شهدت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي توقيع مذكرة تعاون سداسي بين كل من وزاره التضامن الاجتماعي، ومؤسسة ساويرس للتنمية الاجتماعية، وبنك الطعام المصري، ومنظمة يونيسف، وشركة أوراسكوم للإنشاءات، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وذلك لتنفيذ مشروع "زيادة التحاق الأطفال بدور الحضانة" تحت مظلة برنامج تنمية الطفولة المبكرة بوزارة التضامن الاجتماعي.

وقد حضر اللقاء المهندسة نورا سليم، المديرة التنفيذية لمؤسسة ساويرس، ومحسن سرحان، المدير التنفيذي لبنك الطعام المصري، والدكتورة مها مراد، وكيلة كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، وهبة إسكندر، رئيس قطاع التطوير والتنمية بشركة أوراسكوم للإنشاءات، وسيلينا بايراكتاريفيش رئيس قسم الحفاظ على حياة الأطفال ونماؤهم بمنظمة يونيسف مصر.

ويعد مشروع "زيادة التحاق الأطفال بدور الحضانة" تجسيدًا لتوجه الدولة ورؤية مصر 2030 بما يشمل توفير خدمات صحية وتربوية وثقافية للأطفال تحت سن 4 سنوات، لزيادة التحاق الأطفال بدور الحضانة بما يستتبع زيادة أعداد الحضانات خاصة في المناطق الريفية والنائية.

وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن البرنامج القومي لتنمية الطفولة المبكرة عمل على تطوير دور الحضانة من خلال تطوير البنية التحتية لمنشآت الحضانات مما يضمن بيئة جيدة ومناسبة للطفل، وقد تم سرد الإنجازات التي تمت خلال الفترة السابقة لتشمل برنامج الألف يوم الأولى في حياة الطفل، وإنشاء ورفع كفاءة 1200 حضانة طفولة مبكرة، وتطوير منهج تربوي بالشراكة مع شركة ديسكفري، وتطوير منهج للتربية الإيجابية، وتدريب 4,463 ميسرة، وإعداد 287 كادرا من تدريب المدربين، والعمل بمنهج التربية من خلال اللعب، حيث تم إمداد الحضانات بالألعاب الملائمة والوسائل التعليمية المعينة وإعداد حدائق الألعاب بما يمكّن الأطفال من ممارسة الأنشطة والترفيه في بيئة آمنة.

كما تم التركيز على جانب التوعية من خلال رفع وعى أولياء أمور الأطفال الملتحقين وغير الملتحقين بالحضانات بأهمية مرحلة الطفولة المبكرة، والتربية الوالدية والتهذيب الإيجابي، والرضاعة الطبيعية، والتغذية السليمة، والاكتشاف المبكر للإعاقة، مع التوعية بالإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا.

أما المرحلة المقبلة فسيتم التركيز على بناء قدرات 1600 من الكوادر التربوية ومقدمي الخدمات في مجال رعاية الطفولة المبكرة، ورفع كفاءة البنية التحتية لعدد 500 حضانة تابعة لوزارة التضامن الاجتماعي، وتقديم منح غذائية لأكثر من 70 ألف طفل، كما يهدف المشروع أيضا إلى زيادة إلحاق أمهات الأطفال بسوق العمل كنتيجة مرجوة من إمكانية إلحاق الأطفال بالحضانات.

وجدير بالذكر أن المشروع سيخضع لدراسات قياس الأثر التي سيقوم بتنفيذها معمل عبد اللطيف جميل لمكافحة الفقر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. 

وأكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن توجهات الحكومة المصرية تهدف إلى الارتقاء بجودة حياة المواطن المصري وتحسين مستوى معيشته في مختلف نواحي الحياة ومنها رفع مستوي جودة الخدمات التعليمية ورعاية الأطفال والتي تتسق مع رؤية مصر 2030، مشيرة إلى أن الأطفال هم جوهر التنمية وأساسها وقد نالوا اهتماما غير محدود من الدولة المصرية، ونتيجة لهذا الدعم غير المحدود أطلقت وزارة التضامن الاجتماعي البرنامج القومي لتنمية الطفولة المبكرة في عدد 27 محافظة برعاية السيد رئيس الجمهورية، حيث يعمل البرنامج القومي لتنمية الطفولة المبكرة على إتاحة كافة الفرص أمام جميع أطفال مصر في الفئة العمرية من صفر إلى ٤ سنوات للتمتع بخدمات تربوية وتعليمية وصحية بجودة عالية.

ومن جانبها، قالت المهندسة نورا سليم في كلمتها: " نحتفل  بحدث مهم جدا لمؤسسة ساويرس، فهذا المشروع يعد فرصة لنا كي نخدم أطفالنا في سن الحضانات، حيث أثبتت الدراسات أن تنمية الطفولة المبكرة هي أساس راسخ يؤدي إلى تحسين نتائج التعلم والتنمية الشخصية للطفل في هذه المرحلة التي تتشكل فيها قرارات الطفل العقلية والاجتماعية والعاطفية". 

كما أن المشروع يعكس التوجهات الأساسية لمؤسسة ساويرس في استراتيجيتها الجديدة 2023-2028، والتي تركز على دعم المشروعات المبنية على أدلة علمية، وهو عنصر أساسي متوفر في هذا المشروع، من خلال دراسة قياس الأثر التي يقوم بها معمل عبد اللطيف جميل، من أجل تحقيق نتائج ملموسة واستفادة فعالة للمجتمع.

ويركز المشروع أيضا على التوسع في الشراكات بهدف تعظيم أثر التدخلات المختلفة، لذا يسعدنا وجودنا مع شركاء نفخر بالعمل معهم، إذا نثق إننا سنحقق من خلال تلك الشراكة الفعالة التكامل المطلوب لنجاح هذ التدخل التنموي، والذي من شأنه إتاحة خدمات طفولة مبكرة ذات جودة عالية للأطفال في المجتمعات الفقيرة والأكثر فقرا، ونأمل أن نرى تغيير حقيقي في حياة الأطفال المستهدفين وأسرهم".

كما أكدت هبة إسكندر رئيس قطاع التطوير والتنمية بشركة أوراسكوم للإنشاءات أن شركة أوراسكوم للإنشاءات تؤمن بأهمية التعليم الجيد الذي يعزز التفكير النقدي والابتكار كمدخل للتنمية المستدامة، وبالتالي، فإنها تستثمر بكثافة في مختلف المشاريع التي تدعم فرص التعليم العادل؛ من بناء وتجديد المدارس والحضانات والمرافق التعليمية إلى تمويل التدريبات والمنح الدراسية للطلاب والمعلمين على حد سواء.

وأضافت إننا نتشرف بكوننا جزء من مشروع "زيادة التحاق الأطفال بدور الحضانة"، وبشراكتنا الممتدة مع وزارة التضامن الاجتماعي، ومنظمات المجتمع المدني الدولية والمحلية، لإحداث أثر إيجابي في المجتمع المصري بشكل عام، والأطفال بشكل خاص، لأنهم مستقبل مصر. وتسهم أوراسكوم للإنشاءات في هذا المشروع بدعم مكون تطوير البيئة التعليمية للحضانات بميزانية تقدر بنحو مليون جنيه مصري".

ومن جانبه، قال محسن سرحان الرئيس التنفيذي لبنك الطعام المصري، إن بنك الطعام المصري يقوم بالتعاون مع الجهات التي تدخل ضمن مشروع تنمية الطفولة المبكرة وتوظيف المرأة، لاعتماد نهج علمي شامل يركز على دراسة قياس جودة الحضانات ومشاركة المرأة في سوق العمل، وتعزيز من المواد الغذائية الجافة (العدس والأرز والمكرونة وزيت الطهي والعسل الأسود  والفواكه المجففة والتمر والفول) مما يوفر للعائلة كمية معينة من المغذيات الكبرى والمغذيات الدقيقة لتحسين حالة التغذية والأمن الغذائي. 
 
وأضاف أن توفير تغذية صحية للأطفال في سن مبكرة يمكن أن يساهم في تقليل معدلات التأخر في النمو والتطور العقلي والبدني، مما يؤثر إيجابياً على مستقبلهم ، ومن المتوقع أن توفير الأمن الغذائي الكافي وذهاب الأطفال لدور الحضانات يساهم في رفع معدل التحاق النساء في سوق العمل، مشيرًا إلى أن الدراسة تستهدف 5000 امرأة يعشن داخل القاهرة الكبرى، مع أطفال تتراوح أعمارهم بين 1-5 سنوات غير مسجلين في دور الحضانة، وهو ما دفعنا للمشاركة في دراسة جديدة لمواجهة تحديات الرعاية والتنمية في مرحلة الطفولة المبكرة، بالتركيز على جودة دور الحضانة والتغذية ومشاركة المرأة في القوى العاملة للفئات اكثر احتياجا في قرى مختارة من حياة كريمة، بما يعزز تنمية الطفولة المبكرة ومشاركة المرأة في سوق العمل.
 
وأوضح سرحان أن مشاركة بنك الطعام في هذه الدراسة تأتي ضمن الاستراتيجية العامة له والقائمة على عدة محاور من بينها محور الوقاية والتمكين الذي سيتم من خلاله المشاركة في الدراسة، خاصة أن تنمية الطفولة المبكرة ضمن أحد أهم برامج بنك الطعام المصري للإطعام ،والعمل على اعتماد نهج يحقق جودة الحضانات، وتعزيز تغذية الأطفال.

وفي كلمتها، قالت سيلينا باجركتاريفيتش ، رئيس قسم الحفاظ على حياة الأطفال بمنظمة اليونيسف، إن الأدلة القوية من جميع أنحاء العالم تؤكد أهمية الاستثمار في تنمية الطفولة المبكرة - من أجل النمو المعرفي والاجتماعي للأطفال، ومن أجل نتائج حياتهم اللاحقة في المستقبل، يسعدنا أن نتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، والجامعة الأمريكية بالقاهرة، وبنك الطعام المصري، ومؤسسة ساويرس، وأوراسكوم للإنشاءات لتقديم مجموعة متكاملة من التدخلات والخدمات التي تراعي الاحتياجات الأساسية للأطفال خلال السنوات الأولى من حياتهم، ومن ثم، فإن تطوير وضع المشرفات والمشرفين (الميسرين) العاملين بدور الحضانة وتمكينهم أمرٌ ضروري لتحقيق بداية قوية لأطفالنا".

وأضافت، إننا سوف نظل ملتزمين بدعم الجهود التي تقودها الحكومة المصرية لتوسيع نطاق البرامج الفعّالة من أجل جميع الأطفال في مصر - لا سيما لبناء روابط بين البحوث والسياسات وتعزيز ثقافة استخدام الأدلة التي يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في توجيه مستقبل الاستثمارات لحياة ومستقبل أفضل للأطفال والنشء، مما يساعد مصر على تحقيق رؤيتها لعام 2030 وأهداف التنمية المستدامة".

وأكدت الدكتورة مها مراد وكيلة كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية أنه على مدى عمر الجامعة الأمريكية بالقاهرة، كانت شبكة شركائها واحدة من أهم أصولها، تقدر الجامعة الأمريكية بالقاهرة بشدة فرصة العمل مع هذه المجموعة الموقرة من الشركاء مثل وزارة التضامن الاجتماعي، واليونيسف، وبنك الطعام المصري، ومنظمة إنقاذ الطفولة، وSFSD، وORASCOM، وتتمثل إحدى المهام الأساسية للجامعة الأمريكية بالقاهرة في الدفع باتجاه اتخاذ القرارات القائمة على الأدلة وتسهيلها وخلق ثقافة التقييم.

وأضافت هذا التعاون هو مثال ممتاز للعمل لتحقيق هذا الهدف، ويعد J-PAL في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المؤسسة الرائدة في تقييم الأثر ويركز عملهم على الحد من الفقر من خلال ضمان دعم عملية صنع السياسات بالأدلة العلمية، ونأمل أن يؤدي هذا جنبًا إلى جنب مع الكم الهائل من الخبرة التي يتمتع بها شركاؤنا إلى تحقيق خطوات كبيرة في حالة تنمية الطفولة المبكرة في مصر.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: التضامن الطفولة المبكرة الحضانات وزيرة التضامن وزارة التضامن الاجتماعی تنمیة الطفولة المبکرة أوراسکوم للإنشاءات الأمریکیة بالقاهرة الطعام المصری دور الحضانة من خلال من أجل

إقرأ أيضاً:

الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه

في عالم تتقاذفه موجات الفتن الفكرية والدينية والسياسية، يبرز مفهوم الاعتصام بالله كقضية قرآنية مركزية تُعيد الإنسان إلى أصله الإيماني، وتحدد له بمن يجب أن يتعلق، ومن يجب أن يبتعد عنه. فـالقرآن الكريم لم يطرح الاعتصام كخيار إضافي، بل كمنهج نجاة ،  ﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آَيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.

توجيه إلهي صريح يُلزم الإنسان أن يعرف بمن يعتصم، حتى لا يجد نفسه من حيث لا يشعر معتصماً بأهل الباطل أو خاضعاً لهيمنة أهل الكفر. فالاعتصام بالله ليس مجرد شعور، بل موقف وخطّ وانتماء.

يمانيون / تقرير / طارق الحمامي

الاعتصام بالله يوقظ في نفس المؤمن حالة من الوجل الإيماني، خشية التقصير، وخشية الانزلاق إلى موالاة أعداء الله،  هذا الخوف البنّاء هو ما يرفع الإنسان إلى مستوى التعلق الحقيقي بالله، ويجعله يرى أن أي بديل أو ملجأ غير الله لا يعدو أن يكون سراباً، فالله سبحانه وتعالى  لم يجعل في علاقتنا به بديلاً عنه، والقرآن الكريم جعله الله سبحانه وتعالى كتاب توجيه وحركة، يعيد ارتباط الأمة بالله تعالى، وأن يمنع حصول أي انفصال بين الإنسان وبين الله، غير أن مساراً طويلاً من الانحراف في التاريخ الإسلامي أدّى إلى فصل القرآن عن الله، حتى أصبح كثير من الناس يتعاملون معه كمتنٍ روحي منفصل عن الواقع، وفي هذا يقول الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه : (( الله سبحانه وتعالى لم يجعل شيئاً بديلاً عنه في علاقتنا به، وحتى القرآن الكريم ليس بديلاً عن الله إطلاقاً, بل هو من أكثر ما فيه، وأكثر مقاصده، وأكثر ما يدور حوله هو أن يشدك نحو الله ، الله ليس كأي رئيس دولة، أو رئيس مجلس نواب يعمل كتاب قانون فنحن نتداول هذا الكتاب ولا نبحث عمن صدر منه، ولا يهمنا أمره، ما هذا الذي يحصل بالنسبة لدساتير الدنيا؟ دستور يصدر، أنت تراه وهو ليس فيه ما يشدك نحو من صاغه، وأنت في نفس الوقت ليس في ذهنك شيء بالنسبة لمن صاغه, ربما قد مات، ربما قد نفي، ربما في أي حالة، ربما حتى لو ظلم هو لا يهمك أمره. لكن القرآن الكريم هو كل ما فيه يشدك نحو الله، فتعيش حالة العلاقة القوية بالله، الشعور بالحب لله، بالتقديس لله، بالتعظيم لله، بالالتجاء إليه في كل أمورك، في مقام الهداية تحتاج إليه هو، حتى في مجال أن تعرف كتابه.{إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً}، ألم يتحدث القرآن عن التنوير، والنور, والفرقان، التي يجعلها تأتي منه؟ ليس هناك شيء بديلاً عن الله إطلاقاً)) .

 

فصل القرآن والرسول صلوات الله عليه وآله عن الله .. مسألة خطيرة صنعت ضلالاً واسعاً

أهل الظلال في تقديمهم الفهم المغلوط للقرآن الكريم، ساهموا في صناعة حالة من الانفصال بين القرآن والرسول صلوات الله عليه وآله وسلم، وذلك حين جعلوا السنّة في بعض مراحلها منفصلة عن مرجعيتها الإلهية.
ومع مرور الزمن، وصلت الأمة إلى حالة أكثر خطورة، انخفضت قداسة النبي صلوات الله عليه وآله وسلم في الوعي العملي،

بينما ارتفع تقديس الرواة والمحدّثين تحت مسمى علماء السنة، حتى غدا قولهم عند بعض الناس فوق النص ومرجعيته.

هذا المنحى أحدث تشويهاً في العلاقة بين المسلم ومصادر الهداية، وأن إعادة الأمور إلى نصابها تبدأ بإرجاع مركزية التوجيه إلى القرآن والرسول باعتبارهما متصلين بالله لا منفصلين عنه،

يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه : (( الذين يقولون: قد معنا كتاب الله وسنة رسوله, نفس الشيء بالنسبة لرسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) هو هاديا إلى الله، أليس كذلك؟ هاديا إلى الله، فُصل الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في ذهنية الأمة عن القرآن، وهو رجل قرآني بكل ما تعنيه الكلمة، فُصل عن القرآن، ثم قسموه هو فأخذوا جانباً من حياته، جانباً مما صدر عنه وسموه سنة، فأصبحت المسألة في الأخير: الله هناك، رسوله هناك! هناك بدائل نزلت: قرآن، وكتب حديث. ولاحظنا كيف أصبح الخطأ رهيباً جداً جداً في أوساطنا؛ لأننا فصلنا كتاب الله عن الله، وفصلنا رسول الله …  ))

 

طريق الأنبياء ..  طريق شاقة نحو الجنة

القرآن يؤكد أن طريق النجاة المؤدي إلى الجنة ليست سهلة ولا قصيرة، فهي طريق الأنبياء الذين حملوا الرسالة، وجاهدوا، وقدّموا النموذج العملي، والمواقف العملية ، مهما كانت هذه المواقف شاقة ، مهما كانت خطورتها ،  ولا سبيل للوصول إلى الجنة إلا أن يقيس الإنسان نفسه بميزان الأنبياء، وأن يجعل من رسول الله صلوات الله عليه وآله، معياراً لحركته وسلوكه وخياراته.

فالاعتصام بالله ليس مجرد خطاب نظري، هو منهج سلوك يبدأ من الداخل، ويترجم بالمواقف، والولاء لله تعالى ولرسوله والمؤمنين من أولياءه .

 

تحذير من واقع خطير .. كلام مع الله ومواقف مع أعداء الله

من أخطر الظواهر الدينية المعاصرة  تلك التي يظهر فيها الإنسان متديناً بلسانه أو قلمه، بينما مواقفه تميل إلى أعداء الله، هذه الازدواجية تشكل تهديداً لسلامة الإيمان، لأن القرآن يؤكد أن الموقف هو معيار الصدق، فالحديث عن الله لا يصنع إيماناً، ما لم يرافقه انتماء عملي إلى مواقف عملية تتجسد في الواقع جهاداً وتضحية، والكلمة ليست مجرد صوت، بل هي جهاد، غير أن خطورة الكلمة تتضاعف عندما تصبح خارج إطار الهداية، أو عندما تتحول إلى أداة تبعد الناس عن الله بدل أن تقرّبهم منه، أن تكون دعوة إلى الله تدفع الناس نحو الجهاد في سبيل الله بمعناه الشامل، الفكري، والعملي، والأخلاقي. فالكلمة المنفصلة عن هذا الإطار قد تُحدث ضجيجاً لا قيمة له.

 

التقوى .. البوصلة التي تمنع الانحراف وتردّ الإنسان إلى الله

التقوى في القرآن الكريم ليست مجرد حالة شعورية، بل منظومة وعي وسلوك،  وهي  قائمة على ثلاثة أسس،  المراقبة الدائمة لله، والحذر من التقصير، والخوف من العقوبة الإلهية.

فالإنسان الذي يغفل عن التقوى يعرض نفسه لغضب الله وسخطه، لأن التقوى هي جوهر الاعتصام بالله، وهي التي تحمي المؤمن من الانجرار إلى ولاءات منحرفة أو مواقف مضللة، يقول الشهيد القائد رضوان الله عليه : (( {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (آل عمران:102) القضية مهمة جداً يجب أن تخافوا من الله من أن يحصل من جانبكم تقصير فيها، أن يحصل من جانبكم أي إهمال، أي تقصير، أي تفريط, القضية مهمة جداً جداً، هو يقول لنا هكذا، يذكرنا بأن نتقيه فالقضية لديه مهمة، وبالغة الخطورة، وبقدر ما تكون هامة لديه، وبالغة الخطورة أي أنه سيكون عقابه شديداً جداً على من فرط وقصر فيها، فيجب أن نتقيه أبلغ درجات التقوى {اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ} أقصى ما يمكن فالقضية خطيرة جداً، وهامة جداً لديه، ولن يسمح لمن يقصر، لن يسمح لمن يفرط، لن يسمح لمن يهمل))

 

كيف سقطت الدول العربية والإسلامية في الضعف حين اعتصمت بأعدائها

تاريخ الأمة وواقعها المعاصر يقدم شواهد واضحة على أن التخلي عن الاعتصام بالله يقود بلا استثناء إلى الذلّ والضعف والتبعية.
فكثير من الدول العربية والإسلامية اختارت أن تجعل مصدر أمنها وسياساتها قائماً على الاعتماد على قوى الهيمنة المعروفة بمعاداتها للإسلام، واستبدال مرجعية القرآن بمرجعية الأجنبي، واختارت هذه الدول الاحتماء بغيرها عبر قواعد عسكرية، واتفاقيات أمنية، وتحالفات تُمنَح فيها السيادة للعدو المستعمر، والنتيجة ، فقدان الاستقلالية ،والعجز عن حماية نفسها، وهذه نتيجة طبيعية لأن الاعتصام بغير الله لا يجلب إلا الضعف.

 

ختاماً 

يقدم مفهوم الاعتصام بالله من خلال الرؤية القرآنية، مشروعاً لإعادة تشكيل الوعي الديني والوجودي للمسلم،  إنه ليس مجرد توجيه روحي، بل بوصلة حياة تحدد المعسكر الذي ينتمي إليه الإنسان، وتمنع اختلاط الولاء، وتعيد القرآن والرسول إلى مقام القيادة والتوجيه.

إن أخطر ما يواجه الأمة ليس فقدان المعرفة، بل فقدان المعيار، ومعيار النجاة  هو الاعتصام بالله وحده، والسير في طريق الأنبياء، والالتزام بالتقوى، والحذر من كل انحراف يلبس ثوب الدين بينما جذوره ممتدة نحو أعداء الله.

مقالات مشابهة

  • ملايين المراهقين في أستراليا يفقدون حساباتهم مع بدء أول حظر من نوعه لمنصات التواصل الاجتماعي
  • الاعتصام بالله .. معركة الوعي التي تحدد معسكرك، مع الله أم مع أعدائه
  • تسليم 5 سماعات طبية لذوي الهمم بالغربية ضمن مبادرة للتضامن الاجتماعي والأورمان
  • كفاك يعيد الطفولة المسلوبة.. ويمنح الأمل لأطفال مأرب.. حين تتكفل الإنسانية بما عجزت عنه الحرب
  • بعد احتراق شقتها.. التضامن الاجتماعي تقدم دعما لأسرة في المنوفية.. صور
  • التضامن الاجتماعي تطلق المرحلة الثانية من القوافل التنموية الشاملة لدعم أهالي مشروع «زهور 15 مايو»
  • وزيرة التضامن الاجتماعي تهنئ بطلات الأولمبياد الخاص المصري بتتويجهن بذهبية كأس العالم لكرة السلة الموحدة 3×3
  • دراسة حديثة تحذر من تأثير منصات التواصل الاجتماعي على تركيز الأطفال
  • وزيرة التضامن الاجتماعي: الإنجاز العالمي لبطلات الأولمبياد الخاص فخر لمصر
  • التضامن الاجتماعي تنظم معرضا للحرف اليدوية والتراثية بالتعاون مع بنك أبوظبي الإسلامي