عربي21:
2025-10-12@20:38:59 GMT

نصف قرن على حرب تشرين: إسرائيل في أمان عربي

تاريخ النشر: 3rd, October 2023 GMT

تحتفي مؤسستان عسكريتان في العالم العربي (مصر- سوريا) بحرب تشرين 1973 (حرب رمضان أو أكتوبر)، مناسبة تتعرض لتعظيمٍ ونفخٍ مستمر بها، وأنتجت طفرة واسعة في أدبيات العسكر وأنظمتهم المقتاتة على مناسبةٍ بالإصرار على وصفها بـ"الانتصار" على عدوٍ سوّق لجيشه بأنه لا يقهر، وقدرة العرب حينها على كسر هذه الهيبة، وتحقيق ثغرات في جبهات القتال في الجولان وسيناء.



لكن أياً تكن الإنجازات المسجلة في أدبيات السياسة المصرية والسورية عن حرب تشرين منذ نصف قرن، فهي تبقى آخر الحروب الرسمية مع إسرائيل كما دلت وقائع التاريخ العسكري والسياسي على الجبهتين المصرية والسورية، والتي انتهت باتفاقيات "سلام" مع إسرائيل في 1979، وقبلها التوقيع على اتفاق فصل القوات مع النظام السوري 1974.

كيفية استثمار حرب تشرين بدت واضحة في سياق سياسة عربية رسمية، كُتب وقيل الكثير عنها منذ اندلاعها حتى استذكار المناسبة كل تشرين. وما قيل عن الحشد الاستراتيجي للتسلح حينها وتأمين التفوق اللازم والحسابات الديناميكية ومسألة الزمان والمكان المناسبين للرد على عدوان الاحتلال، دلت نتائجها في عصرنا الحالي على حقيقة محزنة بجواب شمعون بيريز لسؤال عن مستقبل إسرائيل، أمام معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي بعد عام من الحرب في 1974:

قال بيريز: "أريد اليوم أن أطمأنكم لمستقبل إسرائيل. إسرائيل تستثمر في التكنولوجيا وفي الإنسان، فأنتم في أمان، وطالما إسرائيل محاطة بأنظمة تستثمر في السلطة وفي المال فأنتم في أمان".

مقابل هذا الطرح والفهم الإسرائيلي لأوضاع عربية رسمية، اتخذت من عوامل تحقيق الأمان والطمأنينة للمشروع الصهيوني، تم انتهاج سياسات لا علاقة لها بإفشال هذا المشروع، أو محاربته باستثمارات مشابهة في مجتمعات ومؤسسات عربية. على العكس، ساهمت حالة الاسترخاء العسكري العربي أمام جولات العدوان منذ نصف قرن وإلى اليوم في تثبيتها كقاعدة للحكم والسيطرة على أي حالة معاكسة تنتهك "المعاهدة مع إسرائيل" أو تخرق اتفاق فصل القوات، إلى أن تغير الحال العربي وتطور من القضية الفلسطينية، بدعم وترسيخ مفهوم السلام والتطبيع مع إسرائيل مقابل لا شيء، والانتقال من حالة العداء للمشروع الصهيوني المستمر والمتسع بأضعاف مضاعفة عما كان عليه الحال قبل نصف قرن إلى حالة التعايش معه، لتثبيت أنظمة الاستبداد العربي.

تركة حرب تشرين في الذاكرة والوجدان العربي ثقيلة، إذ لم تُبق القضايا العربية الأخرى على قيد الحياة، ومُررت المناسبة من جيل الى جيل في الجانين السوري والمصري، كأداة من أدوات الاستثمار المنظم في استبداد النظامين السوري والمصري، من خلال الاكتفاء بتمجيد صورة حافظ الأسد في سوريا كـ"بطل الحرب" لتزوير استيلائه على السلطة، وصورة السادات في مصر كـ"بطل للعبور" كتوطئة للتطبيع مع إسرائيل.

حجم انتصار حرب تشرين وكلفته بعد نصف قرن من الحسابات العسكرية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية في الأنظمة التي خاضت هذه الحرب، قاس ومؤلم في نتائجه وفي مردوده على القضية الفلسطينية نفسها، فهذه الجيوش ومؤسساتها العسكرية لم تعد قائمة لخوض حرب استرجاع ما احتله العدو من أرضٍ والدفاع عنها، ولا للمساهمة في معركة تحرير فلسطين، لأنه بدون العناصر الأساسية لاستكمال عملية تحرير الأرض المحتلة في الجولان وفلسطين استمر وتطور الاحتلال ومشروعه إلى الشكل الحالي. ومن تلك العناصر التنمية البشرية والاقتصادية، والأشكال الدستورية والديمقراطية والحرية والمواطنة لبناء الأنظمة والمجتمعات، ليكون لديها القدرة على خوض الحروب أو التفاوض لاسترجاع حقوقها في المجتمع الدولي. وبالتدقيق والبحث عن وقائع ومجريات الحرب وتركتها، لا نجد إلا إنجازاً واحداً هو القدرة على خوض المواجهة مع العدو، إن توفرت الإرادة الحقيقية التي سرعان ما أُجهضت لصالح استمرار أنظمة الحكم التي نجحت في تغيير عقيدة الجيش وولائه للنظام لبقائه وحمايته.

أخيراً، مع حجم ما تسطره جيوش عربية اليوم من "انتصارات" على "الإرهاب" المستبدل ببوصلة تحرير فلسطين ودعم شعبها في مواجهة عدوٍ موغل بالاستيطان والتهويد والقتل المستمر، وخوضها معارك ضد شعوبها بقتله وتهجيره وتدمير حواضره، وتشن حرب على الحريات العامة والفردية، وترتكب مذابح وفظاعات ضد مدن وقرى عربية ضحاياها ملايين العرب.. مع كل هذا يعيدنا الانتصار لمنبع استناد إسرائيل ومشروعها الاستعماري على الطمأنينة الآتية من استثمارات عربية في القمع والظلم والفساد والاستئثار بالسلطة.

والسؤال المطروح: ما الذي بقي من ذكرى حرب تشرين بعد نصف قرن؟ الإجابة ثقيلة في وقائعها على الأرض المحتلة، وفي جعبة العسكر الممسكين بتركة "الانتصار" الأخير الذي أسس لمجموعة هزائم يعايشها العربي في رؤية جيشه ودباباته ومدفعيته وقوى أمنه، وهي تشير إليه كعدو مجهض لانتصار العسكر وتوجه ذخائرها نحوه. والعدو مسترخٍ لمن أكمل مهامه منذ نصف قرن، ومنحه هدوءا وأمنا، وعقد معه سلسلة من المعاهدات، وتحالف مع مؤسسات أمنية وعسكرية واقتصادية عربية تقول للحلم الصهيوني أنت بأمانٍ من عربي يتطلع لتحررهُ منك ومنا.

twitter.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر سوريا إسرائيل الفلسطينية سوريا مصر إسرائيل فلسطين حرب أكتوبر مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مع إسرائیل نصف قرن

إقرأ أيضاً:

لا تجاوب في قداس 13 تشرين الأول

لفت مصدر أمني متابع للمهرجانات والمناسبات الحزبية كافة الى أنه رغم تخصيص "التيار الوطني الحر" حملة تجييش كبيرة شارك فيها العديد من مسؤولي "التيار" بكثافة في مختلف المناطق وعبر الاعلام ومنصات التواصل الإجتماعي، ورغم حصر مساحة الاحتفال في "فوروم دو بيروت" وتقليل عدد المقاعد، جاء الحضور في "قداس ذكرى 13 تشرين الاول 1990"عادياً جداً مع بقاء عدد كبير من المقاعد فارغا. المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة نتنياهو: لن ننسى فظائع 7 تشرين الاول وسنفعل كل ما هو ضروري حتى لا تتكرر Lebanon 24 نتنياهو: لن ننسى فظائع 7 تشرين الاول وسنفعل كل ما هو ضروري حتى لا تتكرر 12/10/2025 08:48:26 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس الفلسطيني: أفعال حماس في 7 تشرين الاول لا تمثل الشعب الفلسطيني Lebanon 24 الرئيس الفلسطيني: أفعال حماس في 7 تشرين الاول لا تمثل الشعب الفلسطيني 12/10/2025 08:48:26 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 جبران باسيل في ذكرى 13 تشرين: 13 تشرين كان البداية وليس النهاية وكان ولادة التيار الوطني الحرّ صاغ هويّتنا وحوّل اليأس لأمل والوجع لطاقة مقاومة والخسارة لربح Lebanon 24 جبران باسيل في ذكرى 13 تشرين: 13 تشرين كان البداية وليس النهاية وكان ولادة التيار الوطني الحرّ صاغ هويّتنا وحوّل اليأس لأمل والوجع لطاقة مقاومة والخسارة لربح 12/10/2025 08:48:26 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 مارون: دماء الشهداء التي بذلت في 13 تشرين هي التي أوصلت إلى تحرير لبنان Lebanon 24 مارون: دماء الشهداء التي بذلت في 13 تشرين هي التي أوصلت إلى تحرير لبنان 12/10/2025 08:48:26 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص رادار لبنان24 التيار الوطني التيار بيروت التيا بيرة تيار فورو قد يعجبك أيضاً ثغرة في بيان نواف سلام.. مكتبهُ كشفها من حيث لا يعلم Lebanon 24 ثغرة في بيان نواف سلام.. مكتبهُ كشفها من حيث لا يعلم 08:30 | 2025-10-12 12/10/2025 08:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 خطوة قريبة لـ "حزب الله" Lebanon 24 خطوة قريبة لـ "حزب الله" 08:15 | 2025-10-12 12/10/2025 08:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 غارات المصيلح.. اسرائيل مجدداً تهدد لبنان وملف تصويت المغتربين على حاله Lebanon 24 غارات المصيلح.. اسرائيل مجدداً تهدد لبنان وملف تصويت المغتربين على حاله 08:00 | 2025-10-12 12/10/2025 08:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بيان إسرائيليّ عن استهداف في لبنان.. ماذا أعلن؟ Lebanon 24 بيان إسرائيليّ عن استهداف في لبنان.. ماذا أعلن؟ 07:59 | 2025-10-12 12/10/2025 07:59:07 Lebanon 24 Lebanon 24 عند الحدود في الجنوب.. "تفجير إسرائيلي" وسماع صوت قويّ Lebanon 24 عند الحدود في الجنوب.. "تفجير إسرائيلي" وسماع صوت قويّ 07:33 | 2025-10-12 12/10/2025 07:33:35 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة إطلاق نار في الضاحية و "بيان قديم لأدرعي".. ماذا يجري؟ Lebanon 24 إطلاق نار في الضاحية و "بيان قديم لأدرعي".. ماذا يجري؟ 20:29 | 2025-10-11 11/10/2025 08:29:23 Lebanon 24 Lebanon 24 على متن سيارة "نيسان"... هذا ما كانا يفعلانه على الأوتوستراد الممتد من زوق مصبح إلى جبيل (صورة) Lebanon 24 على متن سيارة "نيسان"... هذا ما كانا يفعلانه على الأوتوستراد الممتد من زوق مصبح إلى جبيل (صورة) 17:17 | 2025-10-11 11/10/2025 05:17:58 Lebanon 24 Lebanon 24 مفاجأة جديدة عن بشار الأسد.. تقريرٌ يعلنها! Lebanon 24 مفاجأة جديدة عن بشار الأسد.. تقريرٌ يعلنها! 10:30 | 2025-10-11 11/10/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 هذه هوية المستهدف في "غارة قلاويه" Lebanon 24 هذه هوية المستهدف في "غارة قلاويه" 16:12 | 2025-10-11 11/10/2025 04:12:51 Lebanon 24 Lebanon 24 إسرائيل تُمهّد الطريق للتطهير العرقي في جنوب لبنان.. تقرير بريطاني يكشف التفاصيل Lebanon 24 إسرائيل تُمهّد الطريق للتطهير العرقي في جنوب لبنان.. تقرير بريطاني يكشف التفاصيل 12:30 | 2025-10-11 11/10/2025 12:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب "خاص لبنان24" أيضاً في لبنان 08:30 | 2025-10-12 ثغرة في بيان نواف سلام.. مكتبهُ كشفها من حيث لا يعلم 08:15 | 2025-10-12 خطوة قريبة لـ "حزب الله" 08:00 | 2025-10-12 غارات المصيلح.. اسرائيل مجدداً تهدد لبنان وملف تصويت المغتربين على حاله 07:59 | 2025-10-12 بيان إسرائيليّ عن استهداف في لبنان.. ماذا أعلن؟ 07:33 | 2025-10-12 عند الحدود في الجنوب.. "تفجير إسرائيلي" وسماع صوت قويّ 06:19 | 2025-10-12 اتهامات متبادلة بين بري وسلام والاعمار مؤجل فيديو "الشتاء جايي"... فاستعدّوا للغرق بالنفايات لا بالأمطار! Lebanon 24 "الشتاء جايي"... فاستعدّوا للغرق بالنفايات لا بالأمطار! 20:30 | 2025-10-07 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 "نجم جنتلمان".. إعلامية وابنة ممثلة سورية بطلة "فيديو كليب" راغب علامة (فيديو) Lebanon 24 "نجم جنتلمان".. إعلامية وابنة ممثلة سورية بطلة "فيديو كليب" راغب علامة (فيديو) 08:56 | 2025-10-03 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 توقعات ليلى عبد اللطيف.. اغتيالات وانقطاع للانترنت وهذا ما سيحل بالذهب و"واتساب" (فيديو) Lebanon 24 توقعات ليلى عبد اللطيف.. اغتيالات وانقطاع للانترنت وهذا ما سيحل بالذهب و"واتساب" (فيديو) 22:00 | 2025-09-30 12/10/2025 08:48:26 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان فيديو خاص إقتصاد عربي-دولي متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • وثائق سرية كشفت المستور .. إسرائيل وسعت تعاونها العسكري مع 6 دول عربية بحرب غزة
  • المؤسسة الإسلامية لتأمين الاستثمار تستضيف الاجتماع السنوي لاتحاد أمان في جدة
  • إسرائيل توسّع تعاونها مع 6 دول عربية.. انفجار يهزّ مستوطنة بالشمال
  • لا تجاوب في قداس 13 تشرين الأول
  • 6 دول عربية كثفت التعاون العسكري سريا مع إسرائيل خلال الحرب على غزة
  • بمشاركة 13 دولة عربية.. انطلاق النسخة الثالثة من برلمان الشباب العربي بالقاهرة برعاية الرئيس السيسي
  • حادث خطير بسبب خاتم Galaxy Ring يشعل الجدل حول أمان الأجهزة القابلة للارتداء
  • رياح تشرين تبعثر التوازنات.. السنة لرئاسة الحكم والإطار يتشبث بـالكتلة الأكبر
  • باحث: إسرائيل تعيش حالة سلام حذر بعد اتفاق غزة
  • حظك اليوم السبت 11 تشرين الأول/ أكتوبر 2025‎