الوطن:
2025-07-05@00:15:59 GMT

الدكتور محمد مهنا يكتب: كن حليماً

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

الدكتور محمد مهنا يكتب: كن حليماً

إن الله -عز وجل- يحب من عبده أن يراه على كل حالة خير تقربه من خالقه وتجعله مؤهلاً لينال رضا خالقه عنه فى الدنيا والآخرة، ومن أعظم هذه الخصال وأنبل هذه الصفات التى يحبها الله -عز وجل- فى عباده صفة الحلم والصفح عن الغير، فورد فى الحديث الشريف ما قاله النبى لأشج بن عبد قيس، إذ قال له: «إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة»، والله -عز وجل- من أسمائه الحسنى الحليم، فكل من يحلم ويصفح عن غيره فما هو إلا تجلِّى أنوار الحق -جل وعلا- عليه بهذا الاسم.

ففى زمن كثرت مجرياته وأحداثه حتى كاد الناس لا يلفظون أنفاسهم من سرعة تلك الأحداث، ونسى الناس الفضل بينهم، وتعالت أصوات طلب النجاة لمن وقع فى براثن هذه الدنيا ولم يعتصم بعاصم، يلوح فى الأفق بريق أمل وشعاع نور يحمل قارب النجاة لمن هوى فى بحر الأخلاق المتدنية اللجى، الذى سيمته ظلمات بعضها فوق بعض، يلوح نور المصطفى معلناً نجاة من اعتصم به وتمسك بحبل أخلاقه وجميل صفاته، ولمَ لا فمن اعتصم بالجناب المحمدى سلك وملك وتمسك واستمسك.

والحلم أحد هذه الأخلاق النبوية الشريفة التى سجلها القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة أنه اتصف بها، بل كانت هذه الصفة مفاتح الخير والبركة، فالحلم ضبط النفس عند الغضب، وكفها عن مقابلة الإساءة بالإساءة، مع تحكيم المسلم دينه وعقله عند إيذاء الآخرين له، مع قدرته على رد الإيذاء بمثله، قول الإمام أبى حامد الغزالى فى بيان معنى الحليم: «الحليم هو الذى يشاهد معصية العصاة، ويرى مخالفة الأمر، ثم لا يستفزه غضب، ولا يعتريه غيظ، ولا يحمله على المشاركة إلى الانتقام، مع غاية الاقتدار».

والحلم من خلق الأنبياء، فلقد سجل القرآن الكريم ذلك الخلق عنهم، فقال تعالى فى وصف نبيه إبراهيم: «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُّنِيبٌ»، وقال فى حق نبيه شعيب: «قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِى أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ»، ولقد كان الحلم والصفح عن الغير دأب النبى وشيمته على الدوام، فعن أم المؤمنين عائشة أنها قالت للنبى: «هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟». قال: «لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة، إذ عرضت نفسى على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبنى إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهى، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسى، فإذا أنا بسحابة قد أظلتنى، فنظرت فإذا فيها جبريل، فنادانى، فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم. فنادانى ملك الجبال فسلَّم على ثم قال: يا محمد فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبى: بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً».

وقال لقمان الحكيم: «ثلاثة لا يعرفون إلا عند ثلاثة: لا يعرف الحليم إلا عند الغضب، ولا الشجاع إلا عند الحرب، ولا الأخ إلا عند الحاجة إليه»، فيجب على كل محب أراد أن يحظى بعناية النبى ورفقته الشريفة أن يتخلق بخلقه وأن يجاهد أن يكون له نصيب من الإرث المحمدى وليس ذلك الإرث مال ولا ضيعات وإنما هى أخلاقه وشمائله وصفاته السنية، فمن فتح له باب التخلق بهذا الخلق العظيم فليدخل ولا يتوانى فى لحوق هذا الركب الأنور، كما قال ابن عطاء الله: «إذا فتح لك وجهة من التعرف فلا تبالِ معها إن قل عملك، فإنه ما فتحها لك إلا وهو يريد أن يتعرف إليك».

* رئيس مجلس أمناء البيت المحمدى للتصوف

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المولد النبوي سيدنا الحسين السيدة زينب الصوفية إلا عند

إقرأ أيضاً:

كريم الشِّفت وزيرا في التشكيل الجديد

مع اختيار كل رئيس أمريكي جديد يطلق السودانيون طرفتهم التي تأتي كل أربع سنوات ويضحكون، حكاية الولد كريم الذي طمع في أموال صاحب شركة الاسبيرات وورشة تصليح العربات، وكان يجيد التعامل مع القطاع الحكومي.. الولد كريم عمل مع صاحب الورشة بعد أن شاهد بأم عينيه نعيم الرجل ففكر في نقطة ضعفه الكامنة في معرفة الكبار فقال لصاحب الورشة إن الوالي صديقي وليس بيننا حجاب، هنا سخر منه صاحب الورشة ومضى في سبيله وبعد أقل من أسبوع جاء الوالي بشحمه ولحمه وصافح بشوق ومعرفة الولد كريم، تعجب صاحب الورشة من الحدث الخطير، وأعجب بمهارته في العلاقات السيادية وكبر في عينيه فقلّده وظيفة المدير التنفيذي.

وبعدها بأسبوع قال لصاحب الورشة أنا صديق الرئيس شخصياً
فقال له صاحب الورشة: (أما في هذه فقد بالغت وكثفت كمية السرتية)..!!
وفعلاً بعد أسبوع مرّ السيد الرئيس أمام الورشة وترجّل وسلم على كريم سلاماً حاراً ومعه بعض العبارات الهامسة التي لم يسمعها أحد، جحظت عينا صاحب الورشة وانهار تماماً أمام المشهد، وزادت من مقدار الولد كريم، وبعدها قام صاحب الورشة بتزويجه ابنته الوحيدة خريجة الجامعة الأمريكية ومنحه نسبة مقدرة من أرباح الورشة ومعرض الإسبيرات، وجعله المسئول الأول عن المبيعات والمشتريات وعمليات التطوير.

وبعد أن عاد الولد كريم من رحلة شهر العسل قال لنسيبه وشريكه هل تعلم يا أسطى بأنني صديق شخصي للرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
هنا صرخ صاحب الورشة، وقال: أما هذه فهي الطامة الكبرى وثالثة الأثافي.
فرد كريم قائلاً دعنا نجرّب، وفعلاً أكملا الإجراءات وسافرا لبلاد العم سام ووقفا أمام أسوار البيت الأبيض، وقال كريم للحسيب النسيب: أنا سأدخل البيت الأبيض وسوف نطل ونحييك من تلك النافذة أنا وصديقي ترمب.

وما هي إلا دقائق معدودات حتى أطل ترمب الأمريكي وكريم السوداني، وصارا يلوحان للأسطى النسيب بأيديهما المتشابكتين ويصيحان في حبور (هاي هاي) وعندما خرج كريم ليصحب نسيبه وشريكه الى فندق مجاور وجده ملقي أرضاً ومغمى عليه وبعد جهد جهيد أفاق الرجل بالمستشفى القريب للبيت الأبيض فسأله كريم لماذا أغمي عليك هل لأنك شاهدتني مع ترمب؟
فقال صاحب الورشة ليس لهذا السبب ولكن لسبب آخر أكثر خطورة
فسأله بلهفة عن السبب الخطير الذي جعله يفقد وعيه
فقال له صاحب الورشة المسكين المحتار المذهول إن السبب الحقيقي لفقداني لكامل قواي العقلية وإغماءتي أن أثنين من الخواجات (الامريكان) القيافة وقفا بجواري يسألونني..
يا أخي لو تسمح وأشارا صوب النافذة: عندك فكرة بالله الخواجة الواقف مع كريم السوداني دا منو؟

عزيزي دكتور كامل إدريس أردنا بهذه الحكاية أن نحرضك بأن تدس في قلب تشكيلة التكنوقراط (أولاد الناس المهذبين) واحد شفاتي مثل كريم السوداني. وكما يقول أهلنا في الوسط الماهل: (قبيلةً ما فيها سفيه بتنحقر).
اللهم إني قد بلغت فأشهد

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عبد الحليم: قنا تمتلك كنوزًا سياحية غير مستغلة بشكل كافٍ
  • تصدر خلال أيام.. «مرايا في بلاط العميان» رواية جديدة لـ الدكتور محمد عثمان
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر التى فى خاطري !!
  • رسالة مؤثرة من المنجم بعد رحيله عن الشباب: “الله يكتب فيها الخير”
  • المجلس الرئاسي ينعي الدكتور «نجيب الحصادي» رمز المصالحة الوطنية وواحد من مؤسسيها
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (كتابات)
  • د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام "والقدوة" !!
  • كريم الشِّفت وزيرا في التشكيل الجديد
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (الحواشي…)