يجري رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، زيارة إلى السعودية، في خطوة تشير إلى مسار مفاوضات جديدة برعاية ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تشمل اتفاقا لوقف إطلاق النار وخارطة طريق سياسية بين الطرفين.

وتأتي الزيارة غير المعلنة، والتي يبدو أنها تجري وسط تكتم سعودي سوداني، بعد فترة من توقف مفاوضات جدة التي جرت بدفع سعودي أمريكي، وفق ما ذكرت صحيفة "العرب".

وتوصلت هذه الجولات من المفاوضات، في أكثر من مناسبة لاتفاق هش لوقف إطلاق النار، كان سرعان ما ينهار على وقع تبادل للقصف بين الجانبين وتبادل للاتهامات بخرقه.

ولم يسبق لقائدي الجيش والدعم السريع أن التقيا مباشرة منذ اندلاع النزاع المسلح في 15 أبريل/نيسان الماضي، لا في السودان ولا في خارجه، واقتصرت جولات المفاوضات التي استضافتها جدة على ممثلين عنهما.

وليس واضحا بعد ما إذا كان الجنرالان والشريكان السابقان في إدارة الحكم الانتقالي سيعقدان مباحثات مباشرة برعاية ولي العهد السعودي أم ستكون مباحثات غير مباشرة.

لكن في كل الحالات، وفق مراقبين، يعطي وصولهما إلى السعودية إشارة إيجابية على مسار جديد قد يسرع وقفا لإطلاق النار، ومنه يصار إلى خارطة طريق سياسية جديدة يجري الاتفاق على تفاصيلها لإنهاء النزاع المسلح.

اقرأ أيضاً

مباحثات سعودية أمريكية لوقف التصعيد في السودان

وتأتي هذه التطورات بينما أظهرت السعودية أو تطمح إلى دور دبلوماسي إقليمي ودولي وازن، في حل أزمات إقليمية وحتى دولية، وسبق لها أن عرضت التوسط بين روسيا وأوكرانيا لإنهاء الحرب الدائرة منذ نحو عامين.

وتأتي زيارة البرهان وحميدتي للمملكة، بينما يبدي الطرفان رغبة للتفاوض وإنهاء الحرب، لكن كل منهما يطرح شروطا لا يقبلها الآخر.

وكان قائد الجيش السوداني قد أعرب الإثنين الماضي عن استعداد مشروط للتفاوض مع حميدتي، مشيرا في الآن ذاته إلى قناعة لديه بالانتصار في هذه الحرب.

وبعد خطابه أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، قال البرهان في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، إنه سيجلس مع حميدتي، طالما أنه ملتزم بحماية المدنيين وهو ما تعهد به الجانبان خلال محادثات جدة في مايو/أيار الماضي، مضيفا: "نحن مستعدون للمشاركة في المفاوضات".

وتابع: "إذا كانت قيادة هذه القوات المتمردة ترغب في العودة إلى رشدها وسحب قواتها من المناطق السكنية والعودة إلى ثكناتها فسوف نجلس مع أي منهم"، مشددا على أنَّ "السودان سيبقى موحدا"، مستبعدا أن يكون مصير بلاده كالصومال.

كما عبر حميدتي في أكثر من مناسبة عن استعداده للتفاوض، مشددا على ضرورة عودة الجيش للثكنات وسبق أن طرح خارطة طريق لإنهاء الحرب.

اقرأ أيضاً

اتفاق سعودي أمريكي على ضرورة إنهاء الصراع في السودان

وأعلن عبر مقطع فيديو، قبل أيام، أنه مستعد لبدء محادثات سياسية والتوصل إلى سلام.

وجاء كلام قائد قوات الدعم السريع بعيد خطاب تصعيدي للبرهان أمام أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة، حذر خلاله من إمكانية أن تشمل الحرب كامل المنطقة.

وعرض حميدتي مبادرة لوقف القتال المستمر منذ 3 أشهر من خلال تشكيل لجنة اتصال مع القوى السياسية والمجتمعية وحركات مسلحة "للتوصل إلى حل سياسي شامل" للأزمة في البلاد، وذلك تزامنا مع عودة طرفي الصراع في السودان إلى طاولة المفاوضات في مدينة جدة السعودية.

وأجبرت الهزائم الميدانية المتتالية والثقيلة التي تكبدها الجيش السوداني في مواجهة قوات الدعم السريع خاصة في العاصمة الخرطوم وغيرها من المدن على العودة إلى طاولة المفاوضات في جدة، بعد اقتناعه بأنه غير قادر على حسم المعركة عسكريا، وأن إطالة أمد الحرب لن يكون في صالح قواته التي خسر منها الكثير بين قتيل وأسير ومنشق عنه انضم إلى قوات الدعم السريع.

وكانت السعودية والولايات المتحدة علقتا في أوائل يونيو/حزيران الماضي، محادثات سابقة بين الجانبين السودانيين في جدة بعد انتهاكات عديدة لوقف إطلاق النار، إلا أن البلدين أعلنا التزامهما بالعمل على إنهاء الصراع وتلبية الاحتياجات الإنسانية.

اقرأ أيضاً

السعودية تعلن استمرار محادثات ممثلي البرهان وحميدتي بجدة

المصدر | الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: السودان السعودية بن سلمان اشتباكات السودان قوات الدعم السریع فی السودان

إقرأ أيضاً:

الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”

رفض الاتحاد الإفريقي الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرا من خطر تقسيم البلاد وتداعيات ذلك على جهود السلام، وداعيا المجتمع الدولي إلى عدم التعامل مع الكيان الجديد.

دعا الاتحاد الإفريقي إلى عدم الاعتراف بالحكومة الموازية التي أعلنتها قوات الدعم السريع في السودان، محذرًا من تداعيات هذه الخطوة على وحدة البلاد وجهود السلام الجارية، في وقت تتصاعد فيه الأزمة الإنسانية نتيجة الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
تحذير من تقسيم السودان

وفي بيان له، دعا مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي “جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى رفض تقسيم السودان وعدم الاعتراف بما يُسمى الحكومة الموازية” التي شكلتها قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المدعو “حميدتي”.

وأكد البيان أن هذه الخطوة “ستكون لها عواقب وخيمة على جهود السلام ومستقبل السودان”، منددا مجددا بـ”جميع أشكال التدخل الخارجي التي تؤجج النزاع السوداني، في انتهاك صارخ” لقرارات الأمم المتحدة.
حكومة موازية وسط رفض محلي ودولي

وأعلنت قوات الدعم السريع يوم السبت 26 تموز/يوليو تشكيل حكومة موازية تتألف من 15 عضوا، يرأسها حميدتي، ويتولى عبد العزيز الحلو، زعيم “الحركة الشعبية لتحرير السودان”، منصب نائب رئيس المجلس الرئاسي. كما تم تعيين محمد حسن التعايشي رئيسا للوزراء، والإعلان عن حكام للأقاليم، وذلك خلال مؤتمر صحفي عقد في مدينة نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور.

وكان حميدتي قد أعلن في نيسان/أبريل الماضي، في الذكرى الثانية للحرب الأهلية، نيته تشكيل “حكومة السلام والوحدة”، مؤكدا أن التحالف الجديد يمثل “الوجه الحقيقي للسودان”، مع وعود بإصدار عملة ووثائق هوية جديدة، واستعادة الحياة الاقتصادية.

وقد أعربت الأمم المتحدة في حينه عن قلقها العميق من خطر “تفكك السودان”، محذّرة من أن مثل هذه الخطوات ستؤدي إلى تصعيد إضافي في النزاع وترسيخ الأزمة.
اتهامات لـ”الدعم السريع” باستهداف المدنيين

وقبل أيام، اتهمت مجموعة “محامو الطوارئ” السودانية، المعنية بتوثيق الانتهاكات خلال الحرب المستعرة في البلاد، قوات الدعم السريع بارتكاب مجزرة راح ضحيتها 30 مدنياً على الأقل، بينهم نساء وأطفال، خلال هجوم استمر يومين على قرية بريما رشيد بولاية غرب كردفان.

وذكرت المجموعة، في بيان صدر الجمعة 25 تموز/يوليو، أن الهجوم وقع يومي الأربعاء والخميس واستهدف القرية الواقعة قرب مدينة النهود، وهي منطقة استراتيجية لطالما شكلت نقطة عبور للجيش السوداني في إرسال التعزيزات نحو الغرب. وأسفر اليوم الأول من الهجوم عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينما ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي إلى 27.

وأكد البيان أن “من بين القتلى نساء وأطفال، ما يجعل من الهجوم جريمة ترقى إلى انتهاك جسيم لقواعد القانون الدولي، لاسيما من حيث الاستهداف المتعمد والعشوائي للمدنيين”.

وفي تطور خطير، اتهمت المجموعة قوات الدعم السريع باقتحام عدد من المنشآت الطبية في النهود، بينها مستشفى البشير والمستشفى التعليمي ومركز الدكتور سليمان الطبي، ووصفت ذلك بأنه “انتهاك صارخ لحرمة المرافق الطبية”.

ولم تصدر قوات الدعم السريع حتى الآن أي تعليق رسمي على تلك الاتهامات.
انقسام ميداني يعمق الأزمة الإنسانية

وتخوض قوات الدعم السريع منذ 15 نيسان/أبريل 2023 حربا دامية ضد الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسفرت عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وتشريد أكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، بحسب الأمم المتحدة. وتسيطر قوات الجيش على مناطق الشمال والشرق والوسط، بينما تفرض قوات الدعم السريع سيطرتها على معظم إقليم دارفور وأجزاء من كردفان.

في ظل هذا الانقسام، تعاني البلاد التي يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليون نسمة من أزمة إنسانية غير مسبوقة، تتفاقم مع انتشار المجاعة وصعوبة وصول المساعدات.
13 وفاة بسبب الجوع في دارفور

وفي مؤشر على عمق الكارثة الإنسانية، أعلنت مجموعة “شبكة أطباء السودان” أمس الثلاثاء عن وفاة 13 طفلا في مخيم لقاوة بشرق دارفور خلال الشهر الماضي بسبب سوء التغذية. ويأوي المخيم أكثر من 7000 نازح، معظمهم من النساء والأطفال، ويعاني من نقص حاد في الغذاء.

ودعت المجموعة المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة إلى زيادة الدعم الإنساني العاجل، محذرة من تفاقم الوضع في ظل تزايد معدلات الجوع بين الأطفال. كما ناشدت منظمات الإغاثة الأطراف المتحاربة السماح بدخول المزيد من المساعدات إلى مناطق النزاع.
أزمة إنسانية خطيرة

وبحسب تقييمات الأمم المتحدة، يعيش السودان واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، في ظل تعقيدات أمنية وسياسية تحول دون الوصول الآمن للمساعدات. ومع تزايد المبادرات المنفردة لتقاسم السلطة، تبدو البلاد مهددة بتفكك فعلي، في غياب تسوية شاملة للنزاع بين الجيش وقوات الدعم السريع.

من جهة أخرى، قالت المنظمة الدولية للهجرة إنه “رغم احتدام الصراع في السودان ظهرت بؤر من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من 1.3 مليون نازح للعودة إلى ديارهم، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا”.

وأضاف المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي أن “أغلبية العائدين توجهت إلى ولاية الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا، ثم إلى سنار بنسبة 13%، والخرطوم بنسبة 8%”.

وتوقع بلبيسي عودة “نحو 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، ولا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب”.

يورو نيوز

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقـ.ـتل 15 مدنيا برصاص قوات الدعم السريع في دارفور
  • إعلام إسرائيلي يستبعد التوصل إلى صفقة قريبة لوقف الحرب على غزة
  • عاجل.. الجيش السوداني يُعلن إسقاط طائرة مسيرة تابعة لـ الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • الدعم السريع (الجنجويد)، «مليشيا إرهابية تتحرك كأعمدة موت»
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • شاهد بالفيديو.. كيكل: سنطارد “الدعم السريع” حتى “أم دافوق”
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان
  • مصر تؤكد على أهمية التوصل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار بغزة
  • الاتحاد الإفريقي يحذر من تقسيم السودان ويرفض الاعتراف بالحكومة الموازية لـ”الدعم السريع”