يتردد في إحدى مكتبات العاصمة التونسية السؤال "هل يوجد كرّاس مدعم؟" لأكثر من مرة من قبل الأهالي الذين يبحثون عن هذا الصنف ليخففوا من عبء مصاريف اقتناء اللوازم المدرسية في بلد يواجه أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

تتزامن العودة المدرسية هذا العام مع ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية لم تشهده البلاد سلفا.

تقلّب جميلة ساسي (40 عاما) وهي أم لطفلين في المستوى الابتدائي وتعمل موظفة في شركة خاصة، بين المحفظات المعروضة في المكتبة بحثا عن واحدة يكون ثمنها مناسبا لميزانيتها، لكن دون جدوى.

تقول لوكالة فرانس برس وملامح الحيرة بادية على وجهها "كان القرار مع زوجي أن نلغي مصاريف العطلة الصيفية والاصطياف ونخصصها لشراء مستلزمات العودة المدرسية...وكما تشاهدون الأسعار نار".

تنتظر دورها للوقوف في صف طويل لاقتناء كراس مدعم وتقول "الظاهر أنه يجب التوجه إلى السوق الموازية لأجد الأسعار التي أبحث عنها".

تطرح السلطات التونسية نوعية من الكراريس يطلق عليها اسم "الصنف المدعم" وتباع بأقل من دينارين (حوالي 0.6 يورو) مقارنة بثمن الكراريس الرفيعة النوعية التي يناهز سعرها ثلاث مرات المدعمة وغالبا ما تشتريها العائلات ذات الدخل الضعيف.

إلى ذلك، لم يعد الأولياء قادرين على سداد كلفة دراسة أبنائهم في المدارس الخاصة لارتفاع أسعارها.

وذلك على غرار اسماعيل بن إدريس (41 عاما) وهو مهندس حاسوب قرّر نقل ابنه من مدرسة خاصة إلى مدرسة حكومية لأنه "لم يعد قادرا على دفع 4 آلاف دينار (حوالي 1200 يورو) مصاريف طوال العام".

"الكرّاس...الزيت والسميد"

تمثل العودة المدرسية لعديد العائلات "كابوسا" بعد تواصل "المواسم الاستهلاكية" من مناسبات الأعياد والعطلة الصيفية وصولا إلى العودة المدرسية ويضطر العديد من الأولياء إلى الاستدانة لمواجهة ارتفاع الأسعار.

يقول رئيس المنظمة التونسية لارشاد المستهلك لطفي الرياحي "سجلنا ارتفاعا ما بين 15 و18 بالمئة في تكلفة مستلزمات العودة المدرسية مقارنة بالسنة الفائتة".

في ركن آخر من المكتبة يقف بلقاسم الطرابلسي مع زوجته بين رفوف الكتب والأقلام علّه يجد بدوره أسعارا لا تثقل كاهل جيبه.

يقول بلقاسم الطرابلسي (50 عاما) وهو أب لأربعة أطفال "بالنسبة لي ارتفعت الأسعار بين 20 و30 بالمئة، مقارنة بالسنة الفائتة والكراس المدعم مفقود لا يوجد... العودة المدرسية تتطلب جيوبا مليئة بالنقود".

يضيف "نبحث عن كل المواد المدعمة، الكرّاس والسميد والزيت، وكل ما هو مدعوم من الدولة مفقود".

ادخر بلقاسم مالا خلال فصل الصيف ويعوّل على المساعدة المالية التي تقدمها له شركة النقل الحكومية حيث يعمل ليستطيع تلبية حاجيات أطفاله، لأنه هو مصدر الدخل الوحيد في العائلة.

بدورها تؤكد المشرفة على المكتبة فاتن المناعي ان العملاء أصبحوا يطلبون "أكثر فأكثر تقسيط الدفع لان الراتب لم يعد يكفيهم".

"وهم المجانية"

على سبيل المثال، وكمؤشر على تراجع القدرة الشرائية تبين ان "الكراس المدعم كان مخصصا فقط لمن دخلهم ضعيف لكن اليوم حتى من أصحاب الدخل المتوسط يطلبون الكراس المدعم".

ويبلغ معدل الرواتب وفقا لتقديرات منظمات غير حكومية في تونس نحو 300 دولار في بلد تجاوز عدد الأشخاص تحت خط الفقر فيه الأربعة ملايين. (من أصل نحو 12 ملايين نسمة).

والتعليم الحكومي في تونس مجاني لكل الفئات وأقرّت الحكومة للموسم الدراسي الحالي أمام تضخم التكاليف، رفع المساعدة المالية التي تشمل حوالي 500 ألف تلميذ من أبناء العائلات المعوزة ومحدودة الدخل، من 50 إلى 100 دينار (30 يورو).

أظهرت بيانات تقرير نشره "المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية" بعنوان "انفاق المجتمع على التعليم: بين الوهم المجانية وارهاق الإنفاق العائلي" أن اسعار المواد المدرسية شهدت ارتفاعا بـ 48 بالمئة من العام 2021 وصولا إلى 2023.

وأكدت المنظمة في تقريرها أن "إنفاق المجتمع والعائلة أساسا على التعليم والذي ما انفك يتطور من سنة إلى أخرى، ما جعله يرهق ماديا العائلات التونسية خاصة المتوسطة والمحدودة الدخل والتي تعاني في الأصل من ارتفاع التضخم".

تواجه تونس أزمة اقتصادية غير مسبوقة فقد بلغت نسبة التضخم 9.3 بالمئة ونسبة نمو اقتصادي ضعيفة لا تتجاوز 0.6 بالمئة، وفقا لآخر الاحصاءات الرسمية فضلا عن أن العديد من المواد الاستهلاكية الأساسية أصبحت مفقودة من السوق على غرار السميد والطحين والزيت وغيرها.

لذلك يخوض هذا البلد مفاوضات متعثرة مع صندوق النقد الدولي لنيل قرض جديد بقيمة ملياري دولار لسد عجز موازناته المالية.

يقدر خبراء اقتصاد أن البلاد لم تعد تتمكن من تأمين العملة الصعبة الكافية لتوريد السلع لأسواقها الداخلية وينتج عن ذلك نقص أمام تزايد الطلب.

يعتبر الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان أن العودة المدرسية خلال سبتمبر "صعبة" على التونسيين مشيرا الى "اللوازم المدرسية التي تنفجر أسعارها، فضلا عن المدارس الخاصة التي ارتفعت أسعارها" مع نهاية عطلة فصل الصيف التي غالبا ما تتزامن مع وصول فواتير استهلاك الطاقة.

يرى الخبير ان ذلك سيعزز "الاستياء" لدى التونسيين بسبب تكرر نقص المواد.

يخلص بلقاسم بينما يقلب فاتورة مقتنياته الطويلة "ماذا بقي للمواطن من خيار؟ إنه يختنق".

 

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات أسعار المواد الاستهلاكية مصاريف التونسية المدارس المدرسية الأعياد القدرة الشرائية الرواتب تضخم التكاليف تونس التضخم المدارس اقتصاد تونس العودة للمدارس تونس تكاليف المعيشة تضخم اقتصادي تضخم الأسعار أسعار المواد الاستهلاكية مصاريف التونسية المدارس المدرسية الأعياد القدرة الشرائية الرواتب تضخم التكاليف تونس التضخم المدارس أخبار تونس العودة المدرسیة

إقرأ أيضاً:

المالية تمدد مهلة تقديم البيان الضريبي عن تكاليف 2024 حتى 30 تموز المقبل

دمشق-سانا

أعلنت وزارة المالية تمديد مهلة تقديم البيان الضريبي عن تكاليف عام 2024 للمكلفين المشمولين بأحكام البند 1 من الفقرة أ من المادة 13 من قانون الضريبة على الدخل رقم 24 لعام 2003 وتعديلاته، والمتعلقة بتقديم المكلفين بيانات خطية بنتائج أعمالهم الصافية من ربح أو خسارة خلال السنة السابقة، وذلك إلى 30-7-2025.

وفي تصريح له، أكد وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية أن قرار التمديد جاء استجابة لطلب الصناعيين ورجال الأعمال وكبار دافعي الضرائب، وقال: قمنا سابقاً بتجميد عمل فرق الاستعلام الضريبي الميدانية لإتاحة الفرصة للتجاوب الطوعي من قبل دافعي الضرائب، وهناك الكثير من المقترحات التي نعمل عليها لتسهيل الأعمال، ودعم دوران عجلة النشاط الاقتصادي.

وعبر الوزير برنية عن ثقته بأن الجميع سيلتزم بالمهلة الجديدة، لحرصهم على المساهمة بدعم بناء سوريا الجديدة، مشيراً إلى أن وزارة المالية ليست وزارة جباية، بل هي وزارة تنمية وشراكة.

يذكر أن مهلة تقديم البيانات الضريبية للمكلفين المعنيين بالقرار آنف الذكر تنتهي في الـ 30 من الشهر الجاري، وبموجب التمديد بمهلة إضافية لمدة 60 يوماً أصبحت تنتهي في 30-7-2025.

تابعوا أخبار سانا على 

مقالات مشابهة

  • الغرف التجارية تفتح النار على ارتفاع الأسعار| المواد الخام محلية بنسبة 100%
  • المالية تمدد مهلة تقديم البيان الضريبي عن تكاليف 2024 حتى 30 تموز المقبل
  • هل الرجل ملزم بدفع تكاليف أداء زوجته لفريضة الحج؟.. الإفتاء تجيب
  • ارتفاع أسعار الذهب بنسبة (0.7) بالمئة إلى (3223.55) دولارًا للأوقية
  • ارتفاع أسعار الذهب مع تراجع الدولار وصعود المعادن النفيسة
  • مغادرة الفوج الأول من الحجاج التونسيين إلى المشاعر المقدسة
  • مغادرة الفوج الأول من الحجاج التونسيين نحو المشاعر المقدسة
  • مديرات مدارس: الجهود متواصلة لتخفيف وزن الحقيبة المدرسية.. وتعزيز وعي أولياء الأمور ضروري للتحول نحو رقمنة المناهج
  • ضبط 12 طنا من الدقيق المدعم في حملات تموينية خلال 24 ساعة
  • ارتفاع أسعار النفط.. وخام برنت يسجل 65 دولارا للبرميل