بوابة الوفد:
2025-12-13@09:48:42 GMT

عن ذلك الشيء الذى هو أقرب!

تاريخ النشر: 27th, September 2023 GMT

أكتب إليكم بحذر عن ذلك الشيء الذى أصبح أقرب. صحيح ليس أقرب من حبل الوريد ولكنه أقرب. أكتب بحذر ليس خوفا من شيء أو على شيء سوى مشاعركم أيها القراء، وأن أصدمها بالحقيقة التى لم نعد نستطيع أن نخفيها وهى أن سماءنا العربية لم تعد ملبدة بغيوم التطبيع والتى انقشعت بعد طول تلبد! بل إن التطبيع أصبح يحلق فيها وفى كل جنباتها.

أكتب عن التطبيع الذى بات أقرب ما يكون الآن فى سماء منطقتنا كلها من المحيط إلى الخليج حتى ليكاد أن يشاركنا كعبتنا.

وإذا كان البعض سيحاول أن يلمح من قريب أو من بعيد بأن لا جديد تحت الشمس حيث التطبيع ناحية المحيط قد استقر وتمكن وترعرع، فإنه على الجانب الآخر من عالمنا العربى يكرر التجربة ذاتها و»يتسلطن» ويوطد أركانه دون حول منا أو قوة.

حين تتأمل المشهد فى إطاره العام لك أن تتساءل: هل بحق أتى على العالم العربى حين من الدهر لم يعد معه مجال سوى أن يكون التطبيع «فرضا مفروضا»؟ هل وصلنا إلى الحد الذى لم يعد معه مفر من أن تظلنا جميعا كعرب مظلة خارجية هى مظلة التطبيع؟ هل يتم الأمر بمنطق أنه واجب قومى حتى نكون كلنا فى الهم سواء؟ ويا ترى ما الذى أوصلنا إلى هذا الحد؟ وهل هذا أمر جيد أم سيئ؟

هل جاء الأمر بعد طول تفكر وروية؟ ولو كان كذلك، فما العمل مع من أقدمنا على جلدهم فيما سبق لأنهم ارتكبوا نفس الفضيلة والتى كانت وقت الإقدام عليها كبرى الرذائل؟ وكيف نرد لهم اعتبارهم بعد أن نلنا منهم بين الأمم حتى رحلوا عن دنيانا وكأنهم على غير دين أبائنا؟ وهل تلك المظلة – مظلة التطبيع التى هى أقرب -  تلقى علينا بالمن والسلوى وتحقق ما فشلنا فيه على مدار عقود إن لم يكن قرونًا من نهضة وإحياء لنا من الرقاد بين الأمم؟ أم تدخلنا حالة من التيه على شاكلة تلك التى دخلها بنو إسرائيل وعلى يدى بنى إسرائيل أيضا؟!

هل نعيش حالة من المعقول أم أن الحالة التى نحياها استدعاء بكل اللغات والمعانى لمسرح اللا معقول؟ ربما تكون الحقيقة التى لا مهرب منها أننا فى العالم العربى وفى ممارسة اللا معقول ليس لنا حدود!

ولكن بدلا من هذه المرثية التى قد لا يكون هناك لزوم لها وربما تصادم التفكير العصرى الذى يفرض نفسه علينا، قد يدعونا البعض إلى ما هو أفضل، وهو أن نتخلى عن هذه الرؤى المتشائمة وأن نسلك طريقا آخر يقوم على نشر روح المحبة والمودة والتخلى عن الأفكار النمطية حول صراع «الوجود والحدود» بأن نحقق هدف الإنسانية بالإخاء والتسامح مع أبناء عمومتنا وغير عمومتنا وكل أقاربنا حتى ولو كان فى ذلك استخدام لرؤى مغلوطة ومنطق للأمور غير سليم؟

غير أن مشكلة هذا الطرح أنه لا يسمى الأمور بمسمياتها، فما الخجل فى أن نعترف ليس بأننا قد هرمنا وإنما هزمنا فى معركة كان من المنتظر أن نصمد فيها إلى النهاية؟ وما المشكلة فى أن نعترف بأنه كم من الجرائم ترتكب باسمك أيها التطبيع رغم سمعتك السيئة ومسيرتك المخزية؟

فى كل الأحوال لا يمكن أن ننكر أنها مرحلة من مراحل تدهورنا وأن الآتى ربما سيكون أفضل باعتبار أن العرب ربما لن يعيشوا أسوأ مما يعيشون فيه الآن! لعل وعسى!

Mostafa19622yahoo.com

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تأملات المحيط الجانب الآخر

إقرأ أيضاً:

تصريحات مشعل.. وواقعية حماس!

حتى لحظة كتابة هذه السطور، تبدو الكتابة فى هذا الأمر غير دقيقة جزئيًا ولكن الأمر لافت ويستحق التوقف. يتعلق الأمر بدلالة التصريحات التى أدلى بها خالد مشعل رئيس حركة حماس فى الخارج ونوهت قناة الجزيرة إلى أنها تأتى فى إطار برنامج من المفترض أن يكون قد أذيع أمس ويشير إلى ما يعتبر تحولًا كبيرًا فى موقف حماس بشأن مستقبل الأوضاع فى غزة وبالتالى القضية الفلسطينية ككل.

ليس للمرء أن يكون ملكيًا أكثر من الملك ولكن كلام مشعل يحمل رؤية يبدو أنها تتماشى مع الطرح الأمريكى وإلى حد ما الإسرائيلى، فسياق حديثه فى حدود ما نشر يشير إلى جانب بالغ الأهمية والخطورة فى آن ألا وهو تخلى المقاومة عن الأساس الذى تقوم عليه وهو النضال المسلح من أجل التخلص من الاحتلال الإسرائيلى، حيث أشار إلى أن المقاومة تطرح «مقاربات واقعية وعملية» تضمن عدم تعرض الجانب الإسرائيلى لهجوم جديد من قطاع غزة دون نزع السلاح. هذا الكلام إما أنه يحمل روحًا واقعية جديدة فعلًا أو أنه يمكن حسبانه بأنه يحمل نوعًا من الالتباس أو الغموض أو حتى المراوغة أو التناقض إذا كنا نريد أن نحسن الظن بمشعل وبمدى صدقية وصحة تعبيره عن موقف الحركة. فلو افترضنا أن الحركة سلمت بعدم الهجوم على إسرائيل فإن ذلك الأمر من المفترض أن يأتى فى سياق طرح متكامل يتعلق بمستقبل القضية الفلسطينية كأن يكون مربوطًا بأن يكون فى إطار خطة متكاملة تنتهى إلى قيام الدولة الفلسطينية مثلًا.

من ناحية ثانية فإن طرح مشعل يثير التساؤل بشأن جدوى الإبقاء على السلاح حال التزام عدم الهجوم على إسرائيل، ما يخفف من الصدمة التى يسببها الجزء الأول من تصريحه. وعلى هذا الأساس تبدو عبارة مقاربات واقعية التى قالها مشعل الأقرب إلى توصيف موقف الحركة التى من المفترض أن مشعل يعبر عنها كزعيمها فى الخارج.

يعزز ذلك أن بقية مواقف مشعل تشير إلى الانزلاق لباقى الطروحات الأمريكية مع بعض المناوشات أو التحفظات اعتقد- وأتصور أن مشعل نفسه لديه نفس الاعتقاد- أنها لن تغير من جوهر المشهد شيئًا وهو ما يتمثل فى إشارته إلى أن السلطة فى غزة ينبغى أن تكون فلسطينية وأن الفلسطينى هو من يقرر ومن يحكم، مع ما هو معروف بالطبع بشأن المآل الذى يمكن أن تنتهى إليه الأوضاع حال انتقال السلطة إلى تلك التى تدير الأوضاع فى الضفة الغربية وهى سلطة تتماهى وتتماشى مع الموقفين الأمريكى والإسرائيلى. ومن المتصور أن مستقبل القضية الفلسطينية لن يكون بالغ الإشراق، إذا أردنا تزيين الكلام، حال إناطة الموقف لهذه السلطة. هذا الطرح ربما يدخل موقف مشعل وحركة حماس بالتالى فى خانة إبراء الذمة بمعنى أننا ناضلنا حتى النهاية إلى أن تسلم آخرون الأمر وأن أى نهاية غير مواتية إنما تأتى بيد غيرنا لا بأيدينا.

تبدو هذه الفكرة جلية فى اشارة مشعل إلى أن غزة قدمت كل ما عليها، ولديه الكثير من الحق، وأن لها أن تنشغل بنفسها وإعادة الحياة بل وأن غزة، كما قال، لم تعد مطالبة بإطلاق النار مجددًا وهذا هو بيت القصيد والذى يؤكد فكرة التحول فى موقف مشعل وبالتالى حماس.

الواقعية مطلوبة والنزول من علياء الأفكار العصية على التحقق ربما يمثل نوعًا من الإدراك الصحيح للأمور، غير أن ذلك يجب أن يكون فى إطار رؤية أشمل لا تمثل تخليًا عن الهدف النهائى.. وتلك هى مفارقة تصريحات مشعل.

 

[email protected]

مقالات مشابهة

  • مقتدى الصدر: التطبيع والديانة الإبراهيمية على الأبواب.. المجاهد صار إرهابيا
  • «فخ» كأس العرب
  • نيللي كريم تعيش حالة انتعاش فني بـ3 أفلام
  • الصدر: بات التطبيع والديانة الإبراهيمية على الأبواب والفساد سجية والظلم منهجاً
  • فؤاد باشا سراج الدين .. الرجل الذى علم المصريين معنى الكرامة
  • الوجوه الثلاثة!!
  • العداء الإثيوبي.. والصبر المصرى
  • «السيسى» وبناء الدولة
  • تصريحات مشعل.. وواقعية حماس!
  • مي عز الدين تستذكر والدتها الراحلة بكلمات مؤثرة على إنستجرام