عربي21:
2025-07-31@16:06:34 GMT

رمال الشرق الأوسط وشمال إفريقيا المتحركة

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

لا سكون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لا جمود في التحالفات الإقليمية والدولية لحكوماتها، لا حدود لتقلبات المزاج العام للشعوب بين تفاؤل شامل بالمستقبل ويأس من قادم الأيام.

نحن سكان منطقة لا تعرف الهدوء. حين تخف وطأة العنف الأهلي في بلدان كسوريا وليبيا وتتراجع حدة المواجهات العسكرية والحرب بالوكالة في اليمن، تنفجر الأوضاع في السودان الذي تستعر به حرب أهلية تفرض مصائر التهجير على الملايين من مواطنيه وتلحق دمارا واسعا بالممتلكات العامة والخاصة وتقلل من فرص الانتقال الديمقراطي الذي كان مناط أمل الناس قبل سنوات قليلة.



نحن سكان منطقة تختلف خطوط شعوبها من ثروات الأرض والموارد البشرية، منطقة تواجه تحديات تنموية وبيئية بالغة، منطقة تهاجمها بين الحين والآخر كوارث طبيعية مدمرة لا قبل لشعوبها وحكوماتها بالتحامل الذاتي معها.

تتراكم الثروة في بلدان الخليج التي تعمل حكوماتها منذ عقود وباستراتيجيات مختلفة على توظيف عوائد الوفرة النفطية لتحقيق التنمية المستدامة ورفع معدلات التنوع الاقتصادي والرفاهة الاجتماعية، بينما تعاني البلدان غير المصدرة للنفط والغاز الطبيعي من تراكم الديون الخارجية والداخلية ومن ارتفاع نسب الفقر والبطالة والتهميش الاجتماعي، ومن ضغوط الأزمات الاقتصادية العالمية التي تحد من المردود الإيجابي لجهود تنموية حقيقية في قطاعات الطاقة المتجددة والإنتاج الصناعي والزراعي الأخضر.

وفي المنطقة الممتدة بين الخليج والمغرب، تشتد قسوة التحديات التنموية والبيئية التي تصدم الشعوب والحكومات تارة بزيادات سكانية لا تتناسب لا مع محدودية النمو الاقتصادي ولا مع المتاح من فرص عمل وخدمات أساسية في قطاعات التعليم والصحة والضمان الاجتماعي، وتارة بتداعيات التغيرات المناخية المتمثلة في ارتفاع مطرد في درجات الحرارة وتراجع مطرد في الموارد المائية وتكاثر مطرد أيضا للحوادث المناخية الحادة كالسيول والأعاصير والتي تحمل قطاعات الإنتاج الزراعي والصناعي أثمانا باهظة وتهوي بقدراتها على الوفاء باحتياجات الناس وتعمق من ثم من هشاشة المجموعات السكانية الفقيرة وغير القادرة والمقيمة في المناطق الأشد تأثرا بالتغيرات المناخية (كالمناطق الساحلية وسفوح الجبال والأقاليم شبه الصحراوية المعتمدة معيشيا وزراعيا على مياه الأمطار).

نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة

وحين توضع التحديات التنموية والبيئية على منحنى واحد مع الانعكاسات السلبية للأزمات العالمية كجائحة كورونا والحرب الروسية – الأوكرانية، تكتمل ملامح مشهد غياب الأمن الإنساني والبيئي والغذائي عن الأغلبية الساحقة من شعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وكأن كل هذا مصحوب بضعف أداء الحكومات في مواقع مختلفة ومحدودية التزامها بقيم الشفافية والرشادة لا تكفي، فتهاجمنا الكوارث الطبيعية المدمرة بين الحين والآخر كما في زلزال تركيا وسوريا بدايات العام الحالي وزلزال المغرب قبل أيام ولا تدع للشعوب من باب للنجاة غير الدعاء وللحكومات من باب للفعل غير طلب المساعدات الخارجية العاجلة.

ولكوننا نعيش في منطقة لا سكون فيها وتتسع بها بعيدا عن الخليج الفجوة بين الواقع المعاش بأزماته وتحدياته وبين الآمال المشروعة للمواطنات والمواطنين، فإن الحركية الدائمة أضحت أيضا الصفة المميزة لأداء العديد من الحكومات التي تبحث إقليميا ودوليا عن تحالفات تمكنها من تحقيق قدر من التنمية المستدامة وشيء من التكيّف مع التغيرات البيئية والسيطرة على أضرارها. 

هي، إذا، حركية في مجال السياسة الإقليمية والدولية وليس في مجال السياسات الداخلية التي لا يريد بشأنها العدد الأكبر من حكومات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبعد عقد الانتفاضات الشعبية غير خليط من الاستقرار والإصلاح التدريجي الذي لا يطرق أبواب تداول السلطة أو إعادة اقتسام الثروة.

فقط في سياق الحركية الإقليمية والدولية هذه يمكن أن تدرك الأبعاد الكاملة لترحيب بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بتنامي دور الصين الاقتصادي والتجاري والسياسي وتدريجيا الأمني والدبلوماسي وبصعودها كمنافس للولايات المتحدة الأمريكية وللاتحاد الأوروبي وبتنسيقها في بعض قضايا وشؤون المنطقة مع روسيا.

فقط في سياقها أيضا يمكن أن تفهم الأهمية الكبرى لانضمام إيران والإمارات والسعودية ومصر إلى تجمع «بريكس» كأعضاء كاملين اعتبارا من 2024 وبما تؤشر عليه عضوية تجمع يضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا فيما خص الرغبة الإيرانية في تهميش الدور الأمريكي في الشرق الأوسط، والتوجه الإماراتي والسعودي إلى الانفتاح على تحالفات اقتصادية وتجارية ونقدية متنوعة تقلل من تبعية البلدين للولايات المتحدة والغرب والدولار كعملة عالمية، والسعي المصري إلى التفاوض الجماعي باسم القارة الإفريقية ودول الجنوب العالمي لتسوية ديون الجنوب المتراكمة ومن داخلها الديون المصرية والحصول على عوائد تنموية حقيقية والتوسع في برامج مبادلة الاقتصاد الأخضر ونقل التكنولوجيا.

أما عن تقلبات المزاج العام لشعوب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والتي تدلل عليها استطلاعات الرأي العام التي يجريها «البارومتر العربي» بانتظام، فحدث ولا حرج. نحن أمام تناقض صادم بين شعوب ذات أغلبيات شبابية متفائلة بالحاضر والمستقبل في الخليج وشعوب ذات أغلبيات شبابية تبحث عن سبل للهجرة (شرعية أو غير شرعية) بعيدا عن أوطانها.

تقلبات المزاج العام هذه، والتي تعبر عنها اليوم الإبداعات الموسيقية للشباب العربي (خاصة الراب) يتواكب معها طرح علني في الفضاء العام الذي تصيغه شبكات التواصل الاجتماعي لأسباب التفاؤل هنا والقنوط هناك على نحو يصنع، بعيدا عن السياسة ووسائل الإعلام التقليدية، حالة من حرية التفكير والتعبير وكسر المحرمات تستحق المتابعة في عموم المنطقة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الشرق الأوسط الخليج التنمية تقلبات الخليج الشرق الأوسط التنمية تقلبات اقتصاد دولي سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط وشمال

إقرأ أيضاً:

أول سيارة طائرة هجينة تنطلق من الإمارات

تواصل شركة Pal-V الهولندية صناعة التاريخ، بعدما أصبحت سيارتها الطائرة Liberty أول حل تنقل، يجمع بين القيادة البرية والطيران (FlyDrive) يدخل رسميًا المرحلة النهائية من الاعتماد الأوروبي، مما يمهد الطريق لاعتمادها رسميًا كوسيلة نقل مرخصة للاستخدام التجاري.

وفي الوقت الذي تجري فيه الشركة اللمسات الأخيرة للحصول على الشهادة الأوروبية، تعمل أيضًا على تعزيز انتشارها العالمي، عبر إنشاء مركز مستقبلي متكامل في الشرق الأوسط، يعكس رؤيتها الجريئة لمستقبل التنقل.

عرض مبهر للسيارة الطائرة في معارض أوروبا

شهدت السيارة الطائرة من Pal-V إقبالًا جماهيريًا واسعًا خلال عروضها الأخيرة في ألمانيا، حيث لا تزال معروضة في معرض موتورورلد ميونخ، وهو أحد أبرز معارض السيارات في أوروبا.

كما حظي عشاق السيارات الطائرة بفرصة مشاهدة Liberty عن قرب خلال مشاركتها الفاخرة في معرض الأناقة بألمانيا يومي 25 و26 يوليو. 

يعكس هذا الاهتمام الكبير تصاعد الحماس العالمي تجاه هذه التقنية الثورية.

توسع استراتيجي في الشرق الأوسط وأفريقيا

ضمن خططها التوسعية، أعلنت Pal-V عن نيتها إنشاء مركز إقليمي لتجربة FlyDrive في الشرق الأوسط، في خطوة تؤكد التزامها باختراق أسواق جديدة شديدة الديناميكية، انطلاقًا من الإمارات العربية المتحدة التي استضافت بالفعل جولات ترويجية ناجحة للشركة.

وفي عام 2024، وقعت Pal-V واحدة من أكبر صفقات السيارات الطائرة على مستوى العالم، بعد أن وافقت شركة "أفيتيرا" الإماراتية – التابعة لشركة "جيتكس" – على شراء أكثر من 100 سيارة Liberty.

وستشغل هذه السيارات المتقدمة ليس فقط في دبي، بل في عدة مدن أخرى عبر الشرق الأوسط وأفريقيا، مع منح العملاء خيار القيادة الذاتية أو الاستمتاع بالرحلات كمرافقين.

لا تتوقف طموحات Pal-V عند حدود الاعتماد الرسمي، بل تشمل أيضًا تدريب الطيارين وتطوير مرافق الإنتاج، بهدف بناء منظومة متكاملة لـ FlyDrive تجمع بين الابتكار والسلامة وسهولة الاستخدام.

ومع اقتراب اكتمال مراحل الترخيص، تثبت Pal-V أنها في طليعة السباق العالمي لتقديم حل تنقل واقعي وآمن وقابل للتطبيق التجاري، يغير جذريًا الطريقة التي نتنقل بها في المستقبل.

طباعة شارك سيارة طائرة سيارة طائرة الإمارات سيارة هجينة Pal V Liberty سيارة Liberty الطائرة الإمارات سيارة طائرة دبي السيارات الطائرة

مقالات مشابهة

  • الشرق الأوسط فوق رقعة النار.. هل تقترب الحرب الكبرى؟
  • الأقليات في الشرق الأوسط بين الاعتراف والإنكار
  • أول سيارة طائرة هجينة تنطلق من الإمارات
  • "سدايا" أول جهة حكومية في منطقة الشرق الأوسط تنال شهادات اعتماد من منظمة (CREST) العالمية
  • من دون تكييف ولا دعم.. لاعبات عراقيات على الكراسي المتحركة إلى العالمية
  • بديل أمريكا عن مؤتمر نيويورك ... لا شيء
  • مجلس الوزراء: المملكة تواصل جهودها لإرساء السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط
  • جوتيرش: سلام الشرق الأوسط يتحقق بحل الدولتين
  • غوتيريش: حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط
  • أبوالغيط: الحرب توسعت خارج غزة وعواقبها طالت الشرق الأوسط بأكمله