بوابة الوفد:
2025-08-11@21:11:36 GMT

عندما أصبح مصطفى النحاس رئيسًا للوفد!

تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT

الأسبوع القادم يصادف ذكرى عزيزة لا تُنسى.. ذكرى 19سبتمبر1927.. موعد ميلاد وبداية زعامة تاريخية ستبقى أيقونة مستمرة لحزب الوفد.. موعد رئاسة مصطفى النحاس للوفد لأول مرة.

بعد وفاة سعد زغلول عام 1927 تم اختيار مصطفى النحاس رئيسًا للوفد ورئيسًا للبرلمان، فكان الرجل مميزًا فى إدارته للوفد والوطن، وكان يستعير فكر القاضى العادل، فقد كان النحاس من أبرز رجال القضاء فى زمنه.

وتصف الكاتبة سناء البيسى هذه المرحلة من حياته وصفًا مبدعًا عندما كتبت عنه فى الأهرام يوم 8 سبتمبر 2007، قائلة: «دولة مصطفى النحاس.. الوحيد المتفرد على أرض مصر أول من سبق اسمه لقب دولة.. كان لقاؤه الأول بسعد زغلول فى عام 1909 عندما كان يشغل موضع العضو الشمال فى إحدى الدوائر القضائية بمحكمة القاهرة فى الدائرة التى يرأسها صالح حقى باشا، وأثناء نظر إحدى القضايا مال رئيس الدائرة على عضو اليمين وتحدث معه، ثم مال على عضو الشمال مصطفى النحاس وقال له باستخفاف: سنُصدر حكمًا بكذا، فقال النحاس: أنا لى رأى آخر ويجب فى هذه الحال الانتقال إلى غرفة المداولة.. ولكن حقى باشا لم يستجب لطلب النحاس ونطق بالحكم، فما كان من الأخير إلا أن قال لكاتب الجلسة بصوت عال.. وعلى مرأى ومسمع من جمهور المتقاضين وغيرهم من المواطنين داخل قاعة المحكمة: اكتب أنه لم يأخذ برأى عضو الشمال فى هذا الحكم.

وحدثت ضجة كبرى داخل القاعة، ما اضطر حقى باشا إلى رفع الجلسة والانتقال إلى غرفة المداولة، وترتب بعدها بطلان الحكم، ولم يجد حقى باشا ما يشفى غليله إلا أن يشكو النحاس إلى وزير الحقانية وقتها سعد زغلول، الذى استدعى إليه النحاس لتكون المقابلة الأولى بينهما التى أسفرت عن اعتزازه بموقف النحاس.. فأصدر قرارًا بنقله قاضيا جزئيا، تكريما وإعجابا بشجاعته».

عاش النحاس معظم حياته معارضًا، وذاق طعم الحكم لكنه لم يبع وطنه من أجل مقعد فى البرلمان ولا رئاسة وزراء.. ثم قضى ما تبقى له من عمره غائبا عن العمل السياسى.. لكنه أبدًا لم يلن ولم يقل كلمة يحاسبه عليها التاريخ.. فقد كان مدافعًا صلدًا عن الديمقراطية.

قام النحاس بتشكيل حكومته الأولى يوم 16 مارس 1928.. وتمت إقالتها يوم 25 يونيو من نفس العام أى بعد حوالى ثلاثة أشهر فقط.. أما الحكومة الثانية فقد استمرت ستة أشهر فى الفترة من أول يناير 1930 وحتى 19 يونية من نفس العام.. أما الوزارة الثالثة فقد استمرت 14 شهرًا من 9 مايو 1936 وحتى 31 يوليو 1937.. الحكومة الرابعة استمرت حوالى خمسة أشهر من 1 أغسطس 1937 وحتى 30 ديسمبر من نفس العام.

أما الحكومة الخامسة فقد استمرت أربعة أشهر من 4 فبراير 1942 وحتى 26 مايو من نفس العام، وهى الوزارة التى تعرض النحاس لهجوم شديد بسببها؛ لأن الانجليز فرضوها على الملك فاروق، فقد كانوا يريدون حكومة يرضى عنها الشعب خوفًا من القلاقل الداخلية أثناء الحرب العالمية الثانية.

ولكن النحاس قال فى خطاب الحكومة موجهًا حديثه للملك: «لقد ألححتم علىّ المرة تلو المرة ثم ألححتم علىّ المرة تلو المرة كى أقبل هذه الوزارة وقد قبلتها» لينفى الرجل بذكاء شديد الاتهام الذى وجهه خصوم الوفد للنحاس بالتواطؤ من أجل الحصول على منصب رئيس الوزراء.

واستمرت حكومة الوفد بمرسوم جديد للمرة السادسة من يوم 26 مايو 1942 وحتى 8 أكتوبر 1944.. ثم كانت الوزارة الأخيرة للوفد برئاسة مصطفى النحاس خلال الفترة من 12 يناير 1950 واستمرت حتى 27 يناير 1952.

ورغم كل هذه الوزارات وكل هذا السلطان كان يعود الرجل بعد أشهر قليلة من الحكم إلى صفوف الجماهير، مناضلًا ومكافحًا من أجل الحرية والديمقراطية.. لم يفسد ولم يتربح.. حتى إن خصومه حاكموه فى البرلمان وأصدروا ضده كتابًا أسود واتهموه بالفساد.. لأن زوجته السيدة زينب الوكيل لم تدفع رسومًا جمركية مقررة على «فرير» حضرت به من الخارج وكانت ترتديه.. فاعتبره خصومه فسادًا!

عندما نتحدث عن مراحل النضال السياسى للوفد والوطن، يبقى مصطفى النحاس زعيمه الثاني، نموذجًا فريدًا لا يتكرر، للسياسى الفقير الذى أصبح رئيسًا للوزراء عدة مرات، متخذًا من حُب الناس سندًا وظهيرًا.. رجل وهب حياته لوطنه بلا ملل، واجه صعوبات فى حياته ولم ينحن يومًا أمام طغيان القوة الباطشة لتبقى سيرته نقية لم يلوثها فساد، حتى إنه مات عام 1965 وهو لا يملك ثمن الدواء.

عاش فقيرًا ومات فقيرًا.. ولكنه بلا شك رحل زعيمًا فماتت الزعامة من بعده.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور مصطفى النحاس حزب الوفد سعد زغلول العمل السياسى مصطفى النحاس من نفس العام رئیس ا

إقرأ أيضاً:

ليس باستطاعتنا لوم النملة الضاحكة!

في غابات «ألماتي» وطبيعتها حادة التضاريس، والمكسوة باخضرار فاتن، كانت أغنية «أجراس العودة» للفنان التونسي لطفي بوشناق ترن في رأسي، فمن بين ثنايا الجبال هائلة الارتفاع -في بلد محروم من أي صلة ببحر أو نهر- كانت الكلمات تنبعُ لتمضي مع مياه وادي «المارسان» شديدة البرودة، جراء ذوبان الثلوج على رؤوس الجبال البعيدة. آنذاك جمعتُ الماء بين يدي وتذوقتُ عذوبته بينما ارتفعت نبرة بوشناق المُتهكمة: «أجراسُ العودةِ إنْ قُرِعَتْ أو لمْ تُقْرَعْ فلِمَ العَجَلَة؟»!

هناك في قلب آسيا الوسطى التي عبرها المغول والروس، عبرت الكلمات المُوجعة، التي كتبها الشاعر السوري عماد الدين طه عام ٢٠١٨، مُحتجا على صفقة القرن، الصفقة التي لا تني تُزهقُ تحت عجلاتها المُسننة أجنحة الحلم العربي دون خجل أو رأفة!

انهمرت ندفُ الثلج فوق جبل «شمبولاك» في قلب النزهة العامرة بالمسرات، فانتابتنا قشعريرة لا محدودة، تماما كما فعلت الكلمات الجامحة: «العربُ بأخطر مرحلة وجميع حروفهم علّة»!

وبينما كان السائق «أصلان» الذي تلقى تعليمه في القاهرة وهو في عمر السادسة عشرة، يتحدثُ عن أهمية وجود اتحاد بين الدول ذات الأصول التي تشتركُ مع تركيا في اللغة والثقافة من قبيل: أذربيجان، وتركمانستان، وأوزبكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، لتغدو جسرا بين قارتي آسيا وأوروبا، زلزل بوشناق الأرض الصلبة من تحتنا لتُعيدنا إلى واقعنا العربي المزعزع: «أغرتهم كثرتهم لكن، وبرغم جُموعهم قِلّة»!

أشرف إبراهيم في برنامجه المهم «المُخبر الاقتصادي»، أشار إلى استغلال إسرائيل للمنصات الاجتماعية لجمع التبرعات لشراء آلات القتل -لا سيما منصة الفيس بوك- وذلك بدعم من شركة «ميتا»، ولن يغدو الأمر خفيا عندما نعلم أنّ «جوردانا كوتلر» مستشارة نتنياهو، ومائة جندي وضابط سابق ممن يمثلون صوت إسرائيل يعملون في هذه الشركة، هنالك حيث يُسمحُ للسردية الإسرائيلية أن تنمو، بينما تُحذفُ مئات آلاف القصص الخارجة من جحيم المعاناة الفلسطينية!

وأتعجب حقا من بعضنا ممن تنازل -عن أضعف الإيمان- وأعني إعادة نشر قصص فلسطين مُعللين الأمر باليأس والقنوط، وكأنّهم لا يُدركون حجم الإرباك الذي يمكن أن تُحدثه قصّة واحدة في الرأي العام وفي الجدار الذي نظنه صلبا، ولنا أن نتصور أيضا السؤال الصعب: ١٠ ملايين إسرائلي يتحكمون في أكبر منصات العالم، بينما ٤٥٠ مليون عربي تُكتم أصواتهم وتشوه هويتهم! لأنّنا لا نملكُ منصات خاصة بنا، كما فعلت الصين مثلا عندما خرجت من عباءة الغرب.. يا إلهي: ألسنا حقا على كثرتنا قِلة!

في وادي «بوتاكوفكا» حيث يُحاصرك المكان بفتنته الأخاذة، تسيلُ المياه من علٍ، ويغمرك صوت الطيور بحنين جارف إلى حقول الطفولة شاسعة الامتداد، حقول تلونها الفراشات واليعاسيب، هنالك وحسب يصفعك بو شناق بسخريته اللاذعة كمن يقتنصُ منك بهجتك المتوهمة: «وبوادي النمل إذا عبروا، ستموت من الضحك النملة».. في الحقيقة، لا يمكن لهذه الكلمات إلا أن تُصيبنا في مقتل!

ويتعالى العبث عندما يُشير إلى جُحا الذي اشترط بقاء مسمار الحائط، ليُعطي نفسه شرعية العودة لزيارة مسماره: «مسمارُ الحائطِ ملكُ جُحا... سمسارُ الحيّ... وفي غفلة»، تلك الرمزية لمسمار يمنحُ كل الذرائع لوجودٍ مشؤوم، بل يُحرضُ السماسرة -وما أكثرهم- على البيع والشراء، بينما نحنُ العرب لا يمكن لأكثر من كلمة «غفلة» إلا أن تصفنا على نحو جيد!

العار والخزي يُوجعنا كلما شهدنا مُدنا مثل لندن ونيويورك وباريس وبرلين، تنتفضُ بمئات الآلاف من البشر الرافضين للتجويع المُمنهج في غزة، وعندما تُغلقُ المعابر تُسير السفن لمصير غامض، رغم الصرامة الأمنية وما قد يخسرونه جراء مواقفهم المُشرفة، فالحراك الغربي -اتفقنا أو اختلفنا- تُشكلُ مجتمعاته المدنية أوراق ضغط عميقة على الدول، الأمر الذي دفع بعضها لأن تفكر رسميا بالاعتراف بدولة فلسطين.

قد يظن البعض أنّ الشاعر عندما قال: «بازارُ الأرضِ المُحتَلّة»، قال ذلك على نحو من المبالغة، إلا أنّنا نعيشُ ما هو أشد وحشية من بازار تُعرضُ فيه الأرضُ للمناداة عليها.. إنّهم يُحدثون قيامة وحشية على مرأى العالم ومسمعه، بينما الموقف العربي فاقدٌ لرمزيته، مكبلٌ بالقيود، ولذا ليس لنا أن نلوم النملة الضاحكة!

هدى حمد كاتبة عُمانية ومديرة تحرير مجلة «نزوى»

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يُغادر الي الاردن للمشاركة في فعاليات اللجنة العليا المصرية الأردنية المشتركة
  • «حاميها حراميها».. القبض على 6 متهمين بسرقة سيارة محملة بالنحاس في الجيزة
  • ليس باستطاعتنا لوم النملة الضاحكة!
  • شوبير: التسرع في الحكم على ريبيرو أصبح سمة لدى جماهير الأهلي
  • عندما يطير الدخان.. الحبس سنة و6 أشهر لمتعاطى حشيش في المعصرة
  • ‏لماذا يصمت العرب على مجازر غزة؟
  • عندما يحزن الأبناء
  • التجويع والإبادة والضمير العالمي
  • الأونروا تحذر: نقص حاد بمستلزمات النظافة بغزة والصابون بات نادرا
  • رئيس صناعة النواب: استراتيجية الحرف اليدوية خطوة لتعميق الصناعة.. ونطالب بآليات تنفيذ واضحة