ارتفاع حصيلة القتلى إلى 46 شخصاً على الاقل جراء غارات جوية على جنوب الخرطوم
تاريخ النشر: 11th, September 2023 GMT
الخرطوم - قتل 46 شخصا على الأقل وأصيب العشرات الأحد جراء غارات جوية على سوق في الخرطوم، وفق ما أفادت مصادر محلية، في هجوم يعد الأكثر دموية في السودان خلال الحرب المستمرة هناك منذ قرابة خمسة أشهر.
وجاء القصف الذي استهدف جنوب العاصمة السودانية بعد نحو أسبوع من غارة جوية أخرى، أيضا في جنوب الخرطوم، أسفرت في 2 أيلول/سبتمبر عن مقتل 20 مدنيا، وفقا لناشطين.
وقالت لجنة المقاومة المحلية إن عدد ضحايا "مذبحة سوق قورو" الأحد ارتفع إلى 46 بحلول المساء.
وتوقعت اللجنة أن يرتفع العدد إذ "لا تزال الحالات تتوافد إلى مستشفى بشائر (في العاصمة). وكانت حصيلة سابقة للجنة أفادت عن سقوط 30 قتيلا على الأقل.
ولجان المقاومة هي مجموعات شعبية كانت تنظّم الاحتجاجات للمطالبة بحكم مدني بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح نظام عمر البشير عام 2019، وتنشط منذ بدء الحرب في تقديم الدعم للسكّان.
وأطلق مستشفى بشائر "نداء عاجلا" الى الكوادر الطبية للحضور "مع تزايد أعداد المصابين الواصلين اليه".
ومنذ اندلاعه في 15 نيسان/أبريل، حصد النزاع بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، نحو 7500 قتيل وفق أحدث أرقام لمنظمة "أكليد" غير الحكومية التي ترجح، كما غيرها من المصادر الطبية والميدانية، أن تكون الحصيلة الفعلية أعلى، خصوصا في ظل انقطاع الاتصالات في مناطق عدة، ورفض طرفي القتال إعلان خسائرهما.
نزوح الملايين
واضطر نحو خمسة ملايين شخص من إجمالي عدد سكان البلاد المقدّر بنحو 48 مليون نسمة، الى ترك منازلهم والنزوح داخل السودان أو العبور الى دول الجوار خصوصا مصر وتشاد، وفق الأمم المتحدة.
وتسبب النزاع بمزيد من التأزم في الوضع الصحي في السودان الذي كان يعدّ أحد أفقر بلدان العالم. وتكرر الأمم المتحدة باستمرار حاجتها إلى مزيد من الدعم المالي إذ لم تتلقّ سوى ربع التمويل اللازم لتلبية احتياجات 25 مليون شخص يعتمدون على المساعدات الانسانية للبقاء على قيد الحياة.
وتتركز المعارك في الخرطوم ومحيطها، وإقليم دارفور في غرب البلاد، مع تواصل النزاع بين الحليفين السابقين البرهان ودقلو من دون أفق للحل.
ومنذ بدء الاشتباكات، لم يحقق أي من الطرفين تقدما ميدانيا مهما على حساب الآخر. وتسيطر قوات الدعم على أحياء سكنية في العاصمة، ويلجأ الجيش في مواجهتها الى سلاح الطيران والقصف المدفعي. وأفاد شهود في الآونة الأخيرة أن القصف الجوي يزداد حدة، ومعه حصيلة الضحايا المدنيين، مع محاولة الجيش استعادة مواقع في العاصمة.
والأربعاء، أفاد ناشطون وسكان فرانس برس عن نزوح مئات العائلات من إحدى ضواحي الخرطوم غداة مقتل 19 مدنياً فيها بقصف نفّذه الجيش على مواقع لقوات الدعم السريع لكّنه أخطأ هدفه.
وقد اتُهم الجيش بالقصف العشوائي المتكرر للمناطق السكنية التي تمركزت فيها قوات الدعم السريع، وايضا بإجلاء العائلات والاستيلاء على المنازل.
وقال مرصد النزاع في السودان الذي تدعمه الولايات المتحدة إن التمركز في أحياء ومبان يسكنها مدنيون يمثل "انتهاكا محتملا لاتفاقيات جنيف".
وأضاف المرصد أن القوات المسلحة السودانية "ستظل مطالبة بضمان تقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين إلى الحد الأدنى بغض النظر إن كان الهدف قد أصبح هدفا عسكريا مشروعا".
واتهمت قوات الدعم السريع الأحد الجيش بشن "غارات جوية ضد المدنيين في جنوب الخرطوم".
ونفى الجيش السوداني مهاجمة السوق، قائلا إنه "يوجه ضرباته على تجمعات وحشود ومواقع وارتكازات الدعم السريع كأهداف عسكرية مشروعة، مع تقيده التام بالقانون الدولي الإنساني وقواعد الاشتباك كجيش محترف وبمنأى عن مواطنينا الأبرياء".
انتقاد الدور الإفريقي
وفي ظل محاصرة قوات الدعم السريع لمقر القيادة العامة للقوات المسلحة، انتقل البرهان منذ أواخر آب/أغسطس الى مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر في شرق البلاد، والتي بقيت بمنأى عن أعمال العنف.
ومن هذه المدينة، أجرى البرهان في الفترة الماضية ثلاث زيارات خارجية الى مصر وجنوب السودان وقطر، ما ألمح الى احتمال تعزيز الجهود الدبلوماسية بحثا عن حل للنزاع، على رغم غياب أي مبادرات ملموسة في العلن.
وكانت وساطات سعودية أميركية أثمرت في السابق عن اتفاقات لوقف إطلاق النار بدون أن تصمد سوى لأيام أو ساعات معدودة فقط. كما قادت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (إيغاد) مبادرة إقليمية لم تثمر حالها كحال جهود الاتحاد الإفريقي.
ووجه البرهان السبت خلال كلمة ألقاها في الدمازين بولاية النيل الأزرق، انتقادات لإيغاد والاتحاد الإفريقي، وذلك في ظل توتر بين السلطات في الخرطوم والاتحاد في أعقاب لقاء رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي موسى فكي محمد مع يوسف عزت، المستشار السياسي لقائد قوات الدعم السريع.
وقال البرهان إن "بعض منظماتنا الإقليمية لم تتمكن من النظر للأزمة بشكل صحيح"، مضيفا "رسالتنا للاتحاد الإفريقي +اذا كان هذا نهجكم فنحن في غنى عن مساعدتكم+"، مطالبا التكتل "بتصحيح موقفه وموقف منسوبيه".
وعلّق الاتحاد الإفريقي عضوية السودان عام 2021 بعدما قاد البرهان ودقلو انقلابا أبعد المدنيين من المرحلة الانتقالية التي أعقبت الاطاحة بنظام الرئيس السابق عمر البشير في 2019.
وانتقد البرهان كذلك "إيغاد" السبت، محذّرا من أنه اذا "انحرفت... عن مسارها، فنحن كسودانيين قادرون على حل مشاكلنا دون الحاجة لأحد".
وقادت الهيئة محاولة لحلّ النزاع عبر لجنة رباعية برئاسة كينيا تضم جيبوتي وإثيوبيا وجنوب السودان. الا أن الخرطوم تمسّكت بتنحية كينيا اذ تتهّمها بتأييد قوات الدعم، وطالبت بإعادة جنوب السودان الى رئاسة اللجنة التي كانت ثلاثية قبل ضمّ إثيوبيا إليها في حزيران/يونيو.
المصدر: شبكة الأمة برس
كلمات دلالية: قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
واشنطن تعاقب شبكة تجند مقاتلين كولومبيين للقتال مع الدعم السريع في السودان
فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة على شبكة دولية تقول واشنطن إنها لعبت دورا محوريا في تجنيد وتدريب مقاتلين كولومبيين – بينهم أطفال – لصالح قوات الدعم السريع في السودان، في خطوة اعتبرتها وزارة الخزانة الأمريكية استهدافا لمصدر خارجي رئيسي ساهم في إطالة أمد الحرب التي تعصف بالبلاد منذ عام 2023.
وقالت الوزارة إن العقوبات، التي طالت أربعة أفراد وأربعة كيانات، تأتي ضمن جهود "أوفاك" لوقف الإسناد العسكري الخارجي لقوات الدعم السريع المتهمة بارتكاب فظائع واسعة في مناطق عدة، خصوصا دارفور.
مقاتلون محترفون في خدمة الدعم السريع
وبحسب بيان وزارة الخزانة، فإن الشبكة المستهدفة تتكون أساسا من مواطنين وشركات كولومبية بدأت منذ أيلول/ سبتمبر 2024 استقطاب عسكريين كولومبيين سابقين يتمتعون بخبرات في المدفعية والطائرات المسيرة والعمل الميداني، لنقلهم إلى السودان حيث يعملون كمقاتلين وسائقين ومشغلي مسيرات ومدربين، بمن فيهم أطفال جرى تجنيدهم في مناطق النزاع.
وتقول واشنطن إن هؤلاء شاركوا في معارك رئيسية داخل السودان، منها العملية التي انتهت بسيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر – عاصمة شمال دارفور – في 26 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي٬ بعد حصار استمر 18 شهرا، والتي تخللتها انتهاكات واسعة بحسب تقارير دولية.
من هم الأشخاص والكيانات الذين طالتهم العقوبات؟
تضم قائمة العقوبات شخصيات أساسية تصفها الولايات المتحدة بأنها "العصب المالي والتنظيمي" للشبكة، أبرزهم:
ألفارو أندريس كويخانو بيسيرا: ضابط سابق يحمل الجنسيتين الكولومبية والإيطالية، مقيم في الإمارات، وتتهمه واشنطن بإدارة عمليات التجنيد والتنسيق اللوجستي لنقل المقاتلين إلى السودان لصالح الدعم السريع.
وكالة التوظيف الوطنية في بوغوتا: شارك كويخانو في تأسيسها، وتقول الولايات المتحدة إنها كانت مركزا لحملات استقطاب القناصة ومشغلي المسيرات والمترجمين.
كلوديا فيفيانا أوليفيروس فوريرو: زوجة كويخانو ومديرة الوكالة، وتتهم بإدارة العقود والتفاصيل التشغيلية المرتبطة بإرسال المجندين.
ماتيو أندريس دوكي بوتيرو: يحمل الجنسيتين الكولومبية والإسبانية، ويدير شركة "ماين غلوبال كورب" في بوغوتا، واتهمته الخزانة بإدارة الأموال المخصّصة لرواتب المقاتلين.
شركة "غلوبال ستافينغ" (تالنت بريدج) في بنما: تقول السلطات الأمريكية إنها استخدمت لإخفاء الدور الفعلي لوكالة التوظيف الوطنية.
مونيكا مونيوث أوكروس وشركة "كوميرسياليزادورا سان بينديتو": متهمتان بإدارة تحويلات مالية تتعلق برواتب المقاتلين والتغطية اللوجستية.
وتشمل العقوبات تجميد أي أصول داخل الولايات المتحدة، ومنع الأمريكيين من التعامل مع الجهات المستهدفة، إضافة إلى حظر دخولهم الأراضي الأمريكية.
أكبر أزمة إنسانية في العالم
اندلعت الحرب في السودان في نيسان/ أبريل 2023 بين الجيش بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وسط خلافات حول دمج القوات شبه العسكرية ومسار الانتقال السياسي.
وسرعان ما تحول النزاع إلى معارك مفتوحة امتدت من الخرطوم إلى دارفور وكردفان ومناطق أخرى. وتشير تقديرات أممية إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح 12 إلى 14 مليون شخص، ما يجعلها واحدة من أخطر أزمات النزوح عالميا.
وتقول الأمم المتحدة إن ما يحدث في السودان يمثل أسوأ أزمة إنسانية في العالم حاليا، مع انهيار البنية التحتية وتعطل أكثر من 70–80% من المرافق الصحية، وانتشار الجوع وسوء التغذية الحاد خصوصا بين الأطفال.
سقوط الفاشر.. نقطة تحول عسكرية
كان سقوط مدينة الفاشر في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي٬ الحدث الأبرز في مسار الحرب، إذ تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة على آخر معقل رئيسي للجيش في دارفور، بعد حصار استمر 18 شهرا.
وتقول تقارير حقوقية دولية إن المدينة تحولت إلى "مسرح جريمة واسع" عقب دخول قوات الدعم السريع، حيث سجلت عمليات قتل وتهجير وانتهاكات واسعة، وسط مخاوف من ترسيخ واقع تقسيم فعلي بين مناطق الجيش والدعم السريع.
ومنذ ذلك الحين، واصلت قوات الدعم السريع تقدمها نحو ولايات كردفان، بينما يحاول الجيش التمسك بما تبقى من مناطق نفوذه في الوسط والشرق.
وفي سياق متصل، حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من احتمال تكرار "الفظائع التي ارتكبت في الفاشر" داخل إقليم كردفان، مع تصاعد القتال بين الجيش والدعم السريع.
وقال تورك للصحفيين إن المفوضية الأممية تعاني من نقص حاد في التمويل في وقت تتزايد فيه الانتهاكات والاحتياجات الإنسانية.