حلب-سانا

ركزت نقاشات الجلسة الحوارية التي نظمتها وزارة الثقافة تحت عنوان (الهوية الوطنية، محدداتها، ومهدداتها وسبل تعزيزها)، في صالة مديرية الثقافة بحلب على مكونات الهوية الوطنية ومعالمها، والسبل الكفيلة بتعزيزها ضمن مشروع وطني تعمل الوزارة على تنفيذه، بالتشاركية والحوار مع مجموعة من المثقفين والمفكرين والأدباء في عدد من المحافظات.

وأوضحت وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح في تصريح لمراسل سانا أن الوزارة تقوم ومنذ فترة بمشروع الإعداد للخطة الوطنية لتحديد معالم الهوية الوطنية ومكوناتها ومهدداتها وسبل تعزيزها، وهو مشروع وطني بامتياز، وستكون شريكةً في برنامجه التنفيذي كل الوزارات والجهات الحكومية والوطنية المعنية بالثقافة والمواطنة وتهيئة البيئة المناسبة لتعزيز الشعور بالانتماء الوطني.

وأضافت: “إنه تمت إقامة ورشة عمل في دمشق بمشاركة عدد من المفكرين والمثقفين، وتم الخروج بوثيقة عمل تم عرض جزء منها على نخبة من المثقفين بحلب، وتمت مناقشة العديد من النقاط وإغناء الوثيقة، وسيتم استكمال نقاشها خلال الفترة القريبة القادمة في محافظة حماة، وبنودها المختلفة وشرح أهداف هذا المشروع للمثقفين بمحافظات حماة وإدلب والرقة”.

وأعربت عن أملها بأن تخرج هذه الخطة للنور قريباً بمشاركة معظم الفعاليات الثقافية والفكرية في سورية، منوهةً بأن هوية سورية الوطنية تستحق بذل الجهود من الجميع، لأن تعزيز هذه الهوية يعني تعزيزاً للشخصية العربية السورية والانتماء والمواطنة، وكذلك تعزيز العلاقة التبادلية بين الوطن والمواطن والواجبات والحقوق.

كاميرا سانا رصدت آراء عدد من النخب الفكرية، حيث بين الدكتور فاروق اسليم من جامعة حلب أن لقاء اليوم حول الهوية الوطنية يكتسب أهميةً كبيرةً، لأن سورية بحاجة إلى مشروع وطني لإعمار واستعادة الثقة بالنفس والحياة الطبيعية، وهذا المشروع لا يمكن تحقيقه إلا بمشروع مواز نعي فيه وجودنا وانتماءنا وهويتنا في تكوينها التاريخي القديم والمعاصر والتحديات الكبيرة الداخلية والخارجية التي تواجهها هذه الهوية.

وأكد الرئيس الروحي للكنيسة الإنجيلية العربية بحلب القس إبراهيم نصير أهمية بناء واقع يتميز برؤية المستقبل القادم، منوهاً بالصراحة المطلقة التي تميزت بها الجلسة، وبالانفتاح الكامل والقدرة على الحوار مع الآخر مهما تباين ومهما اختلف، وهذه قاعدة مهمة لبناء مستقبل أكبر لسورية.

وقال الدكتور حليم أسمر من كلية التربية بجامعة حلب: “لا نطلب أن تكون الهوية الوطنية جامدةً بل أن تبقى ديناميكيةً منفتحةً تحاول استشراف المستقبل للبلد، انطلاقاً من الحاضر، وبهذه النقاشات يمكن الوصول لنتائج مرضية لدى التفكير بكتابة وثيقة وطنية للهوية”.

وبين الباحث القدير محمد قجة أن الجلسة تضمنت الاستعراض السريع للهوية الوطنية ومكوناتها من تاريخ وجغرافيا وديموغرافيا وثقافة، والمواطنة في سورية وما تحمله هذه الكلمة من حقوق وواجبات متبادلة بين المواطن والوطن والمقترحات المطلوبة لتطوير هذه المفاهيم وتوضيحها.

قصي رزوق

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

كلمات دلالية: الهویة الوطنیة

إقرأ أيضاً:

في الحوار الدائر حول كتاب “مدخل إلى الثقافة الوطنية والمدنية”

في الحوار الدائر حول كتاب ” #مدخل إلى #الثقافة_الوطنية_والمدنية”

د. #علي_أحمد_الرحامنة

لا يزال الجدل دائرًا حول كتاب “مدخل إلى الثقافة الوطنية والمدنية” الجديد الذي أقرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تدريسه للطلبة في الجامعات. والحوار يتركّز في أوساط الهيئات التدريسية، والمعنيّين بمادة التربية الوطنية خصوصا، ولكنّه يتّسع ليشمل أوساطًا أخرى، وهذا ما بيّنته بعض القراءات النقدية المنشورة واللقاءات الأكاديمية الجادّة، وتشهد على أهمّيته مستويات التفاعل مع “المنهج الجديد”، رفضا له أو قبولا، بالمعنى الجزئي أو النسبي أو المطلق. ومن حيث المبدأ، يبدو هذا الاهتمام تعبيرًا صحّيًّا عن وعي بأهمية هذه المادة، وحرصًا طبيعيًّا على أن تكون في المستوى المطلوب، منهجيًةً، ودورًا، وأثرًا تربويًّا ووطنيا وقوميا ودينيا وأخلاقيا وإنسانيا عاما. ولا خلاف، ربّما، في ضرورة النظر بإيجابية واهتمام إلى كلّ إسهام جادّ وموضوعيّ في هذا الموضوع.

وقد أكون معنيا مباشرة بالإسهام في هذا الحوار؛ كوني، على الأقلّ، درّست هذه المادة في كلية جامعية وأربع جامعات أردنية. وفي الواقع، يتطلّب الأمر أكثر بكثير من مقالة هنا، وانطباع هناك. وقد لا أبالغ إن قلت إن الأمر يستحق تنظيم لقاء متخصص، يشارك فيه معنيّون مؤهلون، وتُقدّم ضمنه أوراق تقويمية أو نقدية، للخروج بموقف أكاديميّ يمكن الاستناد إليه. والأمر على هذه الدرجة من الأهمية، خاصة وأن أوساطًا أكاديمية عديدة أبدت ملاحظات جوهرية حول صلاحية الكتاب الجديد لتدريس مادة التربية الوطنية، أو الثقافة الوطنية والمدنية، كما أسماها الكتاب المقترح.

مقالات ذات صلة بالصور … كرنفال احتفالي بهيج في عمان الأهلية بعيد الاستقلال 2025/05/28

وفي الواقع، لا تحتمل مقالة صحفية المرور بأهمّ الملاحظات على الكتاب، كما أراها، وهي ملاحظات في صورة عناوين سريعة، في هذا المقام. ولا بدّ أولا من الإشارة إلى أن هناك جهدا واضحا تمّ بذله في إعداد الكتاب. ومن حيث الشكل واللغة وما إليهما، ومع وجود ملاحظات وأخطاء محدودة عموما، ويمكن ذكرها بشيء من التفصيل إن لزم الأمر، إلاّ أن الكتاب لائق وجيّد التركيب في هذه الحدود. ولكن الملاحظات الأبرز تتّصل بالإطار العام وأبرز المضامين، وهي التي تشكّل في الواقع محرّكات لتفاوت وجهات النظر، بل وتعارضها أحيانا، في هذه المحاور. وقد أشار بعض المتخصصين والأكاديميّين إلى بعض هذه المسائل، مثل التوثيق، وعدم تناسب الأوزان النسبية للفصول، وتجاهل بعض المحطات التاريخية أو عرضها بأقلّ مما تستحقّ، وانعدام التوثيق العلمي والمراجع، وإطلاق تعبيرات مثل المملكة الأولى والثانية والثالثة والرابعة، بما يشبه تقليد للتسميات الفرنسية لما يسمونه الجمهورية الأولى والثانية حتى الخامسة، وغير ذلك من الملاحظات التي تبدو مشروعة، ولكنها تبقى عرضة للرفض أو القبول والتبرير والتفسير.

ولكن هناك مسائل أخرى ترى بعض أوساط الهيئات التدريسية أنها لا تحتمل المزيد من الاجتهاد والأخذ والرّدّ؛ كونها تمثّل ثُغَرًا واضحة يجب التوقّف عندها، وأنا مع هذه الملاحظات، والتي من أمثلتها أن عنصر وصف عدد كبير من الأحداث طغى على أيّ سياقات تاريخية أو حيثيات، فجاءت المادة في بعض المواقع منفصلة عن أطرها السياسية والاجتماعية-الاقتصادية والروحية والثقافية. بل وإن أحداثا كبرى شهدتها المنطقة، قبيل ولادة الدولة الأردنية وبعدها جاءت في سياق باهت، وبعضها لم يأتِ في سياقه التاريخي الطبيعي البديهي المعروف، ومن ذلك، الثورة العربية الكبرى، والبُعد القومي العربي، والجذور والسياقات العربية والإسلامية للأردن، وغير هذا كثير. وينطبق على ذلك أيضا، المشروع الاستعماري البريطاني والفرنسي في المنطقة، تمهيدا لقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي، وما خلّفه ذلك ولا يزال على المنطقة عموما، وفلسطين والأردن على وجه الخصوص.

وفي هذا الشأن، كان المأمول أن يتناول كتاب التربية الوطنية بكلّ توسّع واهتمام، المخاطر الوجودية الكبرى لبرامج التوسّع الاستيطاني على فلسطين والأردن معا، وتجاهل الاحتلال بممارساته للوصاية الهاشمية على المقدسات في القدس، والعمل الذي لا يتوقف على تهويد القدس، تمهيدا لهدم المسجد الأقصى وبتاء الهيكل المزعوم مكانه، وغير هذا كثير مما تعمل به القوى الحاكمة الأكثر تطرفا وعنصرية وفاشية في دولة الاحتلال، ووراءها مجتمع ينساق باستمرار نحو المزيد من التطرف اليمين والعنصرية الفجّة. ومع أن الكتاب يذكر هذه المسائل، ولكنه يذكر دولة الاحتلال من باب “الجوار الجغرافي” لفلسطين ودولة الاحتلال. ولا يتوقف الكتاب أمام الأحداث المزلزلة التي تعيشها المنطقة، مع أنه تمسّ الأردن بصورة مباشرة، وبما لا يقبل أي تأويل.

وفي السياق نفسه، وبما يبدو موقفا سياسيا مسبقا، يتخذ الكتاب في عرضه لعدد من المسائل، مواقف تثير الانطباع بأن الكتاب موجه مع أو ضد هذا التوجّه السياسي أو ذك، مع أن الأوراق النقاشية الملكية، وكل عملية الإصلاح السياسي ترتكز إلى العمل لتبلور اتجاهات اليمين والوسط واليسار، وهذا ما لم يراعِه الكتاب. ولو دعت الحاجة، فبالإمكان طرح عشرات الأمثلة في هذا السياق. وفي الحالة الأردنية المعاصرة، لم تحظَ عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي والإداري ومكافحة الفساد بما يعكس أهميتها في المساعي الرامية للنهوض والتقدّم.

أمّا “النصف الثاني” من الكتاب، فغير موجود! ومع الأمثلة المحدودة التي وردت في ما يخصّ التربية الوطنية، فإن التربية المدنية الموعودة في العنوان غائبة فعلا، ما لم يكن هناك اختلاف في تعريف التربية المدنية، وتكاملها مع التربية الوطنية، خاصة وأن الدولة الوطنية المدنية المعاصرة هي دولة سيادة القانون والمساواة أمامه، وتكافؤ الفرص، ونبذ المحسوبية والفساد والتمييز، وهي دولة تواجه السلوكات والعادات الضارة والمرفوضة دينيا أخلاقيا ووطنيا، بتربية أجيالها تربية وطنية ومدنية معاصرة، تُبقي من الماضي على الإيجابي وترعاه، وتعمل على تحجيم ما هو سلبي وتجاوزه، في بيئة داعمة للبناء العلمي المتحضّر المعاصر، مع كل احترام ورعاية وتقدير للقيم المشرقة الوضّاءة في ماضينا البعيد والقريب.

مقالات مشابهة

  • «ذاكرة المدينة» مشروع ثقافي رقمي لترسيخ الهوية المصرية وحفظ التراث
  • فارس المزروعي: مهرجان سباق دلما التاريخي يسهم في صقل وترسيخ الهوية الوطنية
  • جلسة تبحث تحسين تجربة المرضى ودعم الفحوصات للمقبلين على الزواج
  • جدال بين النيابة العامة و هيئة الدفاع يرفع جلسة محاكمة الناصري
  • لهذا السبب توقّفت الجلسة الحكوميّة في بعبدا
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة يستقبل وزير المالية الدكتور محمد يسر برنية، ويبحث معه آلية التنسيق المالي بين الوزارتين وسبل تعزيز التعاون المشترك بما يسهم في تحسين كفاءة العمل وتيسير الإجراءات المالية
  • جلسة حوارية تتناول «الهوية والقيم في مجتمع الإمارات»
  • “المركزي” ينظم جلسة حوارية حول دور المرأة في التكنولوجيا المالية والابتكار
  • في الحوار الدائر حول كتاب “مدخل إلى الثقافة الوطنية والمدنية”
  • جلسة حوارية مستفيضة تبحث سبل تمكين المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاع الخدمات المالية