موقع النيلين:
2024-06-02@23:52:51 GMT

عيساوي: العرب العابرة

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

عيساوي: العرب العابرة


رحلة العرب عبر التاريخ البشري تنقسم لعرب بائدة وعاربة ومستعربة. وأظن التاريخ فات عليه أو أغمض عينيه عن القسم الرابع ألا وهو العرب العابرة. ومفردة عابرة توحي للجغرافيا.

ولكننا نقصد عابرة لقيم الدين والإنسانية. هؤلاء العابرون تواجدهم بدولة السودان. كان ظهورهم الأول في دولة المهدية. وصلنا بالتواتر غالبيته شفاهة وبعضه دراسات موثقة بأن خليفة المهدي في لحظة تاريخية استباح العاصمة لثلاثة أيام.

وقتل العلماء وسجن القادة. وجعل أعزة أهل الوسط والشمال أذلة. وبعد هزيمته في كرري وتقهقره لجنوب النيل الأبيض ناحية أم دبيكرات.

ارتكبت مليشياته في مناطق النيل الأبيض فظائع تفوق جرائم ضد الإنسانية التي تتحدث عنها مواثيق الأمم المتحدة في العصر الحديث.

وها هو التاريخ يعيد نفسه. فتعايشي الألفية الثالثة (حميدتي) وسع من دائرة جرائم مرشده الأكبر (خليفة المهدي).

وذلك ببيعه لحرائر بنات الجلابة في دارفور بعد عمليات الاغتصاب التي وثقتها كاميرات جنده وهم يرتكبون تلك الجريمة.

عليه ما نسمعه من مليشيات حميدتي وهي تتحدث عن دولة (٥٦) فتلك نقطة من بحر حقد غالبية عربان الشتات ضد الجلابة. ويكفي عارا أن تزغرد والدة الجنجويدي عندما يأتي إليها ابنها بسيارة جلابي بعد أن قتله رميا بالرصاص ونهب كل بيته.

ويا للعار بصورة عامة للإدارات الأهلية لهؤلاء العابرين. لم يصدر ناظر أو عمدة أو شيخ قرية بيان يدين جرائم أبنائه. ونفهم من ذلك أن السكوت علامة الرضا.

وخلاصة الأمر رسالة نضعها لقبائل جنوب أمدرمان (الجموعية). وشمال النيل الأبيض (حسانية…جعليون…دويح….مسلمية…..شنابلة….إلخ) بأن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين.

حيث تعتبر مناطقكم بوابة هروب هؤلاء من جحيم حرب الخرطوم. عليه يجب الاستعداد للدفاع عن نقص (الأنفس والثمرات) المتوقعة. وفوق كل ذلك حماية الحرائر من الاغتصاب والسلب. اللهم أشهد فقد بلغت.

الثلاثاء ٢٠٣٣/٩/١٢
نشر المقال…. يعني حماية الأرض والعرض.

د. أحمد عيسى محمود
عيساوي

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

التاريخ في حياة الشعوب

التاريخ في ثقافة المتخصصين يعني (الزمن)، وقد تباينت الآراء حول تعريفه، واختلف المؤرخون حول معنى (تاريخ)، فالبعض اعتبره لفظا عربيا، والبعض الآخر يرى أنه كلمة وفدت إلينا من اللغات الساميّة وقد عُربت عن الفارسية، والتي وردت فيها بمعنى (ماء روز) أي بداية ظهور الهلال، بعدها انصرف المعنى إلى مجمل الأحداث التاريخية، وهو المعنى الذي استخدمه العرب للدلالة على معرفة أحداث الماضي، ومحاولة كشف وقائعه، وهي معان لا تختلف كثيرا عما ورد في الثقافات الأوروبية، التي استخدمت الأصل اليوناني (History)، وقد استخدمها الفلاسفة والمؤرخون الأوروبيون في تسجيل أحداث الماضي في محاولة لفهمه بعكس القصص والأساطير التي أسقطها المؤرخون الأوروبيون من حساباتهم منذ فترة مبكرة من عصر النهضة الإيطالية، ووضعوا فروقا واضحة ما بين الأساطير وبين التاريخ باعتباره مجالا فسيحا لدراسة سيرة الإنسان وأحواله في شتى مناحي الحياة، بعد أن تبين لهم حقيقة تلك الأساطير التي شاعت في أوساط العامة والدهماء خلال العصور الوسطى، وقد كشفوا عن التاريخ بمعناه الحقيقي، وتبين لهم معناه وفلسفاته من خلال المؤرخين والفلاسفة الذين استقوا معارفهم من القراءة في الثقافتين الإغريقيّة واللاتينية، وقد تبين لهم ما ورد في هذا التراث من خرافات أضرت الناس في حياتهم وفي عقيدتهم.

أدرك ابن خلدون ( ١٣٣٢-١٤٠٦م ) أهمية التاريخ، ليس باعتباره قصصا وحكايات وإنما باعتباره علما يتحرى معرفة الحقيقة، ويرصد مكمن الخطأ والصواب في مسيرة الحضارة الإنسانية، حيث يقوم على النظر والتحقيق ورصد الظواهر الإيجابية والسلبية والتعرف على مختلف النشاط الإنساني، وتسجيل الظواهر السلبية والإيجابية والكشف عن أسبابها، والتاريخ كما يراه ابن خلدون علم أصيل عريق قوامه الحكمة التي تعني في الثقافة العربية أسمى درجات المعرفة، ولعل ابن خلدون هو أول من قال بهذا، حتى قبل المؤرخين الأوروبيين حينما أدرك المعنى الحقيقي للتاريخ، ليس باعتباره ترفا وإنما باعتباره ضرورة حضارية وإنسانية، المقصود منها معرفة مسيرة الحضارة الإنسانية، فضلا عن أهمية الوقوف على تاريخ عمران الأرض، وبهذا يكون الرجل قد سبق غيره في معرفة التاريخ كعلم، وإدراكه لأهميته الحضارية في خدمة البشرية.

يعد التاريخ بمثابة سجل يرصد الأحداث وليس الحوادث نفسها، لذا (فالتأريخ) مصطلح يعني صناعة التاريخ والوقوف على معرفة وقائع الماضي وتفسيره، وهي مهمة جليلة يتولاها العلماء وفلاسفة التاريخ الذين جعلوا منه علما يستهدف استعادة الماضي والنظر في الأفكار والسياسات التي يحققها البشر وفقا للمنهج العلمي الذي اصطلح عليه العلماء، وهناك فرق كبير بين كلمة التاريخ، وهو المعنى الذي يرصد الوقائع ويسجل الأحداث منذ الأزمان السحيقة، وبين كلمة (تدوين التاريخ)، وهو المصطلح الذي يُعنى بتفسير الوقائع وتحليلها ونقدها والسعي نحو معرفة العوامل التي تسيَّر حركتها، كما أن هناك فرقا بين مصطلح (تاريخ) ومصطلح (تأريخ)، فالأخير يُقصد به تسجيل الأحداث بكل وقائعها وجهد المؤرخين في تسجيل ودراسة هذا الماضي الذي ربما لا نملك عليه دليلا واضحا.

الإنسان هو صانع التاريخ وهو مؤسس الحضارة، ولولا الإنسان منذ وجوده على الأرض ما وجد التاريخ له مجالا، لذا بدأ تاريخ الحضارة الإنسانية منذ وجد الإنسان وتفاعله مع جميع المنجزات الحضارية، وهي محصلة لخبرات الإنسان وارتباطه بماضيه وبيئته الجغرافية والاجتماعية، لهذا تفاوتت الحضارة بين بني البشر رغم أنهم يعيشون على كوكب واحد، والاختلاف بين المجتمعات في صناعة التاريخ يعد أمرا محسوما بحكم الفروق الجغرافية والبيئية، ونلاحظ بشكل واضح أن الدول التي تقع على شواطئ البحار والمحيطات وطرق المواصلات كانت هي الدول التي أسست بشكل كبير كل الحضارات القديمة، حينما كان البحر والمحيط هما الوسيلتان الأهم في تبادل التجارة والاحتكاك بين الشعوب، بعكس ما يحدث في واقعنا المعاصر، فقد تنوعت وسائل الاتصال البري والبحري والجوي والإلكتروني، ولم تعد الجغرافيا عائقا في إشراك الجماعات الإنسانية في صناعة الحضارة.

غالبا ما يتردد في أدبيات الكتابات التاريخية وعبر وسائل الإعلام كلمة الدول المتحضرة، ويقصد بها الدول التي أقامت حضارات متعاقبة سجلها التاريخ ووثق قصص نجاحاتها، وهو قول يجافي الحقيقة، فكل الدول متقدمة أو متخلفة جميعها لها حضارة تختلف قوة أو ضعفا، لكنها جميعا، غنية أو فقيرة نامية أو متقدمة جميعها تملك حضارة، بما في ذلك الدول الفقيرة، فهي تملك من الحضارة ما يعينها على معاشها في مأكلها ومشربها ومسكنها وسبل عيشها، وغالبا إذا ما أتيح لها أن تحظى بحكم رشيد فإنها تتسابق في اللحاق بالدول المتقدمة، والأمثلة على ذلك كثيرة في عالمنا المعاصر.

العامل الأهم في صناعة التاريخ والحضارة الإنسانية هو الإنسان الذي يملك العقل والتفكير الحر المنظم، الذي يعول عليه في صناعة التاريخ أو الحضارة، وفي عالمنا المعاصر تجاوزت المجتمعات الرشيدة الجمود الفكري والمفاهيم الدينية والاجتماعية الخاطئة، وأخضعت كل شيء للنقد والتحليل، بعد أن قطعت الإنسانية شوطا كبيرا في صناعة تاريخها وحضارتها، وراحت الدول والشعوب تتسابق نحو المعارف الجديدة والقواعد الحاكمة للدول التي نهضت والأخرى التي تراجعت، فضلا عن إعلاء قيمة الإنسان باعتباره الصانع الحقيقي للحضارة، رغم ما يروج له بعض الأوروبيين بأن شعوبا بذاتها مؤهلة لصناعة حضارتها وتاريخها، بينما هناك أجناس أخرى لا تملك مقومات الإندماج والتكيف واستيعاب منجزات الحضارة المعاصرة، وقد تبين من الواقع المعاش أن انفراد جنس بذاته في صناعة الحضارة هو قول يجافي الواقع، بعد أن كانت شعوبا تُصنف وفق أعراقها وألوانها وأجناسها ودينها باعتبارها شعوبا عصية على التقدم، وقد تبين من الواقع خلال نهايات القرن الحادي والعشرين وبداية القرن الثاني والعشرين أن كثيرا من هذه الدول قطعت شوطاً عظمياً في صناعة تاريخها وحضارتها، وهي حقيقة تفند مقولات البعض بهذا الشأن.

إن القول بتفاضل الأجناس وتباينها بالذكاء والكفاءة والقدرة على بناء الحضارات كان سببا كافيا لوقوع الكثير من المآسي التي أدخلت البشرية في أُتون صراعات، فالحقيقة العلمية المؤكدة أن كل الأجناس متحضرة، وكل الشعوب تملك مقوماتها الحضارية كبيرة أو متواضعة، ومن الخطأ الذي روج له المستعمرون دائما فكرة الفروق بين من تقدموا أو تخلفوا، فلكل جماعة إنسانية تاريخها وحضارتها بصرف النظر عن مستوى تلك الحضارة، ولعل من المؤكد أن الدول ذات الحضارات الكبيرة كانت سببا في ضعف وإفقار الدول الضعيفة.

وعلى الرغم من الفوضى القائمة الآن في العالم المعاصر، والدخول في صراعات إقليمية ودولية وتفاقم المشاكل بين من روجوا لفكرة أنهم صناع الحضارة، وبين دول فقيرة راحت تنهض وفق ظروفها الاجتماعية والسياسية المعقدة، لكن المحصلة النهائية أن الحضارة الإنسانية هي فعل جماعي يشترك فيه المتقدمون والمتخلفون، لأن الجميع مشتركون في الجماعة الإنسانية صانعة التاريخ والحضارة.

د. محمد صابر عرب أكاديمي وكاتب مصري

مقالات مشابهة

  • حركة حماس تكشف أهمية 7 أكتوبر: غير التاريخ
  • مودريتش: سعيد بصنع التاريخ مع ريال مدريد مرة أخرى
  • شباب الأهلي يكتب التاريخ أمام حتا في الدوري الإماراتي
  • البيت الأبيض: نتوقع قبول إسرائيل اتفاق إنهاء الحرب بقطاع غزة إذا وافقت حماس عليه
  • ما الدور الذي تلعبه أفريقيا الوسطى في حرب السودان؟
  • التاريخ.. والذكاء الاصطناعي!
  • التاريخ في حياة الشعوب
  • فضيحة.. كشف تفاصيل مروعة عن اغتصاب جنود أمريكيين لآلاف الفرنسيات خلال إنزال النورماندي
  • البيت الأبيض: الرئيس بايدن سيدلي بتصريحات بشأن الشرق الأوسط مساء اليوم
  • ضبط عاطل يبيع شهادات دراسية مزورة بأسعار باهظة