التعليم عُرفٌ أم تَرفٌ؟!
تاريخ النشر: 17th, September 2023 GMT
عائشة بنت أحمد بن سويدان البلوشية
لا ولن أنسى حلقة تعليم القرآن التي أصرّت جدتي- رحمها الله- أن تربطني بها صيفًا مع مُعلمنا (محمد القبيلي) رحمه الله وجزاه عنَّا خير الجزاء، قبل دخولي المدرسة الابتدائية وبعدها، فقد تعلمتُ منه قبل تسجيلي بالمدرسة الابتدائية الحروف بالتشكيل والمد أو ما يُعرف في اللغة الإنجليزية بالـ(Phonology) أو النُّطقيَّات وهو علم تجويد الأصوات، أو الفونولوجيا، أو علم الأصوات اللغوية، أو التصريف الصوتي، أو الصوت الكلامي؛ وهو فرع من اللُغويات يهتم بتنظيم الأصوات في اللغات، كتابةً وقراءةً، وذلك قبل البدء في قراءة وحفظ القرآن الكريم، ومعلم القرآن الكريم قديمًا كان هو المدرسة، وإليه يلجأ كل أولياء الأمور لتعليم وتأديب أبنائهم/ بناتهم وذلك لعدم وجود المدارس النظامية في سلطنة عُمان قبل عام 1970م عدا المدارس السعيدية الثلاث في مسقط وظفار، التي كانت حكرًا على الذكور فقط.
وتعد مدرسة "شيشي" الثانوية في الصين أول مدرسة في العالم، ذلك أن تاريخ إنشائها يعود إلى الفترة من 143-141 قبل الميلاد، التي تم افتتاحها في مدينة "تشنغدو" بالصين؛ حيث تأسست خلال عهد أسرة هان، وهذا ما يجعلها أقدم مدرسة موجودة في العالم، ولازالت هذه المدرسة إلى يومنا هذا تقدم خدماتها التعليمية -رغم قدمها- وتعد ضمن أفضل مائة مدرسة في الصين.
أما في سلطنة عُمان، فقد انتشر التعليم مع بداية النهضة الحديثة في الثالث والعشرين من يوليو 1970؛ حيث نمَتْ كمًا ونوعًا لتشمل البوادي والحواضر، والريف والمدن، والجبال والأودية، لنشهد في عام 2022 ارتفاع عدد المدارس الحكومية إلى 1242 مدرسة، ينتظم فيها 729331 طالبًا وطالبةً لتلقي العلم، ويعمل بها 57033 معلمًا ومعلمة من مختلف محافظات السلطنة، وقد وفرت حكومة جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- كُل ما من شأنه تذليل العقبات أمام مسيرة التعليم الذي يحظى باهتمام مباشر من لدن المقام السامي.
اقتصر التعليم في العصور القديمة والوسطى على فئات معينة من طبقات المجتمعات، تكاد تقتصر على الطبقات الحاكمة والنبيلة وعلية القوم، لأنَّ التعليم عندهم يعد ترفا لا يحتاجه العامة من الشعوب، وكان الحكام والملوك يختارون لأبنائهم الحكماء والمعلمين بدقة وعناية، ويخلعون عليهم المسميات والألقاب، ويجزلون لهم العطايا والهبات ليصبوا جل اهتمامهم في تعليم أبنائهم.
عندما ننظر إلى بعض الشعوب حولنا في يومنا هذا، نجد أن ولي الأمر يضغط على ابنه في التعليم واختيار المواد التي يدرسها، والبرامج التعليمية التي يتلقاها، حتى أنهم يتخمون أبناءهم كنوع من المنافسة بين أولياء الأمور لا أكثر، ليصبح التعليم لديهم عادة أو عرفًا، دون مراعاة لرغبات أبنائهم أو ميولهم أو قدراتهم الفردية، وهذا أمر له انعكاساته السلبية الخطيرة على هؤلاء الأبناء، التي قد تبدأ بالتسرب وتنتهي بالانتحار.
كان أول أمر نزل به الروح الأمين من الله إلى الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم هو: (اقْرَأ)، ليكررها ثلاثًا بعد أن قال صلى الله عليه وسلم متسائلًا: (ما أنا بقارئ؟)، ثم كانت أول آية في القرآن الكريم: "ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِی خَلَقَ" (العلق: 1؛ لتصبح أمة محمد صلى الله وآله وسلم، هي أمة مأمورة بالعلم وطلبِهِ، لذا فإنَّ التعليم هنا لا يُمكن أن يركن للعرف ولا للترف؛ بل يصبح واجبًا حتميًا على الجميع، على كُل شرائح المجتمع أن تتكامل ليصل العلم إلى أهدافه المرجوة؛ لأنه من الخطأ بمكان أن نعوِّل على المعلم وحده، أو المدرسة منفردة، أو ولي الأمر وحده، التعليم منظومة متكاملة من العناصر المجتمعية قاطبة.
توقيع:
"إن تحصيل العلم ليس ترفًا، وإنَّما هو التزام وإسهام).
السلطان قابوس بن سعيد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تشغيل مدرسة جنوب قنا بعد إعادة تطويرها بتكلفة 3 ملايين ونصف
تفقد الدكتور خالد عبد الحليم محافظ قنا، صباح اليوم، مدرسة النهضة الابتدائية المشتركة بمركز قفط، جنوب قنا، وذلك عقب الانتهاء من أعمال الصيانة الشاملة ورفع كفاءة المدرسة، في إطار خطة المحافظة لتطوير المنشآت التعليمية وتحسين بيئة التعلم.
وخلال جولته، اطمأن المحافظ على انتظام العملية التعليمية داخل الفصول، وتابع عددًا من الأنشطة الفنية والثقافية التي قدمها طلاب المدرسة احتفالًا بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر المجيدة، حيث عبّر عن سعادته بما شاهده من فقرات متميزة تعكس روح الانتماء الوطني والوعي لدى طلاب المدرسة.
وشملت أعمال التطوير تنفيذ صيانة شاملة للأعمال الاعتيادية والصحية والكهربية، وتجديد الفصول الدراسية وتزويدها بالمقاعد والسبورات الحديثة، فضلًا عن تطوير واجهات المدرسة والموقع العام، وتعلية السور واستبدال البوابات الرئيسية بما يحقق أعلى درجات الأمان للطلاب والعاملين.
ومن جانبه أوضح محافظ قنا، أن المدرسة تضم 12 فصلًا دراسيًا وتعمل بنظام الفترتين (صباحية ومسائية)، وتستوعب نحو 876 طالبًا وطالبة، لافتًا إلى أن إجمالي تكلفة أعمال التطوير بلغت 3 ملايين و423 ألف جنيه، تم تنفيذها وفقًا لأحدث المعايير الفنية لضمان بيئة تعليمية آمنة ومحفزة.
وأكد المحافظ، أن قطاع التعليم يأتي على رأس أولويات المحافظة تنفيذًا لتوجيهات القيادة السياسية التي تولي التعليم اهتمامًا خاصًا، باعتباره قاطرة التنمية وبداية الطريق نحو مستقبل أفضل، مشيرًا إلى أن أعمال التطوير تأتي ضمن خطة شاملة تستهدف رفع كفاءة المنشآت التعليمية وتحسين جودة الخدمات المقدمة للطلاب في مختلف مراكز المحافظة.
مرافقو المحافظ:رافق المحافظ خلال جولته كل من: المقدم شريف أشرف نائب المستشار العسكري للمحافظة، وأحمد النوبي مدير عام فرع هيئة الأبنية التعليمية بقنا، وسمية عبد الفتاح مدير عام الشئون التنفيذية بمديرية التربية والتعليم، والدكتور علاء شاكر رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة قفط، والنائبين عبد الفتاح دنقل وأشرف أبو دقة عضوي مجلس الشيوخ، وعدد من القيادات التنفيذية.
وفي ختام جولته، هنأ الدكتور خالد عبد الحليم هيئة التدريس وطلاب المدرسة بذكرى انتصارات السادس من أكتوبر، مؤكدًا أن هذه المناسبة ستظل رمزًا للعزة والكرامة والفداء، وتجسيدًا لإرادة الشعب المصري في تحقيق النصر وصون كرامة الوطن .