غزة - صفا

حذرت فصائل فلسطينية، يوم الأحد، من تداعيات خطيرة لاستمرار اقتحام المسجد الأقصى المبارك، مشددة على أنها لن تسمح بالتغول عليه.

وصباح الأحد اقتحم عشرات المستوطنين المتطرفين، المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة بحراسة مشددة من شرطة الاحتلال الإسرائيلي، بمناسبة ما يسمى "رأس السنة العبرية".

وأكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، الأحد، أنها لن تترك المسجد الأقصى وحيدًا، في ظل تعرضه للاقتحام من عصابات المستوطنين.

وقال الناطق باسم "حماس" عن مدينة القدس المحتلة محمد حمادة في تصريح صحفي اطلعت عليه وكالة "صفا" إن شعبنا الفلسطيني موحد في الدفاع عن المسجد الأقصى ومواجهة العدوان، مشددًا على أن الاحتلال لا يمكن أن ينجح في كسر المعادلة.

وأضاف "اقتحامات المستوطنين للأقصى تمثل استمراراً للعدوان وتغولاً على الأقصى، وهي بمثابة أعمال تدنيسية يريد الاحتلال من خلالها انتزاع صورة انتصار له في القدس"، مؤكدا أن المقاومة مستمرة حتى زوال الاحتلال.

وشدد حمادة على أن الاستمرار في العدوان على الأقصى سيقابله شعبنا برباط وثبات رغم العوائق التي يضعها الاحتلال لمنع وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك، ولن يترك الأقصى وحيداً".

وأشار الناطق باسم "حماس" إلى أن تكرار الاعتداء على الأقصى لا يمكن بحال من الأحوال أن يصبح عادة طبيعية.

"تداعيات خطيرة"

بدورها حذَّرت "الجبهة الشعبيّة لتحرير فلسطين"  من أنّ استمرار استهداف مدينة القدس والمسجد الأقصى سيؤدي إلى تداعياتٍ خطيرة جدًا على الكيان الإسرائيلي.

وأكدت في تصريح صحفي تلقت وكالة "صفا" نسخة منه أنّ هذه الاعتداءات والاستفزازات، وتصاعد الهجمة ضد شعبنا في عموم الأرض المحتلة، وخاصّة في قرى ومدن ومخيمات الضفة والقدس، لن تثني شعبنا عن خوض معركته اليوميّة لمواجهة الكيان الفاشي الذي يسعى إلى اقتلاع شعبنا من أرضه.

وقالت الجبهة، إنّ الاقتحام اليوم لباحات المسجد الأقصى يتم بدعمٍ وضوءٍ أخضر واضح من حكومة الاحتلال التي تسعى إلى تحويل الصراع إلى معركةٍ دينية من خلال مخططات الاستيلاء التدريجي على باحات المسجد الأقصى عبر تكريس مخطط التقسيم الزماني والمكاني والذي وضع الأقصى على مدار اللحظة على فوهة بركان يمكن أن ينفجر في وجه الاحتلال بأي لحظة.

وشددت الجبهة، على أنّ المعركة التي يخوضها شعبنا هي معركة وجوديّة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وما تمثّله القدس من مكانةٍ ورمزيةٍ كبيرة تدفع باتجاه تحويل أي محاولاتٍ إسرائيلية استفزازيّة لشعبنا في القدس، أو استباحة المقدسات الإسلاميّة أو المسيحيّة إلى بؤرة اشتعالٍ دائمة.

وأكدت الجبهة، أنّ مخططات العدو لتوسيع عدوانه على شعبنا ومقدساته لن تقابل إلا بمزيدٍ من العمليات والردود، وأنّ تجاوز العدو لكل الخطوط الحمر في عدوانه وإرهابه كفيل بتفجير أشكال من الردود لم ولن يتوقّعها هذا العدو.

وطالبت جماهير شعبنا وحركته الوطنيّة بتوحيد كل طاقاتها في مواجهة الهجمة المسعورة التي تستهدف شعبنا وأرضه ومقدساته، داعيةً إلى شق مجرى نضالي جديد يضع كل امكانيات وطاقات وأسلحة شعبنا في خدمة التصدي للعدو الصهيوني، والدفاع عن أبناء شعبنا خصوصًا في مدينة القدس. 

وشددت الجبهة على أنّ الاحتلال يخطئ في حساباته ويتمادى في أوهامه، إذ يمضي في جرائمه بهذه العنجهيّة والصلف والوحشيّة، وأنّ ممارساته العنصريّة كفيلة بتجاوز الكثير من الخطوط والحسابات، وتفجير براكين غضب غير مسبوقة.

خيارات مفتوحة

من جانبه حذر عضو المكتب السياسي في حركة الجهاد الإسلامي أحمد المدلل، من أن خيارات الرد على الاقتحامات والاعتداءات المتصاعدة فيما يسمى بـ"الأعياد اليهودية" ضد المسجد الأقصى المبارك والمصلين والمقدسيين مفتوحة، مؤكدًا أن الأقصى على مدار العقود الماضية يُعد "صاعق التفجير".

وقال المدلل، لـ"وكالة فلسطين اليوم": "ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين في الأقصى والقدس، هو إعلان حرب على الفلسطينيين خاصة، والمسلمين جميعًا"، مشدّدًا على أن الشعب الفلسطيني لن يتخلى عن واجبهم في مواجهة العدوان الصهيوني.

وأضاف "لا تزال ساعة البهاء حاضرة ألا هذه اللحظة، والرد على اقتحامات الأقصى والبلدات المحيطة مفتوح، إذا استمرت الاقتحامات والاعتداءات بوتيرة عالية"، محملاً سُلطة الاحتلال ما ستؤول عليه في الأيام المقبلة جراء الاقتحامات.

وتابع المدلل: أن "هذه الاعتداءات الصهيونية لا يمكن لها أن تغير من مكانة المسجد وإسلاميته"، موضحًا، أن الاحتلال يُريد تغيير الواقع الإسلامي في المسجد في إطار سياسة التقسيم الزماني والمكاني القريبة والبعيدة المدى، لتدميره، لإقامة "الهيكل الثالث" المزعوم.

وكانت شرطة الاحتلال شددت من إجراءاتها على أبواب الأقصى، ومنعت من تقل أعمارهم عن 50 عامًا من الدخول إليه، وسط استنفار أمني في باحاته وعند أبوابه الخارجية.

ومساء السبت، أدى مستوطنون صلوات تلمودية عند أبواب الأقصى من الجهة الخارجية، وفي أسواق البلدة القديمة بالقدس المحتلة.

وحولت شرطة الاحتلال المدينة المقدسة وبلدتها القديمة إلى ثكنة عسكرية، ونشرت الآلاف من عناصرها ووحداتها الخاصة، ونصبت الحواجز العسكرية في شوارع وطرقات المدينة، خشيةً من تصاعد الأوضاع مع الفلسطينيين، ووقوع عمليات.

ودعت "مدرسة جبل الهيكل" التوراتية جمهور متطرفيها إلى افتتاح سنتهم العبرية بأداء "صلاة الصباح" بشكل جماعي وعلني في المسجد الأقصى اليوم.

وتأتي هذه الدعوة في سياق سعي الجماعات المتطرفة منذ أربع سنوات، إلى فرض الطقوس التوراتية العلنية الجماعية داخل الأقصى لتحويله إلى "مقدس مشترك" بالممارسة، وباعتباره "مقدمة معنوية للتأسيس المادي للهيكل مكان الأقصى وعلى كامل مساحته".

واستعدادًا لموسم الأعياد اليهودية، نفذت شرطة الاحتلال حملات اعتقال واستدعاء وإبعاد طالت عشرات المرابطين والمرابطات من القدس والداخل الفلسطيني المحتل.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حركة حماس المسجد الأقصى القدس اقتحام المسجد الأقصى المسجد الأقصى شرطة الاحتلال على أن

إقرأ أيضاً:

بين الجَغِم والبلّ: خرائط الموت التي ترسمها الجبهة الإسلامية على أجسادنا

إبراهيم برسي

في بلادٍ تكسّرت فيها البوصلات، ولم يتبقَّ للناس سوى البكاء على ما لا يُبكى عليه، وجدنا أنفسنا في زمنٍ تُحكمه مفردتان فقط: “الجَغِم والبلّ”. ليستا مجازًا، بل تقنية للقتل الشعبي، تُمارَس في وضح النهار، ويباركها العقل المغسول تحت إيقاع أناشيد الحرب.

“الجَغِم” لم يعد فعلاً بدائيًا لشخص يبتلع ما ليس له، بل تحوّل إلى ماكينة مؤسسية تلتهم الذهب، والنفط، والموتى، وتُنتج بلاغات وفتاوى.
أما “البلّ”، فقد صار طقسًا شعبيًا لإضفاء الشرعية على هذا الجشع. كلمة تُقال بصوت خافت، لكنها تحمل في طيّاتها استسلامًا جماعيًا. كأنك تقول: دع الأمر للقدر، فالعدو دائمًا هو الآخر، والحرب دائمًا هي الحل.

تقول عالمة النفس الفرنسية ماري فرانس هيريجوين:
“الأنظمة السلطوية لا تحتاج لإقناعك، بل فقط لإرباكك، لتخلق مساحة ذهنية تُمكِّنها من غرس أفكارها كحقائق.”

وهذا بالضبط ما فعلته الجبهة الإسلامية حين تسلّلت إلى المؤسسة العسكرية، لا كضيف، بل كمضيفٍ أعاد تعريف معنى الوطن، والعدو، والموت.

في بورتسودان، تُدار الدولة من ثكنة عسكرية، ويُحكم البلد عبر فتاوى القهاوي.
في نيالا، يُدفن الموتى دون أسماء.
في الفاشر، صارت المقابر أكبر من المدارس.
في أم درمان، تُخفي العائلات أبناءها لا من العدو، بل من الجيش.

ولفهم ما نحن فيه، لا بد أن نتذكّر ما حدث في رواندا عام 1994.
حينها، لم يكن السلاح هو المشكلة، بل الكلمة. في راديو “ميل كولين”، كانت الأغاني الشعبية تُغنّى، ثم تتبعها دعوة صريحة:
“اقطعوا التوتسي كالأنشاب.”

هكذا تبدأ المجازر: بمصطلحات تبدو عفوية، بعبارات يُردّدها الناس دون إدراك، ثم ينفجر العنف.

“بلّ بس”، اليوم، تُشبه تمامًا تلك العبارات. تُفتح بها أبواب الجحيم، وتُشرعن بها مجازر لا تُشبه المجازر، بل تُشبه النشيد الوطني بصيغة جنائزية.

يقول أنطونيو غرامشي:
“الهيمنة لا تتحقق بالعنف وحده، بل بالموافقة الصامتة للمقهورين.”

وهذه الموافقة هي ما تفعله الجبهة الإسلامية كل يوم، حين تحوّل المواطن إلى “متلقٍ”، ثم إلى “مُبرِّر”، ثم إلى “جلّاد”، باسم الدولة أو الدين أو القبيلة.

أما الذين يجغمون بالفعل، فهم ليسوا على الجبهات، بل في البنوك، في دبي، في أنقرة، في الدوحة، وفي القاهرة.
يجغمون العقود، والشركات، والذهب، والمستقبل.
يحرقون البلاد، ثم يتهمون المواطن بأنه لم “يبلّ بما فيه الكفاية”.

هل هذا وطنٌ أم مسرح عمليات؟
هل هذه حربٌ أم إعادة تموضع للجبهة تحت رايات جديدة؟
هل ما زلنا بشرًا، أم مجرّد وقود بين “الجَغِم والبلّ”؟

لكننا نعرف.
نعرف أن الجبهة لا تحارب لتنتصر، بل لتحكم.
وأن المواطن لا يموت فقط، بل يُعاد إنتاجه كأداة للقتل.
نعرف أن “الجَغِم” صار مصيرًا، و ”البلّ” صار عقيدة.
لكننا، رغم كل شيء، نعرف.
ومن يعرف، لا ينجو بالمعرفة… بل يُساق بها إلى النفي.

أشد أنواع الغسيل دموية، ليس ذاك الذي يُبيّض القميص، بل الذي يُغطّي الجريمة بلون الراية.
وحين تتدفق الأكاذيب من الشاشات إلى الدماغ، يتحوّل المواطن إلى جندي دون أن يرتدي الزي العسكري.
يضحّي بابنه، ويصفّق لمن نهب راتبه، ويقولها دون تفكير:
“بلّ بس… نحنا في معركة وجود وكرامة.”

تستعيد ذاكرتنا نموذج سيراليون، حيث تحوّل الأطفال إلى قتلة باسم “الوطن”.
تقول الباحثة الكندية نومي كلاين:
“حين يُعاد تعريف العنف كضرورة أخلاقية، تنهار البنية النفسية للإنسان، ويصبح القتل فعلَ طمأنينة.”

وهذا ما نراه:
مواطنون يتعاملون مع الحرب كأنها زواج مقدّس، ومع الموت كأنه استثمار مضمون في سوق الوطنية.

في “الخوي والنهود”، لم يعد الناس يتساءلون عمّن هو على حق، بل عمّن لا يزال على قيد الحياة.
في “دنقلا وكسلا”، لا يُسأل الأب عن حلم ابنه، بل عن موقعه على الخارطة:
في الجيش؟ في الدعم؟ أم في المقابر؟

السودان اليوم ليس بلدًا، بل سجن مفتوح يدور فيه الحارس والضحية في حلقة “بلّ وجَغِم”، بين رصاصتين، ورايتين، وبيانين.

نحن الذين كُتب علينا أن نعيش بين “الجَغِم والبلّ”، لا نملك حتى ترف الصمت.
لأن الصمت نفسه صار مشاركة في الجريمة.
لأن “البلّ” اليوم يعني أنك قبلت أن تُمحى،
و ”الجَغِم” يعني أنك صرت جزءًا من ماكينة المحو.

وحدهم الذين لا يبلّون ولا يجغمون، من يكتبون بأجسادهم معنى الوطن.
أما الباقون، فقد اختاروا شكلهم في الجنازة: بين قاتلٍ يبتسم، ومبرّرٍ يبرّر، وجثةٍ تصفّق في الغياب.

الوسومإبراهيم برسي

مقالات مشابهة

  • بين الجَغِم والبلّ: خرائط الموت التي ترسمها الجبهة الإسلامية على أجسادنا
  • مستوطنون يقتحمون باحات الأقصى في حماية قوات الاحتلال
  • مسجد عمر بن الخطاب معلم ديني شاهد على تاريخ القدس
  • مستوطنون صهاينة يجددون تدنيس الأقصى المبارك
  • عشرات المستوطنين يدنسون باحات الأقصى
  • عشرات المستوطنين الإسرائيليين يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال
  • استشهاد فلسطيني بزعم عملية طعن جندي بالقدس
  • الجبهة الشعبية تُحمّل الرئيس الأمريكي المسؤولية الكاملة عن جرائم الإبادة الجماعية في غزة
  • فصائل فلسطينية تعقب على المجازر الإسرائيلية في قطاع غزة
  • عشرات آلاف الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى