تتشابه القصص في مناطق الكارثة وتتشابك الآمال في تجاوز محنة إعصار دانيال في ليبيا، وبإيصال المساعدات، لعلها تساعد في عودة الحياة إلى الأحياء المنكوبة. فما أبرز هذه القصص؟

نالت درنة النصيب الأكبر من الضرر جراء الإعصار والفيضانات، لكن الكارثة التي لحقت بمدن ليبية أخرى خلفت كثيرا من الضحايا والدمار والقصص المأساوية في مدينتي سوسة والبيضاء.

ومن ضمن القصص المأساوية لإعصار دانيال، قصة أشرف عبد السلام الذي مازال يبحث عن شقيقه وأطفاله تارة على شاطئ مدينة سوسة، ويبحث تارة أخرى بين الركام، ويتمنى أن يعثر عليهم ودفنهم بطريقة لائقة.

وفي مكان آخر من سوسة، يحاول سعد الحاسي ترميم وإصلاح ما يمكن إصلاحه من منزله، إذ خسر كل ما يملكه باكيا بحرقة تثبت أن حجم الكارثة لا يطاق وأن قهر الرجال ليس بالسهل، حسب قوله.

أما أحمد فقد نجا وعائلته بأعجوبة، لكن ما زال يتغلب على صدمة تلك الليلة، إذ روى للجزيرة مشاهد الجثث والسيارات تطفو باتجاه البحر. ورغم أنه كان يقطن في الطابق الثالث خرج للبحث عن المفقودين وعثر على جثتين بالقرب من البحر.

يشار إلى أن هذه الحالات تصف القليل مما حل بسوسة التي لا تبعد كثيرا عن درنة، إحدى أكثر المدن تضررا بالإعصار والفيضانات. وتقع المدينة بمنطقة الجبل الأخضر التي تضم مدنا مثل البيضاء والمرج والقبة. ويعيش فيها أكثر من مليون و200 ألف نسمة.

كما تنسحب قصص سوسة على البيضاء، التي بدورها ضربها الإعصار والفيضانات، فدمرت أحياء بكاملها. وفي أحد أحياء البيضاء، فقد حسين الفيضي اثنين من عائلته، عثر على أحدهما بينما ما زال الآخر مفقودا، وقال إن المنازل والسيارات اختفت كما هو الشأن بالنسبة للأطفال والرجال.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أرامل من غزة للجزيرة نت: أطفالنا يبكون جوعا ولا مؤسسات تكفلهم

غزة- في خيمة مهترئة غربي مدينة غزة، كانت سوسن أبو كاشف تهدهد صغيرها يامن (عامان) على وسادة، وظلّت تحرك جسده الصغير يمنة ويسرة أكثر من ساعة، على أمل أن يهدأ ويتوقف عن البكاء وطلب الطعام، وينام. وأخيرا، أغمض الطفل عينيه، ونام، لكن وبعد دقائق، استيقظ باكيا يريد طعاما.

وببكاء أشد ردَّت الأم سوسن وتمنَّت لو كانت هي من استشهد في الحرب، وليس زوجها، فهو الأقدر على توفير الطعام لطفليه، بينما تظل هي امرأة عاجزة عن فعل أي شيء.

ويعيش سكان غزة عزلة خانقة منذ 5 أشهر، مع إغلاق المعابر ومنع دخول الغذاء والمساعدات، جعلت أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون تجويعا قاسيا، ولا يجدون ما يأكلونه.

عجز وقلق

وقبل الحرب، لم تكن حياة الأرامل في غزة وردية، لكنها على الأقل كانت مدعومة بشبكة من المؤسسات الخيرية، المحلية والدولية، التي تتولى كفالة الأطفال الأيتام، وتقدم لهم مبالغ شهرية، تُمكّن الأمهات من شراء الطعام والدواء والاحتياجات الأساسية. أما اليوم، فقد انهارت هذه المنظومة بالكامل.

ومع تجاوز أعداد الشهداء منذ 7 أكتوبر/تشرين ثاني 2023 حاجز الـ60 ألفا، تتحدث الأرقام عن عشرات الآلاف من النساء الثكالى، ومثلهن من الأطفال الذين أصبحوا أيتاما بين ليلة وضحاها، وهذا العدد الضخم فاق قدرة المؤسسات الخيرية.

سوسن، واحدة من آلاف الأرامل اللواتي تُركن لمواجهة التجويع وحدهن، فقدت زوجها في مجزرة دامية في أكتوبر/تشرين الأول 2023، حين قُصِف منزل عائلته المكوّن من خمسة طوابق في مشروع بين لاهيا شمال القطاع، باستهداف أدى لاستشهاد 250 شخصا من العائلة، منهم زوجها وأغلب أقاربه.

الطفلان حبيبة ويامن لا معيل لهما في ظل الجوع ونقص أبسط الاحتياجات (الجزيرة)

وتقول الأم الأرملة سوسن للجزيرة نت، "منذ استشهاده، لم يسأل عنا أحد، لا مؤسسات ولا جمعيات ولا كفالات، أعيش مع طفليّ، حبيبة (3 سنوات ونصف) ويامن، وأعتمد فقط على دعم عائلتي، وأعمام أولادي، لكن هذا لا يكفي طعام يومنا".

إعلان

وتسجل سوسن في روابط إلكترونية خاصة بمؤسسات كفالة الأيتام، لكنها تقول إنها لم تتلق شيئا. وتضيف: "طفلاي يجوعان يوميا، وأنا عاجزة، لا خبز ولا حليب، وكل ما أستطيع توفيره هو القليل من العدس دون خبز من التكية، وهذا لا يشبعهما".

وتكمل بحرقة "أشعر أنني أعيش فقط لأسمع بكاء طفليّ، وأخبئ دموعي عنهما، لكنني أبكي باستمرار، وأتمنى لو كنت مكان والدهما، فهو كرجل، كان سيجد حلا، أما أنا فلا أملك شيئا".

تعتمد إلهام رجب على طعام التكية وطفلها يخاطر بنفسه لجلب المساعدات (الجزيرة)ما تقدمه التكية

أما إلهام رجب، أرملة أخرى من شمال غزة، استشهد زوجها في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، لتجد نفسها مسؤولة عن 4 أطفال، أكبرهم عمره 15 عاما.

تقول للجزيرة نت، "بعد استشهاد زوجي، وهَدْم منزلنا في بيت لاهيا، نزحنا إلى غرب غزة، لا مأوى سوى هذه الخيمة، ولا مصدر دخل أو مؤسسة تهتم بنا، وأولادي يكبرون وهم جوعى، بلا دراسة، ولا أمل".

وتعتمد العائلة على "التكية"، وهي مطابخ خيرية توزع وجبات أساسية، لكن حتى هذه الوجبات، لا تتوفر يوميا.

وتضيف إلهام "أمس أكلنا عدساً بلا خبز، واليوم كذلك، وأطفالي ينامون جوعى معظم الأيام، ولا أستطيع منعهم من المغامرة، فابني رغم أنه طفل (15 عاما) يذهب إلى مناطق خطِرة مثل نتساريم (جنوب غزة) لانتظار المساعدات والحصول على كيس طحين أو بعض الخبز، معرضا حياته للخطر. كيف أمنعه؟ نحن جائعون".

واستشهد أكثر من 1100 فلسطيني برصاص الاحتلال أثناء انتظارهم المساعدات في عدة مناطق من قطاع غزة، بحسب إحصائية حصلت عليها الجزيرة نت من وزارة الصحة بغزة.

وترفض الأمم المتحدة الخطة الإسرائيلية وترى أنها تفرض مزيدا من النزوح، وتعرّض آلاف الأشخاص للأذى، وتَقْصر المساعدات على جزء واحد فقط من غزة ولا تلبي الاحتياجات الماسة الأخرى، وتجعل المساعدات مقترنة بأهداف سياسية وعسكرية، كما تجعل التجويع ورقة مساومة.

وتروي الأم إلهام لحظات الانهيار اليومية، "كل مشاكلي مع أطفالي تدور حول الطعام. يقولون لي: نريد أن نأكل، وأنا لا أجد شيئا، أظل أبكي، وأدعو الله أن يناموا ليهدؤوا، لا مدارس، ولا تعليم، ولا أمان، فقط الجوع والحزن.

ديانا القصاص مع صغيريها في خيمتها بعد أن فقدت زوجها، مواجهة مشكلات الحياة وحدها (الجزيرة)ألم الفقد

ديانا القصاص، من حي الدرج وسط غزة، استشهد زوجها في ديسمبر/كانون الأول 2023 ولا يزال جسده تحت الأنقاض، منذ قصف منزل العائلة.

تقول للجزيرة نت، "كل أهل زوجي استشهدوا معه، ولم يخرج أحد منهم حيا، بقيت وحدي مع طفلي سلامة (6 سنوات) وسند (3 سنوات) نعيش في خيمة صغيرة، دون أي كفالة أو دخل".

ويقع على عاتق ديانا كل شيء من المهام الصعبة، كما توضح، فهي تطبخ، وتعبئ الماء، وتقف في طوابير الطعام إن وُجد، وتحاول التخفيف من صدمة الحرب والجوع عن أطفالها.

وتضيف "طفلاي لا يعرفان لماذا لا يأكلان مثل غيرهم، ويسألانني عن الفواكه، والحليب، والخبز، أمس وزعوا الطحين على المخيم، فخبزت لهما خبزا ناشفا، ورغم ذلك أكلاه بفرح".

وأكثر ما يؤلم الأم الثكلى ديانا -تواصل قائلة- إنهم "فقدوا كل شيء، الأب، والمنزل، والأمان، وحتى الطعام، وحين يرى ولداي أطفالا آخرين يملكون ألعابا أو بقايا طعام، يبكون ويطلبون مثله، ولا أستطيع أن أقدم لهم شيئا".

إعلان

مقالات مشابهة

  • تحذيرات تسونامي بعد أقوى زلزال منذ 2011.. ما المناطق التي يشملها؟
  • السياحة تطلق مسابقة لتصوير القطع الأثرية التي تم انتشالها من مياه البحر المتوسط
  • «السياحة والآثار» تطلق مسابقة لتصوير القطع الأثرية التي تم انتشالها من مياه البحر المتوسط
  • عين الدفلى..حجز أكثر من 4 قناطير من اللحوم البيضاء
  • أرامل من غزة للجزيرة نت: أطفالنا يبكون جوعا ولا مؤسسات تكفلهم
  • البحر يبتلع عشرات المصريين.. كارثة غرق مأساوية قبالة سواحل ليبيا
  • بعد موجة الحر الشديد التي ضربت لبنان... كيف سيكون طقس الأيام المقبلة؟
  • مصباح القلب المطفأ.. قراءة في قصص بانو مشتاق
  • مزرعة مخدّرات سرية في البيضاء.. إنتاج أكثر من 5 آلاف كيلوغرامًا من القنب الهندي
  • ديما صادق ترد على انتقادات بكائها في عزاء زياد الرحباني