دولة على التعهد، والالتزام بخطة عمل واضحة مع الشركاء في جميع القطاعات".
كما شارك معالي الدكتور سلطان الجابر في الجلسة الحوارية الثانية رفيعة المستوى التي تعقدها رئاسة COP28 بالشراكة مع وكالة الطاقة الدولية، وذلك بحضور ومشاركة كل من أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، والدكتور فاتح بيرول، المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، حيث دعت الأطراف الثلاثة الوزراء الحاضرين إلى التعهد بدعم الجهود العالمية لزيادة القدرة الإنتاجية للطاقة المتجددة ثلاث مرات، ومضاعفة تحسين كفاءة الطاقة العالمية سنوياً، بحلول عام 2030.
شكَّلت قمة المناخ الأفريقية محطة مهمة لرئاسة COP28 للإعلان عن مبادرات جديدة، ولقاء القادة الأفارقة والشخصيات البارزة من قطاع الأعمال والسياسة والمجتمع المدني، حيث عقد معالي الدكتور سلطان الجابر لقاءات ثنائية مع رؤساء كينيا، وموزمبيق، وسيراليون، والسنغال، إضافة إلى قادة بنك التنمية الأفريقي، ومجموعة أفريقيا 50، والدكتور فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، وتناولت المناقشات سبل حشد دعم أكبر لجدول أعمال COP28، ومعالجة تداعيات تغير المناخ، وتعزيز الدعم لأجندة الهيدروجين، وتسريع تمويل جهود التكيف، ومتابعة النتائج المتعلقة بحزم الحفاظ على الطبيعة.
وتعكس مشاركة فريق رئاسة COP28 في قمة المناخ الأفريقية عزمه على جمع كافة المعنيين لمواجهة تغير المناخ وبناء مستقبل أكثر استدامة للجميع في كل مكان، كما توضح حرص الفريق على دعم أفريقيا تقديراً لدورها كطرف رئيسي مؤثر في الجهود الهادفة لبناء مستقبل أفضل مناخياً.
جدير بالذكر أيضاً أن هذه الزيارة هي الأولى في سلسلة من اللقاءات الدولية الكبرى المقرر أن يجريها فريق رئاسة COP28 في الفترة التي تسبق انعقاد المؤتمر، والتي تشمل حضور الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الجاري، والاجتماع التمهيدي لمؤتمر الأطراف في أكتوبر القادم.
دينا عمر/ أحمد النعيميالمصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: فی قمة المناخ الأفریقیة فی مجال الطاقة النظیفة تداعیات تغیر المناخ التنمیة الأفریقی التمویل المناخی القادة الأفارقة النظم الغذائیة العمل المناخی دولة الإمارات إعلان نیروبی بحلول عام 2030 ملیار دولار من التمویل مع مجموعة فی القمة دولار من ر المناخ
إقرأ أيضاً:
المشاريع النووية الجديدة وإعادة تشكيل سياسات الطاقة في أفريقيا
سياسات الطاقة في أفريقيا.. قراءة في المسار النووي وصعود التجربتين الرواندية والسنغالية
في سياق تطور سياسات الطاقة في أفريقيا، يتضح أن التحول الجاري لا ينبع من أزمة انقطاع الكهرباء فحسب؛ بل من فجوة تتسع بين طموح دول تسعى إلى نمو صناعي مستقر، ومنظومات إنتاج هشة ترهقها ضغوط التحضر والتقلبات المناخية.
ومع تصاعد هذا الاختلال البنيوي، عاد الخيار النووي تدريجيا إلى المشهد، ليس بصفته بديلا مباشرا للوقود الأحفوري؛ ولكن كأحد الخيارات النادرة القادرة على توفير إمدادات مستقرة منخفضة الانبعاثات، في لحظة تعجز فيها الأدوات التقليدية وحدها عن دعم العقد المقبل من التنمية الأفريقية.
وقد ساعد صعود المفاعلات الصغيرة المعيارية (Small Modular Reactors -SMRs)، إلى جانب تنوع موردي التقنية بين الشرق والغرب، في فتح الباب أمام دول لم تكن قادرة سابقا على التفكير في البرامج النووية واسعة النطاق.
وفي هذا السياق، اكتسب إعلان رواندا والسنغال في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 عن انضمامهما إلى التعهد الدولي لمضاعفة القدرة النووية ثلاث مرات بحلول 2050 قيمة تتجاوز البعد البروتوكولي؛ فهو يشير إلى إعادة ترتيب أعمق داخل حسابات الطاقة في القارة.
وتبدو دلالة هذه اللحظة أكثر وضوحا حين نتذكر أن علاقة أفريقيا بالمجال النووي بدأت في وقت مبكر مع تشغيل الكونغو الديمقراطية أول مفاعل بحثي عام 1959، ثم تتابعت طبقات متعددة من المحاولات بين مصر، وجنوب أفريقيا، والجزائر، وليبيا، وغانا، ونيجيريا، والمغرب، وغيرها.
وعلى الرغم من هذا التاريخ الطويل، بقي معظم المسار النووي الأفريقي حبيس الطموح أو البحث العلمي، دون أن يتحول إلى قدرة إنتاجية واسعة باستثناء تجربتي مصر، وجنوب أفريقيا.
اليوم، ومع اتساع ضغوط الطلب الصناعي والسكاني، تبدو القارة أقرب من أي وقت مضى إلى إعادة صياغة موقع النووي داخل مزيج الطاقة، بوصفه جزءا من مشروع أوسع لإعادة بناء منظومات الإمداد لا مجرد خيار تقني منفصل.
إعلانوعليه، يسعى هذا المقال إلى قراءة المشهد النووي الأفريقي من خلال ثلاثة محاور رئيسة، وهي: الخريطة التاريخية للمسار النووي الأفريقي، ثم تحركات رواندا، والسنغال داخل خارطة النووي المدني، وأخيرا اختبار الجاهزية المؤسسية والإجرائية لإدارة المشاريع النووية.
سياسات الطاقة في أفريقيا: الخريطة التاريخية للمسار النوويحين يتتبع المرء جذور المسار النووي في أفريقيا، يكتشف أنه لم يبدأ كمشروع طاقة بالمعنى الضيق؛ بل كجزء من رؤية واسعة الأفق لبناء الدول الحديثة واستعادة سيادتها العلمية في حقبة ما بعد الاستعمار.
هكذا جاءت مصر في منتصف الخمسينيات لتعلن عن أول برنامج نووي وطني في القارة (1954)، وتؤسس هيئة الطاقة الذرية (1955م)، في خطوة لم تكن تقنية فقط؛ بل سياسية بامتياز؛ حيث هدفت إلى إدخال الدولة في نادي المعرفة النووي.
ومع ذلك، فإن الكونغو الديمقراطية، التي كانت آنذاك تحت الإدارة البلجيكية، سبقت الجميع في تشغيل أول مفاعل فعلي على الأراضي الأفريقية عبر مشروع TRICO-I عام 1959، وهو ما شكل منذ البداية تباينا بين أسبقية الإعلان وأسبقية التشغيل، وكشف عن تداخل الطموح الوطني بالتحكم الاستعماري في التكنولوجيا.
وفي الستينيات والسبعينيات، بدأت ملامح الخريطة النووية تتسع تدريجيا، فقد دشنت جنوب أفريقيا مفاعل الأبحاث SAFARI-1 (1965)، الذي تحول لاحقا إلى أحد أهم مصادر النظائر الطبية في العالم، فيما واصلت الكونغو تعزيز قدراتها عبر مشروع TRICO-II (1972).
ويلاحَظ في هذه المرحلة، أن المفاعلات لم تبنَ لأغراض إنتاج الكهرباء؛ ولكن كانت مؤسسات بحثية جامعية تعطي الدول الناشئة فرصا للحاق بالعصر الذري، حتى إن لم تملك بعد القدرة المؤسسية أو المالية لبرامج أكبر.
غير أن التحول الأكبر جاء مع مشروع كوبرغ (1976-1984)، أول محطة كهرباء نووية في أفريقيا، والذي رسخ موقع جنوب أفريقيا بوصفها صاحبة التجربة الأكثر اكتمالا في القارة.
وقد تزامن هذا التطور المدني مع مسار آخر ظل طي الكتمان لفترة طويلة، وهو برنامج الأسلحة النووية الذي طورته بريتوريا خلال السبعينيات والثمانينيات، وانتهى بإنتاج ست قنابل قبل أن يفَكك ويُتخلى عنه مطلع التسعينيات. وبهذا، أصبحت جنوب أفريقيا الدولة الأفريقية الوحيدة التي امتلكت سلاحا نوويا ثم تخلت عنه.
ومع اتساع الاهتمام الإقليمي، دخلت دول شمال أفريقيا على الخط، فشغلت ليبيا مفاعل IRT-1 (1981)، وبدأت لاحقا محاولات تخصيب سرية انتهت بالتخلي عنها عام 2003.
وافتتحت الجزائر مفاعلي "نور" و"السلام" اللذين أثارا نقاشا دوليا حول إمكان استخدامهما في إنتاج البلوتونيوم قبل أن يثبت خضوعهما لضمانات الوكالة الدولية. أما مصر فاستكملت بنيتها البحثية عبر مفاعل ETRR-2 عام 1997؛ لتصبح صاحبة أكثر البنى التحتية تنوعا في العالم العربي.
ومع بداية العقدين الأخيرين، انفتحت الخريطة النووية على غرب أفريقيا، فقد دشنت غانا أول مفاعل لها عام 1994، ثم تبعتها نيجيريا عام 2004، والمغرب عام 2007؛ لتصبح المعرفة النووية موزعة جغرافيا بدلا من احتكارها من ثلاث أو أربع دول فقط.
ومع دخول القرن الـ21، تغير السياق جذريا، فقد بدأت سياسات الطاقة في أفريقيا تتعامل مع المشاريع النووية كأحد الخيارات القليلة القادرة على معالجة فجوة الكهرباء، وتوفير إمدادات مستقرة للصناعة، وتقليل الانبعاثات في ظل ضغط التحول الطاقي العالمي، وليس كرمز سيادي أو مشروع بحثي منفصل.
إعلانوهكذا، أعادت مصر إحياء مشروعها الكبير عبر محطة الضبعة التي تعد اليوم من أكبر المشاريع النووية في العالم العربي والأفريقي، فيما اتجهت دول مثل: نيجيريا، وغانا، ورواندا، وكينيا، وأوغندا، وناميبيا، إلى توقيع اتفاقيات تعاون تشمل التكنولوجيا التقليدية، والمفاعلات الصغيرة المعيارية؛ باعتبارها مسارا يخفف الأعباء المالية والتنظيمية للمحطات الضخمة.
ومن خلال هذا المسار الطويل، تتشكل الخريطة النووية الأفريقية بثلاث طبقات واضحة، وهي: طبقة أولى تضم مصر، وجنوب أفريقيا باعتبارهما التجربتين الأكثر اكتمالا؛ وطبقة ثانية تمثلها الدول ذات المفاعلات البحثية القديمة؛ وطبقة ثالثة وهي دول الموجة الجديدة التي تبحث عن موقع قدم داخل منظومة طاقة أكثر موثوقية.
وبين هذه الطبقات جميعا تكمن حقيقة أساسية، وهي: أن القارة لم تشهد يوما سباقا نوويا بالمعنى التقليدي؛ ولكن شهدت محاولات متقطعة تحكمها هشاشة التمويل، وعدم اكتمال الأطر التنظيمية، وتفاوت القدرات المؤسسية.
وهكذا، يصبح دخول رواندا، والسنغال إلى المشهد اليوم امتدادا طبيعيا لهذا التاريخ الطويل من الطموح والانقطاع، إلى لحظة جديدة في مسار لم يكتمل بعد؛ لكنه بات اليوم جزءا أصيلا من سياسات الطاقة في أفريقيا ورهاناتها المستقبلية.
رواندا والسنغال.. لماذا الآن؟ ولماذا النووي؟حين أعلنت رواندا والسنغال في 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 عن انضمامهما إلى المسار الدولي الهادف إلى مضاعفة الطاقة النووية ثلاث مرات بحلول 2050، بدا الحدث، للوهلة الأولى، كخطوة تقنية محدودة في سياق التحركات العالمية لمواجهة تحولات الطاقة.
غير أن إدراج هذا التطور داخل المشهد الأوسع لسياسات الطاقة في أفريقيا يتضح أنه ليس مجرد توقيع بروتوكولي؛ بل لحظة انعطاف تعكس تحولا واضحا في طريقة تفكير بعض الدول الأفريقية في مستقبل أمنها الاقتصادي وقدرتها الإنتاجية.
وتبدو أهمية هذا التحول أكثر وضوحا عندما ندرك أن الدولتين تمضيان، وإن كان بطرق مختلفة، نحو نموذج جديد يتجاوز إدارة العجز المزمن في الكهرباء إلى بناء بنية إنتاج مستقرة وقابلة للتوسع. وهذا ما يجعل السؤال "لماذا الآن؟ ولماذا النووي؟" مفتاحا ضروريا لفهم التحركين الرواندي والسنغالي معا.
فرواندا، الواقعة عند نقطة التقاء شرق أفريقيا ووسطها، التي اعتادت رسم سياساتها عبر منظور رؤية تنموية طويلة المدى، اختارت المفاعلات الصغيرة المعيارية لأسباب تتجاوز البعد التقني الصرف.
فمع محدودية شبكات النقل، وارتفاع تكاليف البنية التحتية التقليدية، تمنح هذه المفاعلات الدولة قدرة على نشر إنتاج مركزي ومرتبط بمناطق صناعية محددة، بما ينسجم مع إستراتيجيتها القائمة على بناء اقتصاد متنوع يقوم على الابتكار والخدمات ذات القيمة المضافة.
ولا يقتصر الأمر على الجوانب التقنية فحسب؛ بل يمتد إلى التفاعلات الجيوسياسية؛ إذ يعكس تنويع كيغالي شركاءها، بين الولايات المتحدة، وكندا، وروسيا، وألمانيا، رغبة واعية في تجنب الارتهان التكنولوجي، وبناء قدرة تفاوضية أعلى، وتحقيق توازن يسمح لها بالمضي في مسار نووي منضبط يخدم أولوياتها الصناعية.
ومع ذلك، فإن البيئة السياسية الداخلية في رواندا، رغم انضباطها وقدرتها التنفيذية العالية، تضيف بعدا آخر للنقاش. فالنموذج الإداري شديد المركزية، الذي يشجع على إنجاز المشاريع المعقدة بكفاءة، قد يحد في الوقت ذاته من الحوار العام حول قضايا حساسة، مثل: إدارة النفايات النووية، أو الرقابة المستقلة، أو مستويات الشفافية المطلوبة. وهكذا، فإن قوة الجهاز التنفيذي تعد ميزة عند البدء؛ لكنها قد تتحول إلى تحدّ مؤسسي إذا لم تستكمل بآليات رقابية متوازنة.
وعلى الطرف الآخر، تتحرك السنغال، الدولة الساحلية الواقعة عند بوابة غرب أفريقيا والمفتوحة على المحيط الأطلسي ومسارات التجارة الإقليمية، ضمن بيئة سياسية أكثر تعددية وأشد حساسية للتفاعلات الداخلية. فالدولة التي تمر منذ 2024 بمرحلة انتقالية معقدة، وتوازن بين مطالب الإصلاح الشعبي والحاجة إلى استقرار اقتصادي، ترى في البرنامج النووي جزءا من إستراتيجية أوسع لرفع موثوقية الشبكة وتقليل الاعتماد الأحادي على الغاز البحري، مع تعزيز قدرة البلاد على خدمة الموانئ والمناطق الصناعية النامية.
إعلانولذا جاء إدراجها المشروع ضمن إطار تعاون منظم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للفترة 2024-2029؛ حيث تسعى دكار إلى تأسيس نووي منضبط يقوم على الحوكمة والرقابة وتوزيع المخاطر.
وعلى الرغم من وجود الطابع المؤسسي لهذه الخطوة، فإن المشهد السياسي في السنغال لا ينفصل عنها. فالتوتر المتكرر، وإن ظل خافتا، بين الرئيس باسيرو جوماي فاي، ورئيس الوزراء عثمان سونكو يعبر جزئيا عن اختلافات في تصور أولويات الدولة الاقتصادية، ومنها مستقبل ملفات الطاقة والتحول الصناعي.
صحيح أن البرنامج النووي ليس محور الخلاف؛ لكنه يقع ضمن حزمة خيارات إستراتيجية تستخدم اليوم لقياس قدرة الائتلاف الحاكم على إدارة مشاريع طويلة الأمد تتطلب وضوحا في الرؤية واتساقا في اتخاذ القرار، الأمر الذي يجعل سياسات الطاقة في أفريقيا عموما، والسنغال خصوصا، جزءا لا يتجزأ من معادلة داخلية لا تقل أهمية عن المعادلة التقنية نفسها.
وبين التجربتين، تتشكل لوحة واضحة لما يمكن تسميته بـ "الجيل الجديد من خيارات الطاقة في أفريقيا". فالبرنامج النووي، سواء في رواية رواندا أو السنغال، لا يقدَم بديلا عن برامج طاقة الشمس أو الرياح أو الغاز؛ بل يطرح كمكون إستراتيجي داخل مزيج أوسع، يهدف إلى تعزيز القدرة الإنتاجية، وتحسين جودة الإمدادات، وفتح مساحة جديدة للتفاوض الدولي حول التمويل والتكنولوجيا.
ومن خلال هذا المنظور، لا تظهر رواندا، والسنغال كحالتين استثنائيتين؛ بل كجزء من تحرك تدريجي في سياسات الطاقة في أفريقيا نحو خيارات أكثر استدامة ومرونة، وأشد ارتباطا بمستقبل الاقتصاد الصناعي والتدفقات الاستثمارية العابرة للحدود.
وفي النهاية، يمكننا أن نخلص إلى أن دلالة الخطوتين لا تكمن في حجمهما الفعلي بقدر ما تنبع من معناهما السياسي، وهو: انتقال هادئ، لكنه جوهري، من إدارة الأزمات إلى بناء خيارات طاقية مستقرة، ومن انتظار حلول خارجية إلى طرح تصور أفريقي يعيد تعريف دور الطاقة داخل المشروع التنموي برمته.
اختبار الجاهزية.. هل تستطيع أفريقيا إدارة المشروعات النووية؟إذا كان تاريخ القارة الأفريقية يفسر التردد، وتجربتا رواندا والسنغال تبرران الطموح، فإن السؤال الجوهري اليوم هو: هل ستستطيع أفريقيا إدارة المشاريع النووية؟ هنا تدخل سياسات الطاقة في أفريقيا مرحلة امتحان حقيقي، يتجاوز التكنولوجيا إلى بنية الحَوكمة، وقدرة المؤسسات، واستقرار التمويل، واتساق القرار السياسي.
فالبرنامج النووي ليس مشروعَ بناء فقط؛ بل منظومة حوكمة دقيقة، تتمثل فيها هيئات رقابية مستقلة تستطيع إيقاف المشروع عند الحاجة، وقوانين تتماشى مع معايير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ونظم أمان فيزيائي وسيبراني، وقدرات بشرية محلية قادرة على تشغيل المفاعلات ومراقبتها، وليس مجرد استقدام فرق أجنبية تبقي الدولة رهينة لمورد واحد، فهذه عناصر تعاني القارة فيها من فجوات واضحة.
إن التمويل بدوره يشكل التحدي الأكبر؛ فمحطات القوى التقليدية تتطلب استثمارات تمتد لعقود، بينما تعاني موازنات كثير من الدول من ضيق شديد. صحيح أن المفاعلات الصغيرة المعيارية تقدَم اليوم بوصفها خيارا أقل تكلفة وأقرب إلى النموذج المتدرج؛ لكن الواقع العالمي يقول إنه لا يوجد مفاعل صغير معياري تجاري متكامل بعد، وأن نماذج التمويل ما زالت قيد التجريب.
لذا، لا بد من البحث عن صيغ مبتكرة، مثل: شراكات بين القطاعين العام والخاص، وضمانات سيادية محسوبة، وربما شبكات إقليمية مشتركة تخفف العبء عن كل دولة على حدة.
وعلى المستوى السياسي، تظل هشاشة المؤسسات، وتقلب التحالفات، وضعف النقاش العام حول الطاقة النووية، عناصر قد تجعل أي مشروع نووي مفتوحا أمام المخاطر، على غرار ما حدث في مشاريع بنى تحتية أخرى داخل القارة.
وهنا يبرز الفارق بين دول أفريقيا ومناطق أخرى كآسيا وأميركا اللاتينية؛ حيث ترتبط المشاريع النووية عادة ببيروقراطيات راسخة، ومؤسسات رقابية صلبة، وتجارب سابقة في التصنيع الثقيل.
وحسب تقديري الشخصي، أرى أن نجاح دول القارة في تجاوز هذا الامتحان سيكون مرتبطا بقدرتها على تحويل المشاريع النووية من اختبار تقني إلى مقياس نضج سياسي ومؤسسي.
فإذا ارتبطت البرامج النووية بإصلاح الحوكمة، وبناء الكفاءات، وتطوير منظومة تمويل شفافة، عندها يمكن أن تشكل إضافة حقيقية إلى سياسات الطاقة في أفريقيا. أما إذا استنسخت نماذج التبعية والارتهان التي شهدناها في قطاعات أخرى، فإن المشروع النووي قد يتحول إلى عبء مالي وسياسي يصعب تحمله.
إعلان الخلاصةفي ضوء هذا المسار المتشعب للمشروعات النووية في القارة الأفريقية، تبدو دول القارة اليوم أمام لحظة اختبار حقيقية تتجاوز حدود التقنية إلى تساؤلات دقيقة تتعلق بقدرتها على بناء منظومات طاقة مستقرة وذات رؤية طويلة المدى.
فالمسار التاريخي يوضح لماذا بقي المشروع النووي احتمالا مؤجلا، بينما تكشف تجربتا رواندا، والسنغال عن تحول هادئ نحو خيارات أكثر طموحا واستبصارا. أما التحديات المؤسسية والرقابية والتمويلية، فتضع هذا التحول في مواجهة واقعية مع متطلبات الإصلاح ومقتضيات الحوكمة.
وخلاصة هذا التحليل تدل على أن مستقبل البرنامج النووي في أفريقيا لن يقاس بحجم المشاريع قيد التنفيذ فحسب؛ بل بمدى قدرة الدول على تحويل هذه المشاريع إلى اختبار لنضجها المؤسسي واستقرار قرارها السياسي.
فإذا استطاعت الحكومات أن تربط بين أمن الطاقة والتنمية الصناعية ضمن منظومة شفافة وقابلة للمساءلة، فقد يصبح البرنامج النووي، بمختلف مساراته، أحد أعمدة الاستقرار الاقتصادي في القارة. أما إذا غلبت اعتبارات التسرع أو الارتهان الخارجي، فإن المشروع قد يعيد إنتاج أزمات قديمة بثوب جديد.
وفي الحالتين، يبقى ما نشهده اليوم مقدمة لمسار طويل، سيعيد تشكيل ملامح سياسات الطاقة في أفريقيا خلال العقود القادمة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline