كانت طفلة صغيرة لم يتعد عمرها الخامسة عشرة، عندما قرر أبواها تزويجها لابن عمتها الذى لم يتجاوز عمره هو الآخر الثامنة عشرة، ولأن الفتاة لم تكن قد أكملت السن القانونية، فقد تم الزواج بالطريقة المتعارف عليها فى القرى والنجوع بكتابة عقد زواج غير رسمي مع توقيع العريس على شيك بمبلغ مالى يلزمه بتوثيق الزواج بعد إكمال العروس السن القانونية.
هكذا تم الزواج الذى لم يكد يمضي عليه عدة أشهر قبل أن تدب الخلافات بين العروس وزوجها ووالدته، تصاعدت المشكلات بشكل كبير فتركت الزوجة بيتها ولجأت إلى منزل والدها، تدخل الأقارب بكل ما يملكون من قوة تأثير على الطرفين، ولكنهم لم ينجحوا فى التوفيق بينهما، طالب أهلها أهل الزوج برد حقوق ابنتهم فلم يفعلوا، حتى شبكتها من المشغولات الذهبية كانوا قد انتزعوها منها قبل أن تغادر إلى بيت أبيها.
لم تقف المصائب عند هذا الحد، ولكن الزوجة التى كانت تحمل فى أحشائها جنينا وضعته، ولكنها لم تستطع قيده بالسجلات الرسمية، بعد أن رفض الزوج ذلك، ترجي الوالد أخته التى هى حماة ابنته فلم تستجب على الاطلاق وبلغ العنت بها أن قالت لهم "روحوا اثبتوا أن ابني كان متجوز بنتكم" وإزاء هذا المأزق تفتق ذهن والد الزوجة عن تسجيل المولود باسمه، خوفا من رفع قضية إثبات نسب وبالتالي تعرضه للعقوبة باعتباره وافق على زواج قاصر ليصبح بذلك المولود أخا لوالدته في السجلات الرسمية.
ومن دون التيقن من أن الزوج قد طلق الزوجة أم لا، تزوجت من رجل آخر بينما طفلها ظل مع جده ليباشر تربيته، هذه تفاصيل قصة حقيقية روتها لى إحدى قريبات الزوجة، وهى القصة التى ما زالت تتكرر تفاصيلها مع أناس آخرين دون توقف بالرغم من كل التشريعات التى تعاقب وتُجرِّم تزويج القاصرات.
توجهنا بتفاصيل هذه الحالة إلى فضيلة الشيخ عويضة عثمان أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية الذى أجاب عليه عبر البرنامج الديني "أفيدونا" والذى يقدمه الإذاعي حازم البهواشي على هواء راديو مصر يوم الجمعة من كل أسبوع، فقال إن هذه أخطاء مركبة من كل اتجاه، فنحن دائما نطالب بعدم تزويج البنت قبل 18 سنة، ومن ثم توثيق الزواج، لأننا لا نضمن ضمائر الناس الميتة، فهذا الزوج ضميره ميت، لأنه تنصل من طفله، مع أن الزواج تم إشهاره بين الناس، وكان على والد الزوجة تسجيل الطفل باسم والده، فهناك الكثير من الوسائل التى تثبت النسب بدون وجود عقد زواج مسجل، وعليه أن يصحح هذا الخطأ حتى لو ترتب عليه عقوبة، لأن ذلك يتسبب فى تداخل الأنساب ويترتب عليه مشكلات فى المواريث.
وطبقا للجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فإن هناك 118 ألف حالة زواج سنويا لقاصرات، وهى مشكلة تحتاج إلى زيادة الوعي بخطورة الظاهرة، التى لم تفلح كل العقوبات المقررة فى الحد منها.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
هل لمس الزوجة ينقض الوضوء؟.. الأزهر يجيب
هل لمس الزوجة ينقض الوضوء؟ سؤال ورد الى مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية.
وأجاب مركز الأزهر عبر موقعه الرسمى عن السؤال قائلا: إنَّ هذه المسألة من المسائل التي طال الخلاف فيها بين الفقهاء؛ وهذا بناءً على اختلافهم في تفسير قوله -تعالى- : {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} من الآية الكريمة {يَآأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} [النساء:43].
وبين أن حقيقة اللمس: إلصاق الجارحة بالشيء، وهو عُرْفٌ في اليَد؛ لأنَّها آلَتُه الغالبة.
وأشار إلى أن العلماء اختلفوا في المراد به، فذهب الإمام أبو حنيفة -رضي الله عنه- إلى أنَّ اللمس هنا بمعنى الجِمَاع، واستدل بما رود عن أمِّ المؤمنين السَّيدة عائشة -رضي الله عنها- أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (قَبَّل بعض نسائه، ثُمَّ خرج إلى الصَّلاة فلم يتوضَّأ) [رواه: الدارقطني]، وعليه؛ فهو يرى أنَّ مجرَّد اللمس العادي لا ينقض الوضوء.
بينما يرى الإمام الشَّافعي -رضي الله عنه- أنَّ المراد باللمس: المباشرة، وهي أن يُفضي الرَّجل بشيءٍ من بدنه إلى بدن المرأة، سواء كان باليد أم بغيرها من أعضاء الجسد، وكذا إن لمسته هي، ودليله ظاهر الآية الكريمة: {أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ} فإنَّها لم تُقيَّد بشهوة أو بغير شهوة، فمجرَّد اللمس ينقض الوضوء.
وقد جَنَح إلى التَّفصيل الإمام مالك وكذا الإمام أحمد؛ فقالا: إن اللمس بتلذُّذ بشهوة ينقض الوضوء، إما إن كان بغير بشهوةٍ وتلذُّذ فلا ينقض الوضوء؛ ويؤيِّد ذلك ما ورد أيضًا عن أمِّ المؤمنين السَّيِّدة عائشة -رضي الله عنها- قالت: (كنتُ أَنَامُ بين يَدَي رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَرِجْلايَ فِي قِبْلَتِهِ فإذا سَجَدَ غَمَزَنِي، فَقَبَضْتُ رِجْلَيَّ، وإذا قام بَسَطْتُهُمَا، وَالبيوتُ يومئذٍ ليس فيها مصابيح) [متفق عليه]، فهذا دليل صريح في أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُلامس، ولم يُنتقض وضوؤه؛ لاستمراره في الصَّلاة، فبيَّنت السُّنَّة النَّبوية المُطهَّرة أن الملامسة دون التلذُّذ والشَّهوة لا تنقض الوضوء.
وممَّا سبق تبيَّن أنَّ: لمس الرَّجل زوجته بتلذُّذ وشهوة ينقض الوضوء؛ فيكون لمسه للمرأة الأجنبيَّة -التي لا تحلُّ له- بتلذُّذ وشهوة ينقض الوضوء من باب أولى، أما مجرَّد اللمس بغير شهوةٍ ولا تلذُّذ فلا ينقض الوضوء.
ويكون بيان الآية على ذلك: أنَّ قوله تعالى: {وَلَا جُنُبًا} أفاد الجِماع، وأنَّ قوله: {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ} أفاد الحَدَث، وأنَّ قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ} أفاد اللمس، فصارت ثلاث جُمَل لثلاثةِ أحكام، وهذا غاية في العِلم والإعلام، ولو كان المراد باللمس الجماع لكان تكرارًا، وكلام الحكيم يتنزَّه عنه. [أحكام القرآن لابن العربي(1/564)].