عربي21:
2025-05-11@19:47:36 GMT

نصف قرن على حرب تشرين: إسرائيل في أمان عربي

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

تحتفي مؤسستان عسكريتان في العالم العربي (مصر- سوريا) بحرب تشرين 1973 (حرب رمضان أو أكتوبر)، مناسبة تتعرض لتعظيمٍ ونفخٍ مستمر بها، وأنتجت طفرة واسعة في أدبيات العسكر وأنظمتهم المقتاتة على مناسبةٍ بالإصرار على وصفها بـ"الانتصار" على عدوٍ سوّق لجيشه بأنه لا يقهر، وقدرة العرب حينها على كسر هذه الهيبة، وتحقيق ثغرات في جبهات القتال في الجولان وسيناء.



لكن أياً تكن الإنجازات المسجلة في أدبيات السياسة المصرية والسورية عن حرب تشرين منذ نصف قرن، فهي تبقى آخر الحروب الرسمية مع إسرائيل كما دلت وقائع التاريخ العسكري والسياسي على الجبهتين المصرية والسورية، والتي انتهت باتفاقيات "سلام" مع إسرائيل في 1979، وقبلها التوقيع على اتفاق فصل القوات مع النظام السوري 1974.

كيفية استثمار حرب تشرين بدت واضحة في سياق سياسة عربية رسمية، كُتب وقيل الكثير عنها منذ اندلاعها حتى استذكار المناسبة كل تشرين. وما قيل عن الحشد الاستراتيجي للتسلح حينها وتأمين التفوق اللازم والحسابات الديناميكية ومسألة الزمان والمكان المناسبين للرد على عدوان الاحتلال، دلت نتائجها في عصرنا الحالي على حقيقة محزنة بجواب شمعون بيريز لسؤال عن مستقبل إسرائيل، أمام معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي بعد عام من الحرب في 1974:

قال بيريز: "أريد اليوم أن أطمأنكم لمستقبل إسرائيل. إسرائيل تستثمر في التكنولوجيا وفي الإنسان، فأنتم في أمان، وطالما إسرائيل محاطة بأنظمة تستثمر في السلطة وفي المال فأنتم في أمان".

مقابل هذا الطرح والفهم الإسرائيلي لأوضاع عربية رسمية، اتخذت من عوامل تحقيق الأمان والطمأنينة للمشروع الصهيوني، تم انتهاج سياسات لا علاقة لها بإفشال هذا المشروع، أو محاربته باستثمارات مشابهة في مجتمعات ومؤسسات عربية. على العكس، ساهمت حالة الاسترخاء العسكري العربي أمام جولات العدوان منذ نصف قرن وإلى اليوم في تثبيتها كقاعدة للحكم والسيطرة على أي حالة معاكسة تنتهك "المعاهدة مع إسرائيل" أو تخرق اتفاق فصل القوات، إلى أن تغير الحال العربي وتطور من القضية الفلسطينية، بدعم وترسيخ مفهوم السلام والتطبيع مع إسرائيل مقابل لا شيء، والانتقال من حالة العداء للمشروع الصهيوني المستمر والمتسع بأضعاف مضاعفة عما كان عليه الحال قبل نصف قرن إلى حالة التعايش معه، لتثبيت أنظمة الاستبداد العربي.

تركة حرب تشرين في الذاكرة والوجدان العربي ثقيلة، إذ لم تُبق القضايا العربية الأخرى على قيد الحياة، ومُررت المناسبة من جيل الى جيل في الجانين السوري والمصري، كأداة من أدوات الاستثمار المنظم في استبداد النظامين السوري والمصري، من خلال الاكتفاء بتمجيد صورة حافظ الأسد في سوريا كـ"بطل الحرب" لتزوير استيلائه على السلطة، وصورة السادات في مصر كـ"بطل للعبور" كتوطئة للتطبيع مع إسرائيل.

حجم انتصار حرب تشرين وكلفته بعد نصف قرن من الحسابات العسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية في الأنظمة التي خاضت هذه الحرب، قاس ومؤلم في نتائجه وفي مردوده على القضية الفلسطينية نفسها، فهذه الجيوش ومؤسساتها العسكرية لم تعد قائمة لخوض حرب استرجاع ما احتله العدو من أرضٍ والدفاع عنها، ولا للمساهمة في معركة تحرير فلسطين، لأنه بدون العناصر الأساسية لاستكمال عملية تحرير الأرض المحتلة في الجولان وفلسطين استمر وتطور الاحتلال ومشروعه إلى الشكل الحالي. ومن تلك العناصر التنمية البشرية والاقتصادية، والأشكال الدستورية والديمقراطية والحرية والمواطنة لبناء الأنظمة والمجتمعات، ليكون لديها القدرة على خوض الحروب أو التفاوض لاسترجاع حقوقها في المجتمع الدولي. وبالتدقيق والبحث عن وقائع ومجريات الحرب وتركتها، لا نجد إلا إنجازاً واحداً هو القدرة على خوض المواجهة مع العدو، إن توفرت الإرادة الحقيقية التي سرعان ما أُجهضت لصالح استمرار أنظمة الحكم التي نجحت في تغيير عقيدة الجيش وولائه للنظام لبقائه وحمايته.

أخيراً، مع حجم ما تسطره جيوش عربية اليوم من "انتصارات" على "الإرهاب" المستبدل ببوصلة تحرير فلسطين ودعم شعبها في مواجهة عدوٍ موغل بالاستيطان والتهويد والقتل المستمر، وخوضها معارك ضد شعوبها بقتله وتهجيره وتدمير حواضره، وتشن حرب على الحريات العامة والفردية، وترتكب مذابح وفظاعات ضد مدن وقرى عربية ضحاياها ملايين العرب.. مع كل هذا يعيدنا الانتصار لمنبع استناد إسرائيل ومشروعها الاستعماري على الطمأنينة الآتية من استثمارات عربية في القمع والظلم والفساد والاستئثار بالسلطة.

والسؤال المطروح: ما الذي بقي من ذكرى حرب تشرين بعد نصف قرن؟ الإجابة ثقيلة في وقائعها على الأرض المحتلة، وفي جعبة العسكر الممسكين بتركة "الانتصار" الأخير الذي أسس لمجموعة هزائم يعايشها العربي في رؤية جيشه ودباباته ومدفعيته وقوى أمنه، وهي تشير إليه كعدو مجهض لانتصار العسكر وتوجه ذخائرها نحوه. والعدو مسترخٍ لمن أكمل مهامه منذ نصف قرن، ومنحه هدوءا وأمنا، وعقد معه سلسلة من المعاهدات، وتحالف مع مؤسسات أمنية وعسكرية واقتصادية عربية تقول للحلم الصهيوني أنت بأمانٍ من عربي يتطلع لتحررهُ منك ومنا.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر سوريا إسرائيل الفلسطينية سوريا مصر إسرائيل فلسطين حرب أكتوبر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع إسرائیل نصف قرن

إقرأ أيضاً:

شكاوى في بلدٍ عربيٍّ بسبب البنزين... وهذا ما تبيّن

أعلنت وزارة البترول في مصر اليوم الأحد، عن نتائج تحاليل لوقود السيارات أجريت على مستوى الجمهورية، على خلفية شكاوى بشأن أعطال حدثت للمركبات بعد ملء خزاناتها بالبنزين.

وقالت الوزارة إنها سجلت 870 شكوى على مستوى البلاد، بين يوميّ 4 و9 أيار تتعلّق جودة البنزين.

وأوضحت في بيان أنها رصدت 5 عينات بنزين "غير مطابقة للمواصفات"، من بين 807 عينة تم سحبها وتحليلها.

وكشفت الوزارة أنها اتخذت بعض الإجراءات اللازمة، حيث قررت عدم طرح أي وقود للاستهلاك إلا بعد تحليل عينات منه في معملين مختلفين ومطابقة النتائج، بدلا من التحليل في معمل واحد. (سكاي نيوز)       مواضيع ذات صلة أبرزها بلد عربي.. دول تبيع البنزين بسعر رخيص! Lebanon 24 أبرزها بلد عربي.. دول تبيع البنزين بسعر رخيص! 11/05/2025 13:25:35 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 في لبنان.. هذا ما سيشهده سعر البنزين غداً Lebanon 24 في لبنان.. هذا ما سيشهده سعر البنزين غداً 11/05/2025 13:25:35 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 ارتفاع في سعر البنزين.. هذا ما سجله Lebanon 24 ارتفاع في سعر البنزين.. هذا ما سجله 11/05/2025 13:25:35 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 في بلد عربي.. تقليص الوقت ما بين الإقامة والصلاة في المساجد إليكم السبب Lebanon 24 في بلد عربي.. تقليص الوقت ما بين الإقامة والصلاة في المساجد إليكم السبب 11/05/2025 13:25:35 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان إقتصاد قد يعجبك أيضاً رسائل سياسية عديدة.. هذا جديد أجواء "إنتخابات الشمال" Lebanon 24 رسائل سياسية عديدة.. هذا جديد أجواء "إنتخابات الشمال" 06:14 | 2025-05-11 11/05/2025 06:14:15 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد 5 ساعات.. هذه آخر أرقام نسب الإقتراع من الشمال Lebanon 24 بعد 5 ساعات.. هذه آخر أرقام نسب الإقتراع من الشمال 06:13 | 2025-05-11 11/05/2025 06:13:17 Lebanon 24 Lebanon 24 ميقاتي: تحية للحكومة على إنجاز الانتخابات وأدعو أهالي طرابلس للاقتراع بكثافة Lebanon 24 ميقاتي: تحية للحكومة على إنجاز الانتخابات وأدعو أهالي طرابلس للاقتراع بكثافة 03:37 | 2025-05-11 11/05/2025 03:37:00 Lebanon 24 Lebanon 24 رقم جديد.. هذا عدد الشكاوى الإنتخابية في الشمال Lebanon 24 رقم جديد.. هذا عدد الشكاوى الإنتخابية في الشمال 06:17 | 2025-05-11 11/05/2025 06:17:58 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. هذا ما حصل بين مراسلة لبنانية ووالدتها أثناء الانتخابات Lebanon 24 بالفيديو.. هذا ما حصل بين مراسلة لبنانية ووالدتها أثناء الانتخابات 06:14 | 2025-05-11 11/05/2025 06:14:51 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة محامية سرقت أموال موكليها.. وهكذا أنفقتهم Lebanon 24 محامية سرقت أموال موكليها.. وهكذا أنفقتهم 10:43 | 2025-05-10 10/05/2025 10:43:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا جديد حادثة الطيران الشراعي في جونية.. إليكم ما كُشف (صور) Lebanon 24 هذا جديد حادثة الطيران الشراعي في جونية.. إليكم ما كُشف (صور) 08:55 | 2025-05-10 10/05/2025 08:55:42 Lebanon 24 Lebanon 24 مفاجأة غير متوقعة.. لا مياه كافية للبنانيين Lebanon 24 مفاجأة غير متوقعة.. لا مياه كافية للبنانيين 08:55 | 2025-05-10 10/05/2025 08:55:37 Lebanon 24 Lebanon 24 "حزام ناري" غير مسبوق.. إسرائيل "تريد" العودة إلى أجواء الحرب! Lebanon 24 "حزام ناري" غير مسبوق.. إسرائيل "تريد" العودة إلى أجواء الحرب! 10:00 | 2025-05-10 10/05/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بلبلة داخل مدرسة في الضاحية.. قصة "إخلاء" أدت لـ"إغماء"! Lebanon 24 بلبلة داخل مدرسة في الضاحية.. قصة "إخلاء" أدت لـ"إغماء"! 11:00 | 2025-05-10 10/05/2025 11:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 06:14 | 2025-05-11 رسائل سياسية عديدة.. هذا جديد أجواء "إنتخابات الشمال" 06:13 | 2025-05-11 بعد 5 ساعات.. هذه آخر أرقام نسب الإقتراع من الشمال 03:37 | 2025-05-11 ميقاتي: تحية للحكومة على إنجاز الانتخابات وأدعو أهالي طرابلس للاقتراع بكثافة 06:17 | 2025-05-11 رقم جديد.. هذا عدد الشكاوى الإنتخابية في الشمال 06:14 | 2025-05-11 بالفيديو.. هذا ما حصل بين مراسلة لبنانية ووالدتها أثناء الانتخابات 06:04 | 2025-05-11 إشكال كبير... مواطن يتعرّض للطعن أمام مركز إقتراع للنساء فيديو جمال سليمان يكشف ما طلبه منه العلويون.. وهكذا علّق على قرار شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين (فيديو) Lebanon 24 جمال سليمان يكشف ما طلبه منه العلويون.. وهكذا علّق على قرار شطب سلاف فواخرجي من نقابة الفنانين (فيديو) 01:07 | 2025-05-10 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا سبب خلاف أبناء الراحل محمود عبد العزيز وبوسي شلبي.. إعلامي شهير يكشف (فيديو) Lebanon 24 هذا سبب خلاف أبناء الراحل محمود عبد العزيز وبوسي شلبي.. إعلامي شهير يكشف (فيديو) 23:34 | 2025-05-09 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 عرض عسكري ضخم أمام زعماء العالم.. بث مباشر لفعاليات يوم النصر في روسيا Lebanon 24 عرض عسكري ضخم أمام زعماء العالم.. بث مباشر لفعاليات يوم النصر في روسيا 03:06 | 2025-05-09 11/05/2025 13:25:35 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • شاهدوا ماذا أجاب الأتراك عندما سألناهم: أي دولة عربية يودون زيارتها؟
  • صحف عالمية: إسرائيل تقتل وتدمر بغزة والفصل العنصري يتجلى في ممارساتها بالضفة
  • انخفاض حاد في أسعار العقارات بمناطق الزلزال في إسطنبول: هجرة إلى الأحياء الآمنة
  • 5 ميداليات إماراتية في «عربية الجولف»
  • شكاوى في بلدٍ عربيٍّ بسبب البنزين... وهذا ما تبيّن
  • مطاعم دمشق القديمة في قبضة الأمن العام: لا غناء ولا حرية ولا أمان!
  • شركة آي تي الإيطالية تقرر وقف رحلاتها إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي
  • تهان عربية لبابا الفاتيكان الجديد
  • شرطة أبوظبي توضح خطورة التجاوز من كتف الطريق وعدم ترك مسافة أمان
  • السفارة الأمريكية بتل أبيب: ترامب يريد توزيع الغذاء في غزة بـ أمان وكفاءة