السعودية تدعو أطراف الصراع في السودان للحضور إلى جدة
تاريخ النشر: 20th, September 2023 GMT
أكد وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله، خلال افتتاح أعمال الدورة الـ 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، دعوة المملكة لجميع الأطراف السودانية للحضور إلى جدة وتوحيد جهودهم لمواجهة التحديات الإنسانية في السودان.
وأكد الوزير السعودي على أهمية إنشاء ممرات آمنة لتقديم الخدمات للسودانيين، كما دعا المانحين الدوليين للمشاركة بشكل فعّال في دعم السودان وتقليل معاناته.
تأتي تصريحات وزير الخارجية السعودي في سياق تصاعد التوترات في السودان واستمرار النزاع الداخلي، حيث أشار منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، إلى تفاقم الصراع نتيجة تدفق الأسلحة من الخارج، مؤكدًا أن هذا الوضع يهدد استقرار المنطقة بأكملها.
بالإضافة إلى ذلك، دعا غريفيث جميع الأطراف السودانية إلى العودة إلى محادثات جدة، مشددًا على أهمية التعاون الدولي للتصدي للأزمة الإنسانية في السودان ولمساعدة الشعب السوداني في هذه الفترة الصعبة.
كلمة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان خلال اجتماع وزاري حول #السودان على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة#السعودية#الحدث pic.twitter.com/5PNEKWCVXm
— ا لـحـدث (@AlHadath) September 20, 2023 القاهرة تضع خطة عمل شاملةمن جانبه أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، على أن القاهرة قامت بوضع خطة عمل شاملة لمعالجة الجوانب السياسية والإنسانية للأزمة في السودان.
وكشف عن أن مصر استضافت أكثر من 300 ألف سوداني منذ بداية النزاع، مع التأكيد على استمرار دعمها للسودانيين والتزامها بتقديم الدعم لكل الجهود المبذولة لإنهاء هذه المأساة.
وأشار إلى أنه ينبغي عدم وضع عبء الأزمة على دول الجوار لوحدها، وأن المسؤولية يجب أن تكون مشتركة بين الجميع.
5 ملايين شخص غادروا منازلهمالنزاع في السودان أسفر عن اندلاع أعمال عنف ونهب، وأدى إلى نقص حاد في الأغذية والأدوية في العاصمة الخرطوم ومدن أخرى، مما أجبر أكثر من خمسة ملايين شخص على مغادرة منازلهم.
وبلغت حصيلة القتلى أكثر من 4000 شخص، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، ومع العلم بأن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بكثير، وهو ما يؤكده أطباء ونشطاء.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: التشابه الوصف التاريخ وزیر الخارجیة فی السودان
إقرأ أيضاً:
سقوط هجليج
لم يكن سقوط مدينة هجليج النفطية على يد قوات الدعم السريع حدثًا عابرًا يمكن طيه في دفاتر الصراع السوداني المتشابك؛ بل كان لحظة مفصلية تحمل في طياتها انهيارات نفسية وسياسية واقتصادية عميقة. فهجليج ليست مجرد مدينة حدودية، بل إحدى أخطر النقاط الاستراتيجية في السودان، موقعًا وثروةً ورمزًا. حيث تُعد هجليج الواقعة غرب ولاية كردفان السودانية واحدة من أهم مناطق الإنتاج في البلاد، إذ تضم ٧٥ حقلًا نفطيًا. كما تحتوي على المحطة الرئيسية لمعالجة نفط جنوب السودان ومحطة الضخ الأساسية. ولذلك، فإن سقوطها جاء كصدمة أعادت تشكيل المشهد الداخلي بكامله، وكشفت حجم التصدعات التي باتت تهدد ما تبقى من بنية الدولة.
أول التداعيات كان نفسيًا وشعوريًا. فقد رأى السودانيون في مشهد سقوط مدينة نفطية بهذا الوزن إعلانًا مؤلمًا عن هشاشة الدولة، وفقدانها السيطرة على واحد من أهم مواردها الاقتصادية والنفطية. أصبح السؤال الذي يتردد في وجدان الناس: إذا سقطت هجليج، فماذا تبقى قابلًا للصمود؟ هذا الشعور بالفقد عزز الإحساس العام بالقلق، ورسّخ الاعتقاد أن الصراع لم يعد مجرد تنازع على السلطة، بل انتقل إلى تهديد مباشر لبنية الدولة ومواردها الحيوية.
اقتصاديًا، كان السقوط كارثيًا. فهجليج تمثل واحدًا من أكبر مصادر إنتاج النفط في السودان، وعليه فإن تراجع السيطرة عليها يهدد الإيرادات العامة، ويعمّق الانهيار الاقتصادي الذي ضرب البلاد منذ سنوات. لم يعد النفط مجرد مورد، بل طوق نجاة كانت الدولة تتشبث به وسط عواصف الصراعات والتضخم والانهيار المالي. ومع فقدانه، دخلت البلاد في مرحلة جديدة من الارتباك الاقتصادي، حيث تزداد الحاجة إلى موارد غير متاحة، ويتفاقم الضغط الشعبي على حكومة منهكة أصلًا.
أما سياسيًا، فقد أحدث السقوط هزة عميقة. فتمكن الدعم السريع من السيطرة على مدينة بهذا الثقل أظهر الحجم الحقيقي للقوة التي باتت تمتلكها هذه الجماعة المسلحة، وعمّق الانقسام بين مكوّنات السلطة الشرعية والقوى العسكرية المتصارعة. كما أعاد تشكيل التحالفات الداخلية والإقليمية، إذ تحركت القوى الدولية والإقليمية لتعيد تقييم مواقفها في ضوء التحولات العسكرية على الأرض. سقوط هجليج لم يكن انتصارًا تكتيكيًا لطرف، بل تحولًا استراتيجيًا يعيد رسم موازين القوى داخل السودان.
إن أخطر ما كشفه الحدث هو أن الصراع في السودان لم يعد يدور حول العاصمة أو المدن الكبرى فقط، بل بات يستهدف شرايين الدولة الاقتصادية. سقوط هجليج كان تحذيرًا بأن الحرب لم تعد تهدد المواطنين وحدهم، بل تهدد البنية التي يقوم عليها الوطن ذاته. هو سقوط لمورد، ولسيادة، ولمعنى السيطرة، قبل أن يكون سقوطًا جغرافيًا.
وفي النهاية، يمكن القول إن تداعيات سقوط هجليج ستظل طويلة الأمد، لأنها لم تضعف الدولة فحسب، بل أعادت تعريف حدود قوتها وحدود ضعفها.