المستشار خفاجي يتحدث عن الفضاء الإلكتروني ومواجهة التطرف
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
قال الفقيه القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في دراسته بعنوان " الفضاء الإلكتروني ومواجهة التطرف لتصحيح مسار الخطاب الديني من منظور قضائي" التي شارك بها في المؤتمر الدولي الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، أن استغلال الخطاب الديني للفضاء الإلكتروني في السياسة يضلل العقل العام للأمة، وأن ترشيد الفضاء الإلكتروني يحقق الأمن الفكري ويحمي مصالح الوطن، والوعي القومي مطلوب للشباب، ويحدد أسباب التطرف الديني للفضاء الإلكتروني، ولماذا تفضل الجماعات الإرهابية استخدام الفضاء الإلكتروني للشباب.
جاء ذلك في المؤتمر الدولي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية عن "الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى وبرئاسة الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف وشارك فيه وزراء الأوقاف فى العديد من البلدان الإسلامية على مستوى العالم، ونخبة من العلماء والمفكرين، وتحدث في المحاور الاَتية:
أولاً: استغلال الخطاب الديني للفضاء الإلكتروني في السياسة يضلل العقل العام للأمة:
وذكر الدكتور خفاجي أن الجماعات الإرهابية تحشد كل طاقاتها في الفضاء الإلكتروني للتأثير على الشباب واستغلالهم للأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع الأسعار وتصدير الأزمات وإلباسها الثوب الديني المتشدد، وأن استغلال الخطاب الديني في الفضاء الإلكتروني من أجل السياسة خروج عن الاستخدام الطبيعي له، ويضلل العقل العام للأمة، لذا فإن المؤسسات الدينية المصرية وعلى قمتها وزارة الأوقاف تقوم بإحياء الخطاب الديني الرشيد في الفضاء الإلكتروني، وتوظيف وسائل التكنولوجيا لمواجهة الأفكار المتطرفة خاصة التواصل مع الشباب بنقل رسالتهم من المساجد إلى الفضاء الإلكتروني حيث يتواجد الشباب.
ويشير الدكتور خفاجي إلى أنه على سبيل المثال فإن تنظيم الدولة الإسلامية داعش يملك من الوسائل والأدوات على الإنترنت التى يبث خلالها سمومه تجاه الشباب أصحاب المشاكل فيقدم نفسه على أنه البديل لحلها، ومن الضروري الوقوف على كافة الأفكار المتطرفة والخاطئة التي تروّج لها الجماعات الإرهابية بين الشباب، كالخلافة الإسلامية، اعتمادا على أدلة منتزعة من سياقها الطبيعى، فضلاً عما تدعو إليه الجماعات الجهادية الأخرى من استغلال الظروف الاقتصادية لإحداث فوضى وعنف بحجة الظلم ضد المسلمين، مما يترتب عليه من اَثار سيئة تؤدى إلى الإحباط الاجتماعي والتضليل، لذا فالمجتمع بحاجة ماسة إلى منح الشباب الأمل والوعى القومى فى كافة الأمور وعلى قمتها الفهم الصحيح للدين الحنيف.
ثانياً: أسباب التطرف الديني عبر الفضاء الإلكتروني، ولماذا تفضل الجماعات الإرهابية استخدام الفضاء الإلكتروني للشباب؟:
يضيف خفاجي «تعمل الجماعات المتطرفة على احتكار الدين، وهم يركزون على الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية في المناطق الفقيرة والمهمشة، خاصة في الريف والعشوائيات، ستارا لتنفيذ أهدافها السياسية ورفعها شعار «الإسلام هو الحل» لجذب الجماهير إليها، وإقناعها بأن حلول كل المشكلات التي تواجهها تكمن في الدين لجذب التعاطف الشعبي في صفهم».
ويشير أن أسباب التطرف الديني عبر الفضاء الإلكتروني ترجع إلى أسباب عديدة لعل أهمها: الجهل بالدين ويشمل الجهل بالكتاب والسنة، والجهل بمآخذ الأدلة الشرعية وأدوات الاستنباط و التأويل الخاطئ للدين واستغلالها له لمصالحها الخاصة، وعدم المعرفة الصحيحة للأسباب الدينية والفهم الظاهري للنصوص، والافتقاد لمرجعيات دينية موثوق بها، واعتناق فكر ديني متطرف يكفِّر المجتمع كما يكفر الحاكم، استنادا إلى تفسيرات خاطئة للنصوص الدينية من غير علم، خاصة فيما يتعلق بفكرة الحاكمية. ومن ثم يدعون لقتل كل من يخالفهم فى الرأى ويستحلون دمائهم، فهو جهاد يقوم على العنف والإيذاء، لتغيير ما يرونه مخالفا ً لما يعتقدونه من أفكار متطرفة.
وتفضل الجماعات الإرهابية الفضاء الإلكتروني للتأثير على الشباب لنشر أفكارهم ولاستقطاب أتباع جدد، حيث يوجد العديد من الشباب المتذمر ومنعدم الآفاق، أو الشباب العاطل أو الذي يدمن المخدرات، أو الشباب الذي يعاني من مشاكل عائلية أو في حالة ضعف وهو ما تستغله تلك الجماعات و يقدمون أنفسهم كبديل لحل تلك المشكلات فيقعون فريسة في أيدى الجماعات الإرهابية التي تتخذ من العنف طريقاً ومن التشدد نهجاَ لكوادرها وأتباعها.
ثالثاً: سوء استخدام الفضاء الإلكتروني في الخطاب الديني يعجزه عن تحقيق ثلاثة أهداف:
وقال دكتور خفاجي إن سوء استخدام الفضاء الإلكتروني في الخطاب الديني يعجزه عن تحقيق ثلاثة أهداف أساسية: الهدف الأول ضعف تحصين المجتمعات من التطرّف وجرائم فكر العنف، والهدف الثاني عدم مساهمته في تحقيق القواسم المشتركة بين الأديان والمذاهب، والهدف الثالث عجزه عن تقديم صورة إيجابية عن الإسلام، وهذه الأهداف الثلاثة هي المشكلة الحقيقية في الفضاء الإلكتروني بالنسبة للخطاب الديني الأمر الذى يجعله عشوائياً بين الناس متلقى خدمة وسائل الاتصال الأمر الذى يلقى بظلاله الكثيفة على التطرف القائم على الأوهام والخرافات، على خلاف صحيح الدين الحنيف.
ويضيف أن تأثير سوء استخدام الفضاء الإلكتروني للخطاب الديني المتشدد يؤدي إلى التطرف الديني مما يؤثر على التماسك الاجتماعي، فيهدد بذلك أمن الاجتماعي والسلم الاجتماعي داخل المجتمع، بحسبان أن التنظيمات الدينية المتشددة تصدر فتاوى وآراء وأحكام دينية، خاصة مع فتاوى القتل وتكفير الحاكم والمواطنين وما يترتب عنها من استحلال دمهم ومالهم، تحدث بها الفتنة داخل المجتمع، ومن ثم فإن سوء استخدام الفضاء الإلكترونى للخطاب الديني يمثل خطراً على المجتمع وتهديداً حقيقياً لمصالحه العليا.
رابعاً: ترشيد الفضاء الإلكتروني يحقق الأمن الفكري ويحمى المصالح الأساسیة للوطن:
ويذكر إن الاستخدام الرشيد للفضاء الإلكتروني يحقق الأمن الفكري حمایة للمصالح الأساسیة للوطن، حيث یتجسد الأمن الفكري في قدرة الدولة على التصدي لكافة الاتجاھات الفكریة التي من شأنھا التأثیر في ثوابتھا العقائدیة والثقافیة والاجتماعية والفكریة، من خلال مقاومة الفكر الضار الدخیل على الأمة المصرية في نسيحها الواحد، ومواجهة كافة صور الانحراف الفكري المناهض للقيم المجتمعية الأصيلة.
ويختتم خفاجى أنه إذا كان تحقیق الأمن الشامل بمفھومه الواسع یقع على عاتق الأجھزة الأمنیة، فإن مواجهة الأمن الفكري من أھم صور الأمن التى تسهر عليه الجهات الأمنية المعنية بهذا الأمر، وهى تؤدى هذا الدور ليس بمنعزل عن تعاون المجتمع وتشاركها فيه المؤسسات الأخرى كالمؤسسات القضائية والمؤسسات الدينية على اختلاف فروعها، ليتشارك الجميع فى تطبیق الأسالیب العلمیة الحدیثة في إدارة الأزمات الأمنیة الفكرية بحسبان أن الإنحراف الفكري تھدید مباشر و خطیر على الأمن القومي للبلاد.
مجلس الدولة الفرنسي يؤيد قرار حظر العباءة في المدارس
مجلس الدولة يجري مقابلات وظيفة مندوب مساعد دفعة 2022 اليوم
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الخطاب الدينى الفضاء الإلكترونى مجلس الدولة فی الفضاء الإلکترونی الجماعات الإرهابیة الخطاب الدینی للخطاب الدینی الإلکترونی فی
إقرأ أيضاً:
لماذا يريد الغرب تعميم نموذجه الفكري والسياسي؟
تعد السيادة داخل أي دولة في عصرنا الراهن فكرة قانونية، معبرة عن الجماعة السياسية المكتملة قانونيًا، وتعكس الكيان المعنوي في ما تقوم به من تصرفات سياسية وإدارية قانونية لصالح المواطنين، ومقتضى هذه السيادة أن سلطة الدولة وسيادتها سلطة أصلية، بمعنى أنها تنبع من ذات الدولة، ولا تستمد أصلها من سلطة أخرى مهما كانت، فالهيئات والأجهزة الأخرى في الداخل، تستمد سلطتها من الدولة التي تملك إنشاء مختلف الهيئات ومنح وتحديد اختصاصاتها، والدولة هي التي تنظم شؤون نفسها لأنها تملك السلطة التأسيسية، أي سلطة وضع الدستور.
ولسيادة الدولة وجهان، داخلي وخارجي. فالسيادة الداخلية، أي في علاقات الدولة بالأفراد والهيئات في الداخل تعني السلطة العليا التي تفرض نفسها على الجميع ولا تنازعها سلطة أخرى. أما السيادة الخارجية، فإنها تعني أن تكون الدولة مستقلة وأن تتعامل على قدم المساواة مع غيرها من الدول. أي أن السيادة الخارجية مرادفة للاستقلال. وعلى ذلك فإن السيادة الخارجية لها معنى سلبي، لأنها تعني مجرد عدم خضوع الدولة لغيرها من الدول، أما السيادة الداخلية فيبدو أن لها معنى إيجابيا، لأنها سلطة آمرة عليا تفرض إرادتها على الجميع. على أن البعض قد ذهب إلى أن للسيادة الداخلية بدورها معنى سلبي لأنها وصف لسلطة عليا دون تحديد لمضمون هذه السلطة. أي أنها لا تبين الاختصاصات التي تملك الدولة مباشرتها في الداخل. وعلى ذلك فإن هذه السيادة ـ في جوهرها ـ إنما تفيد استبعاد أي عقبات يقيمها الأفراد أو الجماعات في سبيل ممارسة الدولة لسلطتها العليا. ولذلك فإن بعض فقهاء القانون الدولي، يرون أن سلطة الدولة بغير سيادة أو بسيادة ناقصة، ويذهبون إلى أن السيادة شيء غير السلطة السياسية، وإنه إذا كانت السلطة السياسية ركنًا من أركان الدولة فإن السيادة ليست كذلك، إذ قد توجد الدولة بغير سيادة ذلك على حين لا توجد دولة بغير سلطة.
وهذا الرأي الأخير يلتقي مع مفاهيم العولمة ومفاهيمها التي من أهدافها الانتقاص من سلطة الدول، بحكم ما تمثله من توجهات وتدخلات، تحت مسميات الحرية الاقتصادية أو الديمقراطية، أو تعميم الانفتاح السياسي الليبرالي من خلال إلغاء الحواجز والأبواب المغلقة، التي تنتهجه الدولة القومية أو الدولة الاشتراكية، التي تدور آنذاك في فلك المعسكر الشيوعي بقيادة الاتحاد السوفييتي سابقًا، لذلك فإن سيادة الدول ستتناقص تدريجيًا بدرجات متفاوتة فيما يتعلق بممارسة سيادتها في ضبط عمليات تدفق الأفكار والمعلومات والسلع والأموال والبشر عبر حدودها.
فالثورة الهائلة في مجالات الاتصال والمعلومات والإعلام حدت من أهمية حواجز الحدود والجغرافيا. وإذا كان بمقدور بعض الدول أن تحد في الوقت الراهن وبصورة جزئية من التدفق الإعلامي والمعلوماتي القادم إليها من الخارج، فإن هذه القدرة سوف تتراجع إلى حد كبير وقد تنعدم في المستقبل، خاصة في ظل وجود العشرات من الأقمار الصناعية التي تتنافس على الفضاء. كما أن توظيف التكنولوجيا الحديثة في عمليات التبادل التجاري والمعاملات المالية يحد من قدرة الحكومات عل ضبط هذه الأمور، مما سيكون له تأثيره بالطبع على سياساتها المالية والضريبية وقدرتها على محاربة الجرائم المالية والاقتصادية، وبالإضافة إلى ما سبق فإن القوة الاقتصادية والمالية، التي تمثلها الشركات متعددة الجنسية، خاصة مع اتجاه بعضها نحو الاندماج والتكتل في كيانات أكبر، إنما تسمح لها بممارسة المزيد من الضغط على الحكومات، وبخاصة في العالم الثالث، والتأثير على سياساتها وقراراتها السيادية، وليس بجديد القول إن رأسمال شركة واحدة من الشركات العالمية العملاقة، يفوق إجمالي الدخل القومي لعشر أو خمس عشرة دولة إفريقية مجتمعة، وهو ما يجعل هذه الكيانات في وضع أقوى من الدول. ومن هذه المنطلقات الجديدة للعولمة أيضًا ستصبح المقدرة السيادية للدول ـ خاصة في العالم الثالث ـ تتغير لمصالح هذه التحولات التي يشهدها العالم في الوقت الراهن.
ويرى الباحث د/ تركي الحمد أن هذا التوجه الجديد في مسألة انحسار سيادة الدول أو الانتقاص من سلطتها هو نوع من الانقلاب الجذري ـ في العلاقات بين الدول، على اعتبار أن هذا التحول الجديد هو تغيير محتمل «في شكل الدولة ونمط الحكم المعتبر شرعيًا»، بحيث يمكن القول إن مثل هذا الانقلاب لا يقل في أهميته المستقبلية، عن ذلك الانقلاب في التاريخ الأوروبي، الذي أدى في النهاية إلى انتهاء عصر وبداية عصر جديد، مع ما يرافق ذلك من بداية ظهور مفاهيم سياسية جديدة، أو مضامين جديدة لمفاهيم قديمة، تصف هذا الانقلاب والتحوّل، وتحاول أن تضعه في إطار نظري سياسي جديد ، كما فعل منظرو تلك الحقبة، فبعيدًا عن مستوى التحليل الآني والجزئي للسياسة، والمواقف السياسية بصفتها فن الممكن، فإن الإفرازات السياسية بعيدة المدى منظور إلى المسألة من زاوية كلية لعصر العولمة وخاصة في أعقاب حرب الخليج الثانية وانهيار آخر الإمبراطوريات التقليدية الاتحاد السوفييتي».
ويرى البعض أن التدخلات في شؤون الدول إنما هو عبارة نوع من الشعور بالقدر الإنساني المشترك في عصرنا الراهن، ليست القضية هنا تدخل هذه الدولة في الشأن الداخلي لتلك الدولة، بقدر ما هو في ذلك الشعور المتنامي بالمصير المشترك لكل بني الإنسان، نعم إن لمثل هذه العولمة التي تحولت للتغريب المكشوف نتائجها السلبية العديدة على الدولة في العالم الثالث خاصة، وما يثيره ذلك من أسئلة وإشكالات الهوية والمصير الوطني أو القومي أو نحو ذلك.
لكن الكثيرين يختلفون مع الباحث د/ تركي الحمد فيما طرحه في هذه القضية، ويرون أن العولمة يمكن أن تكتسب طابع العمومية والانتشار في كل الأمم والحضارات والدول بحكم إمكانياتها العلمية والتكنولوجية والمعلوماتية مع احتفاظ هذه الدول والشعوب بسلطتها وتراثها السياسي والاقتصادي مع ضرورة انفتاحها السياسي وإقرارها التعددية وغيرها من المضامين التي لا تختلف حولها الأمم والشعوب الأخرى.
وإذا ضعفت الدول وانتقصت سيادتها مع بروز سلبيات العولمة التي من آثارها تسريح العمالة، وتراجعت الصناعات الوطنية أمام الصناعات العالمية المتقدمة وغيرها من المؤثرات، فإن المشكلات الداخلية ستتفاقم وسيصبح الكلام عن الانفتاح السياسي والديمقراطي والرفاه الاقتصادي مجرد أحلام وردية، وستحل القلاقل بدل الاستقرار والرفاه وغيرها من مقولات أدعياء فكرة الغرب.
فتعميم النموذج الغربي ليس خاليًا من الأيديولوجيا لأنها تقاد من مجموعات لها استراتيجيتها وأفكارها وطموحاتها السياسية والاقتصادية والفكرية، ولذلك فإن التطبيقات ستكون مختلفة، وليست بالصورة الوردية التي يطلقها مؤيدوها بطبيعة الحال تبدو هذه العملية المستحدثة في التاريخ، بأنها تدعم فرضية التقارب بل وترسّخها. والواقع أنها تكشف عن العديد من أنواع التنافر وعدم الاتساق حين تحدد نطاق هذا النظام، فعندما تحثّ على استيراد نماذج غربية إلى مجتمعات الجنوب تكشف بذلك عن عدم ملاءمة هذه النماذج.
وعندما تحرّض المجتمعات الطرفية على التكيّف، وتوقظ أيضًا آمال التجدد، مع المخاطر، في الوقت ذاته بخداعها وحين تعجّل بتوحيد العالم، فإنها تحبّذ ظهور التفردات وتزيد تأكيدها، وحين تمنح النظام الدولي مركزًا للسلطة، مركّبًا أكثر من أي وقت مضى، فإنها تتجه نحو زيادة حدة منازعاته وشدة صراعاته، وحين يسعى الغرب فرض نموذجه ويطرح نهاية التاريخ عند هذا النموذج، فهذا يعني بلا شك يجعل هويته وفكره هو الذي يفرض على الثقافات والحضارات الأخرى، لا سيما المجتمعات غير الغربية، أو التي تنتمي ـ عرفًا ـ إلى ما يسمى العالم الثالث، فهذا النظرة الفكرية الفوقية التي يريدها الغرب، تناقض وتعترض على التعددية الفكرية والسياسية، التي هي سمة إنسانية لكل الثقافات البشرية منذ أن وجدت، فمسألة تعميم النموذج الغربي على الأمم الأخرى، لا يمكن يجد القبول والاستجابة، سواء بالترغيب أو الترهيب، وتلك ضمن مسائل مبدئية في الأفكار والنظرات والهويات لا يمكن التخلي عنها.