21 سبتمبر.. يوم دشنت مليشيا الحوثي تدمير الدولة وفرض الهيمنة ونهب المقدرات العامة والخاصة
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
دخلت البلاد منذ سيطرة مليشيا الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء ومؤوسسات الدولة في 21 سبتمبر 2014 في أتون أزمات متعددة شهدت خلالها تدهوراً مريعاً نتيجة ممارسات النهب والتدمير الممنهج الذي انتهجته -ولا تزال- المليشيات طوال فترة الانقلاب.
مرت تسع سنوات على استيلاء مليشيا الحوثي على الحكم عقب انقلابها المسلح على السلطة بذريعة مطالب شعبية اتخذتها كحصان طروادة للانقضاض على الدولة والنظام الجمهوري القائم منذ ثورة 26 من سبتمبر 1962م واشعالها حربا انتقامية من اليمنيين تنفيذا لرغبة ايرانية للسيطرة على عمق العرب وموطنهم الأول.
وتمكنت المليشيا خلال سنوات الانقلاب من فرض الهيمنة ونهب المقدرات العامة والخاصة والقضاء على اسس وركائز الدولة وتبديد المكاسب الاقتصادية والتنموية للبلاد والسطو على الموارد ونهب الإيرادات والرواتب وتدمير القطاع الخاص الذي يعمل منذ عقود.
وتكشف الارقام والاحصائيات الجزء اليسير من التداعيات والاثار الكارثية التي تسببت بها مليشيا الحوثي منذ انقلابها واستيلائها على السلطة في صنعاء في اليوم المشؤوم 21 سبتمبر الذي حول حياة اليمنيين الى جحيم لا يطاق.
وتسبب الانقلاب الحوثي في تدمير البنية التحتية للبلد وانكمش وانهيار الاقتصاد بنسبة 50% وبلغت الخسائر التراكمية للناتج المحلي اكثر من 150 مليار دولار وتعطلت فرص النمو والتنمية وارتفعت مستويات الفقر والبطالة الى مستويات قياسية، واصبح اكثر من 80 % من اليمنيين تحت مستوى خط الفقر بفعل نهبها الرواتب الحكومية للعام السابع على التوالي وانعدام فرص العمل.
وشهدت أسعار السلع التجارية والاستهلاكية في مناطق سيطرة الحوثيين، ارتفاعا غير مسبوق وعلى وجه الخصوص الاحتياجات الأكثر استهلاكا بنسبة كبيرة مقارنة مع سنوات ما قبل الانقلاب وذلك انعكس سلبا على حياة السكان، بالإضافة لانتهاجها الجُرع كسياسة ممنهجة لإفقار وتجويع اليمنيين ووسيلة لإثراء أبناء السلالة.
اما القطاع الخاص فيواجه اكبر حرب شعواء تشنها مليشيا الحوثي عليه بعد احتلالها للغرفة التجارية والصناعية في امانة العاصمة صنعاء وتغيير ادارتها بادارة جديدة موالية لها بالقوة سعيا منها لتدميره والاستفراد به بعد تدميرها للقطاع العام وخصخصته لصالح قياداتها العليا في المليشيا والتي تشمل حملات فرض جبايات ممنهجة ادت الى اغلاق نحو 55 % من كبرى الشركات في اليمن ابوابها فيما تعاني اكثر من 45 % من الشركات الناجية من تضاؤل حجمها وتراجع اعمالها وصولا الى اعلان عدد كبير من الشركات الافلاس.
ومارست مليشيا الحوثي خلال سنوات الانقلاب القتل بشتى انواعه قنصا وقصفا وتفجيرا لتحصد طيلة 9 سنوات من الانقلاب نحو 400 الف ضحية اغلبهم من المدنيين والنساء والاطفال، كما أدت الحرب الى نزوح نحو 4 ملايين شخص ونصف مليون نازح تشردوا بفعل آلة القتل الحوثية واصبح 6 ملايين طفل على بعد خطوة واحدة من المجاعة، واصبح ما يزيد عن 17 مليون مواطن يعتمدون على المساعدات الانسانية للبقاء على قيد الحياة في كارثة إنسانية هي الأسوأ في العالم.
وتعليميا، تشهد الجامعات الحكومية تراجعاً حاداً وغير مسبوق في التسجيل بمختلف الكليات والتخصصات لعدة أسباب جميعها اقتصادية وابرزها رفع ميليشيا الحوثي رسوم الدراسة بشكل مضاعف، والوضع المادي الصعب للطلاب والطالبات، ناهيك عن تعطل العملية التعليمية بشكل شبه كلي جراء الاضراب الشامل للمعلمين المطالبين بصرف رواتبهم، وتغيير المليشيا مناهج التعليم وافراغها من محتواها الوطني بما يخدم أفكارها الطائفية وتدمير آلاف المدارس بشكل كلي وجزئي جراء الحرب.
اما القطاع الصحي فهو ليس احسن حالا، فقد شهد تدهورا متصاعدا ومتتابعا، ما ينذر بكارثة إنسانية وصحية وشيكة، بسبب عودة تفشي الأوبئة والأمراض الخطيرة وظهور آلاف حالات الإصابة بامراض مثل (شلل الاطفال، الكوليرا، الحصبة، الدفتريا، والسعال الديكي، المكرفس، حمى الضنك) وغيرها، بعد أن قررت مليشيات الحوثي منع حملات تحصين الأطفال في المناطق الخاضعة لسيطرتها، وتزايدت الاخطاء الطبية بالمستشفيات الحكومية والخاصة والتي تؤدي لوفيات بشكل يومي.
وحول الانقلابيون الحوثيون مؤسسات الدولة الى اقطاعيات سلالية خاصة بتجريف الوظيفة العامة واستبدال الموظفين بموالين لهم اغلبهم من السلالة، وكرسوا احتفالاتهم الطائفية بهدف ترسيخها في اذهان اليمنيين، واشعلوا النزاعات الأسرية والنعرات المناطقية واججوا الحروب بين القبائل بغرض فرض هيمنتهم الجائرة وتسهيل التحكم بها.
وأمنيا، أدت التعبئة وحملات التحريض الحوثية بالإضافة الى الدورات والمراكز الصيفية الطائفية الى رفع منسوب ومعدلات جرائم العنف والقتل العائلي والانتحار والسرقة والنهب بالإكراه، إضافة إلى الظروف المعيشية الناجمة عن الحرب، وأسباب أخرى تتعلق بانتشار السلاح وثقافة العنف في أوساط المجتمع، وانتشار المواد الممنوعة كالمخدرات والحشيش والشبو في اوساط الشباب.
وتعرضت المدن الأثرية والتاريخية والمتاحف اليمنية للتجريف والتنقيب العشوائي والعبث والنهب والسلب طوال سنوات الانقلاب من قبل عصابات حوثية نافذة، حيث تعرضت آلاف القطع الأثرية للتهريب الممنهج والبيع في مزادات علنية في العديد من دول العالم.
المصدر: وكالة خبر للأنباء
كلمات دلالية: ملیشیا الحوثی
إقرأ أيضاً:
رواتب وامتيازات السلطة المتضخمة مفتاح الفساد!
آخر تحديث: 11 دجنبر 2025 - 10:22 ص بقلم:كفاح محمود تُعاني الدولة العراقية، مثلها مثل ليبيا وبعض دول الشرق الأوسط، من مفارقة صارخة: إيرادات نفطية هائلة تُقدّر بملايين البراميل يوميًا، تقابلها خزائن خاوية ومجتمعات مثقلة بالفقر والبطالة، فيما ينعم السياسيون برواتب وامتيازات فلكية تجعل من الوظيفة العامة صفقة تجارية أكثر من كونها تكليفًا وطنيًا، حيث تحولت المناصب التشريعية والتنفيذية إلى مغنمٍ يتسابق إليه الطامحون، لا من أجل خدمة الشعب، بل لتحصيل الامتيازات وتوزيع الغنائم والمفارقة الأكبر أن المدافعين عن هذه الامتيازات يبرّرونها بحجة “حماية المسؤول من الابتزاز أو الارتهان للخارج”، وكأن الوطنية والضمير لا يكفيان لردع الخيانة، بل لا بد من شراء الولاء بالمال العام، هكذا يتحول الانتماء إلى سلعة قابلة للتثمين، ويتحول البرلمان إلى سوق مفتوحة، تُباع فيه المقاعد وتُشترى الولاءات، وهو ما يفسر اتساع الفساد المالي والسياسي، وتآكل العقد الاجتماعي بين الدولة والمجتمع.
في المقابل، نجد أن التجارب الغربية العريقة قد طوّرت فلسفة مختلفة تمامًا، ففي النرويج، وهي واحدة من أغنى الدول النفطية في العالم، يُعامل العمل النيابي كخدمة عامة مؤقتة، لا كغنيمة شخصية، كذلك في بريطانيا وفرنسا والسويد، ورغم ثرائها واستقرارها السياسي، ظلّت الرواتب والمخصصات البرلمانية ضمن إطار معقول، وتخضع لمراجعة مستقلة وشفافية صارمة، الفلسفة هناك واضحة: النائب أو الوزير ليس موظفًا عند الدولة يسعى للثراء، بل ممثل لمجتمعه أو حزبه يؤدي واجبًا عامًا، يخضع في المقابل للمساءلة الشعبية والقانونية.
هذه المقارنة تكشف بوضوح أن الخلل في العراق وليبيا وأمثالهما ليس في شح الموارد، بل في غياب الرؤية الأخلاقية والسياسية التي تعرّف الوظيفة العامة باعتبارها خدمة مؤقتة، لا استثمارًا طويل الأمد في امتيازات، وهذا ما يجعل النائب البريطاني أو السويدي أو النرويجي ملتزمًا ليس ضخامة راتبه، بل طبيعة المنظومة التي تضبطه: قوانين شفافة، لجان مستقلة تحدد التعويضات، ورأي عام يراقب ويحاسب، بينما عندنا، كل ذلك غائب أو مُغيّب عمدًا، لتحلّ محله ثقافة الريع والمحاصصة.
إن انعكاسات هذه المنظومة على المجتمع كارثية، فالمواطن الذي يرى ممثليه يعيشون في بحبوحة وامتيازات غير مبررة، بينما هو عاجز عن تأمين قوت يومه أو دواء طفله، سيفقد الثقة بالدولة ويعتبرها خصمًا لا حاميًا، ومع الوقت، تنقلب المعادلة: يصبح الطريق إلى السلطة هو الطريق الأقصر إلى الثروة، ويُقصى الأكفاء والشرفاء لصالح الأكثر قدرة على شراء الولاءات والصفقات، وهكذا ندخل في حلقة مفرغة من الفساد الذي يلد فسادًا، حتى يغدو الإصلاح شبه مستحيل.
إن الحصانة الحقيقية للمسؤول لا تُبنى على الأموال، بل على قوة القانون واستقلال القضاء وشفافية المؤسسات، فالمال قد يشتري الصمت، لكنه لا يشتري الضمير، وشراء الولاء عبر الرواتب الفاحشة لا يؤدي إلا إلى إدمان الفساد، لذلك فإن الإصلاح الجذري يبدأ بإعادة تعريف الوظيفة العامة باعتبارها تكليفًا وخدمة، لا غنيمة ومصدر ثراء، ويقتضي ذلك ربط رواتب ومخصصات النواب والوزراء بمستوى الرواتب العامة في الدولة، ووقف الامتيازات غير المبررة، واعتماد لجان مستقلة تحدد ما يُستحق فعلاً ضمن إطار الخدمة العامة.
التجارب العالمية تؤكد أن السياسة يمكن أن تكون عملاً شريفًا إذا بقيت مرتبطة بمفهوم الخدمة، لا بالمنفعة الشخصية، أما حين تتحول المناصب إلى تجارة رابحة، فإنها تفقد معناها وتفقد معها الدولة استقرارها، وإذا كانت النرويج الغنية، وبريطانيا العريقة، وفرنسا الديمقراطية، والسويد المستقرة قد وجدت سبيلًا لتنظيم العمل السياسي بعيدًا عن المزايدات المالية، فما الذي يمنع العراق أو ليبيا من أن تسلك الطريق ذاته؟
إنها ببساطة مسألة إرادة وإيمان بأن الوظيفة العامة ليست للبيع، وأن السياسة ليست تجارة في أسواق المال، بل عقد ثقة بين الشعب وممثليه، من دون هذا الفهم، ستظل الدولة رهينة للفساد، وسيبقى المواطن أسيرًا لعجزٍ لا يليق ببلدان غنية بمواردها وعقولها.