معهد دولي يكشف عن الجينات التي تغذي مقاومة المضادات الحيوية لتفشي وباء الكوليرا في اليمن (ترجمة خاصة)
تاريخ النشر: 30th, September 2023 GMT
كشف "معهد ويلكوم سانجر" بجامعة تورنتو عن الجينات التي تعذي مقاومة المضادات الحيوية في تفشي وباء الكوليرا في اليمن الذي يشهد حربا أهلية منذ تسع سنوات.
وقال المعهد في دراسة له ترجمها للعربية "الموقع بوست" إن مقاومة المضادات الحيوية على نطاق واسع بين البكتيريا المسببة للكوليرا والتي تسببت في تفشي المرض في اليمن منذ عام 2018 تم تفسيرها من خلال خلط الجينات.
وأفاد بأن العلماء حددوا مصدر مقاومة المضادات الحيوية التي ظهرت داخل البكتيريا التي تسبب وباء الكوليرا المستمر في اليمن.
وتؤكد النتائج، التي نُشرت اليوم (28 سبتمبر) في مجلة Nature Microbiology، على أهمية المراقبة الجينومية المستمرة لمسببات الأمراض لرصد ظهور سلالات مقاومة للأدوية المتعددة.
وذكرت الدراسة أن تفشي الكوليرا في اليمن يعد هو الأكبر في التاريخ الحديث، وهو مسؤول عن أكثر من 2.5 مليون حالة إصابة وما لا يقل عن 4000 حالة وفاة منذ عام 2016. والكوليرا مرض معدٍ تسببه سلالات معينة - أنواع وراثية - من البكتيريا المعروفة باسم ضمة الكوليرا (V. cholerae). ) مع احتمال وبائي2.
وقالت إن المضادات الحيوية تساعد على تقصير مدة المرض، مما يعني أن المريض أقل عرضة للإصابة بنتائج خطيرة ويظل قابلاً للانتقال لفترة أقل، مما يقلل من احتمالية انتشاره إلى الآخرين. وكانت الماكروليدات، وهي فئة من المضادات الحيوية، تستخدم على نطاق واسع في اليمن حتى أوائل عام 2019 لعلاج حالات الكوليرا المتوسطة إلى الشديدة لدى النساء الحوامل والأطفال، الذين مثلوا عددًا كبيرًا من الحالات.
وأشارت إلى أنه بدءًا من عام 2018، لاحظ متخصصو الرعاية الصحية اتجاهًا مثيرًا للقلق: لم يعد المرضى يستجيبون للعلاجات بالمضادات الحيوية في الخطوط الأمامية.
في هذه الدراسة الجديدة، شرع باحثون من معهد ويلكوم سانجر بجامعة تورنتو ومعهد باستور بجامعة صنعاء والمتعاونون معهم في الكشف عن الأسباب الكامنة وراء هذه المقاومة المتزايدة للأدوية، وذلك من خلال تحليل 260 عينة من الحمض النووي لوباء الكوليرا التي تم جمعها في اليمن بين 2016 و 2019.
ووجد الفريق أن نوعًا من ضمة الكوليرا يحتوي على عناصر وراثية مقاومة للأدوية المتعددة، تولى دور العامل الممرض الرئيسي خلال فترة تفشي المرض في اليمن، ويرجع ذلك على الأرجح إلى الاستخدام الواسع النطاق للمضادات الحيوية في ذلك الوقت.
وقد حددوا وجود بلازميد جديد - وهو جزيء DNA دائري صغير - في جميع عينات وباء الكوليرا التي تم اختبارها منذ نوفمبر 2018. وقد أدخل هذا البلازميد جينات تشفر المقاومة للعديد من المضادات الحيوية المستخدمة سريريًا، بما في ذلك الماكروليدات.
ووجد الباحثون أيضًا البلازميد المقاوم للأدوية المتعددة في سلالات ضمة الكوليرا المحلية المستوطنة، غير المرتبطة بمرض الكوليرا نفسه، مما يشير إلى أن هذه السلالات المختلفة كانت قادرة على تبادل البلازميدات بقدرات مقاومة المضادات الحيوية. ويضيفون أن الضغط الانتقائي القوي الناتج عن الاستخدام المكثف للمضادات الحيوية في ذلك الوقت هو الذي دفع هذه العملية.
وأكدت أن استقرار البلازميد في ضمة الكوليرا يتحدى الآليات المعتادة التي كانت ستقضي عليه. هذه المرونة تجعل الضغط عاملاً مثيرًا للقلق في سياق تفشي الكوليرا في المستقبل.
وقالت "لقد كان هذا النوع من مسببات الكوليرا ناجحًا للغاية قبل عام 2019، مما تسبب في أكبر تفشي للكوليرا في التاريخ المسجل. لقد كشفت الآن عن مدى قدرتها على التكيف في مواجهة اختيار الأدوية. إن ما أظهرناه هو الظهور المستقر بشكل غير متوقع لنوع جديد من مسببات أمراض الكوليرا التي تجمع بين الأدوات المسببة للمرض لدى إحدى السلالات الوبائية وأدوات البقاء في السلالات الأخرى. ويتطلب هذا الوضع إجراء المزيد من الأبحاث حول تطور الجينومات البكتيرية. ومن خلال فهم أفضل لكيفية تطور ضمة الكوليرا وقدرتها على تحفيز تفشي المرض، يمكننا تحسين استراتيجيات مكافحتها."
وأكدت أن سلالة الكوليرا هذه، والتي تم العثور عليها أيضًا في منطقة جنوب شرق إفريقيا، لديها القدرة على التقاط البلازميدات التي تحمل مقاومة للأدوية المتعددة. ويشكل هذا السلوك غير المتوقع تهديداً جديداً لمكافحة الكوليرا، ويجب فهمه بالكامل قبل أن نتمكن من تطوير استراتيجيات تخفيف فعالة.
وأوضحت إن الانتشار العالمي المستمر لسلالة الكوليرا القادرة على الصمود أمر مثير للقلق العميق. وقالت "كان إجراء هذه الدراسة أمرًا صعبًا بشكل خاص بسبب الصراع المستمر في اليمن. ومع ذلك، كان هذا جهدًا تعاونيًا شاركت فيه مؤسسات متعددة في مختلف البلدان، بهدف الكشف عن الأسباب الكامنة وراء وباء الكوليرا.
ولفتت إلى أن المقياس النهائي لنجاح دراستنا، بما يتجاوز الملاحظات النقدية التي قدمناها بشكل جماعي، يكمن في جعل خبراتنا وعملياتنا ومعارفنا الجماعية في متناول أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها. وقد تجلى ذلك في ندوتنا الأخيرة، والتي وحدت المشاركين من جميع أنحاء العالم لتسريع استجابتنا للأمراض المعدية. ويظل هذا هدفنا المشترك، وهو هدف يتطلب بذل المزيد من الجهود المتضافرة لتحقيقه. ومن الواضح من النتائج التي توصلنا إليها أنه بدون بيانات أكثر دقة، فمن غير المرجح أن يتم القضاء على هذا العامل الممرض في أي وقت قريب. ومع ذلك، مع توفر بيانات أفضل، يمكننا إحداث تغييرات جوهرية من شأنها تحسين الصحة العامة بشكل كبير على أرض الواقع.
*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا
*ترجمة خاصة بالموقع بوست
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن الكوليرا وباء جينات مقاومة المضادات الحیویة وباء الکولیرا الکولیرا فی الحیویة فی فی الیمن
إقرأ أيضاً:
بعد عودتها “منهكة”.. البنتاغون يكشف: حاملة الطائرات “ترومان” نفذت أكثر من 13 ألف طلعة على اليمن
يمانيون | تحليل
في إعلان يكشف حجم المشاركة الأمريكية المباشرة في العدوان على اليمن، أفادت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أن حاملة الطائرات “هاري إس ترومان”، التي وصلت يوم الأحد إلى قاعدة “نورفولك” البحرية بالولايات المتحدة، نفّذت أكثر من 13,000 طلعة جوية قتالية خلال فترة انتشارها في البحر الأحمر، ضمن العمليات العسكرية الأمريكية ضد اليمن.
هذا الإعلان –الصادر عن خدمة توزيع المعلومات المرئية الدفاعية التابعة للبنتاغون– يتزامن مع مغادرة “ترومان” مياه البحر الأحمر بعد تعرضها لضربات نوعية من القوات المسلحة اليمنية، الأمر الذي اعتبره مراقبون مؤشراً على فشل استراتيجي أمريكي في إخضاع الجبهة اليمنية أو كسر إرادتها القتالية.
13 ألف طلعة… والنتيجة: انسحاب مرّ
وبحسب البيان، فإن طائرات مجموعة “ترومان” حلّقت لأكثر من 25 ألف ساعة، وقطعت حاملة الطائرات أكثر من 240,000 ميل بحري، ما يشير إلى كثافة العمليات التي قامت بها في إطار العدوان الأمريكي المستمر على اليمن..غير أن الأرقام الكبيرة هذه لم تُترجم إلى نتائج ميدانية ملموسة، وهو ما تجلّى بوضوح في قرار سحب “ترومان” من ساحة المواجهة بعد إخفاقها في إحداث اختراق في المعادلة اليمنية.
قناة “13 نيوز ناو” الأمريكية وصفت عودة “ترومان” إلى الوطن بـ”المغادرة المتأخرة بعد سلسلة من الإخفاقات”، مشيرة إلى أن الحاملة لم تتمكن من تأمين أهدافها، رغم قوتها النارية الكبيرة، بسبب تعاظم قدرات الدفاع اليمني البحري والجوي.
الردع اليمني يرسم قواعد جديدة للصراع
تأتي مغادرة “ترومان” عقب أشهر من الاشتباك غير المتكافئ بين آلة الحرب الأمريكية المتطورة، وقوات يمنية محاصرة لكنها صاعدة بثبات في ميدان الردع البحري والجوي..وقد شكّل استهداف حاملة الطائرات الأمريكية من قبل القوات المسلحة اليمنية، سابقة لافتة، كسرت ما تبقى من هيبة بحرية واشنطن في المنطقة، ودشّنت مرحلة جديدة في المعادلة الاستراتيجية.
ويرى محللون أن إخفاق “ترومان” في فرض التفوّق الجوي الأمريكي المطلوب، لا يعكس فقط فشل حملة عسكرية، بل يؤشر على أن واشنطن بدأت تفقد قدرتها على فرض معادلات الردع التقليدية، في ظل تطور أدوات المقاومة اليمنية، واتساع نطاق الاشتباك الجيوسياسي في المنطقة.
حرب الاستنزاف: اليمن يقاتل بأسلوب “النكء الذكي”
اللافت في إعلان البنتاغون، أنه جاء بعد أيام فقط من تزايد الضربات البحرية والجوية اليمنية ضد التحركات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، الأمر الذي أعاد طرح سؤال جوهري: من يملك المبادرة فعلياً؟
تشير الوقائع إلى أن القوات المسلحة اليمنية، التي تمكنت من تحويل استراتيجيتها إلى نمط “النكء الذكي”، استطاعت أن تستنزف حاملة الطائرات الأمريكية من دون خوض مواجهة مفتوحة، مكتفية بالضغط المتواصل، والتلويح بقوة الردع، ما أجبر واشنطن على الانسحاب “تحت جنح الهزيمة الصامتة”، بحسب توصيف أحد الخبراء العسكريين الأمريكيين.
صعود اليمن… وسقوط مبدأ “التفوق الأمريكي البحري”
الإعلان الأمريكي عن أرقام الطلعات وساعات التحليق، رغم ما يحمله من محاولة للتفاخر، يكشف عمليًا حجم الموارد المهدورة مقابل نتائج صفرية على الأرض.. فما الفائدة من آلاف الطلعات، إذا كان الهدف الأساسي –كسر إرادة صنعاء– لم يتحقق؟ بل على العكس، خرجت صنعاء من هذه المرحلة أكثر حضورًا وتأثيرًا، بينما انكمشت القوة الأمريكية إلى حدود القواعد الآمنة في البحرين وجيبوتي.
ما حدث مع “ترومان” ليس حادثة عابرة، بل تحوّل استراتيجي، يؤكد نهاية عصر التفوق الأمريكي المطلق في البحار، وولادة قوى مقاومة قادرة على إزعاج وتطويق حاملات الطائرات، عبر تكتيكات هجينة وأسلحة غير تقليدية.
اليمن يغيّر قواعد الاشتباك
في ظل هذا التطور، يمكن القول إن اليمن، برغم الحصار والعدوان، استطاع أن يفرض معادلة “لا تفوق بلا ثمن”، وهو ما يفسّر لماذا أُجبرت “ترومان” على الانسحاب، ولماذا يتحدث البنتاغون بلغة الأرقام أكثر من الإنجازات.
وعليه، فإن الحديث عن أكثر من 13 ألف طلعة جوية خلال العدوان على اليمن، لم يعد دليلاً على قوة أمريكا، بل بات شاهدًا جديدًا على فشلها في مواجهة إرادة شعب يرفض الركوع.